يوسف أحمد الحسن
@yousefalhasan
إذا كانت الرياضة البدنية تحافظ على شباب الجسم من الترهل والضعف فإن الرياضة الذهنية، وعلى رأسها القراءة، يمكن أن تحافظ على شباب العقل وتبطئ من شيخوخته، وهو ما ينعكس بالضرورة على جسم الإنسان.
فالشيخوخة هي نتيجة تغيرات جسمية وعقلية معًا تؤدي بالجسم إلى حالة من الضعف والوهن.
وبحسب عدد من البحوث والدراسات التي أجريت على الكثيرين فإن النشاط العقلي يمكن أن يحافظ على شباب العقل ويبطئ من التدهور (الحتمي) في القدرات الذهنية والوظائف الإدراكية، مقللًا من مخاطر الإصابة بالخرف والألزهايمر. ويعود ضعف الوظائف الإدراكية إلى ضعف القدرة على تكوين روابط جديدة بين الخلايا العصبية التي تبقي على قوة الذاكرة والتركيز والقدرة على حل المشكلات.
أما كيف تسهم القراءة في تمرين الذهن فيكون عبر الجهد المبذول في تخيل المشاهد المقروءة وتذكر بعض التفاصيل وربطها بعضها ببعض، ما يبقي على الذهن في حال من النشاط الدائم، تمامًا كما تسهم الرياضة والحركة اليومية في تقوية البدن وتأخير ترهل وضعف عضلاته. وهو ما تحدث عنه المخترع المعروف أديسون حين قال: تمثل القراءة للعقل ما تمثله التمارين الرياضية للجسد.
وكلما كانت نوعيات القراءة عميقة وتحتاج إلى تركيز أكثر كان تأثيرها أقوى على نشاط واتقاد الذهن لدى كبار السن، إذ لا يمكن مقارنة كتاب عميق الأفكار ببعض الكتابات السطحية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتسهم القراءة في فك +طوق العزلة والوحدة التي قد تحيط بكبار السن حين يفقدون أقرب المقربين لهم، ما يجعل حياتهم صعبة، حينها يكون للقراءة دور مهم في تحسين صحتهم النفسية والعاطفية. كما أن مساعدة القراءة على تحسين جودة النوم يحسن من جودة الحياة ويبطئ من زحف الزمن على كبار السن. وأخيرًا فلا يوجد عمر معين للتأثير الإيجابي للقراءة؛ فحتى لو ابتدأ أحدنا في القراءة متأخرًا فلن يحرم من فوائدها.
*هناك علاج للشيخوخة لا يتحدث عنه أحد، يطلق عليه اسم التعلم. روبن شارما من كتاب دليل العظمة
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
كبار السن في السعودية يتصدرون مؤشر الصحة الذهنية عالميًا
أظهر تقرير عالمي حديث أن المواطنين السعوديين ممن تجاوزوا سن الخامسة والخمسين يتمتعون بأفضل مستويات الصحة الذهنية على مستوى العالم، في حين تسجّل فئة الشباب في المملكة معدلات منخفضة بشكل مقلق، وفقًا لمؤشر الصحة العقلية العالمي (MHQ) لعام 2024 الصادر عن مختبرات “سابين لابز” المتخصصة في أبحاث الصحة النفسية.
ووفقًا للتقرير، فقد بلغ متوسط الصحة العقلية لدى كبار السن في السعودية 102.6 نقطة، بينما لم تتجاوز 41.1 نقطة لدى الفئة العمرية من 18 إلى 34 عامًا، بفارق يتجاوز 61 نقطة، ما يعكس فجوة ذهنية كبيرة بين الأجيال.
تفوق سعودي لافت بين كبار السن
جاءت السعودية ضمن 26 دولة فقط سجلت معدلات مرتفعة لصحة كبار السن، تراوحت بين 100 و110 نقاط. ويعزى هذا الأداء الإيجابي إلى جودة الروابط الأسرية والدعم الاجتماعي الذي تحظى به الفئة الأكبر سنًا، إذ لم تتجاوز نسبة التوتر لدى كبار السن في المملكة 9.3%، مقابل 37.9% لدى الشباب.
تحديات نفسية تواجه الشباب
رغم تفوق الشباب السعودي بنسبة 8.2% على المتوسط العالمي في الفئة العمرية ذاتها، إلا أن معدلاتهم الذهنية لا تزال منخفضة. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى التأثيرات الممتدة لجائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى عوامل أخرى أبرزها الاستخدام المفرط للتقنيات الحديثة، وضعف الروابط الاجتماعية، والاعتماد على أنماط غذائية غير صحية.
مشاركة سعودية متزايدة في التقرير العالمي
سجلت المملكة ارتفاعًا بنسبة 45% في عدد المشاركين في الاستبيان مقارنة بالعام الماضي، وشاركت إلى جانب تسع دول عربية ساهمت مجتمعة بـ10% من إجمالي مليون استجابة جمعت خلال عامي 2023 و2024.
مؤشرات إيجابية للفئات المتوسطة عمرًا
سجّل السعوديون من الفئة العمرية 45-54 عامًا معدلًا مرتفعًا بلغ 85.7 نقطة، فيما حققت الفئة من 35-44 عامًا 66.9 نقطة. وأدى هذا الأداء إلى تسجيل معدل عام قدره 66.2 نقطة لجميع المشاركين من المملكة، متفوقًا بنسبة 5.4% على المتوسط العالمي، ما وضع السعودية في المرتبة الثالثة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
دعوة لإعادة هيكلة أنظمة الدعم النفسي
سلّط التقرير الضوء على التدهور العالمي في الصحة العقلية لدى الشباب، حيث لم تتمكن سوى 18% من الدول من تجاوز حاجز 50 نقطة، بينما يعاني 41% من الشباب من اضطرابات تؤثر سلبًا على وظائفهم اليومية وقدرتهم على بناء علاقات مستقرة.
خبراء يشيدون بالتوجه السعودي في دعم الصحة النفسية
أشادت الدكتورة تارا ثياغاراجان، رئيسة مختبرات سابين، بجهود المملكة في تعزيز الصحة النفسية ضمن رؤية السعودية 2030 وبرنامج تحول القطاع الصحي، مؤكدة أن هذه المبادرات بدأت تنعكس إيجابيًا على الفئات المنتجة في المجتمع.
توصيات لتعزيز الصحة الذهنية للأجيال القادمة
اختتم التقرير بتوصيات أبرزها: تقوية العلاقات الأسرية، تقنين استخدام الأطفال للتقنيات الرقمية، تحسين جودة التغذية، وتوفير بيئات نظيفة خالية من الملوثات. وأكد أن معالجة أزمة الصحة الذهنية لا تتطلب فقط تمويلًا أكبر، بل تحوّلًا شاملًا في السياسات الاجتماعية والتعليمية.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتساب