باحث أمريكي: عهد ترامب سيكون لحظة مفصلية في صعود القرن الصيني
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
قال باحث في شؤون الصناعة الصينية بجامعة برنستون الأمريكية، إن الصين في المستقبل ستكون مهيمنة أما الولايات المتحدة فستكون غير مهمة.
وقال كيلي تشان في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إن المنظرين السياسيين ظلوا وعلى مدى السنين السابقة ظلوا يتحدثون عن "القرن الصيني" وعالم تتجاوز فيه الصين من خلال إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجيا، الولايات المتحدة الأمريكية، وتعيد توجيه القوة العالمية حول قطب يمر عبر بكين.
ويعلق الباحث قائلا إن هذا القرن ربما بدأت تباشيره. وعندما ينظر المؤرخون إلى الوراء، فقد يحددون بدقة الأشهر الأولى من ولاية الرئيس ترامب الثانية باعتبارها اللحظة المفصلية التي تقدمت فيها الصين للأمام تاركة الولايات المتحدة خلفها.
ويضيف أنه لا يهم إن كانت واشنطن وبكين قد اتفقتا على هدنة غير واضحة المعالم ومؤقتة في حرب ترامب التجارية. فقد زعم الرئيس الأمريكي أنه حقق انتصارا على الصين، مع أن هذا يؤكد على المشكلة الأساسية لإدارة ترامب وأمريكا وهي: التركيز قصير النظر على الاشتباكات غير المهمة في حين خسارة أمريكا الحرب الأكبر مع الصين وبشكل حاسم.
ويضيف تشان أن ترامب يحمل معه معول الهدم ويستخدمه ضد ركائز القوة الأمريكية والابتكار، فتعرفاته الجمركية تعرقل وصول الشركات الأمريكية إلى الأسواق العالمية وسلاسل التوريد وتعرضها للخطر.
ويعمل ترامب على تخفيض تمويل الأبحاث العلمية في الجامعات الأمريكية، وهو ما يدفع أصحاب العقول والباحثين الموهوبين للبحث عن أماكن أخرى خارج الولايات المتحدة. كما أن ترامب يريد التراجع عن برامج مثل الطاقة النظيفة وتصنيع أشباه الموصولات وتقويض القوة الأمريكية الناعمة حول العالم.
وبالمقارنة مع هذه المجالات التي يعمل عليها معول الهدم الترامبي، فإن مسار الصين مختلف تماما.
وتعتبر الصين بالفعل رائدة في الإنتاج العالمي في صناعات متعددة، منها الصلب والألمنيوم وبناء السفن والبطاريات، والطاقة الشمسية والعربات الكهربائية وتوربينات الرياح، والطائرات بدون طيار وأدوات الجيل الخامس للهواتف النقالة والإلكترونيات الاستهلاكية والمكونات الدوائية الفعالة والقطارات السريعة.
ومن المتوقع أن تشكل 45% - أي ما يقرب نصف، التصنيع العالمي بحلول عام 2030.
كما تركز بكين تركيزا قويا وبسرعة الليزر على تحقيق الريادة في المستقبل: ففي آذار/ مارس، أعلنت عن صندوق وطني لرأس المال الاستثماري بقيمة 138 مليار دولار، سيوظف استثمارات طويلة الأجل في أحدث التقنيات، مثل الحوسبة الكمومية والروبوتات، وزادت من ميزانيتها المخصصة للبحث والتطوير العام، وقد كانت نتائج نهج الصين مذهلة.
وعندما أطلقت الشركة الصينية الناشئة "ديب سيك" في كانون الثاني/ يناير عن روبوت الدردشة للذكاء الاصطناعي الخاص بها، اكتشف الكثير من الأمريكيين ان الصين قادرة على التنافس في الذكاء الاصطناعي.
وقد كانت هناك "لحظات سبوتنيك" مماثلة، في إشارة لإطلاق الاتحاد السوفييتي السابق القمر الاصطناعي سبوتنيك 1 في 4 تشرين الأول/ أكتوبر 1957 وهو ما فاجأ الأمريكيين، فقد تفوقت شركة صناعة السيارات الكهربائية "بي واي دي" الصينية والتي سخر منها مالك شركة تيسلا، إيلون ماسك العام الماضي ووصفها بالنكتة، على مبيعات تيسلا العام الماضي وتقوم ببناء مصانع حول العالم. وفي آذار/ مارس أصبحت قيمتها في السوق أكثر من شركات فورد وجنرال موتور (جي أم) وفولكسفاجن مجتمعة.
كما وتتقدم الصين بسرعة في اكتشافات الأدوية، وخاصة علاجات السرطان، وقامت بتركيب المزيد من الروبوتات الصناعية في عام 2023 أكثر من بقية دول العالم مجتمعة.
وفي أشباه الموصلات، السلعة الحيوية لهذا القرن ونقطة ضعف طويلة الأمد للصين، فإنها تبني سلسلة توريد تعتمد على الذات بقيادة الاختراقات الأخيرة لشركة هواوي.
