مايو 25, 2025آخر تحديث: مايو 25, 2025

ريم خليل

في عصرٍ بات فيه الدم الفلسطيني مستباحاً على شاشات العالم، خرج صوت من أقاصي الغرب من قلب شيكاغو، لا يحمل جنسية فلسطين، لكنه حمل وجعها وألمها في قلبه. إلياس رودريجز، المواطن الأميركي ذي الثلاثين عاماً ذو الأصول المكسيكية، ارتكب فعلاً صَدَم المؤسسة الصهيونية في عقر دارها – أمام متحف العاصمة اليهودي في واشنطن، مردداً: “من أجل غزة… الحرية لفلسطين”.

إلياس لم يُدرّب في معسكر، ولا تربّى في بيئة مقاومة، لكنه كغيره من أحرار هذا العالم، شاهد صور أشلاء الأطفال، وسقوط الأبراج، والصرخات الخارجة من رحم غزة المحاصرة. وحين ضاقت روحه، اختار أن يفعل شيئاً… أي شيء. وفي لحظة، صار خبراً عالمياً

إلياس رودريجز هو تجلٍّ جديد من تجليات المقاومة غير التقليدية، تلك التي لم تعد محصورة في بنادق المخيمات، بل صارت تسكن في صدور من لم يروا فلسطين قط، لكنها تسكن وجدانهم.

السلطات في الولايات المتحدة اعتقلته فوراً، وقد يحكم عليه، وقد يطمر اسمه تحت عناوين “الإرهاب” و”معادات السامية”. لكن ما لن يستطيعوا طمره هو السبب: غزة.

إنها ليست عملية منظمّة، ولا فعلاً مخططاً من جهة مقاومة، لكنها فعل احتجاجي فردي عنيف، يعكس مدى اتساع دوائر الغضب حول العالم من المجازر اليومية في غزة، من مذبحة الأطفال إلى محارق المستشفيات، إلى أنقاض البيوت فوق رؤوس ساكنيها الى تدمير المُدمر..

ما فعله رودريجز، سلّط الضوء على الحقيقة الأخلاقية التي يحاول العالم التهرب منها: أن فلسطين، لم تعد مجرد قضية عربية أو إسلامية، بل صارت صرخة إنسانية تتردد في صدور الأحرار، ولو كانوا على بعد آلاف الأميال.

الاحتلال، الذي يجيد صناعة الرواية وتضليل الرأي العام، يسارع اليوم لتصوير إلياس كمجرم وحيد، متطرف بلا قضية. لكن كلمات الرجل لحظة اعتقاله، وهتافه “من أجل غزة” و”الحرية لفلسطين”، تكفي لتقول إن القضية باتت ضميراً عالمياً، وإن نار العدوان تحرق القلوب قبل الأجساد.

إنه فعل فردي – نعم. لكنه أيضاً مؤشر عميق: أن الدم الفلسطيني صار عنوانًا للغضب الأممي، وأنه كلما زاد القتل، زادت ارتدادات الرفض، بأشكال قد لا ترضى عنها المؤسسات، لكنها لا تستطيع إنكار أنها بنت اللحظة، وأنها ابنٌ من أبناء الغضب.

إنه مرآة جديدة نُطل بها على عالمٍ بدأ يثور، فرداً فرداً، لأن آلة القتل الصهيونية بحق شعب فلسطين تجاوزت كل حدود الصمت الممكن. في زمنٍ خذلت فيه العواصمُ العربية فلسطين، ها هو الصوت يأتي من شيكاغو، ليذكّرنا: فلسطين ليست وحدها.

وليس بعيداً عن هذه الروح المقاوِمة، نتذكر الشهيد محمد حسن الحسيني، الشاب اللبناني من بلدة شمسطار البقاعية، الذي نفّذ في تموز 2012 عملية استشهادية استهدفت حافلة تقلّ سياحاً إسرائيليين في مطار بورغاس ببلغاريا. وظل جثمانه محتجزاً لأكثر من 13 عاماً قبل أن تسلم السلطات البلغارية رفاته إلى أهله في بيروت

هذه العملية لم تكن الأولى، ولا الأخيرة، بل هي جزء من مسيرة نضال مستمرة، تؤكد أن الدم المقاوم لن يذهب هدراً، وأن شعبنا ماضٍ في دربه مهما طال الزمن .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

حواء السودانية والدة صحيح، لكنها ليست مدربة تنمية بشرية

أجمل مافي صعوبة التشكيل الوزاري، ومن حسنات الحرب على بؤسها، أنه ثبت تماما أن الوهم بأن هذه المواقع جاذبة للكوادر المحايدة والجيدة وأن الحكومة لديها كونتينر من الكفاءات الجاهزة الكاملة في أي لحظة، غير صحيح .. المواقع جاذبة لمن لا يعرف خطورتها، أو لمن لا صنعة له ولا رزق له الا في السلطة، وأن من يرغب في الوظيفة الثابتة المستقرة يهرب منها كما يهرب الصحيح من الجذام. وأن من يصلح للمواقع هو من يشترط ويخلف رجل على رجل، ولا يرضى أن يشترط عليه.

حواء السودانية والدة صحيح، لكنها ليست مدربة تنمية بشرية، ولا تصنع من الفسيخ شربات، ولذلك صانع القرار في وقت الجد يكتشف أن ال48 مليون مواطن أمامه هم 8 فقط، أحدهم مغترب لا يرغب في العودة إلا بإذن زوجته، والثاني لا يرغب في المغامرة وخايف من الأسافير، والثالث متردد أو كثير المشاورة وربما يزايد ويعتذر، والخمسة البقية نظام سابق.

قلت صبيحة تعيين بروف كامل إدريس أن أقل ما يوصف به هذا الرجل هو البطولة، فالحكم تحت صرير المسيرات ليس نزهة، وأن الآخر العميل في قحت يطلب السلطة ومتحمس لها لأنه يقف في صف من يطلق المسيرات ليس لأنه شجاع.

هذا الآخر لا هم له في الصحة ولا التعليم لأن لديه (شماعة) جاهزة سيعلق عليها أخطائه ويرفع عنها التقارير للخارج .. جيش ونظام سابق وكيزان و بقية القاموس ..
لكن الحكومة الوطنية تتحمل الاخطاء وتتحمل مسئولية اصلاحها … فرق كبير للغاية.
عندما يكتمل التشكيل الوزاري .. سأسميها حكومة الأبطال وليس الأمل.

قلت لكم من قبل، أي التزام لاي جهة خارجية أو داخلية بحظر أو تصنيفات .. سيكون الخروج منه صعبا، وسيأتي الزمن الذي يتلاشى فيه ترف الاختيار وقد جاء.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • فيدان: مأساة غزة تمثل فشلا للإنسانية لكنها أكبر للعالم الإسلامي
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا ويكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • One UI 8 يصل رسميا بخصائص رهيبة… لكنه قادم للأجهزة القديمة تدريجيًا
  • غزة تفاوض على المستقبل العربي
  • أردوغان: العالم يقف متفرجا على الفظائع في فلسطين
  • علاء شلبي: مصر أكثر دولة انتصرت لحقوق الإنسان في فلسطين
  • هل تعمد دوناروما إصابته؟.. موسيالا يكسر حاجز الصمت
  • رواتب العسكريين معلّقة للشهر الثالث.. والحكومة في مرمى الغضب الشعبي
  • حواء السودانية والدة صحيح، لكنها ليست مدربة تنمية بشرية