قبسات من نور المحاضرة السادسة للسيد القائد «دروس من القصص القرآني»
تاريخ النشر: 6th, June 2025 GMT
إبراهيم عليه السلام .. إمام عالمي ومؤسس المعالم الكبرى للهداية الإلهية
عرض السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الدرس السادس ضمن سلسلة «دروس القصص القرآني»
السيرة الإيمانية للنبي إبراهيم عليه السلام، لنجد أنفسنا أمام نموذج فريد لصياغة الدور الرسالي والقيادي على مستوى البشرية جمعاء. ليس إبراهيم مجرد نبي في سجل الرسالات بل هو ركيزة مركزية في بناء مشروع الهداية الإلهية إمامٌ للناس وقدوة متفردة عبر الأزمان.
منذ خروجه من بابل في العراق إلى الشام كانت الهجرة في مشروع إبراهيم خطوة في سياقٍ إلهي مرسوم إلى الأرض التي وصفها الله بأنها «التي باركنا فيها للعالمين». لم تكن هجرة اضطرار بل كانت بداية مرحلة جديدة في مهمة نبي أعدّه الله ليقود البشرية نحو التوحيد ويفتح آفاقًا للهداية تتجاوز حدود الجغرافيا والزمان.
وحين انتقل إبراهيم عليه السلام ببعضٍ من ذريته إلى مكة لم يكن الحدث انسلاخا من محيط أسري أو إجراء تأديبي كما تروّج له الروايات الإسرائيلية، بل كان تحركًا مقدسًا لتحقيق هدف إلهي عظيم إقامة الصلاة في أرض لا زرع فيهاواستجلاب أفئدة الناس إليها لتكون مكة مركزا للهداية والتوحيد. وقد خلّد القرآن هذا الحدث بدعاء إبراهيم: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم…}.
ما يلفت في الطرح القرآني الذي طرحه السيد القائد هو التركيز على امتحان إبراهيم عليه السلام ونجاحه فيه بدرجة الامتياز: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن…}. لم يكن الامتحان شكليا بل تضمن التحديات النفسية والعملية والمبدئية وجاء النجاح ثمرة التمام في الطاعة والاستقامة.
وفي تتويج هذا الإنجاز قال الله: {إني جاعلك للناس إمامًا}، وهي ليست فقط رتبة شرفية بل تكليف رباني بموقع القدوة والقيادة. إمامة إبراهيم لم تكن منصبًا موروثًا أو خاضعًا لرغبة بشر بل اختيار إلهي نابع من كمال الإيمان والعمل وتأهيل استثنائي للعب دور الريادة.
وحين سأل إبراهيم أن يكون من ذريته أئمة جاء الرد الإلهي الحاسم: {لا ينال عهدي الظالمين}، بهذا الجواب أكد الله أن الإمامة ليست قابلة للتوريث الآلي ولا خاضعة لمزاج الناس أو سياساتهم بل مشروطة بالعدالة والاستقامة. فالهداية مقام طاهر لا يتلاؤم مع الظلم ولا يتسع لمن تلطخت أيديهم بالجور. وهذا المعيار الإلهي يحفظ قدسية المقام الرسالي، ويقطع الطريق على الطغاة مدّعي الزعامة باسم الدين.
من أبرز تجليات الإمامة الإبراهيمية ما أوكله الله إليه من إعمار البيت الحرام، وتجديد دور مكة كقبلة للناس، ومعلم مقدس للتوحيد. بعد أن اندثرت معالم الكعبة بسبب الطوفان في عهد نوح عليه السلام وتحوّلت مكة إلى منطقة مهجورة، أُعيد بناء البيت وتفعيله كمركز روحي، على يد إبراهيم عليه السلام، استجابة لأمر إلهي دقيق: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت…}.
وتأتي الآيات لتربط بين المكان والغاية: {إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين}. فهو بيتٌ عالمي، مركز إشعاع للهداية، يعلو فوق الحدود الضيقة والمصالح السياسية أو الطائفية. وعندما أُمر إبراهيم بالنداء العام للحج: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر…}، كان النداء بمثابة دعوة عالمية إلى التوحيد، في أعظم تجمع بشري دوري، يتجه نحو قبلة واحدة، ويتجرّد من العصبيات، ليشهد الناس منافع روحية ودنيوية، ويلمسوا عظمة مشروع الله في توحيدهم.
ولأن هذا التجمع له دلالات كبرى في وحدة المسلمين، وفي إعادة تشكيل الوعي الإيماني الجمعي، لم يكن غريبًا أن يقلق الطغاة والمستكبرون من الحضور الكثيف السنوي في موسم الحج. يشير السيد القائد إلى اقتراح الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بتوزيع أوقات الحج لتفكيك هذا التجمع؛ لأنهم يرونه خطيرا على مخططاتهم ويخشون أن يتحول إلى نقطة انطلاق لمشروع نهضة توحيدية شاملة.