والأهم من ذلك، فإن القوة الصينية في هذه التقنيات وغيرها من التقنيات المتداخلة تخلق حلقة حميدة حيث يعزز التقدم في قطاعات متشابكة متعددة ويدعم بعضها البعض.
إلا أن الرئيس ترامب، لا يزال مهووسا بالتعرفات الجمركية، ويبدو أنه لا يدرك حتى حجم التهديد الذي تشكله الصين. فقبل إعلان البلدين يوم الاثنين الماضي عن اتفاقهما على خفض الرسوم الجمركية التجارية، قلل ترامب من شأن المخاوف من أن رسومه الجمركية الباهظة السابقة على السلع الصينية ستترك رفوف المتاجر الأمريكية فارغة.
وقال إن الأمريكيين يمكنهم ببساطة شراء عدد أقل من الدمى لأطفالهم، وهو وصف للصين بأنها مصنع للألعاب وغيرها من السلع الرخيصة التي عفا عليها الزمن.
وما على الولايات المتحدة أن تدركه، هو أن الرسوم الجمركية أو غيرها من الضغوط التجارية لن تدفع الصين إلى التخلي عن قوانين اللعبة الاقتصادية التي توجه الدولة والتي نجح تطبيقها بشكل جيد، وتدفعها بالتالي لتبنى فجأة سياسات صناعية وتجارية يعتبرها الأمريكيون عادلة.
بل على العكس، فإن بكين تضاعف جهودها في نهجها الذي تقوده الدولة، مما يجلب تركيزا على غرار مشروع مانهاتن (وهو مشروع البحث أثناء الحرب العالمية الثانية لإنتاج السلاح النووي)، لتحقيق الهيمنة في الصناعات التكنولوجية المتقدمة.
ومع ذلك تواجه الصين عددا من التحديات الخطيرة، منها الركود في سوق العقارات الذي يترك أثره المستمر على النمو الاقتصادي، على الرغم من وجود دلائل على أن القطاع قد يتعافى أخيرا.
كما تلوح في الأفق تحديات طويلة الأجل، مثل تقلص القوى العاملة وشيخوخة السكان. لكن المتشككين كانوا يتوقعون ذروة الصين وسقوطها الحتمي لسنوات، ليكتشفوا خطأهم في كل مرة.
ويقول تشان إن القوة الدائمة للنظام الصيني الذي تهيمن عليه الدولة، والذي يمكنه أن يغير السياسات ويعيد توجيه الموارد حسب الرغبة لخدمة القوة الوطنية طويلة الأجل، لا يمكن إنكارها الآن، بغض النظر عما إذا كان أنصار السوق الحرة يحبونها أم لا.
كما أن هوس ترامب العميق بالحلول المؤقتة قصيرة الأجل مثل الرسوم الجمركية، في وقت يقوم به وبنشاط بتقويض كل العناصر التي تجعل أمريكا قوية، لن يؤدي إلا إلى تسريع ظهور عالم تهيمن عليه الصين.
ولو استمر المسار الحالي للدولة، فمن المرجح أن تنتهي الصين إلى الهيمنة الكاملة على التصنيع المتطور، من السيارات والرقائق إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والطائرات التجارية
ولن تدور معركة التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين ولكن بين المدن الصينية عالية التقنية مثل شنزن وهانغجو. وستعيد المصانع الصينية في جميع أنحاء العالم تشكيل سلاسل التوريد مع وضع الصين في المركز، باعتبارها القوة التكنولوجية والاقتصادية العظمى البارزة في العالم.
وعلى النقيض من ذلك، قد ينتهي الأمر بأمريكا كدولة متراجعة جدا. فمع خضوعها للرسوم الجمركية، ستبيع شركاتها منتجاتها حصريا للمستهلكين المحليين.
وسيؤدي فقدان المبيعات الدولية إلى تراجع أرباح الشركات، مما سيقلل من الأموال المتاحة للاستثمار في أعمالها.
وسيضطر المستهلكون الأمريكيون إلى الاكتفاء بسلع أمريكية الصنع ذات جودة متوسطة لكنها أغلى من المنتجات العالمية، نظرا لارتفاع تكاليف التصنيع في الولايات المتحدة.
وستواجه الأسر العاملة ارتفاعا في نسب التضخم وركودا في الدخول. فقد تمت خسارة الصناعات التقليدية الأمريكيةعالية القيمة، مثل صناعة السيارات والأدوية للصين، وستتبعها صناعات المستقبل المهمة.
ويقول تشان إن تجنب هذا السيناريو المظلم يعني اتخاذ خيارات سياسية، اليوم، بحيث تكون واضحة وتحظى بدعم الحزبين: الاستثمار في البحث والتطوير ودعم الابتكار الأكاديمي والعلمي والشركات وبناء علاقات اقتصادية مع دول العالموتهيئة مناخ جذاب ويرحببالمواهب ورؤوس الأموال الدولية.
