حديقة نيروبي.. مغامرة سفاري فريدة في قلب العاصمة الكينية
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
على بوابة حديدية وسياج من الصلب، اصطفت عشرات سيارات السفاري بانتظار اكتمال إجراءات الدخول إلى حديقة نيروبي الوطنية، في مشهد يبدو أقرب إلى معبر بري نحو عالم بدائي، لكنه لا يبعد سوى دقائق معدودة عن وسط العاصمة الكينية.
نعم، إنها الحديقة الوحيدة في العالم التي يمكن فيها خوض مغامرة سفاري حقيقية داخل حدود عاصمة.
من موقعها الذي لا يبعد أكثر من 10 كيلومترات عن قلب نيروبي، تُقدم الحديقة مشهدًا فريدًا لا يمكن مشاهدته في أي مكان آخر؛ زرافة تتمايل بخفة أمام ناطحات السحاب، ووحيد قرن يعبر الطريق بينما تلمع خلفه أبراج العاصمة الزجاجية.
هذه المفارقة المذهلة هي ما يجعل من حديقة نيروبي ظاهرة بيئية وسياحية نادرة، حيث تلتقي الحياة البرية بكل جبروتها مع تخوم المدينة الحديثة.
وتضم الحديقة أكثر من 400 نوع من الطيور وأكثر من 100 نوع من الثدييات، بينها الأسود، والجاموس، والزرافات، والتماسيح، والغزلان، وواحد من آخر معاقل وحيد القرن الأسود المهدد بالانقراض.
إعلان الدخول بشروط صارمةلا يمكنك أن تدخل الحديقة ببساطة. فالدفع يتم مسبقًا عبر الإنترنت، مع وجوب إدخال بيانات دقيقة، لأن التحقق الأمني عند البوابة لا يترك مجالًا للخطأ.
التمييز في الأسعار واضح، فالمواطنون والمقيمون لا يدفعون أكثر من 2.5 دولار للدخول، بينما تبلغ تكلفة تذكرة السائح غير المقيم نحو 44.5 دولارًا.
يفتح الباب مع بزوغ الفجر في السادسة صباحًا، حين يكون النشاط الحيواني في أوجه. تستغل الحيوانات المفترسة والعاشبة على حد سواء برودة الصباح بحثًا عن الطعام والماء، قبل أن تختبئ من حرارة النهار في ظلال الأشجار أو الكهوف.
تجربة برية بأمن محسوبالهدف الأساسي من إدارة الحياة البرية الكينية هو إبقاء الحياة البرية على طبيعتها، لذلك يُمنع النزول من السيارات، ولا يُسمح بإطعام الحيوانات أو حتى محاولة جذبها بأي شكل، كما أن أقصى سرعة للسيارات داخل الحديقة لا تتجاوز 30 كيلومترًا في الساعة، حرصًا على سلامة الجميع.
ومع ذلك، توجد مناطق محددة يُسمح فيها بالمشي على الأقدام، مثل ضفاف نهر "فرس النهر" في الجزء الجنوبي من الحديقة. هنا، يمكن رؤية فرس النهر مستلقيًا بجوار تمساح، بينما تسبح سلحفاة بينهما في مشهد لا يمكن تصوره إلا في الوثائقيات.
لكن التجول مشيًا يستوجب مرافقة حارس مسلح، تحسبًا لأي طارئ، إذ لا تزال الحيوانات هنا في بيئتها البرية الخالصة.
وإذا صادف أن هاجمك أحد الحيوانات، فإن الحارس يطلق الرصاص في الهواء لإخافة الحيوان، ولا يقوم بالقنص إلا مضطرا كآخر حل إذا قدّر أن الحيوان مصر على مهاجمة الزوار.
سباق نحو ملك الغابةرغم وفرة الحيوانات، فإن ملك الغابة يسرق الأضواء. تُقدّر أعداد الأسود بنحو 50 فقط، مما يجعل رؤيتها فرصة نادرة تثير حماسة الزوار. أغلب سيارات السفاري مزوّدة بأجهزة لاسلكية، وتنتقل الإشارات بسرعة حين يُرصد أسد في مكان ما، فتبدأ السيارات في التزاحم، متجاوزة السرعة المسموحة أحيانًا، لأجل لحظة واحدة مع الأسد.
