هذا المقال بقلم د. عبدالخالق عبدالله، أكاديمي وأستاذ العلوم السياسية من الإمارات، والآراء الواردة أدناه، تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

جاءت الإمارات في الترتيب العربي الأول بتقرير السعادة العالمي لسنة 2025، واحتلت الترتيب العالمي 21 بعد أن كانت في الترتيب 22 سنة 2024، متفوقة على دول مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وسنغافورة.

على مدى 10 سنوات والإمارات في الترتيب العربي الأول وشعب الإمارات في معظمه من أكثر الشعوب العربية سعادة كما هو من بين أكثر الشعوب العربية شعوراً بالأمن والاستقرار، والحصول على الصدارة في أكثر من 200 مؤشر تنموي ومعرفي حيوي.

لكن على أهمية تصدر الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر سعادة خلال عقد كامل، لم تتقدم الدولة في مؤشر السعادة على الصعيد العالمي كثيراً. ظلت الإمارات تراوح مكانها في قائمة أكثر 20 دولة سعادة بالعالم.

ففي سنة 2015، احتلت الإمارات المركز العالمي 28 والعربي الأول، وفي سنة 2016 جاءت في الترتيب 28 عالمياً، ثم تقدمت إلى المركز 21 في تقرير السعادة العالمي سنة 2017، وفي المركز 20 عالمياً سنة 2018، وهو أفضل ترتيب حصلت عليه الإمارات خلال العشر سنوات الأخيرة. ثم بدأ تراجع مركز الإمارات إلى 21 و21 و24 و25 و26 خلال السنوات 2019 و2020 و2021 و2022 و2023 على التوالي. البعض يعزو هذا التراجع الى سنوات جائحة كورونا العصيبة. ثم قفزت الامارات من جديد إلى المركز 22 عالميا سنة 2024 وتقدمت مركزاً واحداً سنة 2025.

عموما المواطن الإماراتي إنسان عربي سعيد، يشهد على ذلك واقعه الملموس، كما يؤكده تقرير السعادة العالمي، لكن هناك 20 دولة أخرى تقدمت على الإمارات في هذا التقرير، وهناك 20 شعباً حول العالم خاصة في الدول الاسكندنافية، أكثر سعادة من شعب الإمارات. في مقدمة تلك الدول فنلندا التي تحتل الترتيب الأول عالمياً كأكثر الدول سعادة. تأتي بعد ذلك كل من الدنمارك وأيسلندا والسويد وهولندا في المراكز الخمس الأولى. بل أن إسرائيل على ما ترتكبه من احتلال وعدوان ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، احتلت الترتيب العالمي الثامن في تقرير السعادة 2025 سابقة دولة إسكندنافية محبة للسلام كالنرويج.

لقد سبقت الإمارات بقية دول العالم في تأسيس وزارة السعادة، الأولى من نوعها في العالم في 8 فبراير 2016، هدفها تنسيق وتنفيذ سياسات وبرامج ترفع منسوب السعادة وجودة الحياة بين المواطنين والمقيمين، وتتولى مهمة قياس مستوى الرضا لدى المواطن والمقيم. بعد هذا السبق الإماراتي تبنت دول عديدة نهجاً مشابهاً من بينها مملكة بوتان وفنزويلا.

اختفت وزارة السعادة، وتحول دورها إلى برنامج وطني معني بجودة الحياة بشكل عام. وخلال العشر السنوات الأخيرة حافظت الإمارات على ترتيبها العربي المتقدم لكن لم تشهد تقدماً ملحوظاً على الصعيد العالمي في تقرير السعادة الصادر عن جامعة اكسفورد العريقة بالتعاون مع مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي.

السعادة إماراتية بامتياز، وهي واحدة من الغايات الإنسانية الكبرى بالإضافة الى المساواة والحرية والعدالة والكرامة. ولم يأت هذا التفوق الإماراتي في مؤشر السعادة العالمي عبثاً، بل هو نتيجة سياسات وبرامج حكومية، قدمت للمواطن والمقيم مستويات عالية من الاستقرار السياسي، والانسجام الاجتماعي والأمان المجتمعي، والازدهار الاقتصادي والانفتاح على العالم وإعلاء شأن الأخوة والتسامح، وباقة من أفضل ما يمكن تقديمه من جودة الحياة ونوعية الخدمات والحياة الكريمة عربياً وعالمياً.

