الحرب تُطيل عُمر نتنياهو
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
يعتقدُ الكثير من المتابعين للأوضاع في وطننا العربي، أنَّ العربدة الصهيونية ومسلسل القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن وسوريا نتاج قوة الكيان الصهيوني وضعف الآخر وعظم خسائره، بينما الحقيقة تقول إنَّ استمرار الحرب من قبل الكيان يخدم حزب الليكود ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاءه من اليمين المُتطرِّف بكيان العدو؛ لأنَّ إعلان وقف الحرب من طرفهم يعني تقليب صفحات يومياتها ونتائجها، وبالنتيجة زوال "النتن" واليمين من المشهد، وعرضهم على المحاكم، مثلما كان مصير إيهود أولمرت رئيس حكومة العدو بعد حرب يوليو 2006؛ حيث حُوكم بتهم فساد وأودع السجن، بينما كان مصير الصقور في طاقمه الحكومي العزل والوفاة السياسية؛ حيث غابوا عن المشهد نهائيًا.
بالطبع لا يُمكن مُقارنة ما أحدثه أولمرت بالكيان في حرب يوليو 2006 بما أحدثه نتنياهو اليوم في "طوفان الأقصى"؛ حيث بدَّد عناد وإصرار "النتن" على مواصلة الحرب سرديات العدو التي تسلَّح بها وتستر خلفها طيلة أكثر من 7 عقود من الصراع، من قوة عسكرية لا تُقهر وقوة استخبارية لا يُمكن مواجهتها، وتطور تقني يفوق دول المنطقة ويجعلها تحت رحمة الكيان المؤقت، ولم يكتفِ "النتن" وطاقمه المتطرف بذلك؛ بل أحرق جميع أوراقه العسكرية والأمنية دفعة واحدة في ميدان المعركة؛ لتحقيق جاه شخصي ونصر استراتيجي واحد، لكنه فشل في جميع مساعيه!
والأدهى والأمرّ من كل ذلك، هو عجزه التام عن إزالة خطر فصائل المقاومة وقادتها وسلاحها، رغم كل ما فعله، وهنا مقتله ومقتل من أيَّده ودعمه وتحالف معه.
إصرار "النتن" اليوم على المزيد من القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن لم يُظهر عجزه وضعفه وكذبه في الداخل فحسب؛ بل ألَّب عليه الرأي العام العالمي كمجرم حرب سيدفع ثمنها وسيدفع بالكيان نحو حالة تصنيف عالمي جديد لم يكن مُصنَّفًا فيها قبل "طوفان الأقصى" نتيجة تستُّره خلف سرديات ومبررات سوَّقتها اللوبيات المُناصِرة له في الغرب للتغطية على جرائمه واحتلاله.
الرأي العام الغربي وفي شرق وجنوب الكرة الأرضية اليوم، لم يعد بحاجة إلى وسيط، كما لم يعد مُجبرًا على تصديق كل ما يُسكب في عقله من مخدرات عقلية وسرديات إعلامية لا تنتمي الى الحقيقة بشيء، في ظل تفشِّي ظاهرة التقنية والإعلام الاجتماعي في العالم والذي أصبح يغطي الحدث ويصنعه وينقله حول العالم في ثوانٍ معدودة.
أعود الى التذكير بمسلمات من واقع يوميات "طوفان الأقصى" المُبارك، وهي أن المُنتصِر يُملي شروطه ولا يدخل في مفاوضات مُطلقًا، وأنَّ الخطر الداهم على العدو والمتمثل في فصائل المقاومة وسلاحها، ما زال باقيًا، وسيكون للفصائل الكلمة الفصل وبجدارة في المشهد القادم، وأن الأهداف المُعلنة والضمنية التي خاض من أجلها العدو هذه الحرب والمتمثلة في التهجير من قطاع غزة والقضاء على فصائل المقاومة ونزع سلاحها في لبنان وغزة لم تتحقق.
وتبقى الحقيقة الكبرى وهي، لو أنَّ العدو تمكن حقيقةً من القضاء على "خطر" فصائل المقاومة وسلاحها، لكان اليوم على أرض غزة وجنوب لبنان مُنفِّذًا لمخططاته، ومُحقِّقًا لأهدافه دون مشاورة أو استئذان من أحد كأمر واقع.
قبل اللقاء:
وقد يُمزقنا غدر الرصاص هنا... أو هاهنا // فنروع القتل إصرارًا
لأننا ما ولدنا كي نموت سُدىً // بل كي نُعمر بعد العمر إعمارًا
نصفر كالخوخ كي نندى جنى وشذى // كالبذر نُدفن كي نمتد إثمار
لكي نعي أننا نحيا نموت كما // تفنى الأهلة كي تنساب أقمار
شعر: عبدالله البردوني.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تحليل: صفقة نهاية حرب غزة أسقطت أهدافها و"نتنياهو" رضخ للمقاومة صاغرًا
غزة - خاص صفا
بينما يجني رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، الفشل تلو الآخر، بإعلان انتهاء الحرب على غزة، تُرضخه المقاومة بغزة على أن يوقف الحرب ويتسلم أسراه على طاولة المفاوضات، لا بالقوة العسكرية كما كان يُصر.
