د. ذياب بن سالم العبري

في تفاصيل أحاديثنا اليومية ومجالسنا العامة، كثيرًا ما نسمع عبارات تبدأ بحلم جميل وتنتهي بـ"لكن" صغيرة تُفرغ الحلم من معناه. "كنت سأبدأ مشروعي، لكن ظروفي لم تسمح”، أو “كنت أطمح للتغيير، لكن الفرص ليست في متناولي”. وتظل هذه “اللكن” حاضرة، تصنع حولنا جدارًا من الأعذار، وتدفن تحتها كل طموح بدأ يتحرك في دواخلنا.

المجتمع العُماني، بكل ما يزخر به من فرص تنموية وبإرث حضاري عريق، يشهد اليوم تحولات متسارعة تدعو للفخر. ومع ذلك، نجد أن كثيرًا من الطاقات الكامنة تتراجع لا لضعف في القدرات أو نقص في الإمكانيات، بل لاستسلام مبكر لتلك الـ"لكن" التي نسجناها بأيدينا. وقد علمتنا التجارب أن الانتظار لا يجلب إلا مزيدًا من الانتظار، وأن النجاح لا يتشكل من الأمنيات، بل يُصنع من إرادة صلبة وخطوات ثابتة مهما كانت صغيرة في بدايتها.

المعادلة بسيطة؛ تحمل مسؤولية حياتك، لا تضع مصيرك بيد الظروف أو الأوضاع المحيطة. النجاح لا يُهدى، بل يُنتزع انتزاعًا بالعمل والتخطيط والإصرار. في عُمان، رأينا من نشأوا في بيئات بسيطة ومتواضعة، ولكنهم صنعوا أسماءهم، وبنوا مكانتهم لأنهم آمنوا بأنفسهم وتحركوا في اللحظة التي قرروا فيها ألا ينتظروا الظروف المثالية التي قد لا تأتي أبدًا.

ومن ينظر في أحوال الناجحين يرى أن السر ليس في أنهم وُلدوا بثقة جاهزة أو حظ استثنائي، بل لأنهم غيروا الطريقة التي يتحدثون بها مع أنفسهم. الإنسان عدو نفسه عندما يكثر من الشكوى، وصديقه الأقرب عندما يختار أن يحدث ذاته بلغة الدعم والتحفيز. فبدلًا من أن يقول: “أنا ضعيف”، يقول: “أنا أتعلم وأتطور”. وبدلًا من أن يردد: “الفرص قليلة”، يؤمن أن: “الفرصة تُصنع حين لا توجد”.

التفكير الإيجابي وحده لا يكفي، إذ لا بُد أن يقترن بالفعل. كثيرون ينتظرون اللحظة المناسبة ليبدأوا، لكن اللحظة المناسبة لا تُرسل بطاقات دعوة، بل تُنتزع بالمبادرة والعمل. نرى ذلك بوضوح في تجارب كثير من شبابنا العُماني الذين انطلقوا من مبادرات صغيرة، متواضعة، ولكنهم كانوا يحملون إيمانًا عظيمًا بأنفسهم، فلم يتوقفوا، ولم يرهقهم تأجيل ولا تسويف.

ولا يقل عن أهمية التفكير والفعل، نوعية البيئة التي تحيط بك؛ فمن يعيش في أوساط محبطة، لا يسمع فيها إلا التثبيط والسخرية من الطموحات، سيجد ثقته بنفسه تذبل يومًا بعد يوم. أما من يختار أن يحيط نفسه بأشخاص ملهمين، داعمين، يرون في كل تحدٍ فرصة وفي كل عثرة درسًا، فسيمضي بثبات نحو أهدافه. وهذا درس تعلمناه من طبيعة مجتمعنا العُماني المتكاتف، حيث الدعم الاجتماعي والقرب من أهل الخبرة والمعرفة كان وما زال ركيزة من ركائز التقدم.

ولا بُد أن نُشير إلى أن الثقة ليست شعورًا ينتظرنا لنشعر به كي نبدأ، بل غالبًا ما تتشكل أثناء السير في الطريق. طريقة وقوفك، حديثك، نظراتك، كلها رسائل تبعثها إلى نفسك قبل أن تصل إلى الآخرين. حين تتصرف كما لو كنت واثقًا، ستجد داخلك يتماهى مع هذا الإحساس شيئًا فشيئًا، حتى يصبح طبعًا ثابتًا لا يزول.

في نهاية المطاف، الحياة لا تخلو من الصعوبات، في عُمان أو غيرها من بقاع الأرض، ولكن الحقيقة الباقية أنَّ من ينجح ليس بالضرورة من وُلد في ظروف مثالية؛ بل من صمّم أن يتحرك رغم كل العقبات. لا تنتظر أن تتهيأ الظروف، ولا تضع بينك وبين أحلامك جدار الأعذار. “لكن” ليست نهاية الجملة، وليست نهاية الطريق.

