ما دلالات زيارة السيسي لأبو ظبي بعد يومين من زيارة عراقجي للقاهرة؟
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
التقى رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس الإمارات محمد بن زايد الإمارات، في أبوظبي الأربعاء، في زيارة غير معلنة مسبقا اعتبرها مراقبون رد فعل سريع من أبوظبي على زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، للقاهرة، الاثنين الماضي.
وأكد الحليفان منذ 2013، ابن زايد والسيسي، على أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وفق بيان رئاسة الجمهورية المصري، الذي أعلن عودة السيسي، سريعا بعد نحو 4 ساعات من نشر خبر الزيارة، ما يشير إلى أن اللقاء الذي تناول أوضاع لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال والأوضاع الاقليمية، جاء على عجل والزيارة كانت خاطفة كذلك.
"رسائل عراقجي من قلب القاهرة"
وكان الوزير الإيراني عباس عراقجي، وعقب لقاء السيسي، أشار إلى تطورات مرتقبة بعلاقات البلدين المقطوعة رسميا لنحو 46 عاما، قائلا إنّ: "العقبة الأخيرة في العلاقات مع مصر ستزال قريبا وربما خلال الأسابيع المقبلة"، دون أن يذكر تلك العقبة أو يشير إلى كيفية إزالتها.
إلى ذلك، بدا متفائلا في تصريحاته، وأوضح أنه التقى السيسي للمرة الرابعة، مؤكدا في الوقت نفسه أنّ: "مستوى الثقة بين مصر وإيران حاليا لم يكن موجودا من قبل"، مبشرا بالاتفاق على استمرار المشاورات السياسية، والتوافق على زيادة حجم التبادل التجاري وتوسيع آفاق التبادل السياحي.
وأرسل الوزير الإيراني من قلب القاهرة رسالة قوية إلى دول الخليج العربي بزيارته منطقة خان الخليلي الأثرية بقلب القاهرة التاريخية، وتناول العشاء مع 3 من وزراء خارجية مصريين سابقين بينهم الأمين العام للجامعة العربية الأسبق عمرو موسى، إلى جانبه صلاة عراقجي في مسجد الإمام الحسين الشهير بالعاصمة المصرية.
كما وجهت إيران، عبر لقاء عراقجي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في القاهرة، رسالة إلى المفاوض الأمريكي وإدارة الرئيس دونالد ترامب، وإعلانه أن بلاده لن ترضى بأي اتفاق مع واشنطن يحرم طهران من مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم.
"صمت عربي وغضب إسرائيلي"
الخليج العربي ومنه السعودية والإمارات لم يبد رد فعل رسمي تجاه زيارة عراقجي، وتصريحاته حول التقارب مع القاهرة، ومحاولة التقارب شعبيا مع المصريين بجولته الليلية، لكن الاحتلال بدا منزعجا بشدة من الزيارة والتقارب المحتمل.
والثلاثاء، عقب لقاء عراقجي، والسيسي، بيوم واحد، حذّر زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، من تداعيات ما وصفه بـ"التقارب الإيراني المصري"، مؤكدا عبر منصة "إكس"، أن الحديث عن تعاون بين القاهرة وطهران "ينذر بالخطر"، مشيرا إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو، تشن منذ شهور "حملة معادية لمصر تهدد اتفاقيات السلام بين البلدين".
وللمرة الثانية زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه أسقط طائرة مسيّرة اخترقت الأجواء الإسرائيلية قادمة من الأراضي المصرية، وكانت تحمل أسلحة وذخيرة، في واقعة مشابهة لادعاءات إسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
"أجواء ملتهبة"
خبراء ومتابعون للملف المصري الخليجي والمصري الإيراني، قالوا في تقرير سابق لـ"عربي21"، إن "زيارة المسؤول الإيراني التي جاءت بدعوة من القاهرة، كان بها رسائل متعددة إلى حلفاء مصر الإقليميين والدوليين: إسرائيل والإمارات والسعودية وأمريكا، خاصة بعد حالة الفتور والتجاهل من العواصم الأربعة لرأس النظام المصري".
