عواصم - الوكالات

تجدد التوتر العسكري والسياسي بين الهند وباكستان بعد هجوم مسلح مروع في منطقة كشمير أسفر عن مقتل 26 مدنيًّا هنديًّا، وأعاد الصراع المزمن بين الجارتين النوويتين إلى الواجهة. تبنت الهجوم جماعة "جبهة المقاومة" التي تُتهم بصلاتها بجماعة "عسكر طيبة" الباكستانية، ما دفع الهند إلى اتهام إسلام آباد بدعم غير مباشر للهجوم، وفتح الباب أمام سلسلة من التصعيدات غير المسبوقة منذ سنوات.

ورغم أن التوترات بين البلدين ليست جديدة، إلا أن خطورة التصعيد هذه المرة تكمن في اتخاذه منحى غير تقليدي؛ حيث أعلنت الهند تعليق العمل بـ"معاهدة مياه السند" الموقعة عام 1960، ما اعتبرته باكستان "إعلان حرب"، وردت بإغلاق أجوائها ووقف التجارة البينية، إضافة إلى تبادل قصف عنيف على طول خط السيطرة في كشمير.

يأتي التصعيد في وقت كانت فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية تأمل في التركيز على المواجهة الإستراتيجية مع الصين، دون الانشغال بجبهات فرعية أخرى. إلا أن الانفجار المفاجئ في جنوب آسيا أعاد إلى الواجهة تناقضات السياسة الأميركية في المنطقة، لا سيما مع علاقاتها المتشابكة مع كل من نيودلهي وإسلام آباد.

ويقول مراقبون إن التصعيد بين الجارتين النوويتين يضع واشنطن في موقف حرج، خاصة أنها لا ترغب في دفع باكستان بالكامل إلى الحضن الصيني، ولا في إضعاف شراكتها المتنامية مع الهند التي تُعد حجر الأساس في إستراتيجية احتواء الصين.

ربما لا يُحدث تعليق العمل بمعاهدة مياه السند تأثيرًا فوريًّا على الإمدادات المائية لباكستان، لكن دلالاته السياسية عميقة. فالمعاهدة ظلت صامدة رغم الحروب السابقة، وخرقها الآن يُفهم كمؤشر على انزلاق التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.

المخاوف من انفلات الوضع تتعاظم، لا سيما مع الخلفية المتطرفة لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، التي تبنّت منذ سنوات سياسة دمج كشمير بالكامل في الاتحاد الهندي، وفرضت إجراءات قانونية وأمنية صارمة في الإقليم، ما زاد من التوترات مع باكستان.

الهند سبق أن تجاوزت خطوطًا كانت تعتبر "محظورة" في الماضي، حين نفذت ضربات جوية داخل باكستان بعد هجوم بولواما عام 2019. واليوم، لا يستبعد خبراء أن تقدم نيودلهي على خطوات مشابهة، بما فيها عمليات عبر خط السيطرة أو هجمات دقيقة ضد أهداف تعتبرها ذات صلة بالمسلحين.

وفي المقابل، قد ترد باكستان عبر تصعيد محدود، أو عبر استخدام أسلحة تقليدية دقيقة لضرب أهداف هندية، مما يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة لتوسع النزاع.

أميركا في مأزق: توازن مستحيل؟

تعكس هذه التطورات عمق المعضلة الأميركية في جنوب آسيا. فبينما تستثمر واشنطن في شراكتها مع الهند، تسعى في الوقت ذاته إلى عدم خسارة باكستان، التي بدأت مؤخرًا بإظهار إشارات على استعداد للتعاون، خاصة في مجالات اقتصادية مثل استثمار الثروات المعدنية الضخمة التي تملكها.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة ستكون مطالبة بتحرك عاجل لضبط الأوضاع، وربما دفع الطرفين إلى العودة للحوار، لأن أي مواجهة مفتوحة بين نيودلهي وإسلام آباد تعني تقويضًا لركائز الإستراتيجية الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ.

صراع نووي محتمل؟

رغم أن الطرفين أبديا في السنوات السابقة حرصًا على ضبط التصعيد، إلا أن دخول المتغير النووي على الخط، يجعل من أي حرب بين الهند وباكستان واحدة من أخطر النزاعات المحتملة في العالم اليوم.

يقول الباحث الأمني كامران بخاري إن "ما يُكسب هذا الصراع طابعًا استثنائيًّا هو أنه المواجهة الوحيدة بين قوتين نوويتين منذ النزاع الصيني السوفياتي عام 1969".

ويعتبر تصعيد كشمير الأخير ليس مجرد توتر حدودي، بل إشارة واضحة إلى هشاشة النظام الإقليمي في جنوب آسيا. وإذا لم تتدخل القوى الكبرى — خصوصًا الولايات المتحدة — بشكل فعّال، فإن سيناريو الحرب قد لا يكون مستبعدًا، لا سيما في ظل حكومات قومية متشددة وأجندات داخلية قد تدفع إلى التصعيد بدلًا من التهدئة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لافروف يعرض الوساطة لحل أزمة نووي إيران

صراحة نيوز- أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف التقى، الأحد، بنظيره الإيراني عباس عراقجي على هامش قمة بريكس في ريو دي جانيرو، حيث جدد استعداد موسكو للمساعدة في تسوية الخلافات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وجاء في بيان رسمي أن لافروف أدان خلال اللقاء الضربات التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة الشهر الماضي على إيران، بما في ذلك استهداف منشآت نووية تخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأكد لافروف، بحسب البيان، ضرورة حلّ جميع القضايا المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني عبر المسار الدبلوماسي، مشددًا على أن روسيا مستعدة للمساهمة في إيجاد حلول متوازنة، بما في ذلك عبر مبادرات سبق أن طرحها الرئيس الروسي.

ويأتي هذا اللقاء بعد محادثات أجراها عراقجي في موسكو الشهر الماضي، تزامنًا مع تصاعد التوترات التي استمرت 12 يومًا.

وتؤكد إيران أنها لا تسعى لتطوير أسلحة نووية، فيما ترى روسيا – التي تربطها بإيران شراكة استراتيجية لا تشمل الدفاع المشترك – أن لطهران الحق في امتلاك برنامج نووي سلمي.

وعرضت موسكو الوساطة في النزاع بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، بما في ذلك إمكانية تخزين اليورانيوم الإيراني على أراضيها.

مقالات مشابهة

  • لافروف يعرض الوساطة لحل أزمة نووي إيران
  • سيّارات تسلا في مأزق.. ماسك غير مكترث وترامب يهدّد
  • إنقاذ 60 شخصًا علقوا داخل مبان جراء الفيضانات جنوب غرب الصين
  • بالفيديو.. تمريرة حاسمة من ميسي لمهاجم الخصم تضعه في مأزق
  • ترامب: اتفاق محتمل بشأن غزة الأسبوع المقبل
  • جنرال هندي يتهم الصين بدعم باكستان بمعلومات استخباراتية خلال المواجهة الأخيرة
  • جنرال هندي: الصين زودت باكستان بمعلومات لحظية خلال الحرب الأخيرة
  • الهند تتهم الصين بالتعاون مع باكستان خلال الحرب
  • باكستان تعلن مقتل 30 مسلحًا على حدود أفغانستان وتحمل الهند المسؤولية
  • باكستان تعلن مقتل 30 مسلحًا وتتهم الهند بدعم الإرهاب