الحب في زمن التوباكو (11)
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
مُزنة المسافر
جوليتا: كان دخان التبغ يعلو بمهل غريب في المكان، كان يرتفع فوق رؤوسنا ونفوسنا المرهقة، وأن فصلًا من الحياة قد جاء ينادينا لنرى نحو الشرفة، وكان الحي تزينه الأنوار، وكانت السنة قد أرادت أن تمضي، وأن تأتي سنة أخرى في تلك الليلة الحلوة، حسنًا إنه رأس السنة، ونحن نحتفل بها للمرة الأولى بأسطوانة جاز عتيقة قد أتى بها جارنا برونو من القارة الحرة، هكذا قال لي وهو يسلمني الأسطوانة المطولة.
لا يعلم أحد أين فرَّ برونو بعدها، وأين سيحتفل في هذه الليلة؟، لكننا كلنا اجتمعنا، أنا وعمتي والقطط الناعسة الراغبة في النوم، وسمعنا انفجارًا ملونًا، كان هذا هو بداية إعلان مهرجان رأس السنة.
سألت عمتي ماتيلدا: ألعاب نارية، هل هو هذا هو الكرنفال؟، لم يطلب مني أحد أن أغني فيه.
جوليتا: ارتاحي يا عمتي، وانعمي بدفء الوقت، إنه وقت سماع الجاز الآن يطرق أبواب الآخرين ليأتي بالزوار والمدعويين لحفلنا الصغير، إنه زمن غير زمنك يا عمتي، إنه زمننا نحن أصحاب القلوب الفتية، والراغبة في العيش فقط في هذه اللحظة الجميلة، وتذكر شريط واحد هو شريط اللحظة.
ماتيلدا: أنت قاسية للغاية على عمتك هذه الليلة؟
جوليتا: لم أرغب أن تقلبي أي شيء من ذاك الماضي، إنه يوم جديد وليلة سعيدة، وكالعادة أرادت عمتي أن تقول شيئًا عن رحلتها المميزة للقارة الحرة، فقد كانت رحلة موثقة بصور، ورسوم وأمور كثيرة، غابت عمتي عن المكان لوهلة، ونظرت نحو ما هو غير موضب وسط أرفف متهالكة.
لها صندوق فيه صور بيضاء.. سوداء.. رمادية، صور بظلال وأنوار مخفية، وجاءت إليَّ عمتي لتخبرني.
ماتيلدا: وجدت الصورة!
لي، وأنا بقصة شعر جميلة، كنت كنجمة سينما، كنتُ أشعر بالهواء يدغدغ شعري، وكنت أنا ماتيلدا الأجنبية هكذا كنت اسمع بين نسوة الحي وهن يثرثرن عني، لقد كنتُ الأجنبية، حين كان لي رحلة للقارة الحرة، وأخذتني أفضل باخرة إلى هناك، تمشيت في السفينة، كان الكل ينظر لنظارتي الشمسية، وقبعتي الجديدة، كنت أخشى أن يأخذها الهواء بعيدًا، لكن كان هنالك فكرة في رأسي أنه حتى ولو غابت قليلًا سيكون هنالك المعجبون الذين سيبحثون بكل تأكيد عن قبعتي الثمينة في كل أرجاء الباخرة الفاخرة، ليعيدوها لي.
فكرت هل سأغير اسمي؟ يعتقد البعض أنه اسم لمزارعة أو فلاحة وكيف أشرح لهم أنني لا أمانع أن أقطع حروفه، ربما أطلق على نفسي اسم ماريا، ماريتا، ماااا... أي شيء غير أسماء المرهقين في الحياة، فأنا الآن أعيش وسط معاطف الفرو في الأحلام، وأدركها فقط هناك حين أنام، وألبس أكثر من فستانين البُولكا، ألبس تصميمًا خاصًا يأتي في صندوق البريد توقعه دار الأزياء بإهداء خاص إليّ.
قال لي مصمم الأزياء أن اسمي صعبٌ فنيًا؛ فاختار أن يدللني باسم النجمة المُخملية المُدلَّلة للغاية لدى دارنا، أتحرى لأسمع اسمك الفني الجديد حتى نعلن أنك أحد أصدقاء الدار.
فكان ردي إليه: أتمنى ذلك، لكنني لن أغير اسمي وسأبقي عليه كما هو، لأنه اسم إمبراطورة كان والدها هو هنري الأول، ملك إنجلترا ودوق نورماندي قبل أن يكون اسمًا يُعطى لفنانة بحيز متواضع في هذه المدينة العريضة، لكن شكرًا جزيلًا للصندوق الأنيق، وشكرًا لذوقي الفريد الذي يريد دومًا أن اختار تصميمًا يخصني أنا فقط.