إعلانعند الوصول، تبدأ منافسة صامتة على أفضل زاوية تصوير. تتراصّ السيارات حول الأسد الذي يبدو أحيانًا متثائبًا أو متمددًا بنوع من اللامبالاة الملكية، كأنه يعرف أنه محور هذا الاحتفاء المصوّر.
المفارقة أن الزائر، رغم دفعه التذاكر، لا يمتلك أولوية الطريق داخل الحديقة.
عليك الانتظار، ومحاولة تجاوز الزرافة أو تجاوز وحيد القرن أو الجاموس قد تكلفك الكثير، لأن هذه الحيوانات لا تتردد في الركل أو النطح إن شعرت بالتهديد.
لص محترف بين السياحورغم السيطرة الواضحة على الحيوانات الكبيرة، فإن البابون يبقى سيد المفاجآت. أثناء توقفنا لتناول وجبة خفيفة في إحدى محطات الاستراحة التي يُفترض أن تكون آمنة، هجم قرد بابون على كيس طعامي في لحظة خاطفة لا تُنسى، خطفه بقوة ثم انطلق نحو الأدغال.
ضحك السياح والتقطوا الصور، كأنهم أمام عرض مسرحي نادر، بينما القرد يفتح علبة البسكويت ويقتسمها مع أنثاه، في مشهد ساخر عن العدالة القردية في توزيع الغنائم. ولحسن الحظ، استعدنا زجاجة الماء التي لم يعرف كيف يفتحها، واحتفظنا بصورة لا تُقدّر بثمن.
مغامرة سفاري داخل العاصمة
بعد 6 ساعات من التفاعل مع الطبيعة البرية، كانت رحلة العودة محملة بمزيج من الانطباعات المتباينة. فعلى الرغم من العناء الذي صاحبنا في البداية من أجل اللحاق بأفضل اللحظات لرؤية الأسود أو التقاط الصور لظواهر أخرى، فإن العودة كانت مزدحمة بالتفكير العميق في كيفية الاندماج بين المدينة والحياة البرية.
ومع مرور الساعات، قررنا الخروج من الحديقة في منتصف النهار. كانت الشمس قد بدأت في الارتفاع، مما جعلنا نلاحظ تغيرًا كبيرًا في سلوك الحيوانات. بدأ معظمها في البحث عن أماكن للراحة أو الحماية من الحرارة المرتفعة، في حين أن الطيور استمرت في نشاطها، إلا أن الحركة بشكل عام كانت قد خفّت بصورة ملحوظة.
كانت مشاهد العودة إلى بوابة الحديقة تحمل لنا شعورًا مميزًا، حيث تتراجع الحياة البرية وتختفي تدريجيا، كأنها تعود إلى عالمها الخفي.
إعلاناللحظات التي عشناها كانت مفعمة بالتأمل في التنوع البيئي والتحديات التي تواجهها الحيوانات في بيئتها الطبيعية. تأملنا في التوازن الطبيعي الذي يتعين علينا جميعًا احترامه إذا أردنا الحفاظ على هذه النظم البيئية الحيوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحیاة البریة داخل الحدیقة
إقرأ أيضاً:
تكريم محافظ القاهرة بعد فوز العاصمة بجائزة التميز العربي
حصدت محافظة القاهرة جائزة التميز الحكومي العربي كأفضل محافظة على مستوى الدول العربية لعام 2024–2025، في إنجاز يعكس قوة القيادة وجهود الفريق التنفيذي، كما فاز مشروع مدينة الأسمرات بجائزة أفضل مبادرة تنمية مجتمع محلي، ليصبح نموذجًا حضاريًا يعكس التزام المحافظة بتوفير حياة كريمة للمواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية، بقيادة الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، وبمشاركة فاعلة من الدكتور حسام الدين فوزي، نائب المحافظ.
شهد اجتماع المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة تكريم الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، ومنحه شهادة التقدير، تقديرًا لدوره القيادي في إدارة منظومة العمل التنفيذي داخل المحافظة، وما تحقق على يديه من إنجازات ملموسة أثّرت بشكل مباشر في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في مختلف القطاعات الحيوية.
ويأتي هذا التكريم تتويجًا لحصول محافظة القاهرة على جائزة التميز الحكومي العربي كأفضل محافظة على مستوى الدول العربية لعام 2024–2025، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس حجم الجهد المبذول على مستوى التخطيط والتنفيذ والمتابعة، ويجسد نجاح نموذج الإدارة المعتمد داخل المحافظة، القائم على الحوكمة الرشيدة، والانضباط الإداري، ورفع كفاءة الجهاز التنفيذي، وتحقيق أعلى معدلات الجودة في تقديم الخدمات العامة.
