جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-27@09:11:09 GMT

"مادلين"!

تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT

'مادلين'!

 

 

 

ماجد المرهون

[email protected]

 

 

الأمانُ الحقيقي لا يعني حرفيًا توفر الحقوق الماديَّة الكاملة دون نُقصان، ويكفي أن يتوافر أهمها وأكثرها ضرورةً لاستمرار الحياة وخاصة في مراحل الأزمات التي تمر بها المُجتمعات الإنسانية، لاسيَّما عند الكوارث الطبيعية وحين التقلُبات الطارئة جراء غوائل الساسة وزخارفهم وألاعيبهم المُفضية الى ظُلم الشُعوب وتحديدًا مخابيل ساسة الغرب، ولا أقول ساسة العرب لأنهم إمَّعات في مُعظمهم ولا يحدثون إلا بما يُملى عليهم ضحى وعشاء، ولعل ما يحدث في المشرق الإسلامي هو انصع دليلٍ وشاهد عيانٍ يُؤصل لمفهوم ما تقدم، ويُميط الضماد عن الجروح الغائرة في وجه الحقيقة والتي كان ولايزال يشكك في عمقها بعض الكاذبين أو الشامتين.

إن الأمانَ الحقيقي هو ضمان الإنسان الذي ألمَّت به مُصيبةٌ عدم الشعور بالوحدة والنبذ، فضلًا عن الشعور بالشماتة أو السُخرية والاستهزاء والتي قد يكون وقعها على النفس اشد وطأةً من واقع المُصيبةُ نفسها، وعليه فإن رمزيَّة الأمان المعنوي تُكافئ أو قد تُسامي الأمان المادي، وهنا تتجلى دلالة الأمان في تكامُليته بشقيه المادي والمعنوي، وهو ما تحاول مُفتريات آلة الحرب والإعلام الصهيونية إظهاره ولو كذبًا وزيفًا، مع هتكها لكل الحقوق المادية والمعنوية والتي استثارت به المشاعر الإنسانية لكُل الشعوب الحرة النبيلة كنتيجةٍ حتميةٍ لما شهدته من جرائم قتلٍ مُتعمد لمجرد التلذذ بالقتل وحصار آثمٍ هو الأطول في تاريخ الحروب بهدف تحطيم كل أنواع الأمان المُتعارف عليه.

لا أعلم إن كان "مادلين" هو الاسم الحقيقي لسفينة الحرية القاصدة كسر حصار الإرهاب والخوف والعزلة والجوع على غزة، أم هو اسم أطلق عليها مؤقتًا في رمزيةٍ لمريم المجدلية المُنتسبة إلى مدينة مَجدل الفلسطينية؛ وهي دلالةٍ معنويةٍ عميقة قد لا تُعجب الصهيوني المُفترس فيما وراء الحدث، كما أنه اسم فرنسي يُطلق على نوعٍ من الكعك الصغير ويُشير من جانب آخر إلى استثارة مشاعر الحنين لذكريات الماضي، ولكن ما أعلمهُ أن مادلين هي طفلة فلسطينية كانت تصطاد السمك من بحر غزة وشاهدةٌ على قتل بُغاة الاحتلال والدها. كما إنَّ الألمان يذهبون إلى تعريف الاسم بالفتاة الصغيرة.

وعلى كُل حالٍ، فإن البُعد هنا مع 12 ناشطًا وصحفيًا من جنسياتٍ مُتعددة على متن سفينة مادلين يُظهر أن مشاعرهم قد أبت إلّا إظهار حقيقتها، ليس بالتباكي وإنما علنًا وفعلًا بعدم رضاهم عمَّا تقوم به الصهيونية الفاجرة ضد الإنسانية في الأراضي المُحتلَّة، فهبُّوا لكسرِهِ في صورةٍ رمزيةٍ تستنهض عواطف وأحاسيس شعوب العالم وتُرسل لهم رسالة صريحة بأنكم قادرون في حالةٍ واحدة فقط وهي التغلب على خوفكم.

سفينة مادلين الصغيرة تطعن في افتئات وافتراء نظام الحصار وتخيفهُ في تمثيلها للسلام الذي يكبح جماح خُططه الاستعمارية، ولذلك فإنَّ الكيان المارق هو أول من يعاديه حتى يضمن لنفسه بيئة ذرائعٍ خصبة وحجج ومُبرراتٍ للتمدد والتوسع، كما إنه لن يُسالم إلّا من اختط خُطاه وسار على نهجه؛ لأنه يعلم بأنه كيان مُشوَّةٍ غريب اقتحم حرية المكان في غمرة ظلام من الزمان، ثم عمد إلى صناعة الوهم ونظريات اكاذيب تؤصل لوجوده وتمنحهُ الصفة الوجودية والاعتبارية لفعل ما شاء بلا مبالاة، إلا أنه استمرأ العملية ولم تعد انتهاكاته دون رقيب وإثخانه في الجريمة دون حسيب يُشكلان له مصدر قلق أو مُراعاة لاي اعتبار، وقد اغفلت حساباته انه بهذه الطريقة قد نبه وعي الجيل الغربي الجديد على حقيقتهُ التي اخفاها لسبعة عقودٍ، وها هي الآن مادلين وأخواتها الـ35 التي سبقتها بإيمان الحرية نموذجًا يضع أصابعه في عيني الإجرام الصهيوني المُنظم ويُماريه ويتحداه، ويقول: نحن أهل سلام، فإذا كنتم أهل سلام اثبتوا ذلك.

بالطبع نحنُ لم نعد نُعول على معظم الدور العربي ولا الغربي على مستوى القيادات السياسية من الذين صمتوا صمت القبور وأحجموا عن التدخل مع كل ما يرونهُ من مجازر ومذابح يومية لأهل غزة، ولا يُبرر صمتهُم إلّا الخوف على أنفسهم ومصالحهم، ولكننا وفي الوقت