كيف نحول الأزمات إلى فرص واعدة!
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
يواجه الإنسان منذ نعومة أظفاره التحديات والعقبات التي يجد نفسه مُحاطًا بها من كل صوب، وهناك من يرى تلك التحديات أكبر منه ويستسلم لها ويعيش حياة يسودها الحزن والخضوع للأمر الواقع، ويصبح أسيرًا للهواجس والأفكار والوساوس الشيطانية التي تقتلع كيانه وتفكيره، وبالتالي تتحول الحياة إلى جحيم لا يُطاق.
وليس ما يُسيطر على مخاوفنا ونخاف منه أمرا حقيقيا؛ بل في كثير من الأحيان ما ذلك إلّا أوهام رسمناها لأنفسنا وتخيلناها ومنحناها كل وقتنا وجل تفكيرنا. وعلى الرغم من ذلك، لا نبحث عن حلول واقعية أو أساليب علمية للخروج من المأزق الذي اخترناه لأنفسنا، ونعتبره بكل أسف من الحقائق الأزلية والقدر الذي لا يمكن الهروب منه بأي حال من الأحوال!
صحيحٌ أن هناك من الأشخاص الذين يدركون مع مرور الأيام تلك الدروس القاسية التي دفعوا فيها أثمانًا باهظة من حياتهم، وخاصةً سنوات الشباب التي تُعد أفضل سنوات العمر، وفي بداية المشوار يكون الأمر صعبًا، نظرًا لقلة الخبرة وعدم الإدراك بأن هناك ذئابًا بشرية همُّها الأول هو أن ترى تقويض نجاح الآخرين ومحاولة نشر الإحباط والفشل بكل الطرق لأقرب الناس، خاصة الأصدقاء الذين يُنظر لهم على أنهم منافسون مفترضون.
لا شك أننا نحتاج إلى إرادة وقوة وتفسير منطقي للحياة والبشر من حولنا، وقبل ذلك تحليل الأحداث والوقائع التي نتعرض لها بشكل دائم، وعلى وجه الخصوص الذين أجبرتنا الظروف على أن نتعامل معهم؛ سواء في المنزل أو المدرسة أو حتى في العمل. نحن في كثير من المواقف مُجبرين على التعامل مع أُناس قد يكونون السبب في تعاستنا، لكوننا قد أحسنَّا الظن بهم، على الرغم من أنهم قد تحولوا إلى أداة خطرة علينا. وربما يكون هذا هو قدرنا في هذه الحياة الصعبة التي قدمنا إليها دون أن يكون لنا قرار في ذلك؛ فهناك من الفلاسفة والعلماء الذين يُجزمون بأنَّ الإنسان مُسيَّرٌ في شيئين وهما: ولادته وموته. وتلك أقدار إلهية لا دخل للمخلوق فيها، ولكونه في نفس الوقت- أي الإنسان- مُخيَّر في حياته في هذه الدنيا في ما بين الولادة والموت من قرارات، هُنا تظهر مساحة واسعة لكي نتخذ القرارات السليمة التي توصلنا إلى النجاح في الدنيا وحسن الخاتمة في الآخرة. كل ذلك يحدث من خلال العقل والتفكير السليم، الذي هو عبارة عن كرم من الله للإنسان الذي خصه عن غيره من المخلوقات بتلك الكنوز والتميز، لكي ينجح ويُعمِّر الأرض ويعبد الخالق ويفوز في الدنيا والآخرة إذا عمل صالحًا.
يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار" (آل عمران: 191).
والسؤال المطروح الآن: كيف نُغيِّر مسار الأحداث في حياتنا ونحول الأزمات إن وجدت إلى فرص واعدة؟!
