هل تكون بريكس الموسعة حركة عدم انحياز عصرية؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
تطرق الخبير في العلاقات الدولية والسياسة التجارية ديفيد دودويل لأحد الأسئلة الأساسية التي أثيرت خلال انعقاد القمة الخامسة عشرة لدول بريكس في جوهانسبرغ: ما الذي يجمع دولاً لا تملك الكثير من القواسم المشتركة مثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا؟ أو الدول الست، الأرجنتين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا وإيران، التي ستصبح أعضاء في المجموعة العام المقبل؟.
المظالم هي قوة جامعة لدول البريكس
يعتقد البعض أن ما يجمعها هو التظلم من الهيمنة الغربية وازدراءات سابقة. كتب دودويل في صحيفة "ساوث شاينا مورنينغ بوست" أن هذا التحليل ليس خاطئاً لكن ثمة قوى جامعة أخرى تفعل فعلها. أولاً، البريكس هي مجموعة تجاوزت اسمها. ولديها القدرة على أن تصبح المعادل الحديث لحركة عدم الانحياز التي نشأت بعد مؤتمر باندونغ في إندونيسيا سنة 1955، وقد نمت لتشمل 120 عضواً، وأصرت على تجنب التحالف مع إحدى قوتي الحرب الباردة، وأداتيهما العسكريتين: حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو.
في خطاب متلفز، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إن أعضاء البريكس يسعون إلى "عالم أكثر إنصافاً وتوازناً ويحكمه نظام شامل للحوكمة العالمية".
وأضاف أن "قيمة البريكس تمتد إلى ما هو أبعد من مصالح أعضائها الحاليين"، وأن "البريكس الموسعة ستمثل مجموعة متنوعة من الدول ذات الأنظمة السياسية المختلفة، التي تشترك في الرغبة المشتركة بالحصول على نظام عالمي أكثر توازناً". انقلاب التوازن
منذ اجتماعها الرسمي الأول سنة 2009، حققت كتلة البريكس نمواً كبيراً ــ من نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنة 2010 إلى نحو 32 في المئة هذه السنة من حيث تعادل القوة الشرائية ــ بالرغم من أن كل هذا النمو تقريباً جاء من الصين والهند. وسيرفع الأعضاء الستة الجدد هذه الحصة إلى 37 في المئة، حسب الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا. وانعكست هذه الزيادة في الأهمية الاقتصادية للاقتصادات النامية في جميع أنحاء العالم. سنة 1992، كانت الاقتصادات المتقدمة تمثل 57.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما مثلت الأسواق الناشئة 42.2 في المئة.
Expanded #Brics could be successor to the non-aligned movement https://t.co/wujjvgaRNZ
— Shada Islam (@shada_islam) August 26, 2023
لكن بحلول 2023، انقلب هذا التوازن: تمثل الاقتصادات الناشئة 58.9 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، والاقتصادات المتقدمة 41.1 في المئة منه. ومع تزايد الأهمية الاقتصادية، أصبح هناك توقع بوجود صوت أقوى في المنظمات الدولية وتأثير أكبر على قواعد التجارة والاستثمار الدوليين. وتتقاسم بلدان البريكس الخمسة هذا الطموح، وتدرك أنها تتحدث بالنيابة عن مجموعة أكبر بكثير من البلدان.
لذلك، تابع دودويل، في حين أن المظالم هي قوة جامعة لدول البريكس، يبقى أنها ليست مجرد مشاعر الاستياء لما بعد الاستعمار، والتي جمعت أعضاء حركة عدم الانحياز في الخمسينات. تشمل المظالم الأكثر حداثة المصاعب غير المستحقة التي عانى منها الناس، بسبب الأزمة المصرفية الأمريكية سنة 2008 وهيمنة الاقتصادات المتقدمة على المقاعد وقوة التصويت في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأنانية خلال جائحة كوفيد-19 حيال الوصول إلى اللقاحات.
يضاف إلى ذلك الفشل في الوفاء بوعود تقديم الدعم المالي للاقتصادات النامية، التي تكافح من أجل إدارة تأثيرات الاحتباس الحراري العالمي. وهي تشمل أيضاً القلق من تفضيل الولايات المتحدة المتزايد لتسوية النزاعات من جانب واحد، وتفكيك الدور الذي تلعبه منظمة التجارة العالمية في تسوية الخلافات التجارية، واستخدام الدولار الأمريكي كسلاح في فرض العقوبات المالية.
Expanded Brics could be the successor to the non-aligned movementhttps://t.co/CSCk2LfIWs
The grouping is not just held together by postcolonial grievances, but as its economic heft has grown, it has become a voice of the aspirations of the Global South today
The expansion of…
وتعترض دول البريكس على سيطرة الغرب الغني على عملية صنع القرار، وهي مصرة على عدم التدخل واحترام سيادة الدول الأخرى. أضاف دودويل أن أعضاء البريكس تمكنوا من إخضاع خلافاتهم العميقة لهذه القائمة. ربما أصبحت الصين الاقتصاد الأكثر هيمنة في المجموعة إلى حد كبير، لكن بكين تخفف من الخلاف عبر تصوير دورها بأنه استخدام نفوذ البريكس بالنيابة عن الجنوب العالمي ككل. إذاً ما الذي تم تحقيقه في القمة؟ ليس الكثير في ما يتعلق بمسألة العملة الجديدة لمنافسة الدولار الأمريكي، أجاب الكاتب. بدلاً من ذلك، سيشجع قادة البريكس على المزيد من تسوية عمليات التجارة الثنائية بالعملات المحلية.
