دور الطباعة الثلاثية الأبعاد في مستقبل الخليج وإعادة الإعمار
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
بدأت الأبحاث المرتبطة بالطباعة الثلاثية الأبعاد (3D printing) أوائل ثمانينيات القرن العشرين، لكن أول طابعة تجارية ثلاثية الأبعاد أطلقت عام 1986 وفق تصميم تشاك هال المهندس ورجل الأعمال الأميركي الذي يعتبر أبا الطابعات الثلاثية الأبعاد.
وفي عام 2014، تصدرت شركة "وينسن (Winsun) "الصينية الأخبار لطباعتها 10 منازل من طابق واحد في 24 ساعة باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد، وهو إنجاز غير مسبوق آنذاك في عالم البناء.
جاءت تكلفة كل منزل حينئذ أقل من 5 آلاف دولار، وذلك ما جعل هذه التقنية واعدة كحل لمشكلة السكن المنخفض التكاليف، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، أو التي تعاني من الكوارث. وفي السنوات التالية، واصلت وينسن تطوير تقنياتها، إذ كشفت لاحقا عن أول فيلا مطبوعة، وأول مبنى مكوّن من 5 طوابق مطبوع بالكامل، لتثبت أن الطباعة الثلاثية الأبعاد يمكن أن تكون بديلا فعّالا للبناء التقليدي من حيث السرعة، والتكلفة، وتقليل النفايات.
إعلانومع بداية هذا العام شارف أكبر مشروع مطبوع في العالم حتى الآن على الاكتمال، وهو "وولف رانش (Wolf Ranch)" في جورج تاون بتكساس في الولايات المتحدة. ويتألف هذا المشروع من حي سكني كامل مكون من 100 منزل.
افتتحت دبي في مايو/أيار عام 2016 أول مكتب أنشئ باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم تمت طباعة منشآت أخرى عدة.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2016، أعلنت دبي أن 25% من مبانيها ستطبع باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030، لكن من غير الواضح إذا كانت دبي قادرة على إنجاز هذا الهدف الطموح بحلول العام المذكور.
وفي إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الهادفة إلى تطوير قطاع الإسكان وبناء 1.5 مليون منزل خلال العقد القادم، اشترت شركة النخبة السعودية للمقاولات العامة والاستثمارات العقارية في عام 2019 واحدة من أكبر الطابعات الثلاثية الأبعاد في العالم وهي الطابعة" بود 2 الدانماركية (BOD2)". يمكن لهذه الطابعة طباعة مبانٍ مكونة من 3 طوابق، بمساحة تزيد على 300 متر مربع لكل طابق، في عملية طباعة واحدة. ويراوح ثمن هذه الطابعة من نصف مليون إلى مليون دولار.
ففي 6 مارس/آذار 2024 افتتحت المملكة العربية السعودية أول مسجد في العالم بني باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد. يقع هذا الجامع في مشروع الجوهرة بمحافظة جدة على مساحة تقدر بنحو 5600 متر مربع، واستغرق إنجازه 6 أشهر باستخدام 4 طابعات من إنتاج شركة "جوانلي" (Guanli) الصينية المتخصصة في تصنيع الطابعات الثلاثية الأبعاد.
بدأت باقي بلدان الخليج باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد في مشاريعها العمرانية، فمثلا وقعت شركة "أورباكون القطرية" في سبتمبر/أيلول 2024 عقدًا مع شركة "كوبود الدانماركية (COBOD)" لاستيراد أكبر طابعات الجيل الثالث الثلاثية الأبعاد في العالم والتي ستستخدم لبناء مدارس نموذجية في دولة قطر.
إعلان دور الطباعة الثلاثية الأبعاد في إعادة الإعمار بعد الكوارثتكمن أهمية الطباعة الثلاثية الأبعاد في قدرتها على المساهمة السريعة في إعادة بناء المناطق المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية. ففي أوكرانيا، على سبيل المثال، استخدمت الطباعة الثلاثية الأبعاد لبناء منازل بديلة للعائلات التي فقدت مساكنها جراء القصف، بتكلفة منخفضة وفي وقت قياسي. وبدأت بعض منظمات الإغاثة، والجهات التقنية بتجربة حلول بناء باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد، لرفع مستوى الاستجابة الإنسانية للكوارث.
