مدير عام السورية للبريد: تأمين مستلزمات المؤسسة بالمحافظات لضمان تقديم الخدمات للمواطنين بالشكل الأمثل
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
القنيطرة-سانا
أكد مدير عام المؤسسة السورية للبريد عماد الدين حمد أهمية زيارة مديريات البريد بالمحافظات، للتعرف على احتياجاتها وتأمين مستلزماتها، والقيام بعمليات التأهيل والتحديث اللازمة لها، بما يضمن حسن سير العمل وتقديم الخدمات للمواطنين.
وخلال زيارة قام بها حمد لمديرية بريد القنيطرة، ناقش مع مديرة المديرية فاتن المحمد و العاملين فيها، واقع العمل والصّعوبات التي تواجهه، وكيفية حلها، لتحقيق جودة وسرعة تقديم الخدمات، إضافة لواقع الكوات البريدية، ومدى جاهزيتها، لتنفيذ عملية ربط تطبيق “شام كاش” من خلالها، وإتمام العمليات الفنية والتقنية والموارد البشرية للبدء بصرف رواتب المواطنين.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
نضج الشخصية الوظيفية.. هل فعلاً في الوقت المناسب؟
خالد بن حمد الرواحي
ليس كل من يحمل مُسمى وظيفيًا يملك مقومات القيادة؛ فالمناصب لا تُقاس بالألقاب؛ بل بقدرة أصحابها على النضج وتحمل المسؤولية، وفي بعض مؤسساتنا يتكرر مشهد المدير الجالس خلف مكتب مُثقل بالملفات، بينما ينتظر موظفوه قرارًا يضع حدًا لارتباكهم، لكنه يطيل الصمت أو يؤجل المسؤولية حتى تتراكم الأخطاء وتتلاشى الثقة. لم تكن مشكلته في المؤهل أو الدرجة، بل في شخصيته التي لم تبلغ بعد مستوى النضج المطلوب للقيادة.
في المُقابل، هناك من يبدأ مسيرته بخطوات متعثرة، لكنه يتعلم من أخطائه، ويحسن الإصغاء، ويتحلى بالصبر، حتى يتحول مع الوقت إلى مرجع يثق به زملاؤه ويلجؤون إليه في المواقف الصعبة. وهنا يبرز سؤال جوهري: هل تنضج الشخصية الوظيفية في الوقت المناسب، أم أن بعض الأشخاص لا يبلغون هذا النضج إلا بعد أن تكون المؤسسة قد دفعت الثمن؟
الشخصية الوظيفية ليست مجرد حضور يومي؛ بل مزيج من وعي وخبرة وقيم وانضباط يتجلى في تفاصيل السلوك. فالنضج الوظيفي يعني أن يعرف الموظف متى يتحدَّث ومتى يصمت، وكيف يواجه الضغوط من دون أن يفقد اتزانه، وكيف يوازن بين مصالحه الفردية ومصلحة المؤسسة. إنه انتقال من النظر إلى العمل بوصفه وظيفة إلى التعامل معه كرسالة ومسؤولية.
وقد عرّفت الأدبيات الإدارية النضج الوظيفي بأنَّه الوصول إلى مستوى عالٍ من الاحترافية، من خلال إتقان المهارات الفنية، والتواصل الفعّال، والقدرة على اتخاذ القرارات المدروسة، إلى جانب المرونة ووعي الذات وفهم سوق العمل. كما أشارت مقالات متخصصة نُشرت عام 2024 إلى أن النضج المهني يتجسد في الاتزان العاطفي، وتحمل تبعات القرارات، والقدرة على التكيف، والالتزام بالتعلم المستمر. غير أن هذه التعريفات تظل نظرية ما لم تتحول إلى ممارسات يومية يلمسها الموظف في سلوكه وأدائه.
ومن أبرز علامات النضج الوظيفي: القدرة على التغافل عن التفاصيل الصغيرة التي لا تستحق الجدل، والتحلي بالاتزان العاطفي أمام الضغوط، وحسن قراءة المواقف ببُعد نظر، إضافة إلى الاستماع الجيد الذي يفتح أبوابًا للحلول. كما يشمل امتلاك مهارات متكاملة تجمع بين الكفاءة الفنية، والتواصل، وحل المشكلات، والتفكير النقدي. والموظف الناضج لا يكتفي بما يعرفه، بل يواصل رحلة النمو الذاتي، مدركًا أنَّ العمل لم يعد مجرد وظيفة، بل مسارًا متجددًا من التعلم والتطور.
غياب النضج الوظيفي قد يظهر في التسرع والانفعال وتقديم المصلحة الشخصية على العامة، فتتحول بيئة العمل إلى ساحة صراعات. ويزداد الأمر سوءًا حين يقفز بعض المسؤولين بموظفين من مواقع متوسطة إلى مناصب عليا دون المرور بالتدرج الوظيفي الذي يمنح الخبرة الكافية. فالنضج الوظيفي لا يتشكل بالمسميات ولا بالدرجات، بل بالتجارب المتراكمة التي تصقل الشخصية وتبني القدرة على اتخاذ القرار. وحين يحدث ذلك، تتأثر فرق العمل وتضعف الثقة، ويصيب الإحباط الموظفين الآخرين الذين يرون العدالة غائبة.
والأخطر أن المؤسسات التي لا توفر فرصًا للتدريب والتطوير تسهم في تأخير نضج موظفيها، لتجد نفسها أمام كوادر غير مهيأة لتحمل المسؤولية. لذلك، يبقى تطوير النضج الوظيفي مسؤولية مشتركة؛ فالموظف يسعى لتحسين ذاته بطلب الملاحظات، والتعلم من الأخطاء، ووضع أهداف واضحة، بينما على المؤسسة أن تهيئ بيئة آمنة تشجع الحوار والتجربة وتصقل شخصيات موظفيها مبكرًا.
وجود شخصية وظيفية ناضجة يعني قرارات أكثر اتزانًا وأداءً مؤسسيًا أكثر استقرارًا. أما على مستوى المجتمع، فينعكس النضج في جودة الخدمات وسرعة إنجاز المعاملات وغياب التعقيدات غير المبررة، لتصبح المؤسسة مصدر راحة لا مصدر معاناة.
النضج الوظيفي إذن ليس رفاهية يُمكن تأجيلها؛ بل ضرورة تمليها مصلحة المؤسسات وحقوق المجتمع. فموظف لم ينضج في وقته قد يعرقل مسارًا كاملًا، بينما الموظف الناضج يحوّل العقبات إلى فرص. ولأن الأوطان تُبنى بوعي أبنائها، فإنَّ الاستثمار في تنمية الشخصية الوظيفية الناضجة هو استثمار في مستقبل الوطن كله. ويبقى السؤال: هل نمنح أنفسنا ومؤسساتنا فرصة النضج في الوقت المناسب، أم نكتشف أهميته بعد فوات الأوان؟
رابط مختصر