محمد أبوزيد كروم يكتب: كيف ينهض السودان المعطوب؟
تاريخ النشر: 23rd, May 2025 GMT
لست من المتشائمين أبداً في صلاح حال السودان، أو عبوره من الضوائق التي تتزايد بشكل مستمر. فقبل سنوات قليلة، أيام عهد الرئيس المشير البشير، كنا نتحدث عن ضرورة الإصلاح السياسي في ظل وجود دولة ومؤسسات وأمن وغيرها. وكان كل مجهودنا منصبًا في ذلك، لكن السودانيين عجزوا عن تحقيق ذلك حتى حدث التغيير في أبريل من العام 2019.
ثم بدأنا مرحلة خطيرة في تاريخ السودان، حيث تلاطمت البلاد بأمواج التدخل الخارجي، والحكومة الضعيفة، والكوادر الهشة. حتى أصبح قرار السودان في يد غيره، ومضينا في البحث عن (عظم) الدولة نفسها فلم نجده!!
وصل بنا الأمر إلى مرحلة أكثر خطورة، وصارت البلاد بفعل شراكة وثيقة العام 2019 ومكونات الشراكة في حالة فشل، كراهية، وهشاشة أكثر من بيت العنكبوت. وأصبح قرارنا في يد الآلية الرباعية، وسفراء الدول. لم تعد للدولة هيبة ولا وقار، وصار السودان بلا وجيع، وتوزعته قوى الشر، والجهل، والخيانة من أبنائه. ثم وصلنا إلى الحرب، وحتى الحرب أصبحت مدخلًا للتكسب السياسي والابتزاز. حيث عرفت مجموعة الخيانة الحرب بغير اسمها ورسمها الحقيقي رغم وضوحها الساطع. ولا تزال هذه القوى الشاذة تدافع عن سردياتها الخائنة وتتبناها حتى هذه اللحظة، بالرغم من كل هذا الموت، والقبح، والدمار.
إننا أمام تحديات حقيقية تحتاج إلى قراءة ومكاشفة. وهذه التحديات تتمثل في الشخصية السودانية، أي نحن. أو قل: أمام الشخصية السياسية السودانية. ولندع تحليل الشخصية السودانية بشكل عام لمجال آخر، ونركز على الشخصية السياسية السودانية. قد يتساءل أي شخص: ما الذي يحدث للسودانيين والسودان؟ ما هذا التنازع، وما هذا الصراع، وما هذه المعارك؟
السودانيون يمتلكون صفات طيبة لا تتوافر في غالبية شعوب العالم، وهذا باتفاق شعوب العالم فينا. ولكننا نحتاج إلى تحليل ما يحدث من غالبية الناس تجاه بلدهم، وشعبهم، وأهلهم. أنا هنا لا أقصد المتمردين من الدعم السريع، فهؤلاء قتلة مجرمون بطبعهم. أنا أقصد العديد من النخب والسياسيين. هل نحن نواجه مشكلة في الهوية الوطنية المشتركة؟ أم نحن مكونات شعب هش غير متماسك، جمعتنا دولة وجغرافيا بسلطة الأمر الواقع؟ أم أن لدينا أزمة في التربية الوطنية؟ كيف يمكن للكثير منا أن يخون بلاده، ويرتهن للأجنبي، ولا يحرك فيه تدمير بلاده ساكنًا؟ لماذا لا يعنيه موت الناس، وتدمير البنى التحتية، والنزوح وفقدان الحاضر والماضي والمستقبل؟
هل نحن شعب فيه شيء من الحسد؟ أم نحن شعب منظراتي لا يعمل، خُلق ليعترض؟ ويكره الناجحين والعاملين؟ من الذي يتحمل ما تعيشه بلادنا الآن؟ وكيف نواجه هذا القدر الكبير من المؤامرات والدسائس ضد بلادنا ونحن بهذا الضعف والتشتت؟ ما يواجه بلادنا يحتاج إلى تماسك، ووحدة، وجبهة قوية غير متوفرة لدينا حاليًا. ومع ذلك، أنا متفائل بغدٍ أفضل، ولكن الحقيقة حالتنا تحتاج إلى دراسة.
محمد أبوزيد كروم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محمد سعيد حميد يكتب : يا بلادي
يا بلادي
يا بلادي،
كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ
من دمي،
كلُّ نسمةٍ في هوائكِ
من شذى أُمّي وأبي.
يا بلادي،
أغرِسْ قلبي في وريدك،
يُزهِرِ العزُّ في رحابك،
أزرعْ قبلةً في جبينك،
تُنشِرِ البهجةُ في سماكِ.
يا بلادي،
لكِ أسرارُ وُدِّي،
فافرحي،
لكِ فؤادي،
فانهضي،
أنتِ أغلى من دمي.
يا بلادي،
هائمٌ أنا بعشقك،
دون عطرِ أرضك،
دون نَسمةِ بحارك،
دونكِ لا أرضَ لي...
هكذا علّمني أبي.
يا بلادي،
ما أجملَ قلبي
حين صار منزلَك،
ينشدُ عزّةَ اسمك.
فما العيشُ دونك؟
غيرُ لَظى روحي وروحك.
يا بلادي،
صوتكِ الملتاعُ ينادي،
سُمُّ الأفاعي في دمي،
كالبسوسِ مزّقَ دربي.
يا بلادي،
فؤادي قُربانُ مجدك،
ما خُلِقَ من سيُذِلُّك!
أبذلُ الروحَ رخيصاً،
إن سقطتُ يوماً شهيداً،
فاهتفوا:
نسرٌ في السماءِ حلّق،
هامَتُهُ في العُلا تخفق.
يا بلادي،
كلُّ أوجاعكِ
أوجاعي،
كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ
من دمي.
أغرِسْ روحي برُوحك،
هكذا علّمني أبي...
يا بلادي،
يا بلادي.