ويرون أن "زيارة السيسي للإمارات واستقبال ابن زايد له بمطار أبوظبي واستضافته بقصر الشاطئ بعد أزمة تجاهله من حضور القمم الخليجية التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض وأبوظبي وقطر، هي رد فعل لزيارة المسؤول الإيراني".
ولفتوا إلى أن "لها الكثير من الدلالات، وقد يتبعها العديد من النتائج، بينها احتمالات استعادة وضع العلاقات المصري الإماراتي مجددا والتوافق على ملفات خلافية أو تقليل حجم الخلاف حولها"، مشيرين لأزمات "غزة، وليبيا، والسودان، والصومال، وإثيوبيا ومياه النيل".
ومع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية 16 أيار/ مايو الماضي، وعقد القمة الأمريكية الخليجية، دون دعوة السيسي، رغم حضوره قمة سابقة مع ترامب في الرياض عام 2017، أزعج دوائر الحكم المصرية، خاصة وأن ترامب زار الإمارات والتقى حليفه ابن زايد، في ظل تجاهل تام للسيسي.
ذلك التجاهل، لفت إلى وجود تضارب إماراتي سعودي مع مصر، في ملفات بينها الحرب في غزة وتهجير الفلسطينيين ضمن خطة ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب ملفات وأزمات أخرى مثل ليبيا والسودان جارتي مصر الغربية والجنوبية والتي تواصل حكومة أبوظبي دعم مليشيات فيهما ضد السلطات الشرعية في البلاد.
"سياسة الكيد"
وفي رؤيته السياسية والاستراتيجية لأحداث الإقليم وعلاقات القاهرة المتأرجحة صعودا وهبوطا مع داعميها، تحدث السياسي والإعلامي المصري الدكتور حمزة زوبع، لـ"عربي21"، حول دلالات استدعاء ابن زايد للسيسي بعد يومين من زيارة وزير خارجية إيران للقاهرة.
المتحدث السابق باسم حزب "الحرية والعدالة" المصري سابقا، قال إنه "منذ عهد جمال عبدالناصر ومعه العسكرية المصرية نتحرك بمنطق الكيد، وبغض النظر عن الموقف من حكام الرياض الحاليين لنراجع خطب ناصر وسبه للملك فيصل، ثم بعد فترة يعلن أن الأمة العربية دفعت لنا مبالغ مالية".
ومضى يؤكد أن "السلطة المصرية الحالية تتعامل بطريقة الكيد بأن تستقبل الوزير الإيراني في هذا التوقيت وتفرد له مساحة للقاء والتفاوض مع مسؤول رفيع بالطاقة الذرية، ويبدو أنه أسلوب يعطي نتيجة مع النظم الخليجية".
وأوضح أن "السلطة المصرية تظهر أنها متوجهة عكس اتجاه الخليج ونحو إيران، ويسلط الذباب الإلكتروني والمذيع أحمد موسى وغيره للحديث عن دول خليجية بطريقة لا تليق بالدولة المصرية".
في إجابته على السؤال: "هل تتوقف على إثر لقاء السيسي وابن زايد نتائج كانت متوقعة على خلفية زيارة عراقجي لمصر؟، يرى زوبع، أن "القرار النهائي بعودة العلاقات المصرية الإيرانية ليس بيد السلطة المصرية بالتمام والكمال، إنما دعوة عراقجي للقاهرة تكتيك يفعله، وفي المقابل يعرف الخليج أنه في النهاية سيعود إليه مجبرا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية".
وتساءل السياسي المصري: "من يأتي لمن؟، كيف يستدعى رئيس دولة بهذه الطريقة كما لو كان سفيرا عند دولة عظمى؟"، مؤكدا أننا "أمام نموذج جاء لتقزيم مكانة ودور وقيمة مصر واعدامها وجوديا، فالأمر لا يجب أن يكون بهذه الصورة، وتلك الزيارة تنم عن أن الذين يحكمون مصر لا يدركون حجمها، ولا لديهم علم بمناطق قوتها".
