هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين؟
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
أثار اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة "أنصارالله" الحوثيين، برعاية عمانية، أسئلة عدة بشأن استمراريته بالنظر إلى تجديد الجماعة هجماتها تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي وتوعد الأخيرة برد موسع.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن الثلاثاء الماضي، عن اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة أنصار الله في اليمن بعد تعهدهم بعدم استهداف السفن في البحر الأحمر.
وبعد يوم من إعلان الاتفاق، قالت وسائل إعلام عبرية إن القوات الإسرائيلية اعترضت صاروخا أطلق من اليمن تجاه الأراضي المحتلة، لكن جرى اعتراضه خارج المجال الجوي.
والجمعة، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن صفارات الإنذار دوت عصر اليوم ( الجمعة) في "تل أبيب" ومناطق محيطة فيها، بعد رصد إطلاق صاروخ بعيد المدى أطلق من مناطق سيطرة جماعة الحوثي اليمنية، دون تفاصيل عن مكان سقوطه.
من جهتها، تبنت جماعة الحوثي اليمنية القصف على دولة الاحتلال، وقالت على لسان المتحدث العسكري باسمها، يحيي سريع، إن "القوة الصاروخية نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفتْ مطار اللُّد المسمى إسرائيليا مطار بن غوريون في منطقة يافا المحتلة وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي، حقق أهدافه بدقة".
"تقليل المخاطر وأهداف أمنية"
وفي السياق، قال الباحث اليمني في مركز جامعة كولومبيا العالمي للدراسات الشرق أوسطية، عادل دشيلة إن الاتفاق المعلن كان محددا بين الولايات المتحدة والحوثيين ونص على أن لا يتم استهداف المصالح الأمريكية في البحر الأحمر وفي خليج عدن، وأيضا أن تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية عن ضرب جماعة الحوثي.
وأضاف دشيلة في حديث خاص لـ"عربي21" أن الولايات المتحدة سعت من وراء هذا الاتفاق أولا إلى "تقليل المخاطر على مصالحها في البحر الأحمر وفي خليج عدن وعدم استهدافها كخطوة أولى"، وثانيا "لأهداف أمنية"، كون الرئيس الأمريكي سيكون في المنطقة خلال الأيام القادمة.
وأشار إلى أنه "من الصعب أن يتم ربط الاتفاق بين جماعة الحوثي الولايات المتحدة أيضا بما يحصل في فلسطين لأن القضية في فلسطين أكبر من حجم جماعة الحوثي وغيرها من الجماعات وبالتالي هذا الاتفاق كخطوه أولى أمني، وهذا كان واضحا منذ البداية بالنسبة للإدارة الأمريكية أن يكون هناك اتفاق أمني مع الجماعة الحوثية.
وأكد الباحث اليمني في مركز جامعة كولومبيا للدراسات الشرق أوسطية أن صمود هذا الاتفاق مرهون بما ستفرزه مخرجات الحوار الإيراني- الأمريكي سواء سلبا أو إيجابا، فضلا عن زيارة ترامب إلى المنطقة وماذا يحمله في حقيبته خلال هذه الزيارة.
وقال أيضا إن ما جرى استهدافه من قبل القوات الأمريكية لم يكن سوى مناطق مدنية ما بين مصانع للخرسانة ومحطات كهرباء وموانئ "حتى وإن طالت بعض الضربات مخازن للأسلحة"، لكنه استدرك قائلا : "في النهاية كانت المواجهة بين جماعة ما دون الدولة والولايات المتحدة".
وأورد الباحث والسياسي اليمني سيناريوهات عدة بشأن مصير هذا الاتفاق عقب زيارة الرئيس ترامب للمنطقة أولها يكمن في " تسوية سياسية ربما تكون الجماعة الحوثية طرفا فيها، لكن ليس بالوضع الذي كانت عليه قبل الهجمات الأمريكية".
أما السيناريو الثاني فيتمثل في " فشل اتفاق وقف التصعيد بين الأمريكيين والحوثيين"، رغم أنه قد يكون غير واردا على المدى القريب، بناء على المعطيات الحالية.
ولفت دشيلة إلى سيناريو ثالث يكمن في" قيام جماعة الحوثي بالتصعيد عسكريا بغية الحصول على شرعية دولية".
وفي هذه الحالة، بحسب الباحث اليمني سينحصر التصعيد على المستوى الداخلي حال لم تقم بهجمات ضد مصالح دولية"، موضحا أن أمر هذا التصعيد سيترك بعيدا عن أي تدخلات أمريكية، كون واشنطن كانت واضحة أنها لن تتدخل في الحرب الأهلية بين الأطراف اليمنية وبالتالي ستعود اليمن نحو مربعات العنف الداخلي بين الحوثيين وقوات الجيش التابعة للحكومة المعترف بها دوليا ولكن دون أي حسم.
الباحث اليمني في مركز جامعة كولومبيا العالمي للدراسات الشرق أوسطية، طرح سيناريو أخر وهو "بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، حتى إيجاد حل شبه جذري للمشاكل الإقليمية وهذا يحتاج إلى يعني وقت طويل.
