لجريدة عمان:
2025-07-30@17:23:28 GMT

نوافذ...شيء من الإحسان

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

لا يبدو أن هناك مفاضلة بين أمرين هما على درجة كبيرة من الأهمية في حياتنا اليومية، حيث مجالات التقارب بينهما أكثر من الاختلاف، بل قد ينظر إليهما على أنهما متوافقان أو مكملان لبعضهما، للارتباط الموضوعي بينهما؛ فالأمر الأول: الواجب، والأمر الثاني: الإحسان، ومن يدقق في مدلول الكلمتين؛ لا من حيث المدلول اللفظي فقط، ولكن من المدلول العملي أو الموضوعي؛ يدرك أن للمسألة أبعادا عميقة، والأمر ليس يسيرا - إلا من يسره الله له - في إدراك هذا العمق بالمعنى، مع أن الصورة تحتمل البعدين الأفقي؛ وذلك من حيث الكم (كمية الأعمال المنجزة؛ سواء أكان في شأن الواجب، أو في شأن الإحسان) والبعد الرأسي، من حيث ما يترك كل منهما من أثر طيب في مساحة الاشتغال اليومية.

ولنضرب لذلك مثالا مبسطا للفهم: فالوظيفة؛ مهما علا أمرها أو صغر هي تكليف أي هي (واجب) بالإضافة إلى عوائدها المادية المقبوضة؛ كما هو معلوم بالضرورة، ولكن هذا الواجب لا تتحدد مساحته وفق المعادلة الرياضية (1+1=2) لا؛ أبدا، وإنما فيها التعاون بين فريق العمل، وبين طالب الخدمة، وفيها كثير من التضحيات: من الجهد، ومن الوقت، ومن البذل؛ ومن أمانة المسؤولية، وصدق الأداء، ومن الإخلاص لها، وقد تتطلب منك الوظيفة أن تخرج من مكتبك إلى مسافة بعيدة تتحمل فيها عناء أمور كثيرة، وإن كانت غير موجودة في نص العقد المبرم بينك وبين المؤسسة التي تعمل فيها، وهذا كله في مجمله هو الإحسان بكل تجلياته، فالواجب يقتصر على الأداء الميكانيكي للوظيفة؛ مضافا إليه مجموعة من القيم الوظيفية المهنية، أما ما خرج عن ذلك فهو يدخل في جانب الإحسان، ولذلك فهناك موظفون تجاوزوا مسؤوليات الوظيفة المحددة، وأضافوا إلى هذه المسؤوليات مسؤوليات قيمية سامية، فكانوا مضرب المثل عند الآخرين من المتعاملين معهم، فهم المحسنون حقا.

وهذا المثال الوظيفي ليس حصريا في مسألة التوافق بين الواجب والإحسان، وإنما هناك الكثير من الأمثلة في حياتنا اليومية، بدءا من واجبات الأسرة، فالأصدقاء، وصولا إلى المجتمع الكبير، ففي هذه المساحة الأفقية الممتدة في توظيف الواجب، يكون للإحسان فيه مساحة مماثلة أيضا، حيث يتعاظم فيها الإحسان أكثر من الواجب، وذلك يعتمد كثيرا على قدرة الأشخاص على انتزاع نفوسهم من مظانهم الخاصة، فيتوسعوا في مساحة الإحسان، ولذلك يمكن القول أن الواجب يظل محدودا جدا ومساحة الاشتغال فيه محكومة بأطر محددة، فزيارتك لمريض تأتي من حيث الواجب الإنساني، لكن أن تدعم هذه الزيارة بكثير من الدعاء، ومن بسط النعمة لمرافقيه في صور كثيرة، حينها تتسع المساحة في توظيف الإحسان، ولذلك يمكن القول:الإحسان مردوده مضاعف، وله مناخات اجتماعية ودينية أكثر من الواجب، إلا أن ذلك يبقى في قدرة الإنسان على تبصير نفسه في اعتناق الإحسان بعد أداء الواجب؛ حسب الترتيب.

ومع أن الواجب تكلفته مرتفعة - ماديا ومعنويا - حسب الأمثلة أعلاه؛ إلا أن الإحسان يكون على العكس تماما، ويأتي تبسيط ذلك من خلال أن أداء الإحسان يظل نابعا من الشخص ذاته، ومن سماحته، وطيب نفسه، وهو المعبر عن رضاه عن نفسه قبل كل شيء، وهذا الرضا يهديه للآخرين من حوله بلا مقابل؛ على شكل صور كثيرة من البذل والعطاء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من حیث

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يٌدين الجريمة السعودية بحق يمنيين في جيزان ويدعو إلى تحقيق دولي فيها

الثورة نت /..