لا شك أنَّ الإرادة والعقل الراجح السليم كفيلين بتغير المعادلة، وقبل ذلك كله النظرة الإيجابية الثاقبة للأمور التي تعتمد على التفاؤل الذي يصنع المعجزات، الذي هو عكس النظرة التشاؤمية القاتلة التي تقضي كل شيء إيجابي في هذه الدنيا؛ بل وتدمر طرق النجاح التي يمكن لنا الولوج إليها لتحقيق طموحاتنا وراحة البال بعيدا عن النكد والمعاناة، فإذا نظرنا بإمعان وتدبُّر إلى تعريف الأزمة في الثقافة الصينية منذ آلاف السنين مثلًا، نجدها عبارة عن كلمتين مركبتين (Ji-Wet) الأولى بمعنى خطر، والثانية تشير إلى الفرصة التي يمكن استثمارها وتحويلها إلى مفهوم إيجابي ومكسب، بعد زوال الخطر والسيطرة على المشاكل التي سبق أن تحولت بمرور الأيام إلى أزمة حقيقة.
وفي الختام.. الحياة لا تخلو من المشاكل والمؤامرات التي يحيكها البعض من أصحاب النفوس الخبيثة الذين يسعدهم أن يروا المصائب على وجوه الآخرين، ولمواجهة ذلك بحزم ونجاح؛ نحتاج إلى إخلاص وإيمان بالله وبالقدر خيره وشره، والصفح عن الأخطاء والعفو عند المقدرة عن الناس، والأهم من ذلك كله القناعة بكل ما قسمه الله لنا من أرزاق ومحن في بعض الأحيان، فتلك هي مفاتيح السعادة؛ وجواز سفر للعبور إلى بر الأمان لمن يُريد منَّا التخلص من الأزمات والكوارث سوى ما كان منها حقيقيا أو ما تخيلناه في أذهاننا واكتشفنا لاحقاً أنه لا يعدو ذلك أنه كوابيس وأحلام مزعجة تعمل على زلزلة مقومات الحياة والطمأنينة في نفوسنا ومن تحت أقدامنا.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مواطنون من مختلف المحافظات:الظروف المعيشية التي خلفها العدوان والحصار زادتنا تراحماً وألفة في العيد
لم تثنهم الظروف الاقتصادية الصعبة عن إحياء هذه الفرحة الدينية بكل تفاصيلها، الكل مبتهج ومسرور ومظاهر العيد تزين الشوارع والأماكن العامة، فلا مغبون ولا مهموم ولا جائع في العيد، طالما وجسور الإحسان متجذرة في مبادئ شعبنا اليمني الإيماني، هكذا يعيشون عيدهم بمحبة وتراحم وتآلف:
الثورة / أسماء البزاز
من محافظة صنعاء يقول الحسين عبدالكريم السقاف: حقيقة عيد الأضحى المبارك من أهم المناسبات الدينية العظيمة التي استقبلناها بأداء الشعائر الدينية الجليلة وجميع أبناء الشعب اليمني استقبلوا العيد بالفرحة ومتابعة شعائر الحج الأعظم.
وأضاف: البعض من أبناء الشعب اليمني يشترون أضاحي العيد، لأن معظم الناس بسبب الظروف الصعبة التي سببها العدوان أصبحوا غير قادرين على شراء أضحية العيد ومن أجمل الأشياء في مجتمعنا هو بروز مظاهر الترابط بين أبناء الشعب اليمني، فمن يشتري أضحية العيد تجده يوزع اللحوم على جيرانه وعلى الفقراء والمساكين تقربا لله تعالى ليدخل السعادة على قلوبهم.
وقال السقاف: كما أن لهذا المناسبة الدينية العظيمة مظاهر جميلة في مجتمعنا فهي مناسبة يحييها اليمنيون بزيارة الأهل والأقارب وتفقد الأرحام والعطاء والعطف على الفقراء والجيران.
كما أن المساجد في بلادنا بحمد الله نجدها عامرة بالمصلين وبالذكر والتكبير والتهليل والدعاء لله تعالى بالنصر القريب لمجاهدينا من أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يواجهون في هذه المرحلة الكيان الصهيوني الغاصب وطواغيت العالم انتصاراً لمظلومية أهلنا في غزة، ويدعون الله لأهل فلسطين بالانتصار على عدوهم وأن يثبت أقدام المجاهدين، ومن هنا تبرز جماليات هذه المناسبة الدينية الجليلة وعظمة الشعب اليمني المؤمن المجاهد والصامد، وخلال مناسبة عيد الأضحى المبارك نتمنى أن يعم الخير والرحمة كل أرجاء وطننا أكثر مما هو موجود وأن يحرص الناس جميعاً على عمل الخبر والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وكثرة الدعاء، لأنها أيام مباركة يستجيب الله فيها لدعاء عباده المؤمنين.