ومع ذلك، فإن إدارة ترامب تفعل العكس في كل من هذه المجالات.
وسواء كان هذا القرن صينيا أم أمريكيا، فهذا أمر متروك لنا لنقرره، مع أن الوقت ينفذ بسرعة لحرف المسار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الصينية الرسوم الجمركية امريكا الصين رسوم جمركية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إما القبول أو الرفض.. ترامب يرسل خطابات الرسوم الجمركية إلى 12 دولة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه وقّع خطابات إلى 12 دولة تحدد معدلات الرسوم الجمركية المختلفة التي ستواجهها على السلع التي تصدرها إلى الولايات المتحدة، على أن تُرسل على أساس "إما القبول أو الرفض" وذلك يوم الاثنين.
وفي تصريحات للصحفيين على متن طائرة الرئاسة في أثناء التوجه إلى ولاية نيوجيرسي، رفض ترامب تحديد الدول المعنية قائلا إن ذلك سيُعلن يوم الاثنين.
وردا على سؤال حول خططه للرسوم الجمركية، قال ترامب "وقعت على بعض الخطابات وسيتم إرسالها يوم الاثنين، ربما 12 (رسالة)… مبالغ مالية مختلفة، ورسوم جمركية مختلفة".
وأضاف على متن الطائرة الرئاسية الجمعة أن إرسال مذكرات سيكون أسهل بكثير من "الجلوس والقيام بـ15 شيئا مختلفا".
وتابع "قمنا بذلك مع المملكة المتحدة، وكان الأمر عظيما لكل من الطرفين، ندرك أن لدينا عجزا معينا وفي بعض الحالات فائضا، لكن ليس في حالات كثيرة … وهذا ما ينبغي عليكم تسديده إن أردتم التعامل (مع) الولايات المتحدة".
كان ترامب قد قال للصحفيين يوم الخميس إنه يتوقع إرسال الدفعة الأولى من الرسائل يوم الجمعة -الذي كان عطلة وطنية في الولايات المتحدة– لكن الموعد تغير.
وأعلن ترامب في أبريل/نيسان الماضي عن رسوم أساسية بنسبة 10% وأخرى إضافية على معظم الدول يصل بعضها إلى 50% في حرب تجارية عالمية قلبت الأسواق المالية رأسا على عقب ودفعت الحكومات إلى اتخاذ إجراءات لحماية اقتصاداتها.
مع ذلك، تم تعليق جميع الرسوم الجمركية باستثناء الأساسية البالغة 10% في وقت لاحق لمدة 90 يوما لإتاحة المزيد من الوقت للتفاوض على اتفاقات.
وتنتهي تلك الفترة في التاسع من يوليو/تموز الحالي، ومع ذلك قال ترامب في وقت مبكر من أمس الجمعة إن الرسوم الجمركية قد تكون أعلى من المستويات التي أعلن عنها في السابق، ليصل بعضها إلى 70%، وإن من المقرر أن يدخل معظمها حيز التنفيذ في أول أغسطس/آب المقبل.
وقال ترامب وكبار مساعديه في البداية إنهم سيشرعون في مفاوضات مع عشرات الدول حول نسب الرسوم الجمركية لكن الرئيس الأميركي تراجع عن هذه العملية بعد انتكاسات متكررة مع شركاء تجاريين رئيسيين منهم اليابان والاتحاد الأوروبي.
إعلانولم يتطرق إلى توقعاته بإمكانية التوصل إلى بعض اتفاقات التجارة الأوسع نطاقا قبل انتهاء فترة تعليق الرسوم الجمركية في التاسع من يوليو/تموز الحالي.
ويعكس هذا التحول في إستراتيجية البيت الأبيض وجود تحديات أمام إتمام الاتفاقات التجارية المختلفة، بدءا من الرسوم الجمركية ووصولا إلى حواجز غير جمركية مثل الحظر على الواردات الزراعية، وخصوصا في إطار زمني قريب.
واستغرقت معظم اتفاقات التجارة السابقة سنوات من المفاوضات لإتمامها.
ولم تتوصل واشنطن حتى الآن إلى اتفاقات سوى:
مع بريطانيا في مايو/أيار الماضي للإبقاء على رسوم جمركية عند 10% مع الحصول على معاملة تفضيلية لبعض القطاعات مثل السيارات ومحركات الطائرات. والأسبوع الماضي مع فيتنام إذ جرى تخفيض الرسوم الجمركية على الكثير من السلع الفيتنامية إلى 20% بدلا من 46% التي كان ترامب قد هدد بها سابقا على أن يُسمح للكثير من المنتجات الأميركية بدخول فيتنام معفاة من الرسوم. اتّفقت واشنطن وبكين على خفض الرسوم الجمركية بينهما مؤقتا.