"استكمال لمحادثات إيرانية أمريكية "
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء،عادل الشجاع إن هذا الاتفاق يشكل استكمالا للمحادثات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووي، كما ذكرت شبكة CNN الأمريكية.
وتابع الشجاع حديثه لـ"عربي21" بأن ما جرى في البحر الأحمر بين الحوثيين وأمريكا كان تخادما واضحا فالإدارة الأمريكية كانت تحتاجه للضغط على أوروبا ومصر لدفع أموال لأمريكا مقابل ما تزعم أنها تحمي الملاحة في البحر الأحمر، وقد ظهر ذلك سواء بمطالبة مصر بالتخلي عن دخل قناة السويس لأمريكا أو من خلال تسريبات سيغنال التي قيل إن صحفيا أضيف بطريق الخطأ لمجموعة من القادة العسكريين والأمنيين والمخابرات ليخرج ينشر مطالبة أوروبا بالدفع مقابل مصالحها في البحر الأحمر".
وأضاف "نحن نعلم أن أمريكا ليست ضمن البلدان التي تتأثر تجارتها باضطراب البحر الأحمر".
ويرى الأكاديمي اليمني أن "الطرفين حينما حققا مصالحهما قاما بعملية دوران كاملة إلى الخلف".
وأردف : "هذا الدوران جاء قبل زيارة ترامب إلى المنطقة والذي يريد أن يجني من هذه الزيارة ٤ تريليون دولار هي حجم العجز في الخزانة الأمريكية بسبب طبع الدولار بدون غطاء".
"رغبة حوثية وإصرار أمريكي"
من جهته، قال الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي إن ثمة مؤشرات عدة، على أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة سلطنة عُمان لم يكن فقط نتيجة رغبة من قبل الحوثيين، بل نتيجة إصرار ودفع أمريكي أيضاً.
وأضاف السلامي في حديثه لـ"عربي21" أن إدارة ترامب، خرجت بدروس عدة من عمليات الأسابيع الماضية ضد الحوثيين، أبرزها أن ما يحدث في البحر الأحمر هي حرب بلا جدوى عسكرية لواشنطن، خصوصاً بعد أن تراجعت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن على الملاحة الدولية.
كما أن واشنطن أدركت وفقا للمتحدث ذاته، أن ترك فخر قواتها البحرية هدفاً سهلاً للضربات البدائية من قبل الحوثيين، قد يستنزفها، ويكسر هيبتها، بل ويستنزف إمكانات يمكن أن تضعها على أهبة الاستعداد في جبهات أخرى، مثل بحر الصين على سبيل المثال.
وأشار الكاتب اليمني إلى أن واشنطن بحاجة في هذه المرحلة لدول مجلس التعاون الخليجي، بعد أن فتحت حربا مع أوروبا والصين ودول أخرى، في الوقت الذي يطمح ترامب لإنجاح زيارته وخلق حالة وئام مستدامة في المنطقة، وهذا ما تؤكده التسريبات الأخيرة حول حالة الغضب والجفاء الذي تبنتها الإدارة مؤخراً تجاه إسرائيل.
كما أوضح أن من مصلحة جماعة الحوثي توقف الضربات الأمريكية عليها، بينما الاتفاق يستثني عملياتها ضد "إسرائيل".
وقال الصحفي السلامي إن هناك أيضاً من يطرح فرضية أن واشنطن تركت ضرب الحوثيين لإسرائيل، والتي نفذت ضربات أكثر تأثيراً من ضربات الولايات المتحدة، كما حصل في مطار صنعاء وميناء الحديدة ومصانع الإسمنت وغيرها.
والخميس، نفى زعيم جماعة الحوثيين في اليمن، عبد الملك الحوثي، أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة جاء بناء على "استسلام"، كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. مضيفاً أن الجانب الأميركي "لم يتمكن إطلاقاً من إيقاف العمليات، ولا تدمير القدرات، ولا كسر إرادة الشعب اليمني"، على حد تعبيره.
وأكد أن موقف جماعته "لم يتراجع في إسناد الشعب الفلسطيني، سواء بالقصف الصاروخي والطائرات المسيّرة إلى عمق فلسطين المحتلة، أو بحظر الملاحة على السفن الإسرائيلية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الحوثيين اليمن امريكا اليمن إتفاق الحوثي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاق وقف إطلاق النار الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الباحث الیمنی جماعة الحوثی هذا الاتفاق
إقرأ أيضاً:
توتر متصاعد بين الهند وباكستان رغم اتفاق وقف إطلاق النار
تبادلت الهند وباكستان، اليوم الأحد، الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس السبت بوساطة أمريكية، بعد أيام من التصعيد العسكري المتبادل الذي أسفر عن مقتل 60 مدنيًا على الأقل في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الجانبين.
وأكد سكرتير وزارة الخارجية الهندية، فيكرام ميسري، في مؤتمر صحفي، أن "هناك انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار خلال الساعات الأخيرة"، مشيرًا إلى أن "القوات المسلحة الهندية ردت بالشكل المناسب على هذه الانتهاكات".