ففي مؤشر جودة الجودة الحياة أحرزت الإمارات تقدير 6.77 درجة من أصل 10 درجات، وكذلك الحال بالنسبة لدخل الفرد من الناتج القومي الإجمالي حيث حصلت الإمارات على 7 نقاط، وجاءت الإمارات متقدمة في مؤشرات ساعات التطوع والدعم الاجتماعي، واسترجاع المفقودات والكرم والسخاء والمشاعر الإيجابية والتفاؤل بالمستقبل. هذه المؤشرات وغيرها تقيس سعادة الشعوب وفق بيانات موثقة واستطلاعات رأي دقيقة بشكل سنوي.

يظل السؤال لما لا تكون الإمارات في قائمة أكثر 10 دول سعادة، وليس ضمن قائمة أكثر 20 دولة سعادة على الصعيد العالمي؟ لما لا تكون الإمارات الدولة الأولى عالميا في مؤشر السعادة وليس المركز الأول عربياً؟ في رحلتها نحو العالمية، قررت الإمارات أن تقيس أفعالها بالمعايير العالمية، مكانها الصحيح، في المركز الأول في كل مؤشر حيوي. لا شك أن المركز 21 عالميا في مؤشر مهم كمؤشر السعادة انجاز وطني يجب الحفاظ عليه. لكن المركز العالمي العاشر في هذا المؤشر الحيوي أهم وأنسب من المركز العالمي الواحد والعشرين.

ما الذي يحول دون تحقيق هذا الطموح المشروع؟ ما المطلوب من الإمارات أكثر مما تقدمه من خدمات نوعية وجودة حياة عالية لتكون في قائمة أكثر عشر دول سعادة في العالم؟

يعطي تقرير السعادة العالمي أهمية بالغة لمؤشر الحريات الفردية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. الحرية المسؤولة والمقننة تزيد من شعور الفرد بالسعادة، خاصة حرية التعبير وحرية الرأي وحرية التفكير. هناك علاقة وثيقة بين السعادة والحرية، فكلما ازدادت مساحة الحريات تقدم الترتيب العالمي للدول في مؤشر السعادة. لكن سعادة الإماراتي مرتبطة أيضا بما حققه وطنه من نجاحات وانجازات. الحالة الوطنية الإيجابية تولد الشعور بالسعادة لدى المواطن الإماراتي وتجعله مطمئناً لحاضره ومتفائلاً بمستقبله. فهو يعيش حاضره المزدهر ومستقبله الواعد والذي يتجه صعوداً في خط بياني في كل مؤشر من مؤشرات السعادة. ثم يتضاعف الشعور بالسعادة عند الإماراتي عندما يقارن حاله وأحواله بحال وأحوال من هم في جواره العربي والشرق أوسطي.

الإماراتيون سعداء، والإمارات تشع سعادة. هذا ما يقوله تقرير السعادة ويؤكده الواقع المعاش. ويكفي فخراً أن الإمارات حافظت على الترتيب الأول عربياً لأكثر من عشر سنوات. لكن طموح هذه الدولة العربية لا حد ولا حدود له، فهدفها أن تكون الأفضل في كل مؤشر تنموي ومعرفي وحضاري خاصة في مؤشر السعادة خلال الخمسين سنة القادمة، ولا شيء يحول دون تحقيق هذا الطموح الإماراتي القابل للتحقيق.

عبدالخالق عبداللهالإماراترأينشر الأربعاء، 23 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: رأي تقریر السعادة العالمی فی تقریر السعادة فی مؤشر السعادة الإمارات فی فی الترتیب قائمة أکثر

إقرأ أيضاً:

العين «زعيم» الألقاب.. و15 نادياً في قائمة أبطال موسم 2024-2025

معتصم عبدالله (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «المواجهة 6» تحمل طموحات الفوز الأول لشباب الأهلي أمام الرياضي اللبناني لا شكاوى من امتحان «الإنجليزية» في لجان العين

