27 أبريل 1994.. حين رفض أنصار الله حرب “عفاش” وظلوا أوفياء للجنوب حتى اليوم
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
في السابع والعشرين من أبريل 1994، أعلن نظام “عفاش” الحرب على الجنوب، مُطلقاً واحدة من أكثر الحروب الأهلية دمويةً في التاريخ اليمني الحديث. اليوم، وبعد 31 عاماً، تعود الذكرى لتكشف تناقضاتٍ صارخةً؛ فبينما يُحيي الجنوبيون جراح الماضي، يُعزز الغزاة والمستعمرون حضورهم العسكري والاقتصادي في المحافظات الجنوبية، من شبوة وأبين إلى حضرموت بسواحلها ووديانها، تحت سمع العالم وبصره.
لم تكن حرب صيف 1994 مجرد صراع سياسي عابر، بل كانت إبادةً ممنهجةً لوحدة وطنية هشة، تحولت إلى مجزرةٍ بدم بارد. قُتل الآلاف، وهُجر المئات، ودُمّرت البنى التحتية، بينما وقف النظام السابق وحلفاؤه (بمن فيهم أطرافٌ تُزيّن اليوم نفسها بـ”الوطنية”) يُشرعنون للقتل تحت شعارات تكفيرية زائفة. في المقابل، كان هناك صوتٌ شجاعٌ يرفض هذه الحرب منذ البداية: صوت الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، الذي وقف في مجلس النواب مدافعاً عن حقوق الجنوبيين، مُحذّراً من تداعيات الحرب التي ستُفكك النسيج الوطني.
اليوم، يعود “نظام 7/7” (في صيغته الجديدة) إلى قصر المعاشيق في عدن، بحماية سعودية وإماراتية، ليكرر نفس السيناريو: نهب الثروات (النفطية والسمكية وإيرادات الموانئ)، وتفريغ الجنوب من مقدراته، وتكميم أفواه أبنائه عبر مليشيات مُعلبة بأسماء وطنية زائفة مثل الأكثر إيلاماً أن بعض وجوه حرب 1994 ما زالت تُدير المشهد، بل تتحالف مع المحتل الإماراتي والسعودي لضرب أي مقاومة جنوبية حقيقية.
الاحتلال الجديد: الوجه الآخر للحرب القديمة
ما يحدث اليوم في الجنوب ليس سوى امتداد للمشروع الذي بدأ عام 1994، لكن بأدوات أكثر خبثاً:
– التوغل الاقتصادي: سيطرة الإمارات والسعودية على الموانئ والمطارات والثروات، وتحويل الجنوب إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات الإقليمية.
– التقسيم الممنهج: إحياء النعرات الانفصالية وإضعاف الهوية الوطنية عبر مليشيات طائفية أو إقليمية موالية للاحتلال.
– القمع الممنهج: سجون سرية، تعذيب، واغتيالات سياسية (كما في سجون “عمار عفاش” وأجهزته الأمنية).
لقد كشف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) زيف الادعاءات الخليجية حين قال:
“وعدوا الجنوبيين بدبي جديدة، لكنهم جلبوا لهم سجوناً ومعاناةً لم يعرفوها حتى في أسوأ أيام النظام السابق”.
فالوضع المعيشي الكارثي، والبطالة، وانعدام الخدمات، كلها أدلة على أن المحتل لم يأتِ لـ”إنقاذ” الجنوب، بل لاستنزافه.
الجنوب في استراتيجية أنصار الله:
في الوقت الذي يُحاول فيه المحتلون وأذنابهم تصوير “أنصار الله” كخصم للجنوب، يؤكد السيد القائد أن الموقف الثابت للمقاومة هو:
– رفض الاحتلال بكل أشكاله.
– الدعوة إلى حل عادل يُعترف فيه بمعاناة الجنوبيين، ويُجبر الضرر، دون تمزيق الوحدة الوطنية.
– تحرير كل شبر يمني، لأن الأرض والثروات ملك للشعب، لا للمليشيات ولا للمحتلين.
وعلى ذات الموقف وذات النهج، كان موقف أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني ولايزال حتى يومنا هذه، فنحن كنا ولانزال نقف إلى جانب مظلومية أبناء المحافظات الجنوبية ..
فموقف ” أنصار الله ” بقيادتها الثورية والسياسة يرون القضية الجنوبية رؤية عادلة، ويعدون بالحل العادل والإنصاف الذي يهدئ النفوس ويجبر الضرر .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حين يصمت الجميع وتنطق صواريخ أنصار الله “غزة ليست وحدها”
منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، التزمت حركة “أنصار الله” بقيادة السيد عبدالملك الحوثي بموقف واضح وصريح ألا وهو نصرة الشعب الفلسطيني.
ذلك الالتزام لم يكن مجرد خطاب عاطفي، بل تُرجم إلى عمليات عسكرية نوعية أعلن عنها المتحدث العسكري، يحيى سريع، واستهدفت الكيان الصهيوني، في رد مباشر على المجازر الأمريكية-الصهيونية بحق المدنيين. وهي المواقف التي أنعشت فينا الأمل بأن العروبة لا تزال تنبض بالحياة.
في المقابل، يقف قادة العرب والمسلمين، ومعهم جيوشهم المدججة بأحدث الأسلحة، متفرجين أمام مشهد الإبادة الجماعية في غزة، لا يحركون ساكنًا، بل ويحولون بين الشباب العربي ورغبتهم في الانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية. وكأنهم يتمنون أن تبتلع أمواج البحر غزة لتريحهم من الحرج.
