تقرير:

شكلت الضربة الصاروخية اليمنية على مطار اللد  “بن غوريون” صدمة أمنية وعسكرية كبيرة، وزلزالاً اقتصادياً هزَّ الكيان الإسرائيلي، مُخلّفةً وراءها خسائر فورية وتوقعات قاتمة تُنذر بمستقبلٍ ضبابي. فبينما كانت صفارات الإنذار تدوي في يافا المحتلة  “تل أبيب”، كانت أسواق المال تهتزّ، وشركات الطيران تُهرع لإلغاء رحلاتها، مُعلنةً عن بداية فصلٍ جديد من التداعيات الاقتصادية .

بورصة “تل أبيب” في مهب الريح تنزف بنسبة 50%

موقع “Investing” الاقتصادي كان واضحاً في تشخيص الأثر الفوري للضربة، مؤكداً أن “الهجوم اليمني على مطار بن غوريون يضرب بورصة “تل أبيب”، و50% من القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية تتكبد خسائر فورية”. واستند الموقع إلى بياناتٍ تُظهر أن “6 قطاعات إسرائيلية تسجل خسائر مباشرة في القيمة السوقية في بورصة تل أبيب متأثرة باستهداف مطار “بن غوريون “.
القطاعات المتضررة شملت شرايين الاقتصاد الإسرائيلي، حيث أكد الموقع تضرر “قطاعات البنوك والنفط والغاز والتمويل والعقارات والاستثمار والبناء والتشييد في أعقاب الهجوم اليمني”. هذا الانهيار في قيمة الأسهم يُشير إلى فقدان الثقة المفاجئ لدى المستثمرين، الذين باتوا ينظرون إلى “إسرائيل” كبيئة اقتصادية أقل أماناً واستقراراً.

إلغاء 80 رحلة جوية وتوقف 40% من شركات الطيران

القطاع الأكثر تضرراً بشكل مباشر كان قطاع الطيران، حيث تحوّلت سماء فلسطين المحتلة إلى ساحة قلقٍ وريبة. القناة 12 العبرية كشفت عن إلغاء شركة “إير أوروبا” لجميع رحلاتها المقررة من مدريد إلى “تل أبيب”. مواقع مراقبة حركة الملاحة الجوية أكدت أن “شركات الطيران البولندية واليونانية والإيرلندية والبلجيكية ألغت رحلاتها المقررة إلى مطار اللد “بن غوريون”، وأن أكثر من 40 % من شركات الطيران العاملة نحو المطار علقت رحلاتها”.
الأرقام كانت صادمة، حيث تم التأكيد على “إلغاء ما يقارب 80 رحلة جوية إلى مطار اللد ” بن غوريون” خلال الـ 24 ساعة القادمة”. هذا الشلل في الحركة الجوية لا يؤثر فقط على المسافرين، بل يمتد ليشمل حركة الأعمال والتجارة التي تعتمد بشكل كبير على النقل الجوي السريع.

صحيفة “معاريف” الصهيونية كانت متشائمة بشأن سرعة تعافي قطاع الطيران، حيث أشارت إلى أن “إلغاء الرحلات الجوية على نطاق واسع سيتطلب لاحقا كثيرا من الوقت والجهد لإعادة شركات الطيران”، مؤكدة بالقول “تجاربنا السابقة تؤكد أن شركات الطيران حذرة للغاية في قرارها بالعودة”. الصحيفة تساءلت بجدية عن “أعداد الرحلات خلال الساعات القادمة بعد إعلان توقف شركات الطيران الرائدة”.
موقع “ذا ماركر” الصهيوني كان أكثر حدة في تحذيره، مؤكداً أنه “بعد إصابة الصاروخ لمطار بن غوريون ستكون الساعات الـ24 المقبلة حاسمة لقطاع الطيران في إسرائيل”، ومشدداً على أنه “إذا تلقت المزيد من شركات الطيران تعليمات بإلغاء رحلاتها فسنكون في ورطة”.