ويعد هذا التتويج تتويجًا لسياسة تطوير شاملة شملت القطاعات الخدمية كافة، وفي مقدمتها مشروعات البنية التحتية، وتطوير الطرق، وتحسين منظومة النظافة، والارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية، فضلًا عن مشروعات التطوير العمراني، بما يعكس رؤية مؤسسية تستهدف تحسين جودة حياة المواطن باعتباره محور عملية التنمية.
كما جاء فوز مشروع مدينة الأسمرات بجائزة أفضل مبادرة تنمية مجتمع محلي على مستوى الوطن العربي ليؤكد نجاح الدولة المصرية في ملف تطوير المناطق غير الآمنة، وتحويل العشوائيات إلى مجتمعات عمرانية متكاملة، تضم وحدات سكنية حضارية، وخدمات تعليمية وصحية ورياضية واجتماعية، بما يضمن توفير حياة كريمة وآمنة للأسر التي جرى نقلها من المناطق الخطرة، ويكرس مفهوم العدالة الاجتماعية على أرض الواقع.
ويمثل مشروع الأسمرات نموذجًا رائدًا في التخطيط الحضري الحديث، حيث لم يقتصر على إنشاء وحدات سكنية بديلة، بل امتد ليشمل بناء مجتمع متكامل قائم على التنمية البشرية، وتقديم برامج اجتماعية وتنموية وثقافية، تهدف إلى دمج المواطنين في محيطهم الجديد وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي للأسر المستفيدة.
وانعقد اجتماع المجلس التنفيذي بحضور نواب المحافظ للمناطق الأربع، ومديري مديريات الخدمات، ورؤساء الأحياء، وعدد من قيادات المحافظة، حيث جرى استعراض جهود الأجهزة التنفيذية خلال المرحلة الماضية، ومناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية التي تمس حياة المواطنين بصورة مباشرة.
وشهد الاجتماع الإشادة بمستوى التنسيق بين الأجهزة التنفيذية المختلفة، والالتزام بخطط العمل الزمنية، وتكثيف المتابعة الميدانية، وربط الأداء بمعدلات الإنجاز الفعلية على الأرض، بما أسهم في تقليص الفجوة بين التخطيط والتنفيذ، ورفع كفاءة الأداء العام داخل منظومة المحافظة.
وفي نفس الإطار، جرى تكريم الدكتور حسام الدين فوزي، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، ضمن أبرز قيادات المحافظة، تقديرًا لدوره الفاعل في دعم منظومة العمل التنفيذي، وحرصه على المتابعة المستمرة والتدخل الفوري لحل أزمات المواطنين، فضلًا عن دوره في الدفع بملفات التطوير داخل أحياء المنطقة الشمالية، وتعزيز الانضباط الإداري، ورفع مستوى الأداء داخل الوحدات المحلية التابعة له.
كما تناول الاجتماع جهود محافظة القاهرة في مواجهة التحديات اليومية المتعلقة بالكثافة السكانية، والضغط على المرافق، وتراكم المشكلات المزمنة بعدد من المناطق، حيث جرى التأكيد على استمرار العمل بخطط التطوير المرحلية، والتوسع في مشروعات البنية التحتية، وإعادة الانضباط للشارع، ومواجهة مخالفات البناء والتعديات بكل حسم.
وأكدت مصادر مطلعة داخل منظومة التنمية المحلية استمرار العمل بروح الفريق الواحد، ومواصلة تنفيذ خطط التطوير وفق رؤية استراتيجية تستهدف تحقيق طفرة حقيقية في مستوى الخدمات، بما يليق بمكانة العاصمة المصرية، ويعكس صورة حضارية تليق بها أمام الداخل والخارج، ويعزز من موقعها الريادي عربيًا في مجالات الإدارة المحلية والتنمية الحضرية.
واختتم الاجتماع بالتشديد على استمرار المتابعة الدورية والتقييم المستمر للأداء، وربط التكريم بمعدلات الإنجاز الحقيقي على الأرض، بما يرسخ ثقافة المحاسبة والتطوير المستدام داخل الجهاز التنفيذي لمحافظة القاهرة.