أهم ما يميز أداة الذكاء الاصطناعي نوت بوك إل إم من غوغل
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
كشفت "غوغل" خلال مؤتمر المطورين هذا العام عن عدة أدوات ذكاء اصطناعي لتطويرها، وفي مقدمتها جاءت التحسينات على "نوت بوك إل إم" (Notebook LM) التي أحدثت ضجة كبيرة عالمية منذ طرحها للمرة الأولى، إذ تختلف كثيرا عن أدوات الذكاء الاصطناعي المعتادة.
ولاقت الأداة استحسان الخبراء فور طرحها، إذ وصفها موقع "سي نت" (Cnet) بكونها أداة الذكاء الاصطناعي المثالية للعمل أو الدراسة، وذلك رغم اختلافها الكبير عن أدوات الذكاء الاصطناعي المعتادة مثل "جيميناي" و"شات جي بي تي" التي تعتمد على الدردشة المباشرة بين المستخدم والأداة، ولكن ما هي أداة "نوت بوك إل إم"؟ ولماذا لاقت كل هذا الاستحسان؟
ما "نوت بوك إل إم"؟يمكن وصف هذه الأداة عبر وصفها بأنها أداة تسجيل ملاحظات معززة بقدرات "جيميناي" للذكاء الاصطناعي، إذ يمكنك توجيه الأسئلة مباشرة إلى الأداة لتقوم بالإجابة.
ويعني هذا أنك تقوم بتزويد الأداة بمجموعة من المصادر سواء كانت روابط وصفحات إنترنت أو مقاطع صوتية أو مقاطع فيديو وصورا ملتقطة من خلال هاتفك، ثم تقوم بتوجيه السؤال إلى الأداة لتبحث عن الإجابة بهذه المصادر التي قمت بتزويدها بها فقط.
وهو ما يجعل هذه الأداة مثالية للمساعدة على الدراسة أو البحث في المستندات وملفات العمل، إذ يمكنك تزويدها بالملفات التي ترغب فيها ثم تطلب منها إيجاد معلومة بعينها داخل هذه المستندات أو الصور لتقوم بالبحث تلقائيا حتى تجد الإجابة التي تبحث عنها.
ولا يقف دور "نوت بوك إل إم" هنا فقط، فهي تقوم بعمل تلخيص كامل لكافة الملاحظات والمصادر التي قمت بتزويدها بها، وتبدأ بعرض مجموعة من المعلومات الملخصة وبناء خرائط ذهنية وملاحظات صوتية وربما مقاطع فيديو أيضا لبعض المعلومات الموجودة بالمصادر الخاصة بها.
تطبيق مخصص للهواتف والحواسيبتتوفر أداة "غوغل" في تطبيق مخصص للهواتف والحواسيب، ورغم أن الواجهة تختلف كثيرا بين التطبيقين، إلا أن كليهما يؤديان الغرض مع كون تطبيق الحاسب أكثر شمولية وأبسط في الاستخدام، وتجدر الإشارة إلى أن الأداة وصلت مؤخرا إلى الهواتف المحمولة ولم تكن متاحة مسبقا.
وتنقسم واجهة تطبيق الحاسب إلى 3 أجزاء، الأول هو جزء المصادر التي قمت بتزويد الأداة بها، ثم جزء للدردشة المباشرة مع الأداة والسؤال عن المصادر، والجزء الأخير وتطلق عليه الأداة "استوديو" الذي يقدم مزايا الأداة بشكل مكثف ويتيح لك الوصول إلى كافة خباياها.
إعلانوفي تطبيق الهواتف، يمكنك التنقل بين الأجزاء الثلاثة عبر قائمة التطبيق الرئيسية، وهي تقدم المزايا ذاتها تقريبا وتؤدي الوظائف ذاتها بشكل مبسط، ولكن يجب الملاحظة أن تطبيق الهواتف لا يضم كافة مزايا نسخة الحاسب.
توليد المقاطع الصوتية لمعاينة المصادرتقدم الأداة مجموعة متنوعة من المزايا، ولكن تعد ميزة توليد المقاطع الصوتية لمعاينة وتلخيص المصادر هي الأهم فيها، كونها تتيح لك تلخيص المصادر وبناء مقطع صوتي متكامل يشرح لك المصدر كأن شخصا ما قام بتسجيله.
كما أعلنت "غوغل" في مؤتمرها الأخير إتاحة التحكم الكامل في هذا المقطع، وإمكانية التعديل عليه بما يتناسب مع خيارات المستخدم وتفضيلاته، بدءا من تحديد مدة المقطع الصوتي وإن كان طويلا أو قصيرا أو حتى إمكانية التفاعل مع المقطع والتحكم في النقاط التي يغطيها.