واجهت أوكرانيا تحدياتٍ جسيمة نتيجة للغزو الروسي الشامل الذي أدى إلى تدمير أو إتلاف أكثر من ألفي مدرسة، منها 277 مدرسة هُدمت بالكامل، وفقا لتقارير وزارة التعليم والعلوم الأوكرانية. وفي ظل هذه الأزمة، تسعى أوكرانيا للاستجابة السريعة للنقص الحاد في البنية التحتية التعليمية بالبلاد عن طريق استخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد.
تقول منظمة "فيلد ريدي الإنسانية (Field Ready): "بعد الكارثة، يكون الوقت هو كل شيء. تُتيح لنا الطباعة الثلاثية الأبعاد السرعة، والكفاءة، والقدرة على إعادة البناء حيث تشتد الحاجة إليها".
الزمن: يتطلب البناء التقليدي بضعة شهور وربما سنوات لإنجازه، في حين لا يتطلب البناء بالطابعات الثلاثية الأبعاد سوى بضعة أيام أو أسابيع لإنجاز الهيكل.
التكلفة: تكلفة البناء المطبوع باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد أقل بنسبة 20 إلى 40% من تكلفة البناء التقليدي.
عدد العمال: يتطلب البناء التقليدي عددًا كبيرًا من العمال، أما البناء المطبوع باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد فلا يتطلب سوى فريق صغير من العمال وآلة واحدة.
الأثر البيئي: الهدر والنفايات التي يسببها البناء التقليدي أكبر بكثير من البناء المطبوع باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد.
إعلان الطباعة الرباعية الأبعاد (4D Printing)هي شكل متقدم من الطباعة الثلاثية الأبعاد، يستخدم مواد ذكية يتغير شكلها أو خصائصها تلقائيا مع الوقت عند تعرضها لمحفزات خارجية مثل الحرارة، أو الضوء، أو الرطوبة، وذلك يعني أن هذه الأشياء يمكنها التكيف أو التحول بعد عملية الطباعة الأولية.
ويتوقع تطبيق هذه التقنية في مجالات عديدة كالصناعة والطب والروبوتات والهندسة والبناء، إذ توفر إمكانية إنشاء هياكل ديناميكية يمكنها التفاعل مع بيئتها، ففي مجال الهياكل المعمارية يمكن استخدام الطباعة الرباعية الأبعاد لإنشاء مواد بناء تتكيف مع تغيرات الطقس، مثل النوافذ التي تنفتح تلقائيا، لزيادة التهوية عند ارتفاع درجات الحرارة.
الطباعة على سطح القمر-مشروع أوليمبوسفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، منحت وكالة ناسا عقدًا بقيمة 57.2 مليون دولار لشركة "أيكن" (ICON) الأميركية لتطوير مشروع باسم أوليمبوس يهدف إلى إنشاء بنية تحتية على سطح القمر باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد. يتضن المشروع منصات هبوط وطرقا ومساكن، باستخدام مواد متوفرة محليا على القمر، مما يسهم في تحقيق أهداف برنامج أرتميس التابع لناسا لإقامة وجود بشري دائم على القمر.
لم تعد الطباعة الثلاثية الأبعاد مجرد تقنية تجريبية، بل أصبحت أداة حقيقية للتصميم، والإنتاج، والإسكان. ومع تطور استخدامها في مجالات مثل البناء والطب والصناعة والفضاء، فإن هذه التقنية تُمهّد لعصر جديد من الابتكار المستدام يصبح فيه بناء المنازل وإعادة الإعمار وحتى الاستيطان خارج كوكب الأرض أمرًا ممكنًا وسريعًا وبتكلفة أقل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البناء التقلیدی فی العالم
إقرأ أيضاً:
تحرك عسكري ضد نتنياهو .. حرب بلا جدوى(يجب أن ينتهي الأمر الآن)
#سواليف
تظاهر نحو 150 مسؤولا أمنيا إسرائيليا كبيرا سابقا، يوم الخميس، أمام مبنى وزارة الداخلية في #تل_أبيب مطالبين بإنهاء #الحرب الدائرة منذ قرابة عامين والتوصل إلى #اتفاق بشأن #المختطفين.
