تحليل_ وليد الطائي:

في قلب الأحداث المتسارعة التي شهدها اليمن خلال العقود الماضية، برز عبد الملك بدر الدين الحوثي كأحد أبرز القادة اليمنيين وأكثرهم تأثيرًا. وُلد عام 1979 في محافظة صعدة شمال اليمن، ونشأ في أسرة دينية معروفة، وكان والده، بدر الدين الحوثي، عالمًا شيعيًا يحظى باحترام واسع في الأوساط الزيدية.

منذ شبابه، انخرط عبد الملك في الشأن الديني والسياسي، واستطاع أن يتحول من شخصية محلية في صعدة إلى زعيم وطني يواجه تحديات داخلية وإقليمية بالغة التعقيد.

القائد الذي خرج من قلب المعاناة

لا يمكن فهم شخصية عبد الملك الحوثي دون النظر إلى السياق الذي صقلها: الحرب، الظلم، والتهميش. شهدت صعدة ستة حروب بين جماعته والنظام اليمني السابق، بدأت عام 2004 واستمرت حتى 2010. هذه الحروب، بدلًا من أن تُضعف من عزيمته، عززت من مكانته كقائد يواجه الظلم والإقصاء، لا سيما في ظل التمييز الذي عانى منه أتباع المذهب الزيدي لعقود.

بعد اغتيال شقيقه حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس حركة “أنصار الله”، تولى عبد الملك قيادة الحركة، وسرعان ما أعاد تنظيم صفوفها، ليتحول إلى قائد سياسي وعسكري يحظى بكاريزما خاصة، ويُنظر إليه من قبل أنصاره باعتباره رمزًا للمقاومة الوطنية في وجه التدخل الخارجي والفساد الداخلي.

الزعيم الوطني في معركة الاستقلال والسيادة

منذ اندلاع ما يُعرف بثورة 21 سبتمبر 2014، التي أفضت إلى دخول الحوثيين العاصمة صنعاء، أعاد عبد الملك الحوثي طرح مشروعه الوطني كدعوة لتحرير القرار اليمني من التبعية للخارج، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقد تميز خطابه السياسي بالتركيز على كرامة اليمنيين واستقلالهم، ورفضه القاطع لما يسميه “الوصاية الإقليمية والدولية”.

على الرغم من الحرب المستمرة التي اندلعت في 2015 بقيادة التحالف العربي، لم ينكسر عبد الملك الحوثي، بل بقي متماسكًا، محافظًا على قاعدته الشعبية، ومستمراً في التعبئة الفكرية والسياسية. ومهما كانت المواقف المختلفة من حركته، إلا أن قدرته على الصمود السياسي والعسكري خلال أكثر من عقدين من الزمن جعله أحد أكثر الشخصيات اليمنية نفوذًا وإثارة للجدل.

الحضور الخطابي والتأثير الشعبي

يعتمد عبد الملك الحوثي على خطاب مباشر موجه للشعب، يتناول فيه القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية. ويتسم خطابه بنبرة وجدانية تمس هموم الناس اليومية، وتخلق نوعًا من الترابط العاطفي بينه وبين جمهوره. وفي زمن الانقسام، يُنظر إليه من قِبل أنصاره باعتباره صمام أمان، ورمزًا للوحدة والكرامة في وجه التحديات الكبرى.

الرؤية لبناء دولة ذات سيادة

رغم الحرب والحصار، يواصل عبد الملك الحوثي طرح مشروع بناء دولة يمنية ذات سيادة، تقوم على العدالة والاستقلال والتكافل الاجتماعي. ويدعو دائمًا إلى تحرير اليمن من الهيمنة، وبناء مؤسسات دولة تكون خادمة للشعب لا لطبقة الفاسدين. وقد تجسدت بعض ملامح هذا المشروع في المبادرات التي قدمتها حركة أنصار الله في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

الخاتمة: زعيم من طراز استثنائي

مهما اختلفت الآراء حوله، فإن عبد الملك الحوثي يُعد من الزعماء اليمنيين القلائل الذين استطاعوا أن يحفروا أسماءهم في وجدان الملايين، بفضل قدرته على الجمع بين الصلابة السياسية، والارتباط العاطفي بالشعب، والرؤية الوطنية التي تنشد الاستقلال والسيادة. هو قائد خرج من رحم المعاناة، وقاد شعبه في واحدة من أكثر مراحل اليمن تعقيدًا، ويظل اليوم رمزًا للقوة والكرامة في زمن تتقاذف فيه الأوطان رياح التفكك والتبعية.

كاتب عراقي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: عبد الملک الحوثی

إقرأ أيضاً:

شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي

واشنطن-سانا

وصفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية الإخبارية خطة رئيس وزراء إسرائيل “بنيامين نتنياهو” لإعادة احتلال قطاع غزة وشن عملية عسكرية أوسع فيه، بأنها “جولة في معركته من أجل البقاء السياسي ولا تُرضي أحداً إلا نفسه”.