فالحج حين يؤدى كما أراده الله يصبح عاملا استراتيجيا في إعادة صياغة الأمة، وتذكيرها بمركزيتها وغاياتها الكبرى. إنه ليس مجرد شعيرة سنوية، بل حلقة من سلسلة الهداية التي بدأها إبراهيم عليه السلام، وما زال المسلمون مدعوين إلى إحيائها.
إن الخاتمة التي يخلص إليها السيد القائد تتجاوز السرد التاريخي لتلامس الحاضر والمستقبل: إبراهيم عليه السلام لم يكن فقط نبيا في عصره،بل إمامًا للأمم،رمزًا مستمرًا للهداية،وشخصية يقتدي بها الناس جيلاً بعد جيل. في ذريته النبوة والكتاب، وفيه امتداد إلى محمد صلى الله عليه وآله، خاتم النبيين، وبه تتجسد المعاني الحية للإيمان المتكامل.
بهذا الفهم، لا تكون سيرة إبراهيم مجرد قصة، بل مشروعًا إلهيًا متجددًا، ومعيارًا للأمة في اختيار قادتها، ومعلمًا لهويتها، وعنوانًا لعلاقتها بالله، قائمة على التوحيد، والاستقامة، والعدل، والطهارة من الظلم.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: إبراهیم علیه السلام لم یکن
إقرأ أيضاً:
أمام ضريح القائد في الغبيري.. مراسم تكريمية خاصة لـحزب الله
أقام "حزب الله" مراسم تكريمية خاصة أمام ضريح الشهيد القائد في روضة الحوراء زينب في الغبيري، بمشاركة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار، وعدد من العلماء والفاعليات والشخصيات، عائلة الشهيد القائد، وجمع من الأهالي، "تخليداً للدماء التي أعطت الأمة عزتها وكرامتها، ولمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد علي شكر (السيد محسن)".
افتتحت المراسم بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ثم عزفت الفرقة الموسيقية التابعة لكشافة الإمام المهدي، النشيدين الوطني وحزب الله، بعدها، ألقى النائب عمّار كلمة قال فيها إننا "اليوم بلا شك ولا ريب نعيش مرحلة ملؤها التحديات والمصاعب والمخاطر على كل صعيد ومستوى، فالعدو الإسرائيلي ما زال يمارس عدوانيته علينا في كل يوم بعد الحرب الكبرى التي شنها علينا في العام الماضي وانتهت إلى ما انتهت إليه، علماً أن هذه الحرب لم تكن حرباً إسرائيلية فقط، وإنما كانت حرباً كونية بكل ما تعني الكلمة من معنى، وقد تواطئ بها العدو الإسرائيلي مع الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين وبعض العرب، من أجل هدف وسبيل واحد، هو إعدام حزب الله والمقاومة، وقد سخّروا من أجل ذلك امبراطوريات الإعلام والعسكر والأمن والتعبئة والاقتصاد، ولكنهم خسئوا بذلك، وخسروا خسراناً مبيناً".
وأكد أننا "انتصرنا في هذه المعركة بكل صراحة، والدليل على ذلك هو اجتماعنا هنا من حول هؤلاء الشهداء الذين نتفيء ظلالهم وأرواحهم، وانتصرنا بشهادة القائد الجهادي الكبير السيد محسن، وإن كان الفراق صعب، لأن شهادة القائد الجهادي الكبير السيد محسن، فتحت لنا طريقاً طويلاً في سبيل ما نسمو ونطمح إليه".
وأشار إلى أن "الطيران الإسرائيلي يُغير ويمارس اعتداءاته في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وينال منّا ما ينال، ولكن في الوقت عينه، هو عاجز عن اقتلاع هذه القلعة المتجذرة بشجرة وجذور وجذوع شجرة محمد وآل محمد".
وأكد أننا "ندرك حجم التحولات الحاصلة في المنطقة، وندرك أننا للأسف الشديد أمام مجتمع عربي ودولي لا يحرك ساكناً وهو يسمع ويشاهد ما يجري بغزة وأطفالها ونسائها وشيوخها وما يترتب على ذلك من تجويع ومجاعة يأبى لها الضمير الإنساني.
وختم النائب عمّار بالقول: لا يمكننا إلّا أن نقول كلمة الحق، وبالتالي، نحن مع غزة بكل ما نملك من إمكانيات، ونقف إلى جانبها، ونقول لأهلها صبراً يا أهلنا وأحباءنا، إن الله يمهل ولا يهمل، وإنه بإذنه الفرج والنصر آتٍ من جديد".
