سودانايل:
2025-06-02@02:37:28 GMT

قرناص: عار الدولة ولذّة الطاعة

تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT

د. الوليد آدم مادبو

إهداء:
إلى كل امرأة سُلب صوتها باسم التقاليد،
وسُلب جسدها باسم الدولة،
ثم قيل لها: هذا هو “القدر”…
هذا النص لكِ،
لنكسر الصمت،
ونمنح اللغة أنيابًا.

في سيرة سعادة السفيرة، لا شيء يُترك للصدفة. كل شيء محسوب، مُرَقَّم، وموقَّع عليه بأختام رسمية. هي امرأة، نعم، لكن الأصح أنها ملف مُصنّف تحت بند “الاستخدام المؤقت”.

تنقّلت بين زيجات لرجال من رتب عليا: سفير، ثم وكيل، ثم وزير. لا يُقال إنهم تزوّجوها، بل تداولوا عليها كما تُتداول الملفات في مكاتب السيادة. ما حدث لها لم يكن حبًا، ولا حتى رغبة خالصة، بل إجراء إداري يتم بمرسوم داخلي لا يُنشر في الجريدة الرسمية.

*هي ليست “قرناص” الاسم، بل “قرناص” الوظيفة.* جسدها ليس جسدًا فرديًا، بل مسرحًا لعرض طويل عن هيمنة الدولة على أكثر مناطق الحياة خصوصية: الحب، الشوق، الرغبة. زيجاتها ليست قصصًا رومانسية، بل محطات في مسيرة رجل الدولة، حيث يُكافأ بالأنثى كما يُكافأ بالسيارة الحكومية. المرأة هنا ليست شريكة بل “امتياز”.

الزواج في هذا السياق ليس عهدًا، بل مكرمة. والطلاق ليس فشلًا، بل نقل إلى موقع أعلى.

كل علاقة بقرناص كانت بمثابة “توسيم”، تُمنح لمن أثبت طاعته للدولة وأجهزتها. قرناص، بهذا المعنى، ليست امرأة تُحب وتُغدر وتُنسى. بل مرآة ترى الدولة فيها نفسها، وترى فيها فسادها في أجلى صوره. جسدها يُخبرنا بما لا تكتبه الصحف: أن الحب في دولة كيزانية خاضع للرقابة، وأن الرغبة لا تُمارس إلا ضمن المسموح به سياسيًا.

*فلماذا لا يغار الرجال؟ لأنهم ليسوا عشّاقًا، بل وكلاء.* يغار العاشق حين يشعر أن محبوبته تُهدّد فردانيته، أما الوكيل فلا يغار لأنه لا يملك شيئًا. كل منهم يسلّم المرأة كما يُسلّم عهدة حكومية. لا يَسأل عن مشاعرها، بل عن “الجهة التالية التي ستتسلّمها”. ولذلك تصبح قرناص ضحية دون أن يُسعفها أحد، لأن لا أحد يراها كامرأة، بل كأداة في آلة طاعة كبرى.

ما بين أنوثتها وسلطتهم مسافة تُقاس بالرتب. كلما ارتفع منصب الرجل، ازداد تعامله مع جسدها كأرض يجب “إدارتها”، لا مشاركتها. كل لمسة تُشبه إصدار قرار. كل قبلة تُشبه توقيعًا بالأزرق الداكن. الجسد ليس منطقة حرة، بل وزارة قائمة بذاتها، لها موظفون وسجلات وتواريخ استلام وتسليم.

وهنا، في هذا التواطؤ الجماعي، تلعب الدولة لعبتها القذرة. تُفرغ الجسد من لذته، ثم تُعيد تعبئته بلذة الطاعة. قرناص لا تتأوّه من الحب، بل من اختناق. كل شهوة تُترجم كأمر عمليات، وكل نشوة تُسجَّل كنجاح إداري.

لماذا تهتم الدولة بجسد امرأة؟ لأنها تعرف أن السيطرة الكاملة لا تكتمل إلا حين تُخضع كل شيء — بما في ذلك الرغبة. الجسد الأنثوي ليس مجرد كائن بيولوجي، بل خريطة للسيطرة. فإذا امتلكتَ جسد المرأة، فقد امتلكت المجتمع من الداخل، من أضعف حلقاته وأكثرها حساسية.

في سيرة قرناص تتجلّى دولة لا تكتفي بمراقبة السوق والجامعات والمساجد، بل تدخل السرير، وتُعيد ترتيب الأجساد بما يتناسب مع تراتبيتها. كل من يلمسها، يعتقد أنه “ارتقى”، وكل من يفارقها، يشعر أنه “أُعفي”. هي وحدها تدفع الثمن، لكنها لا تُبدي ألماً، بل صمتًا مُهذبًا كصمت المكاتب الحكومية.

وهنا، يبرز سؤال جوهري: هل قرناص ضحية؟ أم أنها، بوعي أو بدونه، اختارت أن تلعب الدور المطلوب منها في مسرحية الطاعة؟ الجواب معقّد. فهي ليست امرأة ساذجة، ولا آلة صمّاء. بل هي انعكاس عميق لمنظومة تعيد تعريف المرأة ضمن شروط الذكورة السلطوية: امرأة تُعطى لا لأنها مرغوبة، بل لأنها تُصلح أن تكون “وسيلة ترفيع”.

