شاهد.. أطفال غزة يتحملون المسؤولية ويركبون الصعاب
تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT
غزة- لا تتوقف مأساة أطفال قطاع غزة عند قتلهم وإصابتهم في الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ عام ونصف العام، ومعاناتهم من النزوح والتشرد مع أسرهم، بل يجدون أنفسهم مجبرين على تحمّل كثير من المسؤوليات الجسام.
وبعد أن هجروا مدارسهم التي تحولت إلى مراكز إيواء، أو خرائب بعد أن دمرها جيش الاحتلال، تحوّل كثير من الأطفال إلى "تجار صغار" يجوبون الشوارع، عارضين بضائعهم البسيطة، على أمل الحصول على بعض النقود لسد حاجات عائلاتهم.
كما يتحمّل الأطفال العبء الأكبر في توفير احتياجات الأسرة من الماء، الذي يصطفون طوابير طويلة في انتظار الحصول عليه، قبل حمله مسافات بعيدة، وكذلك الحطب اللازم لطهي الطعام.
ما أن يصحو الطفل فايق أبو عاصي (15 عاما) فجرا، حتى يتجهز لرحلة جلب الماء، بنوعيه، العذب للشرب، والمالح للتنظيف، وهو ما يتطلب الوقوف في طوابير طويلة، حاملا الجالونات الفارغة، وراكضا أحيانا خلف سيارات المياه.
وتعد هذه المهمة، هي الأهم، والأصعب، وتحتاج إلى سرعة وصبر، حتى لا يفوته موعد التعبئة اليومي، الذي يكون عادة في الصباح الباكر.
وبعد أن يتم هذه المهمة الشاقة، يستعد لعمله الثاني المتمثل في بيع بعض السلع على "بسطة" في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة.
إعلانولأجل هذا، يضع فايق بضاعته في عربة يدوية صغيرة، وينقلها "على دفعتين" ويمشي بها مسافة طويلة على قدميه.
وبعد نحو ساعتين من وجوده على "البسطة"، يترك شقيقه مكانه ويأخذ العربة اليدوية ويلف في السوق، كي يحمل للناس أغراضهم مقابل أجرة بسيطة، قبل أن يعود للبسطة مساء ويلم البضاعة ويرجع بها إلى البيت.
وعندما يصل فايق إلى منزله ليلا، يكون الإرهاق قد نال منه، فينام فورا، كي يأخذ بعض الراحة قبل أن يبدأ في اليوم التالي تكرار المهمات الشاقة ذاتها.
يقول الطفل أبو عاصي للجزيرة نت، "نعاني بشدة من الحرب وما فعلته بنا، كان المفروض أن نكون في المدارس، نقضى يومنا في العمل والتعب، ونخشى أن نقتل في الغارات".
ويضيف "هذا العمل مرهق جدا، لكنه ضروري حتى نستطيع أن نعيش في هذه الحرب ونحصل على أكلنا وشربنا".
نزح الطفل محمد قاسم (9 سنوات)، وعائلته من بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع إلى مدينة غزة قبل نحو شهر، بعد استئناف إسرائيل العدوان.
وكي يساعد أسرته على تدبر أمورها اليومية، يجلس على حجر، قرب ساحة "السرايا" وسط المدينة، مناديا على بضاعة بسيطة أمامه، هي عبوات صغيرة من سائل الاستحمام "الشامبو"، وعلبة من "فلفل الشطة".
وطوال النهار، ينادي محمد على بضاعته بصوته الضعيف، على أمل أن يبيع بعضها كي يساعد أسرته.
يقول الطفل محمد للجزيرة نت، "حياتنا صعبة، كنا قبل الحرب نذهب إلى المدارس، الآن فقط نعمل طوال النهار، إذا لم نعمل لا نستطيع أن نعيش وأن نوفر الأكل والشرب".
ويكمل "إن شاء الله تنتهي الحرب قريبا".
لم يجد الطفل عبد الله عمارة، (15 عاما)، كرسيا أو حجرا يجلس عليه، أو طاولة يضع عليها بضاعته المكونة من سائل الكلور الخاص بالتنظيف، فجلس على الرصيف، وصفّ العبوات أمامه.
إعلانونزحت عائلة الطفل عبد الله إلى حي تل الهوى (غرب غزة)، قادمة من حي الشَعَف (شرق) قبل نحو شهر بعد أن اجتاحه جيش الاحتلال إثر استئنافه العدوان. كما هدم الاحتلال منزله وقتل عمه وزوجته.
ويقول عبد الله للجزيرة نت، إنه يصحو من الساعة 6 صباحا كي يحمل عبوات الكلور ويتوجه إلى بيعها في وسط شارع عمر المختار وسط غزة، الذي يبعد عن مكان إقامته نحو 3 كيلومترات.