وبعد ذلك، أدت ثلة من مجاهدي المقاومة الإسلامية القسم والبيعة للشهيد القائد وكل الشهداء بحفظ دمائهم الطاهرة، وإكمال مسيرة الجهاد والمقاومة، حتى التحرير الكامل، ثم وضع النائب عمّار وعائلة الشهيد إكليلاً أمام ضريح الشهيد القائد، وقرأوا السورة المباركة الفاتحة لروحه الطاهرة وكل الشهداء. مواضيع ذات صلة اللّوء عبد الله استقبل القائد الجديد لـ"اليونيفيل" Lebanon 24 اللّوء عبد الله استقبل القائد الجديد لـ"اليونيفيل" 02/08/2025 10:03:33 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 وفد من "حزب الله" زار أضرحة الشهداء في صيدا والجوار بمناسبة الأضحى Lebanon 24 وفد من "حزب الله" زار أضرحة الشهداء في صيدا والجوار بمناسبة الأضحى
02/08/2025 10:03:33 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "لقاء سيدة الجبل": "حزب الله" لا يزال يدافع عن مشروعه الخاص Lebanon 24 "لقاء سيدة الجبل": "حزب الله" لا يزال يدافع عن مشروعه الخاص
02/08/2025 10:03:33 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 إقليم "فتح" في لبنان يودّع السفير دبور بزيارة تكريمية Lebanon 24 إقليم "فتح" في لبنان يودّع السفير دبور بزيارة تكريمية
02/08/2025 10:03:33 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟
Lebanon 24 هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟
10:00 | 2025-08-02 02/08/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين
Lebanon 24 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين
09:30 | 2025-08-02 02/08/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تفوق طلاب الجنوب في الامتحانات الرسمية.. هاشم: هي ارادة حب الحياة والتمسك بالارض
Lebanon 24 بعد تفوق طلاب الجنوب في الامتحانات الرسمية.. هاشم: هي ارادة حب الحياة والتمسك بالارض
09:55 | 2025-08-02 02/08/2025 09:55:19 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد مرور 35 يوماً.. الكشف عن جريمة قتل غامضة في ضهر البيدر والقبض على منفذيها
Lebanon 24 بعد مرور 35 يوماً.. الكشف عن جريمة قتل غامضة في ضهر البيدر والقبض على منفذيها
09:53 | 2025-08-02 02/08/2025 09:53:40 Lebanon 24 Lebanon 24 لمناسبة عيد الجيش: شيخ العقل: هو الأجدر بمواجهة التحديات
Lebanon 24 لمناسبة عيد الجيش: شيخ العقل: هو الأجدر بمواجهة التحديات
09:51 | 2025-08-02 02/08/2025 09:51:17 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
سيارات إطفاء تحرّكت.. ماذا تشهد الضاحية؟ (فيديو)
Lebanon 24 سيارات إطفاء تحرّكت.. ماذا تشهد الضاحية؟ (فيديو)
13:56 | 2025-08-01 01/08/2025 01:56:11 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر جديد عن الـ100 دولار القديمة.. ما هو؟
Lebanon 24 خبر جديد عن الـ100 دولار القديمة.. ما هو؟
22:21 | 2025-08-01 01/08/2025 10:21:07 Lebanon 24 Lebanon 24 نادين الراسي: لهذا السبب لم أٌقدّم التعازي بوفاة زياد الرحباني
Lebanon 24 نادين الراسي: لهذا السبب لم أٌقدّم التعازي بوفاة زياد الرحباني
16:35 | 2025-08-01 01/08/2025 04:35:00 Lebanon 24 Lebanon 24 استعدوا لأقسى موجة لاهبة ستضرب لبنان قريبا.. هذا ما كشفه الأب خنيصر
Lebanon 24 استعدوا لأقسى موجة لاهبة ستضرب لبنان قريبا.. هذا ما كشفه الأب خنيصر
11:41 | 2025-08-01 01/08/2025 11:41:48 Lebanon 24 Lebanon 24 ممثل لبنانيّ: "فيه ناس ما بتعرف اني ابن ابراهيم مرعشلي"
Lebanon 24 ممثل لبنانيّ: "فيه ناس ما بتعرف اني ابن ابراهيم مرعشلي"
17:27 | 2025-08-01 01/08/2025 05:27:37 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
10:00 | 2025-08-02 هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟ 09:30 | 2025-08-02 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين 09:55 | 2025-08-02 بعد تفوق طلاب الجنوب في الامتحانات الرسمية.. هاشم: هي ارادة حب الحياة والتمسك بالارض 09:53 | 2025-08-02 بعد مرور 35 يوماً.. الكشف عن جريمة قتل غامضة في ضهر البيدر والقبض على منفذيها 09:51 | 2025-08-02 لمناسبة عيد الجيش: شيخ العقل: هو الأجدر بمواجهة التحديات 09:20 | 2025-08-02 تضرر عدد من السيارات في بعلبك.. بسبب رصاص الابتهاج (صور) فيديو "هاي شو الصورة؟".. شاهدوا ماذا حصل مع كاظم الساهر في حفله على مسرح إهدنيات (فيديو)
Lebanon 24 "هاي شو الصورة؟".. شاهدوا ماذا حصل مع كاظم الساهر في حفله على مسرح إهدنيات (فيديو)
09:30 | 2025-08-02 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
09:31 | 2025-07-30 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
08:32 | 2025-07-30 02/08/2025 10:03:33 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24