وقال اللواء احتياط نوعام تيفون القائد السابق للفيلق الشمالي في كلمة: “من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، يجب أن نبادر بإنهاء الحرب في #غزة وإعادة جميع المختطفين دفعة واحدة”.
وأضاف: “على الجيش الإسرائيلي الاستعداد على طول الحدود، والاستعداد للدفاع عن المستوطنات المحيطة بها، والبدء في عملية إعادة تأهيل وإعادة بناء”.
مقالات ذات صلةوأكد نوعام تيفون أن هذه الإجراءات وحدها كفيلة بوقف النزيف في المجتمع الإسرائيلي والتدهور الحاد في وضع إسرائيل في ظل الوضع الصعب في غزة.
كما خاطب تيبون المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ودعاه إلى تقديم اقتراح شامل لإنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن إلى ديارهم.
وشدد على أن هذه هي الخطوة الأخلاقية الوحيدة وهي أيضا الإجراء الأهم لأمن إسرائيل.
وأشار إلى أن “الحرب التي بدأت كأكثر الحروب عدالة بعد 7 أكتوبر، تحولت إلى حرب سياسية في الأشهر الأخيرة”.
حرب بلا جدوى
من جهته، صرح أوري ساغي، اللواء احتياط والرئيس السابق لجهاز المخابرات، “لقد أدى غضب كارثة السابع من أكتوبر إلى حرب عادلة، لكنها الآن بلا جدوى ولا فحوى”.
وأضاف: “أنادي هنا والآن: كفى! أوقفوا الحرب.. لا يمكن بناء إسرائيل على قوتها العسكرية فحسب بل هي تعتمد أيضا على الشرعية الدولية والترتيبات السياسية”.
وتابع قائلا: “إذا لم نعد إلى رشدنا، فنحن على حافة اللاعودة”.
ضرر من كل النواحي
كما ألقت أورنا باربيباي وهي أيضا لواء احتياط ورئيسة سابقة لقسم الموارد البشرية، كلمة دعت فيها إلى إنهاء الحرب.
وقالت باربيباي: “بصفتي الرئيسة السابقة لقسم الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي، وكأمّ، أتيت لأسمع صوت جنودنا وصوت آلاف الجرحى في أجسادهم وأرواحهم، وصوت عائلات المخطوفين وعائلات الجنود الذين يعيشون كابوسا طويلا.. وأيضا صوت العائلات المفجوعة التي تطالب بأن يكون الثمن الباهظ الذي دفعوه هو الأخير”.
وشددت في كلمتها على أن الحرب أصبحت تلحق الضرر بالمختطفين والمقاتلين وكل إسرائيلي ويهودي في البلاد وحول العالم.
يجب أن تعرف متى تبدأ الحروب ومتى تنهيها
أما اللواء المتقاعد عاموس يارون المدير العام السابق لوزارة الدفاع فقال: “خضت خمس حروب، وكنت المدير العام لوزارة الدفاع في اثنتين أخريين، لكنني اليوم جندي في الجيش لأعيد لإسرائيل رشدها.. يجب أن تعرف متى تبدأ الحروب، ومتى تنهيها أيضا”.
والتفت إلى رئيس الوزراء قائلا: “سيد نتنياهو لقد فشلت في هذا.. لقد مر أكثر من عام منذ أن وعدت بـ”النصر الشامل”، لا “خطوة” ولا “نصر”، وهو بالتأكيد ليس “كاملا”.. الصواب هو وقف الحرب وإعادة المخطوفين، وإعادة تأهيل الجيش، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية”
حفلة تنكرية يجب أن تنتهي
وفي المقابل، زعم اللواء احتياط دان هاريل القائد السابق للقيادة الجنوبية والمدير العام لوزارة الدفاع، أن الجيش هزم حماس عسكريا وألحق الضرر بشبكات القيادة، ودمر الصناعة العسكرية لديها، ورغم ذلك تواصل حكومة تل أبيب جر إسرائيل إلى حرب عبثية.
وصرح بأنه وبعد 22 شهرا من القتال ومع استنزاف جنود الاحتياط وبقاء المخطوفين في الأنفاق، لا يوجد أمل.
وذكر في كلمته أن الوقت حان لإعادة جميع المخطوفين واتخاذ كل خطوة يتطلبها أمن إسرائيل، مشيرا إلى “أن هذه المهزلة يجب أن تنتهي الآن”.