وجه وزير الخارجية والمغتربين جمال عامر، اليوم، رسالة شكوى إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ، ورئيس مجلس الأمن لشهر يوليو 2025م، عاصم افتخار أحمد، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس حقوق الإنسان يورغ لاوبر، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك.

تضمنت الشكوى، إدانة الجريمة السعودية المروعة المتمثلة في استهداف حرس الحدود لدولة العدوان السعودي لثلاثة يمنيين استشهدوا وأصيب آخرون بجروح بليغة، بعضها ناجم عن حروق مباشرة بالنار والجلد الوحشي، على أيدي جنود سعوديين بعد اعتقالهم في جيزان.

وأشار الوزير عامر، إلى أن الضحايا، وهم من أبناء مديريتي الظاهر وحيدان بمحافظة صعدة، تعرضوا لتعذيب مهين وغير إنساني.

وأكد أن هذه الجريمة ليست حادثة منفردة، بل هي جزء من نمط متكرر من الانتهاكات والجرائم الوحشية التي يرتكبها حرس الحدود السعودي بحق أبناء الشعب اليمني، خاصة في المناطق الحدودية.

ولفت وزير الخارجية في الرسالة إلى أنه سبق لمنظمات حقوقية دولية بارزة مثل هيومن رايتس ووتش، أن أدانت هذه الجرائم التي تتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية والقانون الدولي، وتؤكد الطبيعة العدوانية والوحشية السعودية في التعامل مع المدنيين.

وشدد على أن هذه الأفعال الإجرامية لا تشكل فقط اعتداءً وحشيًا على الأفراد، بل هي أيضًا انتهاك فاضح للمواثيق والاتفاقيات الدولية الأساسية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.

وبحسب الرسالة فإن المثير للقلق أن هذه الجرائم تتصاعد في وقت كان يشهد تقاربًا ملموسًا بين صنعاء والرياض، للتوقيع على خارطة طريق شاملة تنهي عقدًا كاملًا من العدوان السعودي والحصار الشامل على الجمهورية اليمنية.

وأوضح وزير الخارجية أن هذا التقارب كان يهدف إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل وحُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية.

وحذر من أن استمرار تصعيد النظام السعودي وتكرار هذه الانتهاكات الوحشية يهدد بتقويض جميع جهود السلام المبذولة، وسيدفع نحو تصعيد العنف بين البلدين مرة أخرى، وبما لا تتحمله المنطقة ولا النظام السعودي نفسه.

ونبه الوزير عامر من التداعيات الخطيرة لتلك الأعمال العدائية على أمن واستقرار المنطقة بأسرها.. داعيًا المسؤولين الأمميين إلى إجراء تحقيق فوري شامل في هذه الجريمة البشعة ومحاسبة المسؤولين عنها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوضع حد للانتهاكات السعودية المتكررة، وحماية المدنيين اليمنيين من المزيد من الجرائم والاعتداءات السعودية.

واختتم وزير الخارجية رسالته بالتأكيد على أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم يشجع مرتكبيها على التمادي فيها، ويقوض من مصداقية منظمة الأمم المتحدة العتيدة في الدفاع عن حقوق الإنسان.

مقالات مشابهة

  • الموسم المعتاد
  • وزير الخارجية يٌدين الجريمة السعودية بحق يمنيين في جيزان ويدعو إلى تحقيق دولي فيها
  • عيدروس الزبيدي يدعو في اجتماع عسكري رفيع المستوى لقادة الجيش حضره قائد قوة الواجب السعودية إلى وحدة الصف والاستعداد للقضاء على عدو واحد مشترك
  • السيسي يتلقى رسائل من اتحاد الكرة وفريق الزمالك.. هذا ما جاء فيها
  • سموتريتش: نقترب من إعادة احتلال غزة والاستيطان فيها... وخطة إسرائيلية لضم أجزاء من القطاع
  • الكرملين يرفض التعليق على تصريحات لترامب هاجم فيها بوتين
  • الغرامة جزاء مدير ابتز صاحب شركة للحصول على مليون ونصف جنيه
  • «دبي للثقافة» تثري المشهد الفني في القوز الإبداعية بجداريات ملهمة
  • الأوقات التي تُكرَه فيها الصلاة؟.. الإفتاء توضح
  • جنبلاط زار سلام.. وهذا ما تم بحثه