دعا زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربين إلى فتح تحقيق كامل ومستقل للكشف عن دور الحكومة البريطانية، وبالأخص حكومة حزب العمال، في العدوان على قطاع غزة، مشيرا إلى أن التاريخ يعيد نفسه من خلال تكرار الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها بريطانيا في غزو العراق.

وقال كوربين في مقال بصحيفة الغارديان ترجمته "عربي21" إن ضحايا الحروب السابقة لا يزالون يطاردون ضمير العالم، مشيرا إلى مقتل حسام البالغ من العمر 13 عاما، ومحمد البالغ من العمر 14 عاما، نتيجة قنابل عنقودية ألقيت من الجو في العراق.



وقال إن هذه القنابل صنعت في الولايات المتحدة وألقيت في حملة عسكرية بدعم من الحكومة البريطانية. وقد ولد حسام ومحمد في بغداد وتوفيا عام 2003، ووفقا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش": "مزقت القنبلة الصغيرة أرجلهما وقتلتهما في النهاية"، وكانا اثنين من حوالي 200 ألف مدني قتلوا في حرب العراق.

وأشار إلى أن الحكومة البريطانية حاولت على مدى سنوات بعد تلك الحرب مقاومة محاولات فتح تحقيق في سياسات المسؤولين البريطانيين، لكنها في نهاية المطاف لم تستطع منع ما لا مفر منه، وفي عام 2016 نشر تقرير تشيلكوت.

وقال كوربين: "كنت زعيم حزب العمال عندما نشر التقرير، وقد وجد التقرير إخفاقات جسيمة داخل الحكومة البريطانية".

وأوضح أنه بعد رده على تحقيق تشيلكوت في البرلمان في ذلك اليوم، ذهب إلى الكنيسة حيث التقى ببرلمانيين، قدامى المحاربين، عراقيين، وعائلات الجنود البريطانيين الذين سقطوا في الحرب. وقال: "اعتذرت نيابة عن الحزب عن قراره الكارثي بخوض الحرب في العراق، واليوم، يعيد التاريخ نفسه، فحكومة حزب العمال ترتكب خطأ فادحا آخر".

ولفت إلى أنه بعد مرور عشرين شهرا على العدوان على غزة، تجاوز عدد الشهداء 54 ألفا، "فيما سيواجه الناجون والجرحى والثكالى ندوبا سترافقهم مدى الحياة ولأجيال قادمة".

وأوضح كوربين أن إسرائيل لم تتحرك بمفردها، بل اعتمدت على الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي من حكومات عدة حول العالم.

وأكد أن بريطانيا، "رغم تغيير حكومتها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ظلت ثابتة في أمر واحد: استمرار توريد الأسلحة إلى إسرائيل".

وأشار إلى أنه بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، "وافق حزب العمال على تراخيص لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل أكثر مما وافق عليه حزب المحافظين خلال الفترة من عام 2020 حتى 2023، وذلك رغم إعلان الحكومة عن تعليق جزئي لبعض هذه التراخيص في أيلول/سبتمبر 2024".



وأضاف أن الكثير من البريطانيين "أعربوا عن اشمئزازهم من استمرار توريد قطع غيار لمقاتلات إف-"35، قائلا: "ما زلت مندهشا من اعتراف الحكومة علنا بأنها تعتبر هذا استثناء من تعليقها الجزئي، فهل يعد هذا استثناء من التزاماتها القانونية بمنع الإبادة الجماعية؟ أمر واحد لا شك فيه: لا تزال هذه الحكومة تسمح بتوريد الأسلحة إلى دولة زعيمها مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

وتابع كوربين قائلا: "لقد طالبنا مرارا وتكرارا بالحقيقة بشأن دور القواعد العسكرية البريطانية في قبرص، ونقل الأسلحة إلى إسرائيل، وتوفير المعلومات الاستخباراتية العسكرية، وعندما زار كير ستارمر قاعدة أكروتيري الجوية الملكية في كانون الأول/ديسمبر 2024، التقطت له صور وهو يقول للجنود: العالم أجمع يعتمد عليكم، والجميع في الوطن يعتمد عليكم. لا يمكن بالضرورة الحديث عن الكثير مما يحدث هنا طوال الوقت، لا يمكننا بالضرورة إخبار العالم بما تفعلونه هنا".

وتساءل كوربين: ما الذي تخفيه الحكومة؟، وأوضح أن الأسئلة التي وجهها وغيره إلى الحكومة قوبلت بالمراوغة والعرقلة والصمت، مما ترك الجمهور في جهل تام بشأن كيفية أداء الحكومة لمسؤولياتها.

وشدد على أن الشفافية والمساءلة ركنان أساسيان من أركان الديمقراطية، وأن الشعب البريطاني يستحق أن يعرف بالكامل حجم تواطؤ بريطانيا في الجرائم ضد الإنسانية.

وأضاف: "لذلك، سأتقدم غدا بمشروع قانون خاص من أعضاء البرلمان يدعو إلى إجراء تحقيق كامل وعلني ومستقل في دور بريطانيا في الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة. ويهدف هذا التحقيق إلى كشف حقيقة تعاون بريطانيا العسكري أو الاقتصادي أو السياسي مع إسرائيل منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023. ويتطلب أي تحقيق جاد التعاون الكامل من وزراء الحكومة، المحافظين والعمال، الذين شاركوا في عمليات صنع القرار".

وأكد أن هذا التحقيق "يجب أن يكشف عن الأسلحة التي زودت بها إسرائيل، وأي منها استخدم لقتل الفلسطينيين، وما هي المشورة القانونية التي تلقتها الحكومة، وهل تستخدم قاعدة أكروتيري الجوية كممر لنشر الأسلحة في غزة، وما هي لقطات الفيديو التي تملكها الحكومة من منطقة الحرب، وما هي المعلومات الاستخباراتية التي نقلت إلى إسرائيل".

وواصل زعيم حزب العمال السابق حديثه قائلا إنه على مدار العشرين شهرا الماضية، "عانى الناس من فظائع ووحشية ستظل تطاردنا إلى الأبد، فقد محيت عائلات بأكملها، وتناثرت أطراف بشرية في الشوارع، وأمهات صرخن وهن يبحثن عن أطفالهن الذين مزقتهم القنابل إربا إربا، فيما أجرى أطباء عمليات بتر من دون تخدير، ودمّر منزل تلو منزل ومستشفى بعد مستشفى، ومحي جيل بعد جيل".

وأكد أننا "لم نشهد حربا، بل شهدنا إبادة جماعية، تبث بشكل حي ومباشر أمام العالم أجمع، ولا يمكن لأحد أن يتظاهر بأنه لم يكن يعلم بما يحدث".

وقال: "في تشرين الأول/أكتوبر 2023، حذرنا من أننا نشهد بداية الإبادة الشاملة لغزة وشعبها، قلنا إن الفلسطينيين يعاقبون جماعيا على جريمة مروعة لم يرتكبوها، ناشدنا القادة السياسيين الدعوة إلى السلام، وتم تجاهلنا، واليوم، بدأ بعض السياسيين أخيرا في التراجع، ربما خوفا من عواقب وحشيتهم".

وأضاف: "لو كانوا يتمتعون بأي نزاهة، لبكوا على 54 ألف فلسطيني دفنوا تحت الأنقاض بجبنهم الأخلاقي والسياسي، واليوم، يدرس أطفال المدارس عن أسوأ جرائم التاريخ ضد الإنسانية، وفي المستقبل، ستكشف كتب تاريخنا عار أولئك الذين سنحت لهم الفرصة لوقف هذه المجزرة لكنهم اختاروا بدلا من ذلك المساعدة في واحدة من أعظم جرائم عصرنا".

وشدد بالقول: "هذه القضية لن تختفي، ولن نرحل، وعلى الحكومة أن تقرر: هل ستدعم هذا التحقيق، أم ستعيق جهودنا لإثبات الحقيقة؟"

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة بريطانيا بريطانيا غزة الاحتلال ابادة صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة البریطانیة تشرین الأول أکتوبر الأسلحة إلى إلى إسرائیل حزب العمال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الحكومة الإسرائيلية تمول آلية المساعدات التي تفرضها على غزة

قالت هيئة البث الإسرائيلية ، مساء اليوم الاربعاء 4 يونيو 2025 ، إن الحكومة الإسرائيلية حولت نحو 700 مليون شيكل إلى ما سُمّي في القرارات الرسمية بـ"المنظومة الأمنية"، خيث خصصت هذه الأموال لتمويل آلية توزيع الطرود الغذائية في قطاع غزة .

يأتي ذلك في إطار مساعي الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على ملف المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وتوظيفه ضمن استراتيجيته العسكرية ومساوماته السياسية في ظل حرب الإبادة التي يشنّها على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتُفضح هذه المعلومات الجديدة المزاعم التي تروّج لها "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تدّعي أنها توزّع المساعدات بشكل "محايد ومستقل"، بينما تكشف التسريبات عن تمويل مباشر من خزينة الدولة الإسرائيلية.

وبحسب التقرير، أُدرجت التحويلات المالية تحت بند عام ومبهم بعنوان "منظومة الأمن"، دون توضيح الجهة المستفيدة فعليًا من الأموال، خلافًا لما هو متّبع عادةً في قرارات الميزانية، علما بأن شركاء بنيامين نتنياهو في الحكومة يرفضون تحويل أي مساعدات إلى قطاع غزة.

