كثيرٌ من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع يقعون في فخّ غريب؛ أرقام الإيرادات في تصاعد، والمنتجات مطلوبة، والفريق يعمل بجد، ولكن الأرباح لا تظهر كما يجب، أو تختفي سريعًا دون تفسير مقنع. في لحظة ما، يتساءل المدير أو المؤسس للمشروع: كيف يخسر المشروع وهو في نظر الجميع ناجح؟ هنا تكون الإجابة في”اللا مرئي”، فيما لا يُكتب صراحة في التقارير، فيما يُعرف بالتكاليف الخفية، تلك التي تتسلل بصمت وتُفقد العمل ربحيته دون أن تُدق أي أجراس إنذار.

إن النجاح الظاهري قد يخدع، ويجعل البعض يظن أن الفشل بعيد، بينما هو في الحقيقة يقترب بثبات من دون صوت.
قبل أيام، وبمحض الصدفة، استمعت إلى حلقة من بودكاست تناول هذا الموضوع بمهنية، حيث طُرحت مجموعة من الأسباب، التي تفسر لماذا تعاني بعض المشاريع من تآكل الأرباح رغم الاستقرار الظاهري. ولنضرب مثلًا أن شركة تقنية ناشئة كانت قد حصلت على تمويل كبير، وحققت انتشارًا لافتًا، لكنها انهارت بعد عامين فقط. عند تحليل الأسباب، لم يكن هناك أي خطأ فادح في الإدارة أو المنتج، ولكن الخلل كان في التكاليف الصامتة: موظفون بلا مهام محددة، أنظمة قديمة تتطلب جهودًا بشرية مضاعفة، مكاتب ضخمة مؤجرة لا تُستخدم بكفاءة، ومهام إدارية تأخذ ساعات من العمل دون فائدة إنتاجية.
تكاليف مثل هذه لا تُسجَّل دائمًا كخطر مباشر في الميزانية، لكنها تعمل كالسوس الذي ينخر في جدار المشروع. وقت الموظفين المهدور في التنسيق الداخلي، أو الاجتماعات غير المجدية، أو استخدام أدوات قديمة تزيد من زمن الإنجاز، كلها أمور يصعب رصدها، لكنها تؤثر في هامش الربح الحقيقي. ومن الأمثلة المتكررة أيضًا ما يُعرف بـ”نزيف التخفيضات”، حيث تلجأ بعض الشركات إلى تقديم خصومات دائمة لجذب العملاء دون تعديل في هيكل التكاليف أو مراجعة الجدوى الحقيقية لذلك، فيخسر المشروع دون أن يدري.
وإذا أضفنا إلى ما سبق تأخر تحصيل المستحقات المالية، أو الاعتماد الكبير على عميل واحد فقط، أو عدم تأمين البيانات بشكل كافٍ، فإننا أمام وصفة خفية لانهيار المشروع، حتى وإن بدا ناجحًا من الخارج. وفي قلب هذا كله، تأتي التكاليف البشرية، من فقدان المواهب، وتكرار توظيف وتدريب الموظفين، إلى الفاقد في الإنتاجية عند كل عملية انتقال وظيفي. كل ذلك لا يُحسب بدقة، لكنه يُدفع فعليًا من جيب الشركة.
من هنا، يصبح من الضروري أن تتغير نظرتنا إلى الربح، لا باعتباره مجرد فرق بين الإيرادات والمصروفات المباشرة، بل كحالة صحية شاملة للمشروع تشمل الاستخدام الذكي للموارد، والكفاءة التشغيلية، وضبط العمليات، والتخطيط المالي بعيد المدى. فإذا كان هناك درس واحد يجب أن نتعلمه، فهو أن أكبر الأخطار في الأعمال ليست تلك التي تُعلن نفسها، بل تلك التي تعمل في الخفاء حتى تقلب الطاولة فجأة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: بدر الشيباني التی ت

إقرأ أيضاً:

سوء التغذية يفتك بـ 63 حالة في الفاشر بإقليم دارفور خلال أسبوع

سجّلت 63 حالة وفاة على الأقل خلال أسبوع بسبب سوء التغذية في مدينة الفاشر بإقليم دارفور.
وتحاصر قوات الدعم السريع المدينة منذ أكثر من عام، وفق ما أفاد مصدر في وزارة الصحة السودانية الأحد. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سوء التغذية يفتك بـ 63 حالة في الفاشر بإقليم دارفور خلال أسبوع - دارفور 24
أخبار متعلقة تطورات العدوان.. استشهاد 39 فلسطينيًا في إطلاق نار وقصف على غزةشاهد| دخان الحريق حجب الرؤية.. استئناف الحركة في مترو شبرا الخيمة بمصروفيات سوء التغذية في السودانوقال المصدر لوكالة فرانس برس إن "عدد الذين ماتوا بسبب سوء التغذية في مدينة الفاشر بين يومي 3 و10 أغسطس بلغ 63 شخصًا أغلبهم نساء وأطفال.
ولفت إلى أن هذه الحصيلة تشمل فقط من تمكّنوا من الوصول للمستشفيات.

مقالات مشابهة