آفاق الدبلوماسية الاقتصادية العُمانية
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
حمود بن علي الطوقي
منذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في 11 يناير 2020، تبنّت سلطنة عُمان رؤية جديدة للسياسة الخارجية، ترتكز على تكامل الاقتصاد والدبلوماسية في مشهد واحد.
وتجسّد هذا التوجّه من خلال سلسلة من زيارات الدولة التي قام بها جلالة السلطان لعدد من الدول الخليجية والعربية والأوروبية، حملت في مضمونها أبعادًا اقتصادية واضحة، تستهدف بناء شراكات استراتيجية وتنويع مصادر الدخل الوطني.
شملت هذه الزيارات دول مجلس التعاون الخليجي التي تحتفي بمرور 44 سنة على تأسيس هذا الكيان الذي ظل متماسكا طوال الأربع عقود الماضية ونيف، وشملت زيارة جلالته في زيارة دولة كلًا من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ومملكة البحرين، ودولة الكويت، وزار جلالته دولا عربية شقيقة مثل جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية الجزائر. كما زار جمهورية تركيا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا وروسيا الاتحادية. وما يجمع بين هذه الدول أنَّ السلطنة أبرمت معها عددًا من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الاستثمارية في مجالات استثمارية وتجارية مثل مجالات الطاقة المتجددة، والصناعة، واللوجستيات، والتعليم، والابتكار، والسياحة، وغيرها من المجالات الاقتصادية التي تهدف إلى رفع مكانة السلطنة كبلد جاذب للاستثمارات الأجنبية.
وتُقدّر القيمة الإجمالية لهذه الاتفاقيات- حسب بعض المصادر- بما يزيد عن 70 مليار دولار أمريكي؛ ما يعكس جدية التوجّه العُماني نحو استقطاب استثمارات نوعية ذات قيمة مضافة. للاقتصاد الوطني.
ولعل أبرز ما يميز هذه الزيارات والتي حملت طابعًا رسميًا، أن جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- يحرص على اصطحاب الوزراء والمسؤولين التنفيذيين؛ بما يعكس الرغبة في تحويل الاتفاقيات من أوراق موقعة إلى مشاريع حقيقية على أرض السلطنة.
ونحن كصحفيين ومتابعين للشأن الاقتصادي، نرى بوضوح أن القيادة الحكيمة لجلالة السلطان ترسم خارطة طريق انطلاقًا من رؤية "عُمان 2040"، وهي الرؤية التي أشرف جلالته على صياغتها شخصيًا؛ لتكون بوصلة التحول الوطني في مختلف القطاعات. ومن هذا المنطلق، فإن متابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات ليست خيارًا؛ بل واجبًا وطنيًا، لما لها من قدرة على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية، وتعزيز مكانة السلطنة كمركز جذب للاستثمارات الإقليمية والدولية.
نجزم أن البنية الأساسية العُمانية، بما فيها من موانئ حديثة، ومناطق اقتصادية متخصصة، وقوانين استثمار جاذبة، أصبحت اليوم مهيأة تمامًا لاستقبال استثمارات ذات تأثير مباشر على النمو، التوظيف، والتنافسية. ويتفق معنا المراقبون أن هذه الدبلوماسية الاقتصادية ستجعل من سلطنة عُمان محطة إقليمية مهمة في خارطة الاقتصاد العالمي، وركيزة أساسية لتحقيق رؤية "عُمان 2040".
ومن هنا.. فإننا نؤكد أهمية ترجمة هذه الاتفاقيات الموقعة الى واقع فعلي وملموس، وأن مسؤولية المتابعة والتفعيل تقع اليوم على عاتق الجهات التنفيذية؛ لضمان ترجمة هذه الاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة تساهم في إعادة رسم المشهد الاقتصادي لعُمان المستقبل.
وأخيرًا.. نقول إن هذه الاتفاقيات التي وُقِّعت مع هذه الدول الشقيقة والصديقة، نتطلع لأن نرى تطبيقها في أقرب فرصة ممكنة ولا تكون مجرد اتفاقيات على الورق.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«ميثاق غليظ» يواصل توعيته بأحكام الزواج في جامع السلطان قابوس الأكبر
تواصلت فعاليات البرنامج التأهيلي التوعوي «ميثاق غليظ» في جامع السلطان قابوس ببوشر، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ممثلة بالمديرية العامة للوعظ والإرشاد، وذلك في إطار جهود التوعية بأحكام الزواج وشروطه وفق المنهج الشرعي المتكامل.