لقد كان توسيع العضوية الرسمية إلى 11 عضواً بمثابة المفاجأة الكبرى. سوف تعمل الأرجنتين على تعزيز صوت أمريكا اللاتينية؛ ولا تمثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل توفر أيضاً قوة مالية لدعم بنك التنمية الجديد. إثيوبيا تجلب إفريقيا إلى الطاولة. وإيران "توجه عوداً إلى عين الولايات المتحدة". انتظروا ذلك قريباً قال رامافوزا إنه سيتم قبول دول أخرى بمجرد موافقة الدول الأساسية على المعايير. وكانت نحو 40 دولة في قائمة الانتظار قبل القمة. تشير رئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين سنة 2025 إلى أنه ستكون هناك جهود لمواءمة أجندة البريكس مع أجندة مجموعة العشرين، لكن استضافة روسيا لقمة البريكس سنة 2024 تثير تساؤلات حول الاستمرارية على المدى القصير. وفي الوقت نفسه، من الواضح أن اختصار اسم بريكس قد تجاوز عمره المفيد. "انتظِروا اسماً جديداً في وقت قريب"، حسب نصيحة دودويل الختامية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني بريكس فی المئة
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار في غزة يُربك أسواق الذهب.. هل حان وقت البيع أم الشراء؟
أثار إعلان اتفاق وقف إطلاق النار على غزة، تفاعلا واسعا، لم يقتصر على الأوساط السياسية والإنسانية، بل امتد إلى الأسواق المالية، وعلى رأسها سوق الذهب العالمي، الذي شهد تغيرات ملحوظة؛ وسط تساؤلات ملحّة من المستثمرين والأفراد على حد سواء: هل حان وقت بيع الذهب؟ أم ما زال الشراء هو الخيار الأذكى؟
الذهب.. مؤشر الحروب وأداة الحذر
لطالما ارتبط أداء الذهب بالتوترات الجيوسياسية، حيث يُنظر إليه تاريخيا على أنه "الملاذ الآمن" الذي يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الأزمات والحروب. وفي ظل الحرب الأخيرة على كامل قطاع غزة المحاصر، قفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، متجاوزة حاجز الـ4000 دولار للأوقية للمرة الأولى، مدفوعة بمخاوف من اتساع رقعة النزاع في الشرق الأوسط.
لكن مع إعلان اتفاق المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والذي يتضمن خطة لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي الكامل من غزة ومسارا نحو إدارة فلسطينية؛ قد بدأ الذهب بالفعل يفقد بعضا من وهجه الفوري، عقب أن هدأت المخاوف الجيوسياسية نسبيا.
تراجع طفيف.. لكن ليس مفاجئا
انخفضت أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية بنسبة 0.1 في المئة لتسجل 4039.34 دولارا للأوقية، فيما تراجعت العقود الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 0.3 في المئة إلى 4056.67 دولارًا للأوقية. ورغم هذا التراجع الطفيف، لا تزال الأسعار قريبة جدا من مستوياتها القياسية، ما يعكس استمرار وجود عوامل داعمة أخرى.
ووفقًا لتحليلات منصة "إنفستنج"، فإن الذهب لا يزال مدعوما بعوامل اقتصادية عالمية، منها:
القلق بشأن الوضع المالي في اليابان.
استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية.
الأزمة السياسية المتصاعدة في فرنسا.
نبرة التيسير في سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
خبراء: لا داعي للذعر
في ظل هذه التطورات، يرى خبراء الذهب، بحسب عدد من التقارير الإعلامية، المُتفرٍّقة، أنّ ما يحدث في السوق الآن يُعد "تصحيحا مؤقّتا" بفعل عمليات جني الأرباح، وليس تغييرا في الاتجاه العام.
وأشار عدد من الخبراء، بالقول إنّ: "الانخفاض الأخير لا يدعو للقلق، والأسعار قد تعود للارتفاع مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميا".
ووفقا لبيانات السوق، فقد ارتفع الذهب في العقود الفورية بنسبة 0.8 في المئة ليصل إلى 4007.39 دولارا للأوقية، محقّقا مكاسب أسبوعية بلغت 3.2 في المئة. كما ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة بنسبة 1.3 في المئة إلى 4024.40 دولارا للأوقية، وهو ما يعكس استمرار الثقة في المعدن الأصفر، حتى مع تراجع التوترات في غزة.
بين البيع والشراء.. أي قرار؟
مع استقرار الذهب فوق حاجز 4000 دولار، يواجه المستثمرون، ما يوصف بـ"المعضلة التقليدية": هل يبيعون لجني الأرباح، أم يستمرون في الشراء تحسّبا لأي اضطرابات مستقبلية؟ وبين هذا وذاك، ينصح الخبراء باتخاذ موقف "متحفظ وحذر"، خاصة أنّ الأسواق لا تزال تحت تأثير التوقعات الاقتصادية العالمية، وفي مقدمتها توجه الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة، والذي يعتبر محفّزا كبيرا لارتفاع أسعار الذهب.
ماذا تفعل الآن؟
إذا كنت مستثمرا طويل الأمد: احتفظ بالذهب، فالاتجاه العام لا يزال صعوديا.
إذا كنت مضاربا قصير الأجل: قد يكون البيع الآن فرصة لجني أرباح سريعة، مع الحذر من ارتدادات.
إذا كنت تفكر في الشراء: التريث قليلا قد يكون خيارا حكيما، إلى حين اتضاح مسار السوق في ظل التهدئة.
إلى ذلك، على الرغم من أن وقف الحرب على غزة قد خفّف من الضغط الجيوسياسي بشكل مؤقّت، فإن الذهب ما زال مدعوما بعوامل اقتصادية عالمية متشابكة. وبالتالي، فإن قرارات البيع أو الشراء لا يجب أن تُبنى فقط على أخبار السياسة، بل أيضا على قراءة دقيقة لحالة الاقتصاد العالمي واتجاهات البنوك المركزية الكبرى.