فرض نادي العين الغائب عن منصات التتويج في منافسات الفريق الأول للموسم المنصرم 2024 - 2025، «الزعامة» على ألقاب المراحل السنية في الموسم برصيد 12 لقباً، وضعته في صدارة قائمة الأبطال التي ضمت 15 نادياً، وشملت على التوالي شباب الأهلي والإمارات والجزيرة والوحدة وكلباء وخورفكان والشارقة والوصل والنصر والظفرة وإيليت فالكونز ويونايتد والبطائح والفجيرة.
وكشفت إحصائية رقمية حرص «الاتحاد» على إعدادها عن تتويج 15 نادياً في 46 بطولة محلية وخارجية من الفريق الأول حتى دوري تحت 10 سنوات.
وتصدر إنجاز الشارقة المتوج بلقب «دوري أبطال آسيا 2»، المشهد على صعيد الموسم، كأول إنجاز قاري في رصيد «الملك» والثالث للأندية الإماراتية في بطولات الأندية الآسيوية، بعد لقبي العين في دوري أبطال آسيا 2003 و2023- 2024. وشهدت ألقاب منافسات الفريق الأول، سطوع نجم شباب الأهلي «بطل الرباعية»، والتي شملت اللقب الأغلى كأس صاحب السمو رئيس الدولة، ودوري أدنوك للمحترفين، وكأس سوبر إعمار، ودرع التحدي القطري الإماراتي.
ونال الجزيرة لقب كأس مصرف أبوظبي الإسلامي، وتوج الوصل بدرع السوبر القطري الإماراتي، والنصر بكأس السوبر الإماراتي القطري، والوحدة بكأس التحدي الإماراتي القطري، في حين حصد الظفرة درع دوري الدرجة الأولى، وإيليت فالكونز دوري الدرجة الثانية ويونايتد دوري الدرجة الثالثة.
وسيطر العين على منافسات المراحل السنية بـ 12 لقباً شملت دوري المحترفين تحت 23، دوري تحت 18 «أ»، كأس الإمارات «تحت 18»، كأس السوبر «تحت 18»، دوري تحت 16 «أ»، كأس الإمارات «تحت 16»، كأس السوبر «تحت 16»، كأس الإمارات «تحت 15»، كأس السوبر «تحت 15»، دوري تحت 14 «أ»، كأس الإمارات «تحت 14»، ودوري تحت 13 «أ».
وتألق شباب الأهلي في الفئات السنية بـ 6 ألقاب أبرزها دوري تحت 21، كأس السوبر تحت 14، دوري تحت 13 «ب»، دوري تحت 12 «أ»، دوري تحت 11 «أ»، ودوري تحت 10 «ب».
وحل نادي الإمارات ثالثاً في الترتيب العام لألقاب موسم 2024- 2025، برصيد 5 بطولات، شملت تتويجه بدرع دوري تحت 16 «ب»، ودوري تحت 15 «ب»، ودوري تحت 13 «ج»، ودوري تحت 12 «ب»، ودوري تحت 10 «ج».
وتساوت أندية الجزيرة والوحدة وكلباء برصيد 3 ألقاب لكل نادٍ، حيث شملت إنجازات «فخر أبوظبي» بجانب التتويج بكأس مصرف أبوظبي الإسلامي، كأس الإمارات وكأس السوبر تحت 21، فيما نال الوحدة بجانب كأس التحدي الإماراتي القطري، لقب دوري تحت 15 «أ»، و دوري تحت 10 «أ»، فيما توج كلباء بألقاب دوري تحت 13 «د»، و دوري تحت 11 «ب»، دوري تحت 10 «د».
وشملت قائمة أبطال الموسم أندية خورفكان المتوج بلقبي دوري تحت 14 «ب»، ودوري تحت 12 «ج»، والبطائح بطل دوري تحت 18 «ب»، فيما حصد الفجيرة لقب دوري تحت 11 «ج».
ووسع اتحاد الكرة قاعدة مسابقات المراحل السنية في الموسم المنقضي بنسبة 43% مقارنة بموسم 2023-2024، ليرتفع عدد المسابقات إلى 32 بطولة، شملت فئات جديدة ضمت تحت 21، 18، 16، 15، 14، 13، 12، و11 عاماً، مقارنة بـ18 بطولة فقط في الموسم الماضي.
وشهد الموسم الحالي استحداث 5 بطولات لكأس السوبر للمرة الأولى، شملت الفئات: تحت 21، 18، 16، 15، و14 عاماً، إلى جانب استحداث دوريات جديدة، أبرزها دوري تحت 18 و16 و15 (ب)، ودوري تحت 13 (ج) و(د)، ودوري تحت 11 (ج)، ودوريات للأشبال تحت 10 سنوات للفئات (أ)، (ب)، و(ج).

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!
  • العين «زعيم» الألقاب.. و15 نادياً في قائمة أبطال موسم 2024-2025
  • بلا لاعبي الهلال.. رينارد يعلن قائمة منتخب السعودية للكأس الذهبية
  • د.حماد عبدالله يكتب: الصحافة..... وسنينها !!!!!
  • أسماء العشرة الأوائل في الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا
  • منطقة المنيا الأزهرية تعلن أسماء العشرة الأوائل في الشهادتين الابتدائية والإعدادية
  • د.حماد عبدالله يكتب: " عدم إنسانية " الطاقة الحيوية !!
  • «سعادة» وMTN وشركاء ينفذون مبادرة التنمية المجتمعية
  • عبدالله آل حامد يزور بينالي لندن للتصميم 2025
  • في مواجهة الأدب العالمي .. جديد المركز القومي للترجمة