ويضيف "أبيع الكلور حتى أحصل على لقمة العيش لي ولأسرتي، وكي أصرف على البيت مع أبي".
ويقول، إنه يتعب كثيرا خلال عمله، خاصة أنه يضطر إلى حمل العبوات في حقيبة والسير بها، والمكوث تحت الشمس الحارقة طوال النهار.
كما يعمل عبد الله في المنزل على جلب المياه وتعبئتها من بعيد، وخبز الطعام على النار. ويختم حديثه، "نتمنى أن تنتهي الحرب ونرجع إلى مدارسنا ومنازلنا وننهي هذا العذاب".
لم يجد الطفل محمد منيّة (15 عاما) رأس مال يشتري به بضاعة كي يتاجر بها، فلجأ إلى بيع الماء المثلج، وسط شارع عمر المختار.
وقصف الاحتلال منزل منيّة بحي الشجاعية شرقي المدينة، فجُرحت أمه وأشقاؤه في القصف، ونزحت الأسرة إلى غرب غزة.
وسبق أن عانت عائلته من النزوح إلى جنوبي القطاع ثم عادت أثناء وقف إطلاق النار، لكنها شُردت من جديد.
وتعاني أسرة محمد من صعوبات كثيرة في تلبية احتياجاتها اليومية من طعام وشراب، وهو ما دفعه إلى بيع الماء المثلج للمارة، حيث يشتري أكياس نايلون ويعبئها ماءً عذبا ثم يثلجها ويبيعها وسط الشارع.
وفي آخر النهار يكون محمد مرهقا جدا وقد بحّ صوته من المناداة لبيع الماء.
ويتمنى الطفل الغزي انتهاء الحرب، والعودة إلى المدرسة، خاصة أنه يقول، إن مستواه التعليمي ضعف جدا، وإذا استمر هذا الوضع فسوف ينسى القراءة والكتابة.
إعلانولم يدرس منية منذ بداية الحرب ولم يستطع أن يتعلم عبر الإنترنت من خلال المنصات التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم لصعوبة الوصول إلى الإنترنت والتكلفة العالية لذلك.
دنيا معروف، طفلة عمرها 12 عاما، لم تجد أسرتها مأوى سوى خيمة بسيطة على رصيف شارع الوحدة، وسط مدينة غزة.
الخيمة بسيطة ومتواضعة وبُنيت على شكل هرم لتوفير الخشب والقماش، ولا تتسع للأسرة. وعلى باب الخيمة، تبيع دنيا بعض الأطعمة المنزلية التي تطهوها أمها.
وتبدأ عملها من الصباح الباكر وحتى آخر النهار مع أذان العشاء، مبررة ما تتعرض له من تعب، "أنا هنا طول النهار من أجل رزقتنا ورزقة إخوتي. نتمنى أن تنتهي الحرب قريبا حتى نعود لمنزلنا ولمدارسنا".
وتختتم "حياتنا صعبة جدا، ننتظر التكية من الصبح علشان نأكل ونشرب. ونعمل في البسطة حتى نستطيع أن نعيش".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
المحامية إيمان الحيدر: من يتحمل المسؤولية القانونية لأخطاء الذكاء الاصطناعي؟
قالت المحامية إيمان الحيدر إن كل إنجاز تكنولوجي يؤدي إلى توسع الفجوة بين القدرة على اللحاق بالتقنية والتشريع، وبين ما يمكن للخوارزميات أن تفعله وما يمكن للقانون ملاحقته، ومع هذا الفراغ تتسرب الأخطاء ويصبح الذكاء الاصطناعي خصماً لا يمكن استجوابه ولا يمكن حبسه ولا حتى توجيه اللوم له. فقد أنجز الإنسان تقنية حديثة في العصر الحديث تسمى الذكاء الاصطناعي وفي هذه اللحظة فتح على نفسه باباً من الأسئلة الأخلاقية والقانونية التي تتحدى المفاهيم، ولم نعد أمام فاعلين بشريين تنسب إليهم الأفعال والخطايا بل أمام أنظمة تنتج قرارات تبدو مستقلة ولكنها تفتقر إلى الوعي والنية والضمير. وأكدت أن قطر تخطو بثقة نحو التحول الرقمي واقتصاد المعرفة، وتصبح هذه الأسئلة اليوم أكثر إلحاحاً، وحين يخطئ الذكاء الاصطناعي، يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأفراد، والتشريع ليس مجرد أداة تنظيم بل أصبح ضرورة وجودية لضمان العدالة.