وفي تقديره للنتائج المرتقبة لزيارة السيسي إلى الإمارات، واحتمالات التوافق على بعض الملفات أو تهدئة بعض المخاوف، أعرب زوبع، في نهاية حديثه عن مخاوفه من أن "يظل النظام المصري يترك السودان تتمزق بأموال الإمارات، ومياه النيل تذهب بغطاء من الإمارات".
وتعجب من أن "نكون في هذا الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي والإقليمي ثم يعلن عن إنشاء مدينة في الصحراء يأتي لها بمياه النيل (جريان) غرب القاهرة".
وفي ظل نظام السيسي، أشار السياسي المصري إسلام لطفي، إلى "الدور المهم والمحوري الذي يجب أن تقوم به مصر في الإقليم- لا العالم- بحيث يصعب تجاوزها وعقد ترتيبات إقليمية بدونها".
وفي حديثه لـ"عربي21"، وفي ملف غزة، أكد أن "اتخاذ موقف حاسم، وتصعيد دبلوماسي حقيقي، ورفض للتجويع، ودعم لوجيستي في بداية حرب غزة؛ كان يمكن أن يحافظ لمصر على مكانها الطبيعي".
ويرى أن "تحركات مصر في ليبيا، وفي ملف غاز المتوسط، بما يكفل مصالح مصر لا الإمارات؛ كان يمكن أن يكفل لمصر مقعد على الطاولة".
وتابع السياسي المصري: "موقف ناضج ورشيد ومبادر من التغييرات التي جرت في سوريا؛ كان يمكن أن يحافظ لمصر على مقعدها حول طاولة تحديد مستقبل الإقليم".
ولفت إلى أن "تقوية الجبهة الداخلية بوقف القمع والهوس الأمني، وإنفاذ القانون دون تمييز، ومحاربة الفساد المؤسسي، وكفالة قضاء مستقل نزيه -بالتأكيد- كان سينعكس على مصر وسمعتها الدولية وكان سيكفل لها مقعد على الطاولة".
ومضى يؤكد أننا "في لحظة تفوق خليجي بامتياز، واعترافنا بهذا الأمر لا يعني ألا نتعامل مع هذا الواقع الجديد، وأن نحاول أن نطوعه ونرشده لخدمة قضايا عادلة".
وخلص للقول: "بعض دول الخليج لا تريد مصر دولة فاشلة وستحول دون ذلك؛ لكن أيضا يزعجها ويرهبها مصر القوية والقادرة، وبالتالي، الحفاظ على مصر مرهقة مستنزفة، مشغولة بنفسها داخل حيزها الجغرافي حالة نجاح لهذه الدول".
لطفي، أعرب عن أسفه من أن "نظام السيسي بسياساته في الاقتراض غير المحسوب، وفي الانسياق والتبعية وراء بعض المغامرين الخليجيين؛ حقق لهم مرادهم".
وختم مبينا أنه "بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ظني أن تجاهله للسيسي، له علاقة بإدراك ترامب بعقلية التاجر أنه لا ربح سياسي أو اقتصادي يمكن جنيه في اللحظة الراهنة من وراء السيسي وهي نقطة جيدة".
مصالح الإمارات أم تحالفها مع السيسي؟
وبالرغم من العلاقات الاستراتيجية الوثيقة التي تربط مصر والإمارات، والتي ظهرت بوضوح في الدعم الإماراتي الكبير للسيسي بعد عام 2013، إلا أن هناك تقارير وتحليلات تشير إلى وجود نقاط خلاف في بعض الملفات الإقليمية، مدفوعة بتضارب المصالح.
ففي ملف غزة، هناك خلاف حول تهجير الفلسطينيين وشكل الحكم والإدارة في غزة بعد وقف الحرب الدموية الإسرائيلية، حيث تتبنى الإمارات الرؤية الإسرائيلية والأمريكية القائلة بضرورة استبعاد حماس من إدارة القطاع ونزع سلاحها، وتهجير الفلسطينيين إلى السودان أو "أرض الصومال".