وانضمت الشبكة في تقرير نشرته اليوم إلى قائمة طويلة من الأصوات المستنكرة والمندّدة بقرار إسرائيل الجديد في إطار حرب الإبادة التي تشنها على أهالي غزة، وأشارت إلى أن هذا القرار جاء رغم التحذيرات والمعارضات سواء داخل إسرائيل أو خارجها، وأنه يخدم هدفاً واحداً فحسب وهو منح نتنياهو وقتاً إضافياً في معركته للبقاء السياسي.

ورأت “سي إن إن” أن القرار الذي دفع به نتنياهو يكشف مناوراته السياسية الداخلية من جهة، ويضعه وإسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة تجلت بالفعل في تحركات دولية أقدمت عليها دول عدة بما فيها ألمانيا التي أعلنت أنها ستعلق بعض صادراتها العسكرية، والنرويج التي أصدرت مؤخراً أمراً بمراجعة محفظة صندوقها السيادية لضمان سحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية التي تشارك في احتلال الضفة الغربية والحرب على قطاع غزة.

وأكدت النرويج على لسان نائب وزير خارجيتها أندرياس كرافيك مواصلة العمل على إصدار قرارات من محكمتي العدل والجنائية الدولية بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي.

وأوضحت الشبكة أن مصدر الاعتراضات على خطة نتنياهو إزاء غزة من الداخل الإسرائيلي لا يتصل بالوضع الإنساني الكارثي لأهالي القطاع ولا بالمجاعة الشديدة التي يواجهونها، بل بكونها غير كافية ولا ترضي شركاءه المتطرفين من جهة، والإسرائيليين الذين يطالبون باستعادة رهائنهم.

وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بقرار إسرائيل توسيع حربها في قطاع غزة، مع إعلان وزراء خارجية تسع دول وهي “أستراليا، النمسا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، نيوزيلندا، النرويج، بريطانيا” إضافة إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، رفضهم الشديد له، لما ينضوي عليه من تفاقم للوضع الإنساني الكارثي وزيادة خطر النزوح الجماعي للفلسطينيين.

إعادة احتلال غزة 2025-08-10Zeinaسابق عقارات حلب تعيد خدمات البيع والشراء وتلغي الإشعار المصرفي والقيودآخر الأخبار 2025-08-10شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي 2025-08-10توحيد اتجاه السير في شارعَي القاهرة وابن عساكر بدمشق 2025-08-10“المدرسة الجقمقية” بدمشق… صرح عريق يحتضن إرث الخط العربي 2025-08-10اكتشاف رفات ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية تحت منزل مدمر في حي كرم الزيتون بحمص 2025-08-10بدءاً من الغد.. فتح باب الاعتراض على نتائج شهادة التعليم الأساسي في سوريا 2025-08-10الحرارة أعلى من معدلاتها بنحو 4 إلى 9 درجات في معظم المناطق السورية 2025-08-10الأرصاد الجوية: استمرار موجة الحر حتى يوم الجمعة القادم 2025-08-10مراسل سانا: وصول أولى رحلات الخطوط الجوية القطرية إلى مطار حلب الدولي قادمة من مطار الدوحة 2025-08-10التجاري السوري يرفع سقف السحب من الصرافات إلى 600 ألف ليرة أسبوعياً 2025-08-10عطل كهربائي يوقف ضخ المياه في اللاذقية ويقطع التزويد بالكامل

صور من سورية منوعات منصة إنستغرام تطلق خاصية جديدة تتيح مشاركة المكان 2025-08-10 عودة أربعة روّاد فضاء بعد 5 أشهر في المحطة الدولية 2025-08-10
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • نقابة الصحفيين اليمنيين تدين الجريمة الوحشية بحق الصحفيين في غزة
  • وزير الخارجية: اليمن لن يخضع للضغوط الأمريكية لتسييس المساعدات
  • نقابة المعلمين اليمنيين تطالب الحكومة بتحسين أوضاع المعلمين وتحذر من خطوات تصعيدية
  • اتحاد الإعلاميين اليمنيين: استهداف الصحافيين جريمة حرب
  • تايمز أوف إسرائيل: زعيم حريدي يحذر من حرب أهلية في إسرائيل
  • عاجل | تحذير عاجل من “الرعاية التنفسية”: عواصف ترابية تهدد مرضى الجهاز التنفسي في الأردن
  •  إغلاق الطريق الصحراوي بالاتجاهين بسبب العاصفة الرملية الشديدة
  • أوتشا: فجوة تمويلية تتجاوز 84% تهدد حياة ملايين اليمنيين
  • شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي
  • البطاقة الجديدة التي تفرضها حكومة المرتزقة.. تهديد للأمن القومي وتكريس للانفصال:صنعاء تؤكد رفضها لإجراءات حكومة المرتزقة الاحادية وتطالب المجتمع الدولي بالقيام بدوره في حماية وحدة اليمن واستقراره