يا بلادي
يا بلادي،
كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ
من دمي،
كلُّ نسمةٍ في هوائكِ
من شذى أُمّي وأبي.
يا بلادي،
أغرِسْ قلبي في وريدك،
يُزهِرِ العزُّ في رحابك،
أزرعْ قبلةً في جبينك،
تُنشِرِ البهجةُ في سماكِ.
يا بلادي،
لكِ أسرارُ وُدِّي،
فافرحي،
لكِ فؤادي،
فانهضي،
أنتِ أغلى من دمي.
يا بلادي،
هائمٌ أنا بعشقك،
دون عطرِ أرضك،
دون نَسمةِ بحارك،
دونكِ لا أرضَ لي.
هكذا علّمني أبي.
يا بلادي،
ما أجملَ قلبي
حين صار منزلَك،
ينشدُ عزّةَ اسمك.
فما العيشُ دونك؟
غيرُ لَظى روحي وروحك.
يا بلادي،
صوتكِ الملتاعُ ينادي،
سُمُّ الأفاعي في دمي،
كالبسوسِ مزّقَ دربي.
يا بلادي،
فؤادي قُربانُ مجدك،
ما خُلِقَ من سيُذِلُّك!
أبذلُ الروحَ رخيصاً،
إن سقطتُ يوماً شهيداً،
فاهتفوا:
نسرٌ في السماءِ حلّق،
هامَتُهُ في العُلا تخفق.
يا بلادي،
كلُّ أوجاعكِ
أوجاعي،
كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ
من دمي.
أغرِسْ روحي برُوحك،
هكذا علّمني أبي...
يا بلادي،
يا بلادي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يا بلادي شعر عربي شعر وطني
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: غزة بين أنقاض الجوع والكرامة
رغم هذا التجويع المُدبر، ورغم هذه المجاعة المصطنعة، لا تزال غزة تحمل في طياتها شيئًا يستحق العيش من أجله، يتمسك أهلها بكرامتهم وهم يبحثون عن فتات قوت يومهم.
لا تزال المقاومة في عيونهم، ونبضًا لا ينقطع في قلوبهم.. قد تكون موائدهم خاوية، لكن أرواحهم لا تنكسر.
هذا الجوع.. مهما طال لن يكون إلا فصلًا جديدًا في صمودهم.. لقد تعلم أهل غزة كيف يحولون الألم إلى قصة وحكاية تروى، والحصار إلى أمل، والركام إلى منازل جديدة.
سترتفع أصواتهم فوق جوعهم، كاشفةً عن سرقة المساعدات، وكاسرةً لحصار الصمت.
ما يحدث في غزة اليوم جريمة بكل معنى الكلمة - جريمة تشترك فيها آلة الاحتلال الوحشية، وصمت المجتمع الدولي، والأيادي التي تستغل المساعدات على حساب الجوعى.
ولن يُسجل التاريخ إلا الحقيقة: (أن شعبًا مُحاصرًا جاع، ومرض، ونام على الأرض بلا مأوى، بينما نُهبت شاحنات المساعدات أمام أعين العالم).
وغدًا، عندما تهدأ الحرب، ستبقى المجاعة جرحًا غائرًا في ذاكرة غزة.. سيتحدث العالم عن غزة كجيبٍ لم يذعن للجوع، ولم تُهزمه المساعدات المسروقة، منطقة صمدت، تُقاتل حتى آخر رغيف خبز، حتى آخر نفس.
بين صور المعاناة.. واقعًا قاسيًا - واقعًا لا يُمكن تجاهله بكلمات عابرة.. لا تُظهر الصور أطفالًا جوعي فحسب؛ بل تكشف عن استراتيجية مكشوفة تهدف إلى تحطيم روح شعب ينزف منذ أكثر من نصف قرن من الزمان.
تُشير صور سوء التغذية الحادة والأطفال الضحايا إلى انحدارٍ مُفاجئ نحو مجاعة مُطلقة، حيث يعيش نصف مليون فلسطيني تقريبا في مناطق كارثية.
وصلت مناطق مثل شمال غزة إلى مستويات "انهارت فيها المناعة الطبيعية" لدى ملايين الأشخاص، كما أظهرت صور لأشخاص يبحثون عن النباتات البرية ويشربون مياه مُنكّهة بالأعشاب لدرء الجوع.
تتأخر قوافل المساعدات لساعات، بل لأيام، عند معابر مثل كرم أبو سالم ورفح، حيث تمنع نقاط التفتيش الإسرائيلية الدخول باستمرار.
شهدت حادثة وقعت مؤخرًا في جنوب غزة لتدافع حشود للحصول على ما وُصف بسخرية بأنه "طعام إسرائيلي مؤقت" - وهو توزيع قامت به منظمةٌ جديدة مدعومةٌ من إسرائيل والولايات المتحدة (مؤسسة غزة الإنسانية).
تحول المشهد إلى عنف: أُطلقت طلقات تحذيرية وذخيرة حية على مئاتٍ من الناس الجائعين في العراء، ما أسفر عن سقوط ضحايا.
هذا ليس مجرد جوع.. إنه سلاح جديد والصور خير دليل.