#سواليف

تدريبٌ على الغياب: العَتَبةُ النَّصِّيَّة بوصفها مفتاحًا تأويليًّا في عالم #طارق_عودة القصصي

د. #مي_بكليزي

العتبةُ النصيّةُ التي نلجُ من خلالها إلى عالم طارق عودة القصصي، ق. ق. ج. وق. ق.، هي عتبةٌ مشحونةٌ بالدلالات، ومفتوحةٌ على التأويل.

مقالات ذات صلة الكاتبة الأردنية ميرڤت الأحمد .. اكتب لإيماني بقوة الكلمة وقدرتها على التغيير وإضاءة الطريق 2025/05/31

تدريبٌ على الغياب؛ فلولا أنَّ الغيابَ ثقيلٌ ومُضنٍ، لما احتجنا إلى “تدريبٍ” عليه!
يُفجِّر العنوانُ وعينا بما يختزنه النسقُ الثقافيُّ المُضمرُ من خيباتٍ وخذلانٍ، وإحباطاتٍ تفتكُ بالنفوسِ وتُقوِّضُ المعنويات.


فلا تُمعنوا في التوسُّمِ بالأفضلِ ممّن أحسنتم إليهم يومًا؛
فالوعودُ أثقالٌ على عواتقِ حامليها، تطوّقهم بالرغبةِ في الهروبِ من مواثيقها المغلظة، وديونها المؤجَّلةِ طويلًا.

العتبةُ مشرعةٌ على التأويل: لغويًا، نفسيًا، رمزيًا، ودلاليًا.
جاء العنوانُ جملةً اسميةً بدأت بمصدرٍ صريحٍ (تدريب)، في بنيةٍ لغويةٍ نادرة، ما أكسبه شحنةً دلاليّةً عاليةً توحي بضرورةِ تعلُّم تقنياتِ الغياب، والاستعدادِ له، بل والتعايشِ مع حضورهِ الطارئ أو الدائم.

النَّكِرتان “تدريب” و”غياب” تفتحان الدلالة على العموم، فالغيابُ هنا لا يخصُّ حالةً بعينها، بل يشمل كلَّ ما فقدناه: الوطن، الحبيب، الأهل، الأمان، وحتى الذّاتُ حين تغترب عن نفسها.

إنَّه تدريبٌ بالإكراه، لا بالاختيار؛ لأنَّ الغيابَ في جوهرهِ مفروضٌ علينا، قسرًا لا طوعًا، لذا نحتاجُ إلى تمرينِ النفسِ على التحمُّلِ والتجاوز، وعلى اجتيازِ هذه العقبة الكَأْداء التي لا تخلو من الألم.

في القصة القصيرة لدى طارق عودة، يبدأُ النصُّ بالمفارقة، وينتهي عندها؛ حيثُ القفلةُ المدهشةُ التي تكسرُ أفقَ توقُّع القارئ، فتدفعُ تفكيرهُ -كما اللغةُ ذاتها- إلى نهايةٍ منفيةٍ، غائبةٍ عن السياق، غير متوقعةٍ، تمامًا كما هو الغيابُ نفسه.

وما إن استطاع الحصول على فراغٍ، حتى شرع بتأثيثه!
يا لها من مفارقةٍ وجوديةٍ لاذعة! الفراغُ والتأثيثُ؟!
نزاعٌ داخليٌّ في بناءِ المعنى، يسير في منعطفٍ خطيرٍ يذهبُ بالعقلِ إلى حافَّة التساؤلِ والذهول.
لا منطقَ، لا تراتبيةَ تقليديةَ للأحداث!
قولٌ مقتصدٌ في ألفاظه، مُكثَّفٌ في دلالاته، شاحذٌ لهمَّةِ القارئ، يدفعه للاندماجِ مع النصِّ وتقبُّلِ دلالته المتطرفةِ حدَّ التنافرِ الظاهري.

هكذا تمضي شذراتُ هذا الوهج القصصيّ الوامض، لتُحدثَ في القارئ ارتياعًا لا يهدأ، وقلقًا معرفيًّا يُعاكسُ الرقةَ والسكون، فيوقظُ بركةَ الفكرِ النائمة، ويُحرّكها على هيئةِ حلقاتٍ متسعةٍ تتوالى وتتعمق.

هنا، تكمن عبقريةُ طارق عودة في استثمارِ “الغياب” لا كفكرةٍ فحسب، بل كمناخٍ بنائيٍّ، وجسرٍ تأويليٍّ يعبُرُ عليه القارئُ إلى أفقٍ سرديٍّ مغاير، قائمٍ على الإدهاش، والتكثيف، والتمرد على النمطي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف طارق عودة مي بكليزي طارق عودة

إقرأ أيضاً:

جوعاهم في الجنة.. وبياناتنا في النار!