“معاريف” كشفت عن حجم الخسارة المحتملة في حركة المسافرين، مشيرة إلى أنه “كان من المقرر مغادرة نحو 34,700 مسافر  إسرائيل، ووصول 31,500 آخرين اليوم. الأرقام باتت موضع شك بعد التصعيد اليمني الأخير”. مدير عام وزارة النقل الصهيوني صرّح لصحيفة “غلوبس” بأن “17 شركة من أصل 32 شركة أجنبية ألغت رحلاتها، وليس لدينا إلا 3 شركات محلية”، وهو ما يُظهر مدى الاعتماد على الشركات الأجنبية في هذا القطاع.
خبراء في الشؤون الإسرائيلية، مثل عماد أبو عواد، قدّروا عدد المسافرين عبر مطار اللد بـ “60 إلى 70 ألف مسافر يوميا”، مؤكدين أن إغلاق المطار سيسبب “أضرارا اقتصادية فورية لإسرائيل، فضلا عن تأثيره المباشر على قطاع السياحة”. أبو عواد أضاف أن هذا الإغلاق سيؤدي إلى “تراجع كبير في ثقة السياح والمستثمرين”، معتبراً أن تأثير هذه الخطوة سيكون “واسعاً على مختلف المستويات”.

الخبراء أشاروا إلى أن “إسرائيل” بدأت غلق أجزاء من المطار بسبب تراجع الإقبال على السفر إلى الأراضي المحتلة وهو ما يعكس بالفعل حجم التأثير السلبي المتزايد جراء الضربات اليمنية والحرب على غزة. وصول الصاروخ إلى هدفه داخل المطار يُعد “دليلا على ضعف ثقة الصهاينة بمؤسستهم  الأمنية، وفشل منظومة حيتس الدفاعية في التصدي للهجوم، وفقدان الإحساس بالأمن، ويدفع نحو مزيد من التراجع في قطاعي السياحة والاستثمار”.
التحذيرات كانت صريحة، حيث بيّن الخبراء أن “الأثر الاقتصادي سيزداد إن تكرر هذا النوع من الهجمات، خاصة مع إعلان شركات طيران كبرى إلغاء رحلاتها إلى إسرائيل”. الرئيس التنفيذي لشركة “أوفاكيم” الصهيونية عبّر عن قلقه قائلاً: “لا يزال من الصعب تحديد استمرار نشاط الشركات في إسرائيل، التي تراقب الوضع عن كثب”.

يونايتد إيرلاينز تنضم لقائمة المغادرين

وكالة رويترز نقلت عن “يونايتد إيرلاينز” الأمريكية إعلانها “إلغاء رحلاتها من مطار نيويورك إلى “تل أبيب” بعد سقوط صاروخ أطلقه اليمنيون قرب مطار بن غوريون”، ما يُضيف اسماً كبيراً آخر إلى قائمة الشركات العازفة عن التحليق في أجواء فلسطين المحتلة .

وذكر إعلام العدو أن مجموعة “لوفتهانزا” بأكملها ألغت رحلاتها إلى “إسرائيل” بحلول الأحد المقبل، كما علقت شركة “Wizz Air” رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى صباح الخميس، أما الخطوط الجوية الفرنسية فألغت رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى الـ 13 من الشهر الحالي وهذا الإلغاء الأطول في الموجة الحالية.

باختصار، الضربة اليمنية لم تكن مجرد حدث أمني عابر، بل كانت ضربة موجعة للاقتصاد الإسرائيلي، حيث تسببت في خسائر فورية في البورصة، وشلّت حركة الطيران، وهدّدت قطاع السياحة الحيوي. التحذيرات من خبراء الاقتصاد وقطاع الطيران كانت واضحة: استمرار هذه الهجمات سيُعمّق الجراح الاقتصادية، ويُزيد من عزلة “إسرائيل” على الساحة العالمية، مُلقياً بظلالٍ ثقيلة على مستقبلها الاقتصادي.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إلغاء رحلاتها شرکات الطیران قطاع الطیران رحلاتها إلى بن غوریون مطار اللد تل أبیب

إقرأ أيضاً:

من إلغاء قيصر إلى إعادة الإعمار.. مرحلة جديدة تنتظر الاقتصاد السوري

يشهد الملف السوري منعطفا حاسما بعد تصويت الكونغرس الأمريكي على مشروع "قانون تفويض الدفاع الوطني" لعام 2026، الذي تضمن إلغاء "قانون قيصر" للمرة الأولى منذ دخوله حيز التنفيذ قبل أكثر من خمس سنوات. 