وأضافت "غوغل" ميزة أخرى جعلت الأداة أكثر قوة، إذ أتاحت طورا جديدا يدعى الطور التفاعلي، وباستخدامه يمكن لك التفاعل مع المقطع الصوتي الذي يعمل، فيمكنك الضغط على زر المشاركة ليقوم المتحدث في المقطع الصوتي بالتوقف وسؤالك عما ترغب به، وبعد ذلك تقوم بسؤاله كيفما ترغب ليقوم بتقديم الإجابة لك.
وتعد ميزة المقاطع الصوتية التفاعلية إحدى أهم المزايا التي تقدمها الأداة وأكثرها استخداما بشكل عام، وذلك لأنها توفر تجربة تفاعلية قلما توجد في أدوات الذكاء الاصطناعي.
توليد مقاطع الفيديومن المتوقع أن تقدم "نوت بوك إل إم" تحديثا جديدا خلال الشهور القادمة إضافة ميزة توليد مقاطع الفيديو -بالشكل الذي يحدث مع المقاطع الصوتية- والتي تعمل على شرح المصادر والتفاصيل الخاصة بها بشكل سهل وسلس مباشرة من خلال مقاطع فيديو يتم توليده عبر الأداة ويمكن التحكم فيه.
لم تكشف "غوغل" عن الوقت المتوقع لوصول هذه الميزة بعد، ولكن يمكن أن تصل خلال الشهور القادمة وقبل نهاية العام.
توليد الخرائط الذهنيةيعتمد الملايين عالميا على أسلوب الخرائط الذهنية في الدراسة وفهم الأمور المعقدة، وبينما كان بناء هذه الخرائط الذهنية يستغرق وقتا طويلا، فإن أداة "نوت بوك إل إم" قادرة على توليدها في ثوان معدودة.
ويمكنك إضافة مجموعة من المصادر والكتب التي تعد دليلا لتعليم أي شيء ثم تطلب منها بسهولة ويسر أن تقوم بتوليد خريطة ذهنية تساعدك على تعلم هذا الأمر، وفي ثوان معدودة تظهر أمامك الخرائط الذهنية بشكل مباشر وسريع.
وتظهر الخريطة الذهنية على شكل مجموعة من النصوص والخيوط التي تربط بينها، وعند الضغط على أي نص أو رابط، يظهر أمامك مربع البحث ليخبرك بالمزيد من التفاصيل على هذا الجانب وتحليله بشكل أكثر.
استخدامات "نوت بوك إل إم"رغم أن هذه المزايا تبدو قليلة بعض الشي، فإنها تتيح العديد من الاستخدامات المتنوعة والمبتكرة للأداة، ولا تقف عند المساعدة على الدراسة.
ومن بين أهم الاستخدامات، يمكنك بناء صفحة الأسئلة الشائعة الموجودة في الكثير من المواقع والبرمجيات مباشرة عبر استخدام هذه الأداة، إذ كل ما تحتاج إليه هو إضافة موقعك والمحتوى الذي تعتمد عليه إلى الأداة، وتطلب منها توليد صفحة الأسئلة الشائعة.
كذلك يمكنك استخدام الأداة لبناء خط زمني واضح للأحداث الزمنية المختلفة، وهو الخط الزمني الذي يمكن أن يستخدم من قِبل صناع محتوى التاريخ أو حتى الراغبين في فهم التاريخ ودراسته بشكل أفضل، ويمكن بالطبع الاعتماد على الأداة لتوليد وثائق الإحاطة والملخصات الضرورية للأعمال.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الذکاء الاصطناعی المقاطع الصوتیة المصادر التی هذه الأداة مجموعة من
إقرأ أيضاً:
البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
في ظاهرة تبدو كأنها خرجت من قصص الخيال العلمي، كشفت دراسة حديثة أن البشر بدؤوا بالفعل تبني أسلوب لغوي يشبه إلى حد كبير أسلوب الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي.
هذا التحول الصامت، الذي رصده باحثون في معهد "ماكس بلانك لتنمية الإنسان" في برلين، لم يقتصر على المفردات فحسب، بل امتد إلى بنية الجمل والنبرة العامة للحديث، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل اللغة والتنوع الثقافي في عصر هيمنة الآلة ومنطقها في التفكير.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"كل ما نريده هو السلام".. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيوبياlist 2 of 2سيرة أخرى لابن البيطار بين ضياع الأندلس وسقوط الخلافةend of list تسلل إلى حواراتنا اليوميةاعتمدت الدراسة، التي لم تنشر بعد في مجلة علمية وتتوفر حاليا كنسخة أولية على منصة (arXiv)، على تحليل دقيق لمجموعة ضخمة من البيانات اللغوية، شملت ما يقرب من 360 ألف مقطع فيديو من منصة يوتيوب الأكاديمية و771 ألف حلقة بودكاست. وقام الباحثون بمقارنة اللغة المستخدمة في الفترة التي سبقت إطلاق" تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022 وما بعدها، وكانت النتائج لافتة.