مع المحبة.. ماتيلدا!!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كاوست تبتكر حلاً بسيطًا يطيل عمر البطاريات المائية بأكثر من عشرة أضعاف
• بحث جديد يكشف دور أيونات الكبريتات في تقليل المياه الحرة وزيادة عمر وأداء البطاريات المائية القابلة لإعادة الشحنالبلاد (ثُوَل) كشف علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) عن سبب جزيئي رئيسي يحدّ من قدرة البطاريات المائية القابلة لإعادة الشحن على أن تكون خيارًا أكثر أمانًا وأقل تكلفة لتخزين الطاقة المستدامة. وأظهرت نتائج الدراسة، المنشورة في المجلة العلمية Science Advances، كيف تؤثر المياه داخل البطارية سلبًا على عمرها وأدائها، وكيف أن إضافة أملاح منخفضة التكلفة – مثل كبريتات الزنك – يمكن أن تحدّ من هذه المشكلة وتزيد عمر البطارية بأكثر من عشرة أضعاف. يُعدّ المَصْعَد (الأنود) – وهو مسرى كهربائي يمر خلاله تيار كهربائي ضمن جهاز كهربائي ذي أقطاب- أحد العوامل الحاسمة في تحديد عمر البطارية، سواء كانت مائية أم لا، إذ تحدث فيه التفاعلات الكيميائية المسؤولة عن توليد وتخزين الطاقة. غير أن بعض التفاعلات الجانبية غير المرغوبة تؤدي إلى تدهوره، ما يقلل من عمر البطارية. وأظهرت الدراسة الجديدة أن المياه الحرة – أي جزيئات الماء غير المرتبطة بقوة بجزيئات أخرى – تساهم في حدوث هذه التفاعلات الجانبية، بينما يقلل وجود كبريتات الزنك من كمية المياه الحرة داخل البطارية. وقال البروفيسور حسام الشريف، أستاذ ورئيس مركز كاوست للتميّز في الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) وقائد الفريق البحثي في هذه الدراسة: ” تسلط نتائجنا الضوء على أهمية بنية المياه في كيمياء البطاريات، وهي عامل رئيسي تم تجاهله في السابق”. تسمح المياه الحرة بالتفاعل بسهولة مع المزيد من الجزيئات، ما يؤدي إلى تفاعلات غير مرغوبة تستهلك الطاقة وتتلف المَصْعَد. وأظهرت الدراسة أن أيونات الكبريتات تعمل بمثابة “لاصق للماء” يثبت الروابط بين جزيئات المياه الحرة، ويغير ديناميكيتها، ما يقلل عدد التفاعلات الجانبية الضارة.
ورغم أن الجزء الأكبر من التجارب أُجري على بطاريات تستخدم كبريتات الزنك، تشير نتائج أولية إلى أن التأثير نفسه يحدث مع مصاعد معدنية أخرى، ما يفتح المجال أمام استخدام أملاح الكبريتات كحل عالمي لزيادة عمر جميع البطاريات المائية القابلة لإعادة الشحن. وقال الدكتور يونبي زو، الباحث في كاوست والذي أجرى معظم التجارب “أملاح الكبريتات منخفضة التكلفة ومتوفرة على نطاق واسع ومستقرة كيميائيًا، ما يجعل حلّنا قابلًا للتطبيق علميًا واقتصاديًا”. وتحظى البطاريات المائية باهتمام عالمي متزايد كحل مستدام لتخزين الطاقة على نطاق واسع، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم سوقها 10 مليارات دولار بحلول عام 2030. وعلى عكس بطاريات الليثيوم الشائعة في السيارات الكهربائية، تُعد البطاريات المائية خيارًا أكثر أمانًا وأقل بصمة بيئية لدمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية في شبكات الكهرباء، وهو هدف محوري في مسار تحول الطاقة في المملكة العربية السعودية. وقد شارك في هذه الدراسة أيضًا أساتذة كاوست عمر محمد وعثمان بكر وشيشيانغ زانغ وماني ساراثي.
وأشار الشريف إلى أن الجمع بين علماء مركز التميّز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين الذين يمتلكون خلفيات متكاملة، مثل تصميم البطاريات والنمذجة الكهروكيميائية، والأدوات التجريبية، مثل التحليل الطيفي المتقدم والمجهرية، كان أمراً بالغ الأهمية للاكتشاف. وقال: “تأسس مركز التميّز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين في كاوست ليكون رائدًا في مجال ابتكار الطاقة المتجددة في المملكة. وتؤكد النتائج التي حققناها والتحسينات الكبيرة في أداء واستقرار البطاريات المائية على ما يمكننا إنجازه في كاوست من خلال توحيد الجهود والاستفادة من خبرات أعضاء المركز المتنوعة والمتميزة”.