أول تصريحات لـ ترامب بعد وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان باحث دولي: وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان خطوة إيجابية تفتح الباب لتحسين العلاقاتوطالب ميسري الجانب الباكستاني باتخاذ ما وصفه بـ "الإجراءات المناسبة" للتعامل مع الوضع بجدية، وتفادي المزيد من التصعيد.
باكستان تنفي الاتهامات وتؤكد التزامها بالاتفاقفي المقابل، شددت وزارة الخارجية الباكستانية على التزامها الكامل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة في بيان أن "القوات الباكستانية تتعامل مع الوضع بمسؤولية وضبط للنفس".
واتهم البيان الجانب الهندي بارتكاب خروقات متكررة للاتفاق، داعيًا إلى معالجة تلك الانتهاكات عبر "القنوات الدبلوماسية المناسبة" مع التأكيد على أهمية التزام القوات على الأرض بضبط النفس.
تبادل إطلاق النار في كشمير رغم الهدنةورغم الإعلان الرسمي عن الاتفاق، أفاد مراسلون من وكالة الصحافة الفرنسية بسماع دوي انفجارات قوية في مدينة سريناغار، كبرى مدن كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وأشاروا إلى تدخل أنظمة الدفاع الجوي، في مؤشر واضح على تواصل الاشتباكات.
وفي الجانب الباكستاني من كشمير، تحدث مسؤولون محليون للوكالة ذاتها عن "تبادل متقطع لإطلاق النار" بين القوات الهندية والباكستانية في ثلاث نقاط على طول خط المراقبة، ما يعكس هشاشة الهدنة المعلنة.
اتفاق الهدنة بوساطة أمريكية وسط مخاوف دوليةوكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أعلن، في منشور على منصته "تروث سوشيال"، أن اتفاق وقف إطلاق النار بين نيودلهي وإسلام آباد جاء بعد "ليلة طويلة من المحادثات بوساطة أمريكية".
وأضاف ترامب: "يسعدني أن أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري"، مشيدًا بـ "المنطق السليم والذكاء العظيم" الذي تحلى به الطرفان، حسب تعبيره.
وأكد وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، عبر منصة "إكس"، أن الاتفاق تم التوصل إليه بين الطرفين دون شروط مسبقة، وأنه يشمل "وقفًا فوريًا لإطلاق النار".
بدورها، أكدت مصادر حكومية هندية أن الاتفاق تم بعد مفاوضات مباشرة بين الجانبين، دون مناقشة أي بنود إضافية خارج وقف إطلاق النار، في حين اعتبر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الاتفاق جاء نتيجة "مفاوضات مكثفة" شارك فيها إلى جانبه نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، مع قادة البلدين.
ترحيب دولي واسع بالتهدئةلاقى الاتفاق ترحيبًا دوليًا واسعًا، حيث وصفته بريطانيا بأنه "خطوة إيجابية ومرحب بها"، فيما اعتبرته فرنسا "اختيارًا مسؤولًا"، وأشادت ألمانيا به بوصفه "خطوة أولى مهمة نحو التهدئة".
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أمله في أن يؤدي الاتفاق إلى "سلام دائم ومستقر" بين البلدين النوويين، في حين دعت إيران إلى "ضبط النفس والحوار"، مؤكدة دعمها لأي جهود تفضي إلى الاستقرار الإقليمي.
أما الصين، التي تتقاسم حدودًا مع الهند وباكستان، فقد أعربت عن "قلقها الشديد" إزاء التصعيد الأخير، وأكدت استعدادها للعب دور "بنّاء" في دعم جهود السلام بالمنطقة.
خلفيات التصعيد: هجوم دموي في كشميرويعود التصعيد الأخير إلى يوم 22 أبريل الماضي، عندما شهد الشطر الهندي من كشمير هجومًا مسلحًا استهدف موقعًا سياحيًا وأدى إلى مقتل 26 شخصًا، وهو ما اعتبرته نيودلهي "هجومًا إرهابيًا" ونسبته إلى جماعة "لشكر طيبة" التي تتخذ من باكستان مقرًا لها وتُصنف كمنظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة.
في المقابل، نفت الحكومة الباكستانية علاقتها بالهجوم، ودعت إلى "تحقيق دولي شفاف"، محذرة من استغلال الحادثة لتأجيج التوترات السياسية والعسكرية بين البلدين.
أعنف مواجهة منذ عقودوبدأت الهند يوم الأربعاء الماضي سلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت عدة مدن باكستانية، قالت إنها "معاقل لجماعات إرهابية"، ما دفع الجيش الباكستاني إلى الرد بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة على قواعد عسكرية هندية، منها ثلاث قواعد جوية، إحداها قريبة من العاصمة إسلام آباد.
وشكل هذا التصعيد أسوأ مواجهة عسكرية بين البلدين منذ عقود، وأثار مخاوف من انزلاق النزاع إلى حرب شاملة بين الجارتين المسلحتين نوويًا.