أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة PNAS أن نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-4o من OpenAI يظهر سلوكًا يشبه التنافر المعرفي، وهي ظاهرة نفسية بشرية تُعرف بتناقض المواقف بين السلوك والمعتقدات.

والتنافر المعرفي في علم النفس هو حالة من التوتر الذهني تحدث عندما يتعارض سلوك الفرد مع معتقداته أو قيمه، مما يدفعه إلى تعديل أحدهما لتخفيف هذا الصراع الداخلي، وقد صمم العالمان ماهزارين باناجي وستيف لير تجربة لاختبار هذه الظاهرة على GPT-4o، حيث طلبا من النموذج كتابة مقالين متعارضين حول رجل الأعمال إيلون ماسك، أحدهما مؤيد والآخر ناقد.

ولاحظ الباحثان أن النموذج غيّر “مواقفه” تجاه ماسك اعتمادًا على المحتوى الذي أنتجه، خاصة حينما منحه حرية اختيار وجهة نظر المقال، وأوضح البروفيسور باناجي أن النموذج، رغم تدريبه على كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بماسك، انحرف عن موقفه المحايد بعد كتابة مقال قصير، في ظاهرة مشابهة لما يحدث للبشر عند مواجهة تحيزات غير عقلانية.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الظاهرة تحاكي ميكانيزمات نفسية معقدة تعمل في الدماغ البشري، حيث يميل الإنسان إلى تعديل معتقداته لتتوافق مع أفعاله، خاصة إذا عزى تلك الأفعال إلى اختيارات شخصية حرة، وهذا يسلط الضوء على هشاشة “القناعات” التي تتبناها نماذج اللغات الكبيرة، التي يمكن لتجربة قصيرة أن تؤدي إلى تغييرات جذريّة في مواقفها.

وأكد الباحثون أن هذه النماذج لا تمتلك وعيًا أو نية مسبقة، وإنما تحاكي ببراعة العمليات النفسية البشرية، بما في ذلك التحيزات والتناقضات، دون إدراك حقيقي.

واعتبر البروفيسور لير أن قدرة GPT على محاكاة التنافر المعرفي تلقائيًا تعكس عمق التفاعل البنيوي بين أنظمة الذكاء الاصطناعي والعمليات الإدراكية البشرية.

واختتم الفريق البحثي بأن هذه النتائج تفرض إعادة نظر جذرية في فهمنا لكيفية عمل الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرد آلة لمعالجة النصوص، بل نموذج قادر على إعادة إنتاج التعقيدات النفسية والاجتماعية التي لطالما اعتبرناها حكراً على العقل البشري.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي شات جي تي بي نموذج ChatGPT الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يقلل إشعاع التصوير الطبي بنسبة 99%

طوّر باحثون في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا (HKUST) تقنية ذكاء اصطناعي جديدة تعيد بناء نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة للعظام والأعضاء اعتماداً على عدد محدود من صور الأشعة السينية، مما يقلل تعرض المرضى للإشعاع بنسبة تصل إلى 99% مقارنة بالتصوير المقطعي (CT).
وتعزز التقنية سلامة المرضى، وتقلل التكاليف وفترات الانتظار، وتُستخدم في تخطيط الجراحات، التصوير الفوري، والغرسات المخصصة.
ويتعاون فريق الجامعة مع شركات منها "Koln 3D" المتخصصة بطباعة العظام لتطبيق التقنية في المستشفيات العامة.