وقدّم الشيخ عبدالله بن أحمد السليمي، أمين فتوى بمكتب الإفتاء محاضرة توعوية بعنوان «أحكام النكاح»، تناول خلالها المفهوم الشرعي للنكاح باعتباره عقدًا يجمع بين الرجل والمرأة على أساس المودة والرحمة، مبينًا أن النكاح في الإسلام يُعد من سنن الفطرة وله بعد ديني واجتماعي وإنساني.
وأوضح السليمي أن النكاح يُحقق أهدافًا سامية، منها: تلبية الحاجة الفطرية وتحقيق العفة والإعانة على طاعة الله وتكوين أسرة صالحة تسهم في بناء المجتمع. كما أشار إلى أن أحكام النكاح تختلف باختلاف حال الشخص، فقد يكون واجبًا أو مندوبًا أو مباحًا أو حتى مكروهًا أو محرمًا وفقًا للظروف والنية والقدرة.
وتطرّق إلى أهمية مرحلة الخطبة باعتبارها وعدًا بالزواج لا يترتب عليه آثار العقد، مشيرًا إلى جواز النظر للمخطوبة بشرط الجدية.
كما شرح المحاضر المحرمات من النساء بسبب النسب أو الرضاعة أو المصاهرة، مؤكدًا على ضرورة فهم هذه الضوابط لتفادي الوقوع في محظورات شرعية تؤثر على صحة الزواج.
وفي سياق الحديث عن عقد الزواج، أشار السليمي إلى أن شروطه تشمل رضا الطرفين ووجود الولي والشهادة والمهر، مع الصيغة الشرعية للإيجاب والقبول، مؤكدًا أن المهر حق للمرأة يُعبّر عن تكريمها.
وتناول الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، موضحًا أن للمرأة حق النفقة والسكن والمعاشرة بالمعروف، كما أن عليها حفظ بيتها وطاعة زوجها في المعروف. وتحدّث عن بعض الأنكحة غير المشروعة كنكاح الشغار والمتعة والتحليل، مبينًا عدم جوازها لما فيها من مخالفة لمقاصد الزواج في الإسلام.
وأشار إلى أهمية حسن العشرة والمعاملة الطيبة، معتبرًا القوامة مسؤولية يتحمّلها الرجل وليست تسلّطًا، في مقابل طاعة المرأة واستقرارها الأسري.
وفي ختام المحاضرة، أكد الشيخ عبدالله بن أحمد السليمي أن الزواج نعمة عظيمة، وسنة كونية، إذا أُقيم على طاعة الله وبُني على أسس الرحمة والمودة، فإنه يثمر أسرة مستقرة ومجتمعًا متماسكًا.
كما قدمت الدكتورة حنان بنت حميد السيابية، باحثة في القضايا الفقهية المعاصرة، محاضرة بعنوان «أحكام الزواج»، حيث تناولت فيها عدة جوانب شرعية واجتماعية وطبية مرتبطة بالزواج.
وأوضحت السيابية أن الزواج في الإسلام ليس مجرد عقد اجتماعي، بل هو ميثاق غليظ يحمل في طياته الأحكام الشرعية الدقيقة التي تتناسب مع ظروف كل فرد، وهذا ما أكدته السنة أن «الزواج وسيلة لحفظ الفرج وغض البصر». كما استشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء».
كما استهلت الدكتورة حنان في شرح الأحكام الخمسة المرتبطة بالزواج، التي تراوحت بين: «الوجوب، والندب، والكراهة، والتحريم، والإباحة». وتطرقت الى شرح معايير اختيار الزوجين، مؤكدة أن الدين والخلق هما الأساس، مع مراعاة العرف والقدرة على تحقيق مقاصد الزواج.
وشرحت السيابية أن الخطبة في الإسلام هي مجرد «وعد بالزواج» وليس عقدا ملزما، وذكرت الأحكام المتعلقة به: «كتحريم خطبة المعتدة أو المتزوجة وحرمة التقدم على خطبة المسلم إلا بأذنه، وحكم الهدايا عند العدول عن الخطبة».
ولم تغفل المحاضرة عن تسليط الضوء على القضايا الطبية المعاصرة التي تؤثر على الزواج مثل، زواج المصابين بالإيدز والإرشاد الوراثي. وفي ختام المحاضرة اختتمت الدكتورة بآداب ليلة الزفاف.