عربي21:
2025-08-01@11:27:34 GMT

غزة تحتضر جوعا!!

تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT

في مشاهد تهز الضمير الإنساني وتدمي القلوب، يظهر أطفال ونساء وشيوخ يتزاحمون على أبواب الجمعيات الخيرية والتكايا بحثا عن بقايا طعام تسد رمقهم، وسط غياب أي تحرك عربي ودولي فاعل. ويأتي ذلك في ظل مواصلة الاحتلال الإسرائيلي تشديد الحصار والتجويع الممنهج بحق سكان قطاع غزة، واستمراره في حرب الإبادة والجرائم اليومية، ضاربا عرض الحائط بأبسط القواعد الإنسانية والقانون الدولي.



يواجه 2.2 مليون مواطن، هم سكان قطاع غزة المدمر، خطر الموت جوعا، بينهم أكثر من مليون طفل من مختلف الأعمار يعانون من الجوع يوميا، وقد أُصيب 65 ألف شخص بسوء تغذية حاد، ونُقلوا إلى ما تبقى من مستشفيات ومراكز طبية مدمرة في القطاع.

حتى يوم الجمعة الماضي، توفي 50 طفلا بسبب الجوع، وكان آخرهم عدي فادي أحمد الذي فارق الحياة في مستشفى الأقصى بدير البلح. قبل أسبوع، حذرت اليونيسف من أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة، أي جميع أطفال غزة في هذه الفئة العمرية، باتوا على شفا الموت بسبب سوء التغذية الحاد. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ارتفع عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية بنسبة 80 في المئة مقارنة بشهر آذار/ مارس الماضي. وتظهر الأرقام التي عرضتها قناة الجزيرة أن 92 في المئة من الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين لا يحصلون مع أمهاتهم على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم مدى حياتهم، كما أن 65 في المئة من سكان قطاع غزة لم يعد باستطاعتهم الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطبخ، وفق هيئات إغاثة دولية.

سياسة ممنهجة تهدف إلى تجويع السكان وإجبارهم إما على النزوح الجماعي أو الموت البطيء، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي
لم تعد هذه الجرائم مجرد أرقام أو تقارير، بل تحولت إلى مشاهد دامية ومأساوية تنقلها شاشات التلفزة وعدسات الهواتف، تتضمن صرخات الأطفال الجوعى التي تنفطر لها القلوب وتبكي الحجارة.

في هذا السياق أيضا أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن مخزونه الغذائي داخل قطاع غزة قد نفد بالكامل، في إعلان كارثي يعكس عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان محاصر.

وفي منشور عبر منصة (إكس)، طالب البرنامج بالسماح الفوري بإدخال المساعدات إلى غزة، محذرا من أن أكثر من مليوني شخص باتوا يعتمدون كليا على المعونات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

وأوضح البرنامج الأممي أن القطاع لم يتلق أي شحنات غذائية منذ أكثر من سبعة أسابيع، وهي أطول مدة يشهد فيها قطاع غزة إغلاقا حدوديا كاملا منذ بدء العدوان الإسرائيلي واسع النطاق في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وعلى الرغم من وجود أكثر من 116 ألف طن من المساعدات الغذائية الجاهزة للدخول عبر المعابر، فإن إصرار الاحتلال الإسرائيلي على إغلاقها يُبقي هذه الشحنات عالقة، ويجعل شبح المجاعة واقعا يفتك بالأطفال والنساء وكبار السن.

إغلاق المعابر لم يكن حدثا عابرا، بل سياسة ممنهجة ضمن مشروع الإبادة الجماعية الذي تنفذه إسرائيل بحق سكان غزة بدعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية.

فمنذ الثاني من آذار/ مارس 2025، فرض الاحتلال إغلاقا تاما على كافة المعابر، بما فيها معبر كرم أبو سالم الحيوي، مانعا دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإغاثية، ما أدى إلى تفاقم كارثي للأوضاع الإنسانية.

صمت المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الأنظمة العربية، وصلف الاحتلال الإسرائيلي وعنجهيته، كلها عوامل تدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة
وبحسب التقارير الدولية، ارتفعت أعداد الضحايا إلى أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولا تحت الأنقاض أو في المعتقلات الإسرائيلية. كل ذلك يجري تحت سمع وبصر العالم، الذي اكتفى بالشجب اللفظي، في ظل انحياز غربي فج، وصمت عربي مريب.