انتهت الحرب على غزة، وبقيت غزة، وجنت المقاومة بل والضفة الغربية ثمار هذه الملحمة، التي خاضتها المقاومة والمواطنين بغزة وحدهم، حسبما يقول مختصون بالشأن السياسي.
وأطلقت كتائب "القسام" بغزة صباح يوم الاثنين سراح 20 أسيرًا إسرائيلياً من الأحياء، مقابل إطلاق سلطات الاحتلال سراح 1716 فلسطينياً غزياً عند مجمع ناصر الطبي بالقطاع، و250 فلسطينيا كانوا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد في سجون إسرائيلية إلى الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وإلى الخارج.
ويأتي ذلك ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل" الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الجمعة الماضي.
ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقوم على عدد من البنود منها: وقف الحرب، انسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، إطلاق متبادل للأسرى، دخول فوري للمساعدات إلى القطاع.
رضوخ "نتنياهو" مرغمًا
ويقول المحلل السياسي طلال عوكل لوكالة "صفا"، "اليوم يجني نتنياهو الفشل تلو الآخر ويجر من شعره بدون رضاه للموافقة على خطة الرئيس ترامب".
ويضيف "نتنياهو الذي كان يصر على الإفراج عن أسراه بالقوه العسكرية، حتى يتجنب الإفراج عن أسرى فلسطينيين، تجبره المقاومة اليوم على أن يدفع هذا الثمن صاغراً".
ويجزم عوكل بأنه "لا يمكن لأحد عاقل أن يقلل من أهمية الإفراج عن هذا العدد الكبير من الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالمؤبدات".
ويوضح أن "إسرائيل" وعلى وجه الخصوص المتطرف "ايتمار بن غفير"، كانت ترفض على نحو قاطع الإفراج عن من تصفهم بأصحاب الأيادي الملطخة بالدماء، وها هم يرضخون لإرادة المقاومة، مما يشكل صفحة مجد للشعب الفلسطيني ويعزز معنويات الأسرى المتبقين، على أنه بالإمكان أن يتنسموا أنفاس الحرية يوماً".
أفضل ما يكون
من جانبه، يقول المحلل السياسي عماد عواد لوكالة "صفا"، إن الصفقة الأخيرة التي انتهت بموجبها الحرب على غزة، هي أفضل ما يمكن تحقيقه، لأنها تأتي ضمن سياق موازين القوى الموجودة، وما تعرضت له المقاومة من والإبادة المستمرة لعامين والخذلان من الجميع.
ومن جانب آخر، نحن نتحدث عن حرب بدأت وكانت إسرائيل عندها أهداف استراتيجية بعيدة المدى ولكن تم ايقافها والقضاء على جزء كبير منها، بالرغم من تعرض الفلسطنيين لنكبة ثانية، لكنه استطاع ان يبقى.
ويستدرك "كان الأمل بلا شك أكبر من ذلك، لكن في سياق قدرات المقاومة واستخدام إسرائيل فائض الذخيرة بحق الفلسطينيين وجعل المدني الفلسطيني العنوان وجعل الإبادة هدفًا، بعدما فشلت في تحقيق أهدافها خصوصاً فيما يتعلق بالتهجير وإطلاق الاسرى، فإن هذه الصفقة هي الأفضل على الإطلاق".
ثمار جنتها الضفة
وبانتهاء الحرب على غزة، تجني الضفة الغربية ثمارًا لها فيما كانت المقاومة بغزة تحارب وحدها، من ذلك أن ملف السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية قد طُوي، وفق المحلل السياسي سليمان بشارات.
ويقول لوكالة "صفا"، إن حالة الضم التي كانت "إسرائيل" تنفذها مستغلة الحرب على غزة وانشغال العالم بها، ستتوقف مع عدم تغيير الواقع الذي فرضه هذا الاحتلال بموضوع الاستيطان، مضيفًا "ربما سيذهب الاحتلال لتفكيك بعد المستوطنات مرغمًا، مع البقاء على أخرى".
ويشدد بشارات على أن الثمن الأكثر الذي جنته الضفة هو هو عدد الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج عنهم من داخل سجون الاحتلال، والذين كانو يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.
ويضيف إلى ما سبق أنه "ربما نكون أمام بوادر فكفكة للأزمة الإقتصادية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية،
بالإضافة لفكفكة الحواجز والبوابات التي تفصل وتعزل مدن الضفة الغربية، وكل ذلك مرتبط بما تحمله الأيام المقبلة بما يتعلق بالمسار السياسي والدبلوماسي بشكل كامل".
ومن وجهة نظره فإن مشاركة الرئيس محمود عباس في مؤتمر شرم الشيخ، سيكون مقدمة لإعادة التعامل الاسرائيلي مع السلطة الفلسطينية، بعدما كانت قد أعلنت "إسرائيل" أنه لا مستقبل لها، وبالتالي فإن هذه المعالم والثمار كلها تجنيها السلطة اليوم من غزة.