أكد السفير مهند العكلوك، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، أن القمة العربية الاعتيادية المرتقبة في بغداد تحظى بترقب واسع من الشعوب العربية، مطالبًا بتحويل قرارات الجامعة إلى إجراءات عملية وملزمة، بدلًا من بقائها حبراً على ورق.

وفي لقاء  مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامج "كلمة أخيرة" على قناة ON، انتقد العكلوك عدم تنفيذ القرارات الهامة التي إتخذت في قمم سابقة، قائلاً: "في إطار الجامعة العربية، لدينا قرارات مهمة ومحكمة الصياغة، ولكن التحدي الحقيقي هو غياب التنفيذ، وهذا ما أقوله دوماً لزملائي مندوبي الدول: نحن لا نفتقر إلى القرارات، بل إلى تنفيذها".

وأضاف: "لدينا على سبيل المثال قرار صادر عن قمة البحرين الأخيرة، تضمن إدراج 60 منظمة إسرائيلية إرهابية ضمن القوائم الوطنية العربية، إضافة إلى مقاطعة 97 شركة دولية تتعامل مع منظومة الاحتلال، ونشر 'قائمة عار' تشمل 22 شخصية إسرائيلية، في مقدمتهم بنيامين نتنياهو وجميع وزرائه، على خلفية تحريضهم على جريمة الإبادة الجماعية".

كما أشار إلى قرارات واضحة تدعو للانضمام إلى المسار القانوني لمساءلة الاحتلال على جرائمه بموجب القانون الدولي، قائلاً: "كل هذه الخطوات مهمة على الورق، ولكنها تظل غير مفعّلة، ما ينعكس سلباً على مصداقية الجامعة العربية ومنظومة العمل العربي المشترك".

واعتبر العكلوك أن العالم العربي يكثر من تقديم المبادرات دون أدوات ضغط: "نقدّم 'الجزرة' دون 'العصا'... منذ 23 سنة ومبادرة السلام العربية موجودة، لكنها حبيسة الأدراج، ولم تتجاوز حدود الخطابات".

ودعا العكلوك الدول العربية إلى تفعيل دورها القانوني تجاه ما يجري في غزة، قائلاً:"نحن اليوم أمام جريمة إبادة جماعية تُعرض أمام محكمة العدل الدولية، وننتظر من 15 دولة عربية موقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها أن تتحرك بفعالية وتنضم إلى المسار القضائي، لتسريع وتيرة محاسبة الاحتلال".

وفي ختام حديثه، شدد السفير مهند العكلوك، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، على أن التحدي الأهم الذي تواجهه الجامعة ليس في إصدار القرارات، بل في تسليحها بالتنفيذ والتأثير الحقيقي، قائلاً: "نريد أن نُسلّح قرارات الجامعة بالفعل المؤثر، لا أن تبقى حبيسة الشعارات والتنديدات. إسرائيل، ومن خلفها واشنطن، لم يعودا يعيران اهتماماً لبيانات الشجب أو المطالبات، فالعالم اليوم لا يسمع إلا لغة المصالح والإجراءات الملموسة".

وأضاف: “ننتظر زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى دول الخليج، ونرى فيها فرصة لتوصيل رسالة عربية واضحة تستند إلى المصالح المتبادلة،  وتنفيذ قرارات الجامعة”.

طباعة شارك جامعة الدول جامعة الدول العربية اون

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جامعة الدول جامعة الدول العربية اون الدول العربیة جامعة الدول

إقرأ أيضاً:

الهويات الفرعية وحل الدولتين ومحنة الدولة العربية

بقلم : محسن عصفور الشمري ..

لا خيار امام قمة دولة جامعة الدول الناطقة بالعربية إلا الحديث بوضوح وبصراحة عن الداء الرئيسي الذي تعاني منه دول اعضاء في الجامعة من تغول الهويات الفرعية على حساب الدولة والسلطة المركزية.ان الهويات الفرعية فتحت الابواب على مصراعيها في تعطيل دساتير وقوانين عدد من الدول الأعضاء وكذلك جعلت الاجندات تدخل من ذات الابواب وبهذا غابت المواطنة والعدالة الاجتماعية وتعطلت التنمية وما يترتب عليها من زلازل نفسية واجتماعية وأمنية في منطقة استراتيجية في العالم تملك دولها كل مقومات الالتحاق بالمجتمع الدولي والتكامل معه امنيا واقتصاديا واجتماعيا.

حيث شهدت العقود الأخيرة تصاعدًا خطيرًا في تأثير الهويات الفرعية داخل المجتمعات العربية، وهو تصاعد لم يكن مجرد تعبير عن تنوع مشروع، بل أضحى مدخلًا للانقسام والاحتراب والتفكك. لقد شكّلت هذه الهويات، حين فُصلت عن سياقاتها الوطنية الجامعة، وقودًا لصراعات مدمرة أغرقت دولًا بأكملها في الفوضى والانهيار.