لم تقتصر الكارثة على الحصار الإسرائيلي المباشر، بل شاركت بعض الأنظمة العربية، وعلى رأسها نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، بدور خفي لكنه فعال في إحكام الخناق على غزة، فتغاضت السلطات المصرية عن استخدام معبر رفح كمنفذ إنساني حقيقي، بل فرضت قيودا مشددة على حركة المساعدات، تحت ذرائع واهية تتعلق بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، وهكذا تحول معبر رفح، الذي يفترض أن يكون شريان حياة للقطاع المحاصر، إلى أداة إضافية لخنق أهل غزة.

وسط هذه الكارثة الإنسانية، لاح بصيص أمل حين دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، برعاية مصرية قطرية ودعم أمريكي، وقد نجحت المرحلة الأولى منه بالفعل في تبادل بعض الأسرى ووقف إطلاق النار جزئيا، غير أن رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، سرعان ما تنصل من استحقاقات المرحلة الثانية من الاتفاق، خضوعا لضغوط الأحزاب اليمينية المتطرفة داخل ائتلافه الحاكم، هذه الخطوة عكست مرة أخرى أن الاحتلال لا يبحث عن تهدئة أو تسوية سياسية، بل يستغل الهدنات المؤقتة لإعادة ترتيب أوراقه العسكرية ومواصلة مشروع الإبادة في غزة.

في هذا السياق، يُعدّ رفض فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات ليس مجرد قرار عسكري أو أمني، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تجويع السكان وإجبارهم إما على النزوح الجماعي أو الموت البطيء، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي. واليوم، مع إعلان برنامج الأغذية العالمي عن نفاد مخزون الغذاء في غزة، تدخل الكارثة الإنسانية مرحلة جديدة وأكثر خطورة، فملايين الأرواح على حافة المجاعة، بينما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في القصف والتدمير والحصار.

إن صمت المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الأنظمة العربية، وصلف الاحتلال الإسرائيلي وعنجهيته، كلها عوامل تدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الحصار غزة تجويع غزة حصار ابادة تجويع قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: الفاشر تحتضر ..!

تعيش مدينة الفاشر تحت حصار خانق تفرضه ميليشيا الدعم السريع منذ أكثر من عام، في ظل انهيار تام في الخدمات، وظلال مجاعة باتت تُخيّم على سكانها الذين يتجاوز عددهم مئات الآلاف. ورغم هذه الكارثة الإنسانية، لم يتخذ مجلس الأمن الدولي خطوات عملية ترتقي إلى حجم المأساة.

في يونيو 2024، تبنّى المجلس قراره رقم 2736، الذي طالب بوقف الحصار فورًا، وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها، وضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. إلا أن هذا القرار بقي حبراً على ورق، بلا أدوات تنفيذية، بينما تتدهور الأوضاع المعيشية في المدينة بوتيرة متسارعة.

وقد أكد الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، أمس أن أولويات عمله تتركز في أربعة ملفات أساسية: حماية المدنيين، تسهيل وصول المساعدات، المساءلة، وعدم الإفلات من العقاب، إضافة إلى ضمان حرية عمل المنظمات الإنسانية والحقوقية. وفي لقاء محدود مع الصحفيين،عبّر عن قلقه من استمرار التدهور، مشيرًا إلى غياب أي تطورات ملموسة على الأرض.

في المقابل، صدرت تصريحات متباينة من الحكومة. ففي مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان في يوليو 2025، أعلنت الحكومة السودانية أن رؤيتها الإنسانية تقوم على مبدأ تقديم الدعم للجميع دون تمييز ديني أو عرقي أو جهوي. كما أكدت فتح المعابر والمسارات والمطارات، بما في ذلك المنافذ الخارجة عن سيطرتها – مثل معبر أدري الحدودي مع تشاد – لاستقبال المساعدات، وتم تمديد فتحه لثلاثة أشهر إضافية. وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان رسمي بقبول هدنة إنسانية في الفاشر، استجابة لمقترح من الأمم المتحدة لتأمين وصول المساعدات إلى السكان المحاصرين.

من جانبه، أوضح الفريق الركن الصادق إسماعيل، مستشار مجلس السيادة للشؤون الإنسانية، أن ولايتي شمال دارفور وجنوب كردفان من أكثر المناطق تضررًا واحتياجًا، داعيًا المنظمات إلى تكثيف جهودها بعد فتح المسارات. كما أعلنت الحكومة تشكيل لجنة طوارئ وطنية لدعم مفوضية العون الإنساني.