وفي ملف ليبيا، بينما دعمت الإمارات مصر، قوات خليفة حفتر تتواجد في الشرق، تسعى القاهرة لتأمين حدودها الغربية، بينما تسعى أبوظبي لوجود مكثف بشرق ليبيا، وتعزيز نفوذها هناك، ما قد يتعارض أحيانا مع أهداف مصر.
أما ملف السودان، فيتهم الجيش السوداني الإمارات بدعم قوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو، بينما تميل مصر إلى دعم الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ما يتعارض مع المصالح الأمنية والاقتصادية لمصر، التي تمثل السودان عمقها الاستراتيجي.
وتسعى الإمارات إلى فرض نفوذها بمنطقة القرن الإفريقي وباب المندب والبحر الأحمر، بدعم إقليم صوماليلاند الذي يمنح إثيوبيا منفذا بحريا على البحر الأحمر بدعم إماراتي ما يهدد أمن مصر القومي وأمنها المائي وقناة السويس.
وخلال لقاء السيسي، بوزير الخارجية الإيراني، الاثنين الماضي، أكد على أهمية عودة الملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر لطبيعتها، بما يعيد الحياة لشريان قناة السويس الذي خسر نحو 7 مليارات دولار العام الماضي، نتيجة الاضطرابات في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وذلك إلى جانب ملف آخر وجودي يمس حياة أكثر من 107 ملايين مصري، وهو مياه النيل، خاصة مع ما تشير إليه التقارير من أن أبوظبي والرياض، من أكثر الداعمين لإثيوبيا، ومن المساهمين في تمويل السد الإثيوبي على النيل الأزرق، والكشف عن خطط إثيوبية ببناء سدود جديدة بتمويل إماراتي.
والإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإثيوبيا، فيما تعد أبرز الممولين لمشاريع الطاقة المتجددة في سد النهضة، كما قدمت عام 2018، مساعدات واستثمارات بقيمة 3 مليارات دولار لأديس أبابا، لتساعدها في 2019، في الحصول على منظومة الدفاع الجوي "بانتسير إس 1"، لتأمين السد الإثيوبي.
وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي، أكد المؤرخ الإثيوبي آدم كامل فارس، لموقع "سي إن إن"، على دور الإمارات ببناء السد الإثيوبي، وأنها تقدم لحكومتها "كل الخدمات اللازمة بمختلف المجالات"، قائلا إنها "قدمت لنا خدمات عظيمة لم تقدمها أي دولة أخرى".
وفي آخر ملفات التقارب الإماراتي الإثيوبي، ففي 17 أيار/ مايو الماضي، أعلنت أبوظبي عن شراكة استراتيجية مع إثيوبيا لتعزيز الأمن السيبراني ومكافحة التهديدات الرقمية، من خلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
وفي ذات السياق، يرفض سياسيون ومعارضون مصريون استمرار الاستحواذات الإماراتية القائمة منذ العام 2022، على الأصول المصرية والممتلكات الحكومية والأراضي الاستراتيجية، والموانئ الحيوية، ويتخوفون من تحول تلك الأصول إلى شركات دولية تتبع للكيان الإسرائيلي المحتل.
وبعد توقيع صفقة "رأس الحكمة"، بقيمة 35 مليار دولار، في شباط/ فبراير 2024، أكد مسؤولون إماراتيون بأن الاستثمارات الإماراتية في مصر ارتفعت إلى حوالي 65 مليار دولار بعد الصفقة التي تمثل أضخم صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ ثاني أكبر اقتصاد إفريقي وثالث أكبر اقتصاد عربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري الإمارات الإيراني السعودية إيران مصر السعودية الإمارات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دونالد ترامب ابن زاید إلى أن
إقرأ أيضاً:
استقبله رئيس الدولة.. الرئيس المصري يصل الإمارات في زيارة أخوية
وصل فخامة عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، اليوم، إلى أبوظبي في زيارة أخوية إلى دولة الإمارات.
وكان في استقبال فخامته لدى وصوله مطار الرئاسة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
كما كان في الاستقبال، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، مستشار رئيس الدولة، ومعالي الدكتور أحمد مبارك المزروعي، رئيس مكتب رئيس الدولة للشؤون الاستراتيجية، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، وعدد من كبار المسؤولين.