خالد عمر يوسف يكتب: لهذه الأسباب يتخوفون من الحلول التفاوضية

اتفقت الهند وباكستان اليوم على وقف لإطلاق النار ليقوما باحتواء الأزمة التي تفجرت بينهما عقب أحداث كشمير الأخيرة التي قادت البلدين لنذر حرب نحمد الله أنهم قد غلبا صوت الحكمة سريعاً للرجوع عنها. سبق ذلك الاتفاق الذي قامت به الإدارة الأمريكية مع الحوثيين لوقف إطلاق النار بالتزامن مع مفاوضاتها مع إيران حول الملف النووي.

توصلت أيضاً الحكومة الكونغولية وحركة “M23” لوقف فوري لإطلاق النار بعد محادثات في الدوحة برعاية قطرية، بالإضافة للجهود الأمريكية والقطرية التي قادت للتهدئة بين الكونغو ورواندا. إضافة لذلك فقد توصل الرئيس السوري أحمد الشرع لاتفاق السويداء مع الدروز واتفاق سبقه مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تنشط في مناطق الأكراد شمال شرقي سوريا. تتسابق أيضاً الجهود الدولية للوصول لوقف إطلاق نار بين روسيا وأوكرانيا واتفاق في غزة لتوصيل العون الإنساني ولإنهاء الهجوم الإسرائيلي عليها وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وما يتبعها عقب ذلك من خطوات لازمة لإحلال السلام الدائم.

الناظر في هذا المشهد الدولي والإقليمي من حولنا يجد نشاطاً غير مسبوق في إخماد حرائق الحروب، والسعي نحو معادلات جديدة يسود فيها السلام وتعلو لغة المصالح المتبادلة عوضاً عن الدمار والخراب. بكل أسف فإن بلادنا الغالية لم تدخل بعد في هذه الدائرة، إذ أن بنيها يصمون الآذان عن كل قول أو فعل قد يقود للسلام. تجاوزت حرب السودان العامين وإن أثبتت حقيقة واحدة، فقد برهنت على صعوبة بلوغ أي طرف لغاية الحسم العسكري الكامل، بل على العكس فإن كل يومٍ يمضي تتعقد فيه القضايا بصورة أكبر وتشمل عوامل جديدة تصعب الحلول وتباعد الطرق نحوها.

وقف الحرب في السودان هو قرار بيد السودانيين متى ما صدقت إرادتهم في هذا الاتجاه، مع التأكيد بأن العامل الخارجي مهم ولا يمكن إسقاطه أو الغفلة عنه، ولكن السلام الدائم سيأتي حين يتفق أهل السودان على مشروع وطني ينهي دوامة العنف وعدم الاستقرار، والظرف الدولي من حولنا مواتٍ للتفاعل معه ايجاباً واغتنام فرصة رياح السلام التي غمرت العديد من مناطق النزاعات من حولنا.

يتخوف البعض من الحلول التفاوضية ظناً منهم أنها ستقود لتثبيت ركائز أوضاع شائهة لا يمكن التعايش معها، وهو تخوف مفهوم ولكنه يفارق جوهر السعي الحقيقي نحو إحلال السلام الدائم الذي لا يعني بأي حال من الأحوال العودة لماضي مليء بالخطايا ولو كان فيه من خير ٍلما بلغنا حالنا الذي نعيشه الآن، ولا يعني كذلك التعايش مع الحاضر البغيض الذي نرزح تحت وطأته اليوم.

السلام هو النظر نحو مستقبل جديد نعالج فيه بالحوار إشكالات الماضي جميعها ونضع أسساً جديدة لواقع مختلف يحفظ وحدة البلاد وسيادتها على أساس عقد اجتماعي طوعي متراضى عليه بين كافة أقوام السودان، ويحكم فيه كل إقليم نفسه بنفسه وينمو من ثرواته في إطار سودان موحد بنظام فيدرالي حقيقي ينهي دوامة التهميش وسلب الحقوق، ويكون فيه جيش واحد مهني وقومي لا علاقة له بالسياسة او الاقتصاد، ويختار فيه الناس من يحكمهم ويخضعونه للمحاسبة والمساءلة سلماً لا عنفاً، وتوضع فيه أسس للعدالة تنصف كل صاحب ضيم وتحاسب كل معتدي.

بلوغ هذه الغايات ممكن عبر الحوار لا فوهات البنادق، ولا يقف بيننا وبين الوصول لذلك سوى من يتكسبون من هذا الدمار ويستغلونه لمصالحهم السلطوية الضيقة التي لا تضع بالاً لمعاناة الملايين من الناس. عليه فلنعلي من صوت التعقل الآن ولنواجه خطابات الحرب والكراهية بحزم، فهي لن تورث بلادنا سوى الخراب.

#لا_للحرب

الوسومالحرب الحلول التفاوضية السلام السودان الهند باكستان خالد عمر يوسف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب السلام السودان الهند باكستان خالد عمر يوسف

إقرأ أيضاً:

العراق يرحب بالمبادرة التي أفضت لوقف إطلاق النار بين إيران و”اسرائيل”

24 يونيو، 2025

بغداد/المسلة : أعربت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الثلاثاء، عن ترحيبها بالمبادرة الأمريكية التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الاسرائيلي، في خطوة تمثل تطوراً إيجابياً نحو خفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وذكر بيان لوزارة الخارجية “إذ تُشيد جمهورية العراق بهذا التحرك، فإنها تؤكد تمسكها الدائم بالحلول السلمية والدبلوماسية في معالجة الأزمات الإقليمية، وبما يضمن أمن وسلامة شعوب المنطقة ويحول دون توسع دائرة النزاع”.

وأعربت الوزارة، أيضاً عن “تهنئتها لدولة قطر الشقيقة على جهودها الدبلوماسية ومساعيها في الوساطة، والتي أسهمت في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بما يعكس دورها في دعم الاستقرار الإقليمي”.

وشددت على “ضرورة الالتزام الكامل بتنفيذ وقف إطلاق النار، لما لذلك من أهمية بالغة في تهدئة الأوضاع وتوفير بيئة مناسبة لاستئناف الحوار والمفاوضات”.

وفي هذا السياق، تتوجه وزارة الخارجية بالتهنئة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، معربة عن أملها في أن تشكل هذه الخطوة بداية حقيقية نحو معالجة جذرية ومستدامة للتوترات القائمة، عبر الأطر السلمية والدبلوماسية، وفق البيان.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب يتوفر المغرب على حظوظ وافرة لاستضافة مونديال الأندية 2029
  • لهذه الأسباب | وكيل تعليم الدقهلية يكرم متابع المدارس المصرية اليابانية منسق أنشطة "التوكاتسو "
  • يوسف داوود.. مهندس الضحك الذي ترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الفن المصري(تقرير)
  • أستاذة قانون: ضربات ترامب على إيران كانت غير قانونية.. لهذه الأسباب
  • العراق يرحب بالمبادرة التي أفضت لوقف إطلاق النار بين إيران و”اسرائيل”
  • يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء
  • تغريم إعلامية 100 ألف جنيه متهمة بسب وقذف المخرج خالد يوسف وزوجته
  • لاتهامها بسب وقذف المخرج خالد يوسف وزوجته.. إعلامية شهيرة تواجه هذه العقوبة
  • الحكم على إعلامية في قضية سب المخرج خالد يوسف.. اليوم
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: مصر.. الملاذ الآمن في زمن التحديات الجيوسياسية