تخلَّص من “لكن”، وابدأ التغيير الآن؛ فكل حلم عظيم بدأ بفكرة صغيرة، وكل نجاح ملهم كانت بدايته خطوة جريئة في وقتٍ قال فيه الجميع: ليس الآن. الواقع أن الآن هو أفضل وقت للبدء؛ فالفرص لا تُمنح؛ بل تُصنَع، وأنت وحدُك من يُقرِّر متى تَصنَع فرصتك.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حفنة صغيرة بتأثير كبير.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول اللب الأبيض يوميًا؟

أصبح اللب الأبيض أو بذور اليقطين من الوجبات الخفيفة المفضلة للكثيرين، لكن ما لا يعرفه البعض أن هذه البذور الصغيرة تحمل فوائد صحية مذهلة.

فوائد تناول اللب الأبيض

وتبيّن أن تناول كمية معتدلة من بذور اليقطين بانتظام قد يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في عدة وظائف حيوية داخل الجسم.

سريرك قد يتحول إلى "مستنقع بكتيري".. ماذا يحدث لك عند عدم غسل الملاءات؟سر الخصوبة.. دراسات تكشف تأثير النظام الغذائي على الصحة الإنجابية للمرأة

وهناك العديد من فوائد بذور اليقطين الصحية، أو اللي الابيض، وفقا لما نشره تقرير في موقع Times Now، ومن أبرزها ما يلي :

ـ تعزيز المناعة:
تحتوي بذور اليقطين على مضادات أكسدة قوية مثل الفلافونويدات، الأحماض الفينولية، فيتامين هـ والكاروتينات، مما يساعد على تقليل الالتهابات ومكافحة الجذور الحرة. وتشير الدراسات إلى دورها في الوقاية من أمراض خطيرة مثل سرطان الثدي والبروستاتا.

فوائد تناول اللب الأبيض

ـ تحسين صحة المثانة والبروستاتا:
توصي الأبحاث الأشخاص الذين يعانون من تضخم البروستاتا أو فرط نشاط المثانة بتناول اللب الأبيض، لدوره في تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة.

ـ تعزيز صحة القلب:
بفضل احتوائه على المغنيسيوم ومضادات الأكسدة، يساعد اللب الأبيض في خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الضار، ويرفع نسبة الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب، خصوصًا لدى النساء بعد انقطاع الطمث.

فوائد تناول اللب الأبيض

ـ خفض سكر الدم:
تشير الأبحاث إلى أن تناول بذور اليقطين قد يساهم في تقليل مستويات السكر في الدم، خاصةً لدى مرضى السكري، ويرجع ذلك إلى محتواها العالي من المغنيسيوم الذي يلعب دورًا هامًا في تنظيم السكر.

ـ تحسين النوم:
لمن يعانون من اضطرابات النوم، تُعدّ بذور اليقطين مصدرًا طبيعيًا لحمض التريبتوفان، الذي يعزز من إنتاج السيروتونين والميلاتونين، وهما الهرمونان المسؤولان عن تحسين جودة النوم.

فوائد تناول اللب الأبيضماذا لو أفرطت في تناول اللب الأبيض؟

رغم فوائده العديدة، إلا أن الإكثار من تناول بذور اليقطين قد يؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوبة، مثل الانتفاخ أو الإمساك، بسبب محتواها العالي من الألياف.

ويحتوي كوب واحد من بذور اليقطين على نحو 12 جرامًا من الألياف، وهي كمية كبيرة إذا تم تناولها دفعة واحدة.

وينصح الأطباء بالاعتدال، حيث يُفضل تناول حفنة صغيرة يوميًا (نحو 30 جرامًا)، للحصول على الفوائد دون التعرض لأي آثار مزعجة.

طباعة شارك اللب اللب الأبيض بذور اليقطين فوائد تناول اللب الابيض وظائف حيوية فوائد بذور اليقطين الصحية

مقالات مشابهة

  • رغم الظروف الصعبة... تفوّق لافت لتلامذة الجنوب في الإمتحانات
  • في اللحظة الأخيرة.. نجاة طائرة ركاب قطرية من حادث مروع فوق مطار هيثرو بلندن
  • السفارة الأميركية لنواب التغيير: الانتخابات في موعدها
  • رئيس حركة شباب التغيير والعدالة: إعلان حكومة المليشيا جزء من مؤامرة تمزيق السودان
  • كامالا هاريس تفتح الباب لخوض رئاسيات 2028
  • الذايدي بعد رحيل بن نافل: الهلال لا تسقطه الظروف .. فيديو
  • الفيفا يوافق على تزويد الحكام بكاميرات صغيرة مثبتة على أجسادهم
  • مشروع الانبعاث الحضاري وصناعة الوعي.. مشاتل التغيير (29)
  • 152,860 مؤسسة صغيرة ومتوسطة بنهاية يونيو
  • حفنة صغيرة بتأثير كبير.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول اللب الأبيض يوميًا؟