فقد شكل هذا القانون، منذ اعتماده في كانون الأول/ديسمبر 2019 بعيد تسريب صور التعذيب التي وثقها المصور المعروف بـ"قيصر"، أحد أعنف أدوات الضغط على سوريا، بعد أن طوق اقتصادها بسلسلة عقوبات معقدة عطلت قدرتها على الحركة وشلت إمكاناتها الإنتاجية، وارتدت على السوريين بأثمان اجتماعية وإنسانية قاسية. 

واليوم يتخذ الإلغاء دلالات سياسية مضاعفة، ليس فقط لأنه يقترن بجهود إقليمية ودولية واسعة، بل لأنه يأتي في ولاية ترامب الثانية بقناعة مغايرة تماما لتلك التي وقع القانون على أساسها، وبهدف معلن هو إتاحة الفرصة أمام سوريا للانتقال من إرث الحرب إلى مسار إعادة البناء، خاصة بعد سقوط نظام الأسد ودخول الثوار إلى دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2024.

الإلغاء لم يأت بصفته تشريعا مستقلا، بل جرى تضمينه داخل حزمة تشريعية كبرى هي "قانون تفويض الدفاع الوطني"، وهي حزمة تعد من القوانين الملزمة التي يحرص الكونغرس على تمريرها لربطها بتمويل وزارة الدفاع. 

ولهذا، اكتسب بند الإلغاء قوة دفع واسعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. كما جاء تزامنا مع جهود عربية قادتها السعودية وتركيا وقطر ومع ضغط من الجالية السورية في الولايات المتحدة، والتوجه السياسي الصريح من الرئيس ترامب نحو رفع القيود كاملة ودون شروط، بهدف فتح الباب أمام الشركات الأمريكية والدولية للاستثمار في سوريا بلا خوف من عودة العقوبات.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
رفع العقوبات الثانوية
ولا تكمن الأهمية الاستثنائية للإلغاء فقط في إنهاء العقوبات الأولية، بل في رفع طيف العقوبات الثانوية التي كانت تطال أي جهة تتعامل مع دمشق أو مع حلفائها، خصوصا روسيا وإيران. 

كانت هذه العقوبات السبب الرئيسي في شلل قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري ومنع أي تمويل خارجي لمشاريع إعادة الإعمار، وفي إبقاء سوريا خارج النظام المالي العالمي. 

ومع الإلغاء، يصبح المجال مفتوحا لعودة التدفقات المالية، وإطلاق مشاريع إعادة البناء، وتأهيل البنية التحتية، وتمكين القطاع الإنتاجي من إعادة التشغيل، وهو ما سيترك أثرا مباشرا على حياة السوريين الذين يعيش أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، بينما يعاني 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق تقديرات أممية حديثة.

رغم أن الإلغاء جاء كاملا، إلا أن النص التشريعي احتفظ بطلبات غير ملزمة، تتعلق بتقارير دورية ترفع إلى الكونغرس، تتناول تقييم أداء الحكومة السورية في ملفات مثل مكافحة "تنظيم الدولة"، والامتناع عن أي نشاط عسكري ضد دول الجوار، واحترام حقوق الأقليات، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المواقع العليا في مؤسسات الدولة، وتنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس الماضي الموقع بين الرئيس أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، إلى جانب اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتهريب المخدرات، وملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. 

وتظل هذه الطلبات ضمن إطار التوصيات، ولا تنطوي على أي شرط يعيد تفعيل العقوبات تلقائيا، إذ تقتصر صلاحية الرئيس على إعادة فرض عقوبات محدودة على أفراد بعينهم، وفي حال جاءت تقارير سلبية متتالية.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏



تفاعل شعبي واسع
وكان الاحتفال الشعبي في المدن السورية عند الإعلان عن تصويت الكونغرس تعبيرا عن حجم التطلع إلى كسر الطوق الذي خنق البلاد لسنوات طويلة. 

ودفعت الأزمة الاقتصادية التي ورثتها البلاد عن نظام الأسد البائد، وعمقتها العقوبات، ملايين السوريين إلى تخطي حدود البقاء المعيشي، ودفعت الشباب والنساء إلى أعلى معدلات بطالة منذ عقود.