ونقلت القناة عن مصادر مطلعة أن هذه الصيغة المتعمّدة تهدف إلى التستّر على طبيعة الإنفاق الحقيقي وتمريره من "تحت الرادار"، وتجنّب "إثارة الجدل السياسي والإعلامي حول تمويل توزيع المساعدات في غزة من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين".

وأوضح التقرير أن مصدر التمويل جاء من خلال "اقتطاعات" من ميزانيات الوزارات، بما فيها التعليم، والصحة، والرفاه، والمواصلات. وقد تم تعديل قرار حكومي سابق بهذا الخصوص، لإتاحة تحويل الأموال من هذه الميزانيات إلى منظومة توزيع المساعدات.

ورغم هذه المعلومات، نفى مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أن تكون إسرائيل ضالعة في تمويل آلية المساعدات التي فرضتها في قطاع غزة، وجاء في الرد: "حتى هذا المساء، دولة إسرائيل لا تموّل المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وفي سياق متصل، أعاد زعيم المعارضة، يائير لبيد، نشر التقرير عبر حسابه على منصة "إكس"، وذكّر بتصريحات كان قد أدلى بها قبل أسبوع في الكنيست ، حين قال إن إسرائيل تموّل فعليًا المساعدات لغزة عبر شركات وهمية مثل "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF).

وتساءل لبيد حينها: "هل تقوم إسرائيل بتمويل المساعدات لغزة من أموال دافعي الضرائب عبر شركات قش في الخارج؟ وهل أُرسل جهاز الأمن الإسرائيلي بأمر من نتنياهو وسموتريتش لتحويل أموال من الدولة إلى الخارج لتعود على شكل مساعدات؟".

وبدأت "مؤسسة غزة الانسانية" عملياتها قبل أكثر من أسبوع بقليل، بعدما رفعت إسرائيل جزئيا الحصار المطبق الذي حرم السكان من مساعدات حيوية. إلا ان توزيع المساعدات شهد فوضى عارمة واستشهاد العشرات بنيران إسرائيلية قرب مراكز توزيع المساعدات.

وتسببت هذه الآلية بحالة من الفوضى منذ اليوم الأول لإطلاقها في رفح جنوبي القطاع، حيث فقدت الشركة الأمنية السيطرة على حشود الفلسطينيين الذين توجهوا لاستلام المساعدات، في حين يستمر الجيش الإسرائيلي باستهداف الفلسطينيين في محيط مراكز التوزيع.

وترفض الأمم المتحدة ومعظم المنظمات غير الحكومية العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسب مخاوف بشأن طريقة عملها وحيادها، وقوبلت هذه الآلية برفض فلسطيني واسع وتشكيك في أهدافها وجدواها.

وتؤكد المؤسسات الأممية رفضها التعاون مع هذه الآلية باعتبار أنها لا تلبي المعايير الإنسانية لتوزيع المساعدات، وسط مطالب بالعودة للآلية السابقة عبر مؤسسات الأمم المتحدة والجهات الشريكة.

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية استطلاع إسرائيلي : أغلبية تؤيد الذهاب إلى انتخابات مبكرة زامير : نعمل على تقصير حرب غزة إسرائيل تقرر عدم السماح للسفينة مادلين بالاقتراب من غزة الأكثر قراءة أوتشا: قطاع غزة أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض ساعات عمل معبر الكرامة الأحد المقبل الرئاسة الفلسطينية تعقب على قرار الرئيس التشيلي الأغذية العالمي : توزيع الطحين على العائلات في قطاع غزة قريبا عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • هآرتس: أوروبا تنتقد إسرائيل وتشتري منها الأسلحة بالمليارات
  • FP: كيف حوّلت غزة إسرائيل من دولة محمية إلى منبوذة دوليا؟
  • معلومات تُكشف للمرة الأولى.. ليبرمان: إسرائيل سلمت أسلحة لعصابات في غزة بأمر من نتنياهو
  • الحكومة الإسرائيلية تمول آلية المساعدات التي تفرضها على غزة
  • جيريمي كوربن: من حق الجمهور أن يعرف كيف دعمت بريطانيا حرب إسرائيل على غزة
  • "هيومن رايتس" تدعو إلى التحقيق في استهداف إسرائيل والحوثيين للمطارات وتعتبرها جرائم حرب
  • عقيد إسرائيلي يدعو لحرمان سكان غزة من المياه.. ويحذر من هذا الفخ
  • برلمان البيرو يدعو الحكومة إلى دعم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية
  • «حشد»: جرائم إسرائيل تجاوزت حدود الإبادة الجماعية وتهدف لهلاك سكان غزة والتدمير الشامل