جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-13@21:06:15 GMT

الإعلام.. والوعي الجمعي

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

الإعلام.. والوعي الجمعي

 

 

 

محمد بن زاهر العبري

 

في عالم يتزايد فيه الاعتماد على وسائل الإعلام كمصدر رئيسي للمعلومة، تبرز أزمة خطيرة تهدد الوعي الجمعي، وهي ما يمكن تسميته بـ"الإعلام الأحمق". وسبب اختياري لهذه التسمية لهذا الإعلام، والذي كان يمكن أن يُطلق عليه الإعلام المُزيَّف أو ما شابهها من التسميات، أنه يُبدي كثيرًا من عدم الاكتراث بمعرفة الرأي العام لأجندته التي يعمل لأجلها ولعدم حياده، ومع هذا فهو غير مبالٍ بالمرة بذلك، وكأنه فعلاً يُقنع الآخرين بأنه يقدم الحقيقة.

هذا النوع من الإعلام يمتاز بالخصائص التالية:

الأولى: فقدان الحيادية، فهو غير محايد بالمرة، لأنه لم يتم إنشاؤه لنقل الخبر بكل حيادية، وإنما تم إنشاؤه لتحقيق أجندة محددة معينة. والمذهل في الأمر أنه لا يهمه أن يكتشف ذلك الرأي العام، فهو سيظل غير حيادي، وفيًّا لأجندته، تعصف به قاعدة: "إذا لم تستحِ فافعل ما تشاء".

الثانية: يتسم هذا اللون من الإعلام بأنه يفتقر إلى المحتوى العميق والجاد والهادف، لأن العمق في التحليل غالبًا ما يؤدي إلى عدم الحياد، لا سيما في زمن ارتفعت الأستار عن وجه الحقيقة، فما عاد أحد متخفٍّ خلف قناع. الإعلام الأحمق لن يقترب من عمق التحليل بتاتًا حتى لا يصفه المتابع الحاذق بعدم الحياد.

الثالثة: تضخيم التفاهة على حساب الحقيقة، ما يخلق بيئة مُضلِّلة للرأي العام، ويؤدي إلى تزييف الوعي، فتتجه الأذهان نحو قضايا جانبية وتتغافل عن القضايا التي تؤرق الأمة وتهدد وجودها.

الرابعة: إطلاق وبث المحاورات التي تُدار بالصراخ، أو في نشرات الأخبار التي تتحول إلى مسرحيات درامية، أو في متابعة التفاصيل التافهة لحياة المشاهير على حساب القضايا المصيرية. هل تتذكرون كيف كانت بعض قنوات الإعلام "الأحمق" تغطي حفلًا غنائيًّا في الوقت الذي كانت غزة تشهد مذبحة يومية؟

الخامسة: التلاعب بالحقائق، من مميزات الإعلام الأحمق، فهو يمارس خيانة حقيقية للمهنة، لتعمده التلاعب بالمعلومة، أو حجب الحقائق، أو تحوير الوقائع لخدمة أجندات سياسية أو تجارية أو أيديولوجية. في مثل هذا الإعلام، لا تكون الحقيقة هي الهدف؛ بل التأثير والتوجيه، حتى وإن كان ذلك على حساب المصداقية.

وينشط هذا النوع من الإعلام في فترات الأزمات والحروب؛ حيث تتحول الوسيلة الإعلامية إلى أداة دعائية، تعمل على تغذية الاستقطاب، وبث الكراهية، وتشويه الخصوم. كذلك يستخدم الإعلام غير النزيه التضليل بالصور، أو العناوين المضللة، أو نقل الكلام خارج سياقه، مما يربك المتلقي ويجعله فريسة للغموض والتشويش.

الإعلام "الأحمق" وغير النزيه يؤدي إلى نتائج خطيرة، أبرزها خلق وعي زائف لدى الجماهير، وتعزيز الانقسام داخل المجتمع، وفقدان الثقة في وسائل الإعلام كافة، بما فيها النزيهة. كما يسهم في خلق بيئة خصبة للشائعات ونظريات المؤامرة، ويقوّض القدرة على اتخاذ قرارات عقلانية مبنية على معلومات موثوقة.

بالطبع، لا يكمن الحل فقط في تراجع تأثير الإعلام الأحمق، بل في تواجد إعلام مسؤول، يقف مع الأمة في أزمتها، يُشخِّص عدوها ويعمل على كشف زيفه وعداوته للأمة.

ومواجهة خطر الإعلام الأحمق لا تأتي فقط من إصلاح الإعلام نفسه؛ بل أيضًا من رفع وعي الجمهور، وتعزيز ثقافة التفكير النقدي، وتربية أجيال قادرة على التمييز بين المعلومة الرصينة والدعاية المضللة. كما يجب دعم الإعلام المستقل، وتحصين المهنة بأخلاقيات صارمة تضع الحقيقة فوق كل اعتبار.

إننا مقبلون على عصر ستكون الأخبار قد أنتجتها أدوات الذكاء الاصطناعي، فربما نشهد تلاوة الجزار "نتن-ياهو" لسورة التوحيد، واعتراف شهداء الأمة بأنهم كانوا "عملاء"، وألوان قاتمة قادمة يتم استخدام تلك الأدوات لصناعتها وبيعها للرأي العام،
فهل نحن جاهزون لتوجيه أصابعنا نحو هذا اللون من الإعلام، ومعرفته بدقة متناهية، وتمييز الإعلام النزيه في سوق يختلط فيه الحلو بالحنظل؟

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحقيقة الكاملة.. بيان ناري من أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي

في تصعيد جديد للنزاع القضائي والإعلامي المشتعل بين الإعلامية بوسي شلبي وورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز، أصدر أبناء النجم المصري الراحل بياناً صحفياً مطولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كشفوا فيه حقيقة العلاقة التي جمعت والدهم ببوسي شلبي، والتي أصبحت مادة جدلية في الإعلام والمحاكم خلال الآونة الأخيرة.