- انظر أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. رئيس "ChatGPT" يجيب

تصوير ذكي بأقل إشعاع
تُستخدم الأشعة المقطعية عادةً لتشخيص الحالات المعقدة، مثل التشوهات والكسور والأورام، لكنها تعرض المرضى لمستويات عالية من الإشعاع، مما يشكل خطورة خاصة على الأطفال والحوامل وكبار السن، وفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس" المتخصص في الأبحاث الطبية.
ويقود المشروع البروفيسور لي شياومينغ، أستاذة مساعدة في قسم الهندسة الإلكترونية والحوسبة، ومديرة مشاركة لمركز التصوير والتحليل الطبي بالجامعة، وقد طوّر خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أقل من 1% من لقطات الأشعة المطلوبة في التصوير المقطعي.
وتشمل مزايا التقنية:
- أمان أعلى: تقليل الإشعاع بنسبة 95%–99%.
- سرعة: إنشاء صور عالية الجودة في أقل من دقيقة باستخدام 2 إلى 4 صور أشعة فقط.
- خفض التكاليف: الأشعة المقطعية تكلفتها أعلى من الأشعة السينية بـ 6 إلى 8 مرات.
- تقليل فترات الانتظار: المواعيد في المستشفيات العامة قد تتطلب 3 أسابيع للتصوير المقطعي، مقابل ساعات للأشعة السينية.

- قد يعجبك أيضاً: الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة

حلول جراحية مخصصة
يتعاون الفريق مع "Koln 3D" لتطبيق التقنية في نمذجة العظام حسب الطلب، الزرعات الشخصية، والتوجيه الجراحي الفوري.
وأوضحت البروفيسورة لي أن الاستخدامات لا تقتصر على طباعة العظام، بل تشمل تحسين دقة التصوير ثلاثي الأبعاد، والتي تبلغ حالياً أكثر من 97% مقارنة بالتصوير المقطعي، مع السعي إلى رفع هذه النسبة مستقبلاً.
كما أشارت إلى نية التوسع في مجالات مثل التخطيط العلاجي الشخصي والتوجيه الجراحي الفوري.
وقال إدموند ياو، مؤسس "Koln 3D"، إن التقنية حلت مشكلة الوقت: "كنا نحتاج لأيام من التصوير والنمذجة، أما الآن فيمكن إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد من صورتين أشعويتين خلال 30 ثانية فقط، مما يسرّع التدخلات العاجلة ويقلل التكاليف بنسبة 50%–70%".
وأضاف الدكتور تسه لونغ فونغ، استشاري العظام في مستشفى خاص: "على مدى 30 عاماً، عاينت مرضى يتعرضون مراراً للأشعة المقطعية لمتابعة التعافي. هذه التقنية تقلل الإشعاع بأكثر من 90% مع دقة غير مسبوقة، وتتيح تصميم زرعات شخصية في دقائق، مما يسرّع التعافي".

- اقرأ أيضاً: نموذج ذكاء اصطناعي جديد يكشف مؤشرات السرطان مبكراً

توسّع مرتقب
سيبدأ اختبار التقنية خلال الأشهر القادمة في أحد المستشفيات العامة، وقد تعتمد رسمياً في النظام الصحي العام بحلول العام المقبل.
كما يجري الفريق محادثات مع مستشفيات أخرى لتوسيع استخدام التقنية إلى تصوير القلب والرئتين، بهدف تحسين جودة التشخيص وسرعة التخطيط الجراحي.

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة أداة ذكاء اصطناعي مجانية تعد تقارير طبية مثل الأنظمة التجارية الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل النقوش اللاتينية وتأريخها

مقالات مشابهة

  • دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
  • الذكاء الاصطناعي يفضّل الاستشهاد بالمحتوى الصحفي
  • فيديو.. مباراة تنس بلا نهاية بين روبوتات غوغل لتدريب الذكاء الاصطناعي
  • البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
  • الذكاء الاصطناعي يساعد على توقع الخصائص الكيميائية
  • أهم ما يميز أداة الذكاء الاصطناعي نوت بوك إل إم من غوغل
  • كشف دليل داعش السري: كيف يستخدم التنظيم الذكاء الاصطناعي؟
  • الذكاء الاصطناعي يقلل إشعاع التصوير الطبي بنسبة 99%
  • الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل النقوش اللاتينية وتأريخها