وأما الشعوب العربية والإسلامية، فقد وقعت في أسر القهر السياسي، لا تملك حرية الفعل، مقيدة بخوف مزروع في الذاكرة الجمعية، عاجزة عن نصرة إخوانها في غزة، تكتفي بالصمت والذهول، وكأن المأساة تحدث في كوكب آخر.
في هذا السياق، يؤكد السيد عبدالملك الحوثي على أن جماعته اختارت “الخيار الصحيح”، وهو الجهاد ضد العدو الصهيوني والأمريكي، ردًا على استمرار العدوان على غزة وانهيار محاولات وقف إطلاق النار. وقد دفعت الولايات المتحدة ثمن عدوانها على اليمن، إذ كبدتها القوات اليمنية خسائر فادحة، دفعت واشنطن إلى إعادة حساباتها. ووفق تقرير لشبكة “NBC” الأمريكية، فإن هذه الحرب القصيرة نسبيًا كلّفت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار، وأدت إلى نفاد الآلاف من القنابل والصواريخ، بالإضافة إلى تدمير سبع طائرات مسيّرة، وإغراق مقاتلتين حربيتين.
ورغم كل هذه الحقائق، يواصل بعض القادة العرب والمسلمين رهانهم على حكومة نيتنياهو المتطرفة، أملاً في القضاء على المقاومة الفلسطينية، متجاهلين دروس التاريخ والمنطق. إن هذا الرهان ليس فقط غبيًّا من الناحية الاستراتيجية، بل يشكل سقوطًا أخلاقيًّا مدويًا. فالمقاومة ليست مجرد سلاح، بل روح شعب لا تُقهر.
ألا يدرك أولئك الحكام أن دعمهم لحكومة نيتنياهو، إحدى أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني، هو تماهٍ خطير مع مشروع استيطاني عنصري؟ .
إنهم بذلك يمنحون الضوء الأخضر لبناء المزيد من المستوطنات، مثلما أُعلن مؤخرًا عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، ويشجعون على تهويد القدس، وتوسيع الحصار على غزة والضفة، وارتكاب المجازر دون رادع.
في المقابل، يُظهر اليمن وجهًا آخر من العروبة، وجهًا تفيض منه الكرامة والمقاومة. ففي الوعي اليمني، تعتبر نصرة المظلوم واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا، وفلسطين وغزة رمزان للظلم الصارخ على أمة الإسلام. لذلك فموقف أنصار الله في إسناد غزة ليس ظرفيًّا ولا دعاية مؤقتة، بل نابع من شعور إنساني أصيل وتاريخ من التضامن والتلاحم.
وعلى الرغم من الحصار والحرب والفقر الذي يعانيه اليمنيون، فإنهم لا يتوانون عن مد يد العون لغزة، بالمال والدم والسلاح. هذا الموقف ليس جديدًا، فقد شارك اليمنيون في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان لهم حضور في حرب 1973، مما يعزز الروح التضامنية في وجدانهم.
إن معاناة اليمنيين اليومية تجعلهم أكثر شعورًا بآلام الغزّيين، وأكثر قدرة على فهم وحشية الحصار وآثاره النفسية والاقتصادية. ورغم كل التحديات، لا تزال صواريخ اليمن تنطلق وتدوي في سماء فلسطين المحتلة لتعلن أن غزة ليست وحدها، وأن الكفاح مستمر، وأن القضية الفلسطينية ستبقى حية في الوجدان العربي.
إلى ذلك يرى مراقبون أن استخدام صواريخ فرط صوتية يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراع، وهو منعطف خطير للغاية في تطورات الشرق الأوسط إذ أن مثل هذه الأسلحة من الصعب اعتراضها عبر المنظومات التقليدية، ما يُحدث خللًا في معادلة الردع الإسرائيلية، إذ بدأت الحرب عن بُعد بالمسيرات والصواريخ من طرف دول لا تجمعها حدود جغرافية مع الكيان، الأمر الذي لم تكن إسرائيل تنتظره. وهو ما يعكس قدرة اليمنيين على التأثير في موازين القوة الإقليمية، رغم الحصار المفروض على اليمن.
فلاش: من بين المقولات التي تتردد على الألسنة مقولة: “من لم يؤدبه الزمن، يؤدبه اليمن” وهي مقولة تنبع من تاريخ طويل من الكبرياء، وتحمل تحذيرًا واضحًا لكل من يستخف بشعب اليمن ومقاومته. وما خضوع أمريكا لشروط صنعاء مؤخرًا إلا تأكيد على أن هذا البلد العريق لا يُقهر. ويكفيهم شرفا أن تُعرب كتائب المقاومة الفلسطينية، عن مباركتها للضربات الصاروخية التي تنفذها “أنصار الله” في عمق الأراضي المحتلة، حيث أشاد أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام، بالعمليات التي يقوم بها اليمنيون، واصفاً إياها بـ”النوعية”، ومثمناً في نفس الوقت تضامن الشعب اليمني وموقفه الداعم للقضية الفلسطينية واستعداده للتضحية من أجلها.
وختاما، فبينما يراهن البعض على الخنوع والتطبيع، يراهن أنصار الله وكل الأحرار على الشرف والمقاومة. والرهان الأخير هو ما تصنع به الأمم تاريخها، وتستعيد به كرامتها.
*كاتب مغربي