صراحة نيوز- بقلم / نضال

لن أكتب أرقامًا يتناقلها الإعلام والسياسيون والمنظمات الإنسانية، ولن أزيدها ولو بياناً واحداً؛ فهي كلها قاصرة، بعيدة عن الواقع في حقّ غزة. فأغلب دول العالم لم تتعلم العدَّ والحساب في عقولها في هذا الزمن لأكثر من أصابع اليد، فكانت الآلة الحاسبة بيد مالك الهيمنة الدولية هي من تقوم بكل أعمالنا الحسابية، دون أن نراجعها فكرياً وإنسانياً بقرار واحد نافذ ولو مرة واحدة. فكيف لعقولنا والعالم اجمع أن تستوعب أو تحاسب وتحسب حال أهل غزة وأطفالها، ونحن أشخاص في اغلبنا لا نملك، في حق كل بيان وتصريح، قبل كل فاعل، إلا أن نقول: “حسبنا الله ونِعم الوكيل”.

عالمنا هو عالمٌ منزوع النخوة والضمير، هو عالمٌ يُمتهن التسويف والتبرير، عالمٌ أكبر مواقفه كلمات في مجلس شيوخ، أو ندوة لمجموعة طلابية، أو مسيرة مليونية، أو خطاب في برلمان لدولة أوروبية، أو اجتماع لمن أطلقوا على أنفسهم منظمات حقوق إنسان او حماية دولية. عالم يعيش صحوة كاذبة وأغلبه عالمٌ يدّعي الصحوة — ولا أتحدث هنا عن الدين، فليس من حقي — عالمٌ تدير بعضَه عصابات، وتتناطح في غيره سياسات، وتتفرد في قوانينه وأحكامه أحياناً شخوصُ غباء وسماسرةُ فنادق وعقارات، حتى وصل بأرعنهم أن يرى في شخصٍ، هو أمكرُ نماذج القتل والدمار، أنه يستحق الترشح لجائزة “رجل السلام”! فياللعار!! فهل من عاقلٍ يقبل كل هذه الدسائس؟ أو يستوعب حال أطفالٍ في غزة يستشهدون لغياب لقمة عيش، أو شربة ماء، أو حبة دواء؟!
في غزة أطفال هم شهداء الإنسانية الصامتة.. في غزة، أطفالٌ لا يُستشهدون لنقص الغذاء، بل لنقص وجبة إنسانية في مجتمعٍ يدّعي أنه من الأخيار.. في غزة، أطفالٌ لا يُستشهدون لنقص شربة ماء، بل لجفاف ماء وجهِ عالمٍ لا ترى في ملامحه غير رعونة من يدّعون أنهم من الأبرار.. في غزة، أطفالٌ لا يُستشهدون لقلة أو ندرة أو تأخر وصول دواء، بقدر غياب جرعة مسؤولية دولية حقيقية تقف خلفهم، ومعهم، وتُسند آخر رمق حياة في أعلى نقطة في سمائهم فهم باذن الله من الأبرار. في غزة، جوعاهم في الجنة.. وبياناتُ العالم كلها رمادٌ وسط النار!
في دعم غزة، وبعد اشهر طويلة لن تجد كما هو الأردن، بكل طاقاته وفئاته ومؤسساته وأفراده، وفوق كل ذلك سياسته وقيادته، من يبذل ويعيش ما يُفترض أن يكون سكونَ ليله قبل حركة نهاره، في دعم وصمود وحياة أطفال ونساء وشيوخ بين القصف وركام الدمار، ممن أنهكتهم بياناتُ الشجب الدولية والاستنكار، والدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار، أو إغاثة من اختاره الله لجواره، رحمةً بهم ولهم، من العيش بين مجموعة من يدّعون أنهم بشر، ولكن في أغلبهم هم ثلة أشرار.
في غزة، متى سيستفيق العالم ويصل إلى مستوى الإنسانية أو الصدق في القرار؟ ومتى يتعلم العالم من الأردن ما يبذله، بكامل الهمّة والصدق والنخوة والإصرار، في زمنٍ غاب فيه كل الأخيار؟ في غزة اكبر من الشهادة والصمود، في غزة، شوكة اصحاب حق غرسها ابناؤها هم فقط وليس غيرهم، في حلق المستوطن والمحتل غصة، وكل اعوانه من عالم قائم على الاستهتار، بروح وبركة طفل شهيد يسكن ارضاً يدعي مغتصبها انه شعب الله المختار.

مقالات مشابهة

  • أحدث صور لأعمال تطوير عمارة تيرينج وعدد من شوارع العتبة
  • جوعاهم في الجنة.. وبياناتنا في النار!
  • لو المفتاح اتكسر جوا الباب.. ازاى تخرجه بدون نجار
  • نرحب بك | كلية أزهرية توجه رسالة مؤثرة إلى القارئ الكفيف بعد النجاح
  • حصل على 86%.. والدة القارئ الكفيف: فرحنا بابننا في رمضان عايزين غيرنا يفرح
  • الأول على الثانوية الأزهرية : الثقة في الله سر التفوق والتزامي مفتاح نجاحي
  • عقوبة لميسي وألبا بعد الغياب عن مباراة نجوم الدوري الأمريكي
  • سنن الجمعة.. مفتاح البركة ومضاعفة الحسنات ونيل السعادة في الدنيا والآخرة
  • إعادة اكتشاف أصغر ثعبان في العالم ببربادوس بعد عقدين من الغياب
  • «إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح».. موضوع خطبة الجمعة اليوم 25 يوليو 2025