لاحظ الفريق البحثي زيادة حادة في استخدام ما أطلقوا عليه "كلمات جي بي تي"، وهي مفردات يفضلها النموذج اللغوي، مثل "delve" (يتعمق)، "meticulous" (دقيق)، "realm" (عالم/مجال)، "boast" (يتباهى/يتميز)، و"comprehend" (يستوعب). هذه الكلمات، التي كانت نادرة نسبيا في الحوار اليومي العفوي، شهدت طفرة في الاستخدام. على سبيل المثال، ارتفع استخدام كلمة "delve" وحدها بنسبة 48% بعد ظهور تشات جي بي تي.
وللتأكد من هذه "البصمة اللغوية"، قام الباحثون باستخلاص المفردات التي يفضلها النموذج عبر جعله يعيد صياغة ملايين النصوص المتنوعة. ووجدوا أن استخدام هذه الكلمات في كلام البشر المنطوق ارتفع بنسبة قد تصل إلى أكثر من 50%، مما يؤكد أن التأثير لم يقتصر على النصوص المكتوبة، بل امتد إلى المحادثات اليومية.
تغير في الأسلوب والنبرةالمفاجأة الكبرى في الدراسة لم تكن في المفردات فحسب، بل في النبرة الأسلوبية العامة. لاحظ الباحثون أن المتحدثين بدؤوا يتبنون أسلوبا أكثر رسمية وتنظيما، وجملا أطول، وتسلسلا منطقيا يشبه إلى حد كبير المخرجات المنظمة للذكاء الاصطناعي، بعيدا عن الانفعالات العفوية والخصوصية اللغوية. هذه الظاهرة تعني أننا نشهد مرحلة غير مسبوقة: البشر يقلدون الآلات بطريقة واضحة.
إعلانيصف الباحثون ما يحدث بأنه "حلقة تغذية ثقافية مغلقة" (closed cultural feedback loop)؛ فاللغة التي نعلمها للآلة تتحول، بشكل غير واع، إلى اللغة التي نعيد نحن إنتاجها.
يقول ليفين برينكمان، أحد المشاركين في الدراسة: "من الطبيعي أن يقلد البشر بعضهم بعضا، لكننا الآن نقلد الآلات"، في مشهد يؤكد تحول الذكاء الاصطناعي إلى مرجعية ثقافية قادرة على التأثير في الواقع البشري.
تآكل التنوع اللغويرغم الطابع الطريف الذي قد تبدو عليه هذه الظاهرة، فإن الدراسة تحمل في طياتها تحذيرا جادا حول مستقبل التنوع الثقافي واللغوي. يلفت الباحثون الانتباه إلى أن اعتمادنا المفرط على أسلوب لغوي موحد، حتى لو بدا أنيقا ومنظما، قد يؤدي إلى تآكل الأصالة والتلقائية والخصوصية التي تميز التواصل الإنساني الحقيقي.
وفي هذا السياق، يحذر مور نعمان، الأستاذ في معهد "كورنيل تك"، من أن اللغة عندما تكتسب طابع الذكاء الاصطناعي قد تفقد الآخرين ثقتهم في تواصلنا، لأنهم قد يشعرون بأننا نسعى لتقليد الآلة أكثر من التعبير عن ذواتنا الحقيقية.
تشير الدراسة إلى أن ما بدأ كأداة للمساعدة في الكتابة والبحث قد تحول إلى ظاهرة ثقافية واجتماعية مرشحة للتوسع. فإذا كان الإنترنت قد أدخل على لغتنا اختصارات تقنية مثل "LOL"، فإن ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لعلاقة أعمق وأكثر تعقيدا بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.
وتؤكد هذه النتائج أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هي مرآة للسلطة الثقافية ومنبع للهوية. ومع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء من هذه السلطة، فإن تبنينا لأسلوبه قد يعني أننا، وبشكل غير محسوس، نفقد جزءا من شخصيتنا وهويتنا اللغوية الفريدة في ساحة معركة هادئة تكتب فيها فصول جديدة من تاريخ التواصل البشري.