أما المفوضة سلوى آدم بنية فكشفت عن كارثية موجات النزوح الأخيرة، مشيرة إلى فرار نحو 1.3 مليون شخص من مناطق القتال، بينهم أكثر من نصف مليون من مخيم زمزم إلى الفاشر، وعشرات الآلاف من أبو شوك وطويلة إلى داخل الأراضي التشادية.

ورغم هذه الخطوات الرسمية، تبقى الاستجابة على الأرض دون المستوى المطلوب. فلم يُسجّل أي تحرك عسكري فعّال لفك الحصار أو تأمين خطوط الإمداد نحو الفاشر. والجيش السوداني، رغم امتلاكه القدرات البشرية واللوجستية، لم يطلق حتى الآن أي عملية باتجاه المدينة.. علماً بأن آلاف المقاتلين من القوات المشتركة “حركات سلام جوبا” متواجدون في الخرطوم ، بحسب تقرير لقناة “العربية”. ويرى مراقبون أن الحصار كان من الممكن فكّه سريعًا، لو تحركت هذه القوات المجهّزة لجبهة القتال كما حدث في معارك سابقة أثبتت فيها قدرتها على تفكيك تمركزات الميليشيات.

وما يعمّق المأساة أن الفاشر أصبحت على حافة مجاعة حقيقية. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة بتاريخ 8 يوليو 2025، فإن 38% من الأطفال دون سن الخامسة في المدينة يعانون من سوء تغذية حاد، بينما يعاني 11% منهم من حالات حرجة تهدد حياتهم. وقد وصف والي شمال دارفور، الحافظ بخيت، الأوضاع بأنها “لا تُطاق”، موضحًا أن السكان يعتمدون على “الأمباز” – بقايا الفول السوداني المخصص عادةً لعلف الحيوانات – كغذاء رئيسي، في ظل غياب تام للسلع الأساسية، حيث تجاوز سعر ربع جوال الدخن نصف مليون جنيه سوداني.

وفي تطور لافت، أعلن مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، استعداده للانفتاح على تحالف “صمود”، بل وحتى مع ميليشيا الدعم السريع إذا أبدت التزامًا إيجابيًا، قائلاً: “الجميع سودانيون ويجب أن نتحرك معًا نحو السلام”. وهو خطاب يعكس مرونة تكتيكية وربما سعيًا لبناء تفاهمات جديدة لتخفيف التوتر على الأرض، رغم الانتهاكات الجسيمة التي ما تزال ترتكبها الميليشيا في الفاشر، حسب تقارير محلية ودولية موثقة.

لذلك على المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن، أن يتحمل مسؤوليته في تحويل قراراته إلى أدوات تنفيذية فعالة، تتضمن الضغط الجاد على ميليشيا الدعم السريع، وتفعيل آليات الإسقاط الجوي العاجل للمساعدات، وفرض وقف إطلاق النار الإنساني الذي وافقت عليه الحكومة السودانية.

كما أن على الحكومة السودانية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، بتحريك قواتها نحو الفاشر، وتأمين الطرق والمطار، وفرض واقع ميداني جديد يُنهي الحصار.

فما يحدث في الفاشر ليس مجرد أزمة إنسانية، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على حماية مواطنيها، واختبار لمدى جدية المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب المدنيين في مناطق النزاع.

بحسب ما نراه من#وجه_الحقيقة لقد تجاوزت المأساة حدود الاحتمال، وبات الصمت شكلًا من أشكال التواطؤ. وإذا لم تُتخذ خطوات حقيقية خلال الأيام القادمة، فقد تسقط الفاشر ليس فقط تحت الحصار، بل في ذاكرة العالم كنقطة سوداء على جبين الإنسانية.
دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 30 يوليو 2025م [email protected]

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سلوفينيا تستدعي سفيرة الكيان الإسرائيلي للاحتجاج على الكارثة الإنسانية في غزة
  • الفلسطينيون يتضورون جوعا.. نائبة بالبرلمان الأوروبي: مؤسسة غزة الإنسانية فخ للموت
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الفاشر تحتضر ..!
  • رئيس لجنة الإنقاذ الدولية: سكان غزة يموتون جوعا
  • استهداف قبة المساجد .. الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة
  • رغم الهدنة الإنسانية.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على قطاع غزة
  • 3 شهداء من منتظري المساعدات بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي
  • استشهاد 13 فلسطينيًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة
  • انطلاق المؤتمر الدولي للأخوة الإنسانية في جاكرتا
  • ارتفاع شهداء المساعدات بأكثر من 8 أضعاف خلال شهر مع بدء عمل “مؤسسة غزة الإنسانية”