نساء كثيرات من تلك الشاكلة. لسن أسماء، بل رموز. يملأن الشقق الرسمية، يُشاركن في الولائم، يضحكن أمام الكاميرات، ويَبكين في الحمامات. يُلبسن الحجاب كأنه تصريح مرور، ويَسكتن كأن في أفواههن “تعميم سري”. لسن نساءً عاديات، بل شهودًا صامتين على عصر اختلط فيه العار بالعرف، والطاعة بالحب، والدولة بالجسد.

والدولة، في النهاية، لا تعاقب على الفساد فقط، بل تُعاقب على الحب أيضًا. من يحبّ خارج نظامها، يُعاقب كمن سرق من ماليتها. فالرغبة الحرة، في عرف الكيزان، شكل من أشكال التمرّد.

*ختاماً*، في بلادٍ تتواطأ فيها السلطة واللغة على إخضاع المرأة، تصبح “زيجات قرناص” أخطر من المعارك، وأبلغ من المراسيم. فهي تسرد، بلا صوت، قصة وطنٍ يُدار من تحت الطاولة، حيث لا قانون إلا الهوى السلطوي، ولا أنوثة إلا بمقدار ما تُرضي “الأجهزة”. لكن التاريخ لا يُكتب بالأوامر، بل بالجرح المفتوح. وقرناص — بكل ما تحمله من صمت ودمع ودهشة — هي بداية هذا الجرح.

‏May 2, 2025

auwaab@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

«كلام فارغ».. أحدث أغاني أصالة مع تامر عاشور

تستعد الفنانة أصالة لطرح أحدث أغانيها والذي تحمل اسم «كلام فارغ». 

تفاصيل اغنيه «كلام فارغ»

وتتعاون أصالة في اغنيه «كلام فارغ» مع النجم تامر عاشور من حيث الألحان، ومع الشاعرة منة عدلي القيعي والموزع فهد الشلبي.

أحدث حفلات أصالة 

ومن جهة أخرى، تحيى أصالة حفلًا غنائيًا، في الكويت يوم 7 يونيو الجارى، حيث تقدم أصالة لجمهورها باقة متنوعة من أغانيها القديمة والحديثة التى يتفاعل معها الجمهور.

اخر اغاني أصالة 

وكان اخر اغاني أصالة هي اغنيه تحمل اسم «بعض الأحيان»، وأطلقتها مؤخرًا على موقع «يوتيوب»، وهى من كلمات الأمير فيصل بن تركي بن ناصر، وألحان أحمد الهرمي، وتوزيع زيد نديم، وميكس وماستر جاسم محمد، وايضا اغنيه «جنة الحب» عبر يوتيوب وبعض المنصات الإلكترونية الغنائية، الأيام الماضية وهي من كلمات د.ذياب بن غانم المزروعي، ألحان فايز السعيد، توزيع الموسيقى نور هاشم.

كلمات اغنيه «جنة الحب»

قال الفراق، قال الفراق وقلت لا تطري الموت

ما ودي أسمع غير كلمة حياتي

وصلك حياة وقطعة الوصل تابوت

ولحظة فراقك نفس لحظة مماتي

ولحظة فراقك نفس لحظة مماتي

قال الفراق وقلت لا تطري الموت

ما ودي أسمع غير كلمة حياتي

وصلك حياة وقطعة الوصل تابوت

ولحظة فراقك نفس لحظة مماتي

تعال نبني جنة الحب بسكوت

واسكنك ما بين ذاتي وذاتي

(تعال نبني جنة الحب بسكوت (تعال

واسكنك ما بين ذاتي وذاتي

طول العمر خليك معي صورة وصوت

لا تطري الفرقه وتفرح عداتي

همسك حكاية سحر من وحي هاروت

صب الحديث بمسمعي يا غناتي

خل الزهر في مبسمك ينثر التوت

عذب الحكي واصوغ منه أغنياتي

يا اللي جمالك بالتفاصيل منعوت

حققت لي بالعمر كل أمنياتي

 

مقالات مشابهة

  • هل تتسبب مصروفات حضانة طفلة بانفصال زوج وزوجته بالقاهرة الجديدة؟
  • تبت إلى الله.. شاهد أحمد سعد رفقة شيوخ الأزهر داخل المسجد النبوي
  • البابا تواضروس لـ الأنبا إغناطيوس: أمامك عمل كبير عنوانه الطاعة والاتضاع
  • «كلام فارغ».. أحدث أغاني أصالة مع تامر عاشور
  • تواصل 2025: حين تحدّث ولي العهد، الدولة الحديثة ليست بنايات وشوارع، بل عقل ونهج
  • تمكين المرأة في الصفوف الأولى.. الأكاديمية الوطنية تفتح آفاقا جديدة للقيادات النسائية
  • أقوى امرأة في التاريخ الحديث
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 31 مايو 2025.. تُتاح لك فرصة عمل
  • «لاحقها بشوارع المطرية».. قرار جديد للنيابة ضد متهم بالتحرش بفتاة
  • زوج يشكو بدعوى نشوز: زوجتى موظفة وعايزه مصروف ضعف راتبها