وأجبرت أكثر من 7 ملايين شخص على النزوح داخل البلاد، بينهم 1.5 مليون يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ولذلك يرى قطاع واسع من السوريين في رفع العقوبات بداية فرصة حقيقية لالتقاط الأنفاس، وليس مجرد خطوة سياسية عابرة.

وتصطدم ورش إعادة الإعمار المنتظرة بتحديات كبيرة لا يمكن تجاهلها. فالنهوض الاقتصادي يتطلب بيئة قانونية شفافة وقضاء مستقل يطمئن المستثمرين، ويحتاج إلى تخطيط اقتصادي سليم يوازن بين الاستقرار والانفتاح، وإلى إصلاح شامل في الإدارة المالية والقطاع المصرفي والنظام الضريبي والجمارك. 

وإلى جانب ذلك، يتطلب الأمر معالجة الترهل الكبير في الجهاز الإداري، الذي تراكم على مدى عقود طويلة، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لتكون قادرة على إدارة عملية إعادة الإعمار. هذه المهمة تزداد صعوبة عندما نضع في الاعتبار تقديرات البنك الدولي، الذي يرى أن سوريا تحتاج إلى نحو 345 مليار دولار لإعادة البناء، منها 141 مليار دولار لإصلاح المؤسسات الحكومية وحدها.


تحديات سياسية وأمنية موازية

وتبرز تحديات سياسية وأمنية إضافية، يتصدرها استمرار وجود مناطق خارج سيطرة الدولة، مثل الجزيرة السورية والسويداء، ما يجعل إعادة الإعمار رهينة تفاهمات أوسع بين القوى المسيطرة على الأرض.

كما يشكل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتوغلاتها عاملا إضافيا يعقد مشهد الاستقرار، ويضغط على قدرة سوريا على جذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إلى بيئة آمنة ومضمونة.

ورغم كل ما سبق من تحديات، فإن رفع "قانون قيصر" يظل أهم نافذة أمل تفتح أمام السوريين منذ سنوات طويلة. فهو يضع البلاد على عتبة العودة إلى النظام المالي العالمي، ويمنح الاقتصاد السوري فرصة لبدء التعافي، ويدفع بالمستثمرين إلى إعادة النظر في السوق السورية، ويعيد رسم العلاقات الإقليمية والدولية على أسس جديدة. 

وقد بدأت المؤشرات الأولى بالظهور حين أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 10 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تعليق العقوبات لمدة 180 يوما، تمهيدا للإلغاء الكامل.

لا يعني إنهاء القانون الذي كان أحد أعمدة العزلة الاقتصادية والسياسية المفروضة على سوريا، حل جميع المشاكل، لكنه يمثل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة، تنتقل فيها البلاد من زمن العقوبات والشلل إلى زمن الفرص وإعادة البناء. 

ويبقى السؤال الأهم هو قدرة الحكومة السورية الجديدة على تحويل هذه الفرصة إلى واقع ملموس ينعكس على حياة السوريين، الذين طال انتظارهم لالتقاط أنفاسهم بعد سنوات من الحرب والدمار والجوع.

مقالات مشابهة

  • أفضل شركات الطيران لدرجة رجال الأعمال لعام 2025 (إنفوغراف)
  • ما تأثير إلغاء قانون قيصر على الاقتصاد السوري مستقبلا؟
  • مطار كركوك: لا تأثير للظروف الجوية على حركة الطيران مع تركيا والسعودية
  • الطيران الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على جنوب لبنان
  • من إلغاء قيصر إلى إعادة الإعمار.. مرحلة جديدة تنتظر الاقتصاد السوري
  • بعد توقف مطار عدن.. مطار سيئون يشهد شللاً كاملاً في حركة الطيران وإلغاء جميع الرحلات المقررة
  • توقف حركة الطيران في مطار سيئون وغموض مبررات الإيقاف
  • 1.2 مليار دولار من أموال شركات الطيران محتجزة لدى الحكومات| ما القصة؟
  • وزارة الطيران المدني تعلن بدء إجراءات مشروع الشراكة مع القطاع الخاص
  • استقرار ربحية شركات الطيران مع توقع تحقيق هامش ربح صافي بنسبة 3.9% في عام 2026