إن المتأمل في مسارات دول مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال، يجد أن التنازع بين الولاءات الطائفية والمناطقية والإثنية قد تفوق في فاعليته التدميرية على أي تهديد خارجي مباشر. والنتيجة كانت انهيار الدولة، وضياع مفهوم المواطنة، وغياب العدالة الاجتماعية، وانتكاس قيم المشاركة والمساواة.

لم تقف هذه التحولات عند حدود الدول، بل امتدت لتصيب النظام العربي نفسه، الذي يُفترض أن جامعة الدول العربية كانت تمثّله في صيغته التنسيقية الحدّية. غير أن الجامعة فشلت في حماية الفضاء العربي من التفتت، إذ تم اختزالها في بيانات موسمية لا تعبّر عن عمق الأزمات، أو تتحرك لإنتاج حلول واقعية. هكذا غابت الرؤية المشتركة، وتعطلت الأهداف التي تأسست الجامعة لأجلها، وعلى رأسها تعزيز التكامل والدفاع عن قضايا الشعوب العربية في وجه التفكك والاستلاب.

وفي القلب من هذا المشهد، تبقى فلسطين الجرح المركزي، غير أن مقاربة هذا الجرح لا يمكن أن تُختزل في الشعارات أو التوظيف السياسي. إن إعلاء مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة، عبر حل الدولتين، يمثل ليس فقط حقًا للفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بل ضرورة استراتيجية لضبط إيقاع الصراع، ومنع تحول القضية إلى ورقة بيد الأجندات الإقليمية والدولية. فحين تتأسس الدولة، تنتفي الحاجة إلى الحروب بالوكالة، وتتقلص مساحات التدخل الخارجي، ويُعاد الاعتبار إلى الشعب الفلسطيني كفاعل رئيسي في تقرير مصيره.

إن استعادة المشروع العربي تتطلب إعادة تعريف الهوية العربية على أسس مدنية وشاملة، ترتكز إلى مفهوم الدولة العادلة، والمواطنة الجامعة، وتعيد الاعتبار للتكامل الإقليمي لا التقسيم المذهبي أو العرقي. فإما أن ننهض بهوية جامعة تعترف بالتنوع دون أن تُختطف به، أو نستسلم لدوامة التفكك والصراع المفتوح.

لقد آن الأوان لأن تعيد النخب الفكرية والسياسية العربية النظر في طبيعة العلاقة بين الهويات الفرعية والهوية الجامعة، لا من باب الإقصاء أو الإنكار، بل من باب الإدماج والتوازن. فالهويات الثقافية والمذهبية والإثنية ليست خطرًا في ذاتها، بل تتحول إلى خطر حين تُستخدم كوسائل للهيمنة أو الاحتكار أو التفكيك.

وهذا يضعنا أمام ضرورة التفكير في عقد اجتماعي عربي جديد، يقوم على الأسس التالية:

تعزيز الدولة المدنية التي تُحيد الطوائف والمذاهب من معادلة السلطة، وتضمن المساواة في الحقوق والواجبات. إصلاح النظام الإقليمي العربي ليقوم بدور فاعل في احتواء الأزمات، والدفع باتجاه حلول عادلة، لا مجرد إدارة مؤقتة للصراع. إعادة بناء خطاب المواطنة والانتماء على أسس عقلانية وإنسانية، تجعل من التنوع عنصر إثراء لا انقسام. تبني مشروع تنموي مشترك يعيد الثقة بالعمل العربي الجماعي، ويربط بين العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية. العمل الجاد من أجل حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يرتكز إلى الشرعية الدولية، ويضمن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، تنهي عقودًا من الاستغلال السياسي والإعلامي للقضية.

إن المنطقة العربية اليوم على مفترق طرق: إما أن تستعيد قدرتها على بناء دولة المواطنة والمؤسسات، أو أن تظل أسيرة لصراعات الهويات، بما فيها من مآسٍ لا تنتهي. والمسؤولية هنا جماعية: تقع على عاتق المثقفين، والمفكرين، وصنّاع القرار، والنشطاء، وكل من يؤمن بأن العرب يستحقون مستقبلًا مختلفًا.

محسن الشمري

مقالات مشابهة

  • جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لتأهيل خريجيها لمواجهة تحديات الحياة الأسرية
  • جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لتأهيل خريج الجامعة
  • الامين العام المساعد للجامعة العربية: قرارات القمة لا تتأثر بمستوى التمثيل
  • نائب رئيس جامعة أسيوط الأهلية يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكليتي الهندسة والعلوم التطبيقيةوالعلوم المالية والإدارية بالجامعة
  • رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش المخطط العام لإنشاء نادي المرأة بالجامعة
  • بالوثيقة..الجامعة العربية تدعم ترشيح العراق لرئاسة الدورة 86 للجمعية العامة للأمم المتحدة
  • آلاف المغاربة يطالبون الدول العربية والإسلامية بإسناد فلسطين
  • الهويات الفرعية وحل الدولتين ومحنة الدولة العربية
  • الجامعة العربية تكشف عن اتفاق على قرارات بشأن السودان
  • عمرو أدهم ينتقد قرارات رابطة الأندية