مخاطر قانونية متوقعة
وأوضحت أن أهم المخاطر القانونية المتوقعة في ظل استخدام الذكاء الاصطناعي والذي يشكل استخدامه تحديًا قانونيًا خطيراً ومتسارعاً، نظراً لتنوع المخاطر التي قد تترتب عليه. ومن أبرز هذه المخاطر انتهاك الخصوصية، حيث تقوم بعض الأنظمة بجمع البيانات وتحليلها دون موافقة صريحة من الأشخاص نفسهم،.
ومن التحديات مسألة المساءلة القانونية، إذ لا يزال من غير الواضح من يتحمل المسؤولية عند وقوع خطأ ناتج عن الذكاء الصناعي هل هو المطور أم المستخدم أم الشركة؟ يضاف إلى ذلك خطر انتهاك حقوق الملكية الفكرية، فضلاً عن التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني، مما يفتح المجال لاستخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة إجرامية أو تضليل إعلامي. وفي ضوء هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى أطر تنظيمية عاجلة وواضحة، وإلى تطوير تقنيات تراعي مبادئ المساءلة واحترام حقوق الأفراد.
وأوصت لتقليص الفجوة بإصدار قانون خاص بالذكاء الاصطناعي: يتضمن تعريفًا واضحًا، وتحديد المسؤوليات، وتنظيم استخدام البيانات، والالتزام بالشفافية والرقابة، وإنشاء هيئة وطنية للذكاء الاصطناعي والأخلاقيات التقنية تتولى وضع المعايير، ومراقبة الالتزام، ومنح التراخيص للتطبيقات عالية المخاطر.
تطوير أطر تنظيمية
و تبرز أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به «الوكالة الوطنية للأمن السيبراني» في دولة قطر، ليس فقط في حماية البنية التحتية الرقمية، بل أيضاً في التعاون في تطوير أطر تنظيمية وتشريعية تواكب المخاطر القانونية الجديدة الناتجة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووضع سياسات استباقية، وتوجيه كل المؤسسات نحو استخدام مسؤول وآمن للتقنيات، بما يضمن حماية الحقوق الأساسية وتعزيز الثقة في البيئة الرقمية، وتحديث قواعد المسؤولية المدنية والجنائية بإدراج قواعد جديدة تتناسب مع طبيعة الذكاء الاصطناعي، خصوصًا فيما يتعلق بالإثبات والتسبب غير المباشر في الضرر، والتدريب القضائي والتشريعي بهدف رفع كفاءة القضاة والمشرعين وتدريبهم لفهم الجوانب التقنية للذكاء الاصطناعي .
ومن التوصيات التعاون الإقليمي والدولي: الاستفادة من المبادرات الدولية، وتطوير اتفاقيات خليجية مشتركة لتنظيم الذكاء الاصطناعي.
واقترحت لمعالجة الأخطاء المتوقعة للذكاء الاصطناعي وضع تعريف قانوني موحد للذكاء الاصطناعي وتصنيف الأنظمة حسب خطورتها، ومن الضروري أن يبدأ أي تشريع بتحديد ماهية الذكاء الاصطناعي، وأنواعه، ومدى استقلاليته، وذلك بهدف تحديد نطاق تطبيق القانون بوضوح.
كما يجب على القانون أن يصنّف الأنظمة الذكية وفقًا لمستوى الخطورة (منخفض – متوسط – مرتفع)، بحيث تفرض ضوابط أكثر صرامة على التطبيقات عالية الخطورة، والأهم ضبط المسؤولية عند وقوع أخطاء في الذكاء الاصطناعي، ويجب أن يوضح القانون بشكل بسيط ودقيق من هو المسؤول قانونيًا عند حدوث خطأ في أنظمة الذكاء الاصطناعي، ؟ .
كما يمكن فرض آلية تأمين إلزامية على الشركات المطورة أو المشغلة للأنظمة الذكية، لضمان تعويض المتضررين من أخطاء الذكاء الاصطناعي، على غرار تأمين السيارات، ويجب مواءمة قانون الذكاء الاصطناعي مع قانون حماية البيانات الشخصية، بحيث لا تستخدم الأنظمة الذكية البيانات بشكل ينتهك الخصوصية أو يؤدي إلى التمييز غير المشروع.
وقالت: لتنفيذ إطار قانوني فعال للذكاء الاصطناعي، يُقترح تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء قانونيين وتقنيين وممثلين عن القطاعين العام والخاص لصياغة التشريع المناسب، كما يمكن إنشاء «صندوق للمخاطر التكنولوجية» لتعويض المتضررين، خصوصًا في الحالات التي يصعب فيها تحديد المسؤول، ويُستحسن تحديث المناهج القانونية في الجامعات، وتنظيم برامج تدريبية للقضاة والمحامين لتعزيز فهمهم للتقنيات الحديثة.
الشرق القطرية
إنضم لقناة النيلين على واتساب