ففي حين يؤكد أبناء الفنان الراحل، محمد وكريم محمود عبد العزيز، أن زواجه من بوسي شلبي قد انتهى رسمياً منذ عام 1998، وأنها طوال هذه الفترة كانت تظهر معه كـ”مديرة أعماله فقط”، ردّت الأخيرة عبر محاميها بأنها ظلت على ذمته حتى وفاته، مستندة في ذلك إلى وثائق رسمية تؤكد استمرار العلاقة الزوجية حتى لحظة الرحيل.

وجاء في البيان، الذي نشره الفنان محمد محمود عبد العزيز على صفحته الرسمية في “فيس بوك”، أن الفنان محمود عبد العزيز توفي في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وتم حصر إرثه رسمياً بتاريخ 8 مارس (أذار) 2017، ليقتصر على أبنائه فقط دون أي ذكر لزوجة أو موصى له آخر.

 

وأكد الورثة أن بوسي شلبي لم تتقدم بأي مطالب قانونية أو إعلامية بشأن الميراث لمدة سبع سنوات بعد الوفاة، وهو ما يتنافى، بحسب البيان، مع ما كانت ستفعله لو كانت لا تزال زوجة الفنان قانونياً.

لكن في سبتمبر (أيلول) 2023، فوجئ الأبناء بقيام بوسي شلبي برفع دعوى لإثبات الرجعة عن طلاق وقع عام 1998، أي بعد مرور 25 عاماً على الطلاق، وسبع سنوات على الوفاة.

وخلال تداول الدعوى، استمعت المحكمة لشهادات عدة، بينها شهادة مساعد المأذون الذي أكد أن بوسي شلبي رفضت استلام إشهاد الطلاق حينها، وقامت بطرده من منزلها، ما يُضعف موقفها القانوني في الدعوى.

ورغم تقديمها لعدد كبير من الأوراق والصور والمقاطع المصورة، قضت المحكمة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 برفض الدعوى، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف في 29 أبريل (نيسان) 2024.

وأضاف البيان أنه رغم ذلك لم تتوقف بوسي شلبي عن التصعيد القانوني، إذ تقدمت في مايو (أيار) 2024 ببلاغ ضد المأذون، متهمة إياه بتزوير توقيع الفنان الراحل على وثيقة الطلاق، لكن النيابة العامة، بعد فحص الوثيقة ومضاهاتها بتوقيعات رسمية للفنان، قررت في 1 مايو (أيار) 2025 حفظ التحقيق لعدم وجود شبهة جنائية، مؤكدة أن التوقيع مطابق لتوقيعاته الأخرى، مثل توقيعه على عقد الزواج نفسه.

 

وفي محاولة أخرى، تقدّمت بوسي شلبي بالتماس لإعادة النظر في الحكم بدعوى “الغش والتدليس” من قبل الفنان الراحل وأبنائه، إلا أن المحكمة رفضت الالتماس بجلسة 26 فبراير (شباط) 2025، ما عزز من موقف الورثة قانونياً وأغلق الباب – إلى حين – أمام هذه الاتهامات.

البيان أوضح أيضاً أن أبناء الفنان التزموا الصمت الإعلامي طوال عامين تجاه هذه الادعاءات، لكنهم قرروا كسر صمتهم بعدما أصدرت بوسي شلبي بياناً، عبر مكتبها القانوني، اتهمت فيه أطرافاً، يُفهم ضمناً أنهم الورثة، بمحاولة الاستيلاء على قطعة أرض مملوكة للفنان، الأمر الذي دفعهم للرد العلني “دفاعاً عن سمعة والدهم أوّلًا، ثم أنفسهم أمام الرأي العام”، بحسب تعبير البيان.

وأضافوا: “نعلن احترامنا للجميع، لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام من يسيء لسيرة الفنان الراحل محمود عبد العزيز، ونحتفظ بحقنا القانوني في الرد على كل من تطاول”.

من جهتها، ردت بوسي شلبي ببيان قانوني جديد عبر محاميها، أكدت فيه أن الدعوى التي تم الحديث عنها ليست الوحيدة، مشيرة إلى وجود مسارات قانونية متعددة ما زالت قيد النظر، ومشددة على أنها لم تخسر كافة درجات التقاضي، على عكس ما تم تداوله.

وأوضحت في ختام البيان أن: “هناك الكثير من الأمور التي سيتم توضيحها تباعًا للرأي العام، بما يتماشى مع مجريات التحقيق”.

مقالات مشابهة

  • اليمن يخنُـقُ المجرمَ نتنياهو وترامب يعلنُ الفشل [الحقيقة لا غير]
  • الحقيقة حول بطن ووجه الكورتيزول
  • بعد ضجّة حول فتح صناديق إقتراع في طرابلس.. الداخلية تكشف الحقيقة
  • وزير الداخليّة: كلّ ما يتمّ تداوله بعيد كل البعد عن الحقيقة
  • ثلاث أكاذيب في قلب جامعة هارفارد.. ما الحقيقة؟
  • ترميم الحقيقة في زمن «ما بعد الحقيقة»
  • إلغاء الصف السادس العام القادم.. التعليم توضح الحقيقة
  • الحقيقة الكاملة.. بيان ناري من أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي
  • هل البوشار يزيد الوزن؟ الحقيقة التي لا يعرفها كثيرون