عشنا تفاصيله
ومن محافظة عمران تقول نجلاء حمدين: الحمد لله رب العالمين الحمد لله القائل: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَـمِينَ).
وأضافت حمدين: إنها فريضة مقدسة بقدسية الدين الإلهي وشعيرة عظيمة من شعائر الله، استقبلناها ببهجة وفرح وبتكبيره وتعظيمه وتقديسه بتلبية (الله أكبرالله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد والحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك ولا ند ولا ولي لنا سواك).
وتابعت: في يمن الإيمان يمن العز والكرامة حل علينا عيد الأضحى المبارك بما فيه من منسك عظيم من مناسك الله وهو الحج الأكبر، استقبلناه أولاً بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء البشرية أمريكا وإسرائيل وعظيم أن ترتبط هذه المناسبة بنبي يسطر اسمه في أكثر سور القرآن وهو نبي الله إبراهيم الذي مثل أسطورة التسليم المطلق لله والامتثال لأمره في رؤياه لابنه إسماعيل وأمر الله بالذبح له حيث خلد الله هذه الحادثة على مر العصور والأزمان لأهمية التسليم المطلق له.
وختمت حديثها بالقول: بالتكبيرات والتلبية وبصيام يوم عرفة والفرحة وذبح الأضاحي يُظهر اليمنيون أساليب احتفالهم واهتمامهم بهذه المناسبة، حتى جاء صباح يوم العيد والكل بلباس جديد وتوافد الناس إلى الجبانات أو إلى المساجد لسماع خطبتي العيد وللصلاة ومن ثم انطلق الجميع لذبح الأضاحي والمعاودة لزيارة الأرحام والأقارب وكذلك العلماء وزيارة مقابر الشهداء وزيارة جبهات الإسناد لغزة في القوة الصاروخية والبحرية، وتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمساكين والأقارب وتبادل التهاني والتبريكات وزيارة الأرحام وزيارة روضات الشهداء .
التسابق في الخيرات
ومن محافظة ذمار تقول شفاء يحيى: ما إن يخطر على بال الإنسان العيد في اليمن حتى يتصدر إلى الذاكرة صوت المآذن التي يتردد صداها بالتكبير والتهليل سواء قبل أيام العيد أو يوم العيد ولاسيما عيد الأضحى، وتمر المشاهد في الخيال من أمام أسواق المواشي المزدحمة بالأنعام التي ستكون أضاحي حمدًا وشكرًا لله على نعمة الهداية والولاية والفضل والامتنان لله على نعمة الدين الحنيف، دين إبراهيم -عليه السلام- وملته.
وتابعت: بالطبع إن اليمنيين كمجتمع مسلم ومحافظ ومن ذرية نبي الله إسماعيل ابن النبي إبراهيم -عليهم السلام- يحافظ على مثل هذه المناسك وطقوسها، بل أصبحت جزءاً متوارثاً لديه أبّاً عن جد، تتداولها الأجيال اليمنية جيلاً بعد جيل، فما إن يتسلل فجر يوم العيد حتى يستيقظ أفراد الأسرة اليمنية لإحياء ذلك الفجر بالصلاة والتسبيح، فتسمع التكبير يدوي في جميع أزقة وحارات البلاد، فيجتمع شغف الذهاب إلى المساجد مع روحانية العيد وما إن تتسلل أشعة الشمس من نوافذ البيوت حتى تجد الأطفال مع آبائهم يتسابقون لأداء الصلاة وسماع خطبة العيد، والنساء في البيوت بعد الصلاة يقمن بتهيئة المنازل، ليكون المنزل في ذلك اليوم يشرح الصدر من نظافة وروائح طيبة ويجتمع أفراد الأسرة للخروج من البيت لزيارة الأرحام وروضات الشهداء وأسرهم وأسر المرابطين والجرحى ولربما هذه من أقدس مراحل هذا اليوم، فلا يكتفي اليمني بزيارة الأحياء فقط وإنما أيضا بزيارة الأحبة ممن رحلوا.
مبينة أن زيارة المقابر شيء أساسي وكذا تفقد الفقراء والمحتاجين وهي من أجمل محطات يوم العيد في اليمن، حيث ترى البسمة مرسومة على وجه كل يمني ويمنية، وكيف لا تُرسم وذلك اليوم هو اليوم الأجمل للغني والفقير، ففي يمن الإيمان والحكمة؛ شعبٌ يداوي جراح غيره وإن كان أولى، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة.
مضيفة: كثير من التفاصيل في هذا اليوم هي مصدر للسعادة ليس بالرفاهية والبذخ؛ وإنما بالاستقرار والأمان والراحة التي هي مصدر إلهي يمده الله لهذا الشعب، لأنه في أوج سعادته تجده يذكر الله كما لوكان في أوج احتياجه.
وتابعت: طبقات هذا الشعب متعددة وشرائحه مختلفة، فهناك المجاهدون المرابطون حماة الوطن، من لولاهم لما كان العيد عيد وهناك المدنيون وهناك رجال الأمن وغيرهم، إلا أن الجميع يجتمع عيدهم في ذكر الله ورسوله والحمد والشكر لله على نعمه والكلام الحسن فيما بينهم.
ولائم الإحسان
ومن محافظة حجة تقول فاطمة الجرب: الحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، إنه عيد الله الأكبر، بهذا التهليل والتكبير والتحميد لله سبحانه وتعالى أعلنا فرحتنا بتمام نعمة الله علينا، ولنيل الأجر الكبير من الله تعالى بفعل الطاعات وقدمنا الأضاحي قرابين لله سبحانه وتعالى لإطعام البائس والفقير، تأسياً بنبي الله إبراهيم -عليه السلام- وتعظيما وتقديسا لله سبحانه وتعالى، وتعد شعيرة من شعائر الله سبحانه وتعالى.
وأضافت: ففي يوم العيد رأينا الكل مكبراً ومهللاً يلبسون الجديد، الكل يتجه ليصلي صلاة العيد من الصغار والكبار وتبادلنا التحية والمباركة بهذه المناسبة وبهذه الفرحة رأينا شوارع المدن والقرى ممتلئة بالزائرين لأرحامهم، ورأينا البسمة في وجه الصغير والكبير والغني والفقير، وأبرز ما يقومون به هو ذبح الأضاحي وإطلاق الألعاب النارية والولائم والضيافات والتجمعات بين الأهل والأقارب والأصدقاء.
مبينة أن ما يميز هذا اليوم هو جانب الإحسان، فالكل يتسابقون لإدخال الفرحة والسرور إلى من لا يملك أضحية في بيته، وفي فترة العصر تكثر الجلسات العيدية الممتلئة باللون اليمني من إنشاد وغيره وخاصة في جلسات الرجال، هذا ما يتميز به اليمنيون عن سائر كل الشعوب.
الكل مبتهج
ومن محافظة تعز يقول محمد المنصور: لم تعقنا الظروف المعيشية والاقتصادية عن إحياء هذه الفرحة الدينية الغالية على قلوبنا وإسعاد أطفالنا وأسرنا وتوفير مستلزمات العيد بالقدر الميسور ويكفينا في هذه المناسبة التقارب والتزاور والترابط المجتمعي وتعميق التراحم بين الأفراد، فمن له زاد من الطعام يحسن لمن لا زاد له، فالكل سعيد ومسرور والكل مبتهج، فلا محتاج ولا جائع في العيد وهذا ما نتمنى تكريسه طوال العام وليس في أيام العيد وحسب.
لم الشمل والتسامح
ومن الحديدة يقول فؤاد حمدي: اكتست أيام العيد بالسعادة والراحة وعكستها وجوه الأطفال وزيارات الأرحام ومظاهر الجمال في مختلف الأماكن والشوارع وكأن العيد يقول لنا: لا مكان اليوم إلا للفرحة والتكبير والحمد والتهليل والعطف على الفقراء والمساكين ولم الشمل والتسامح والتزاور والتعاطف، هذا ما لمسناه وما رأيناه وما نتطلع لأن نراه في كل بقاع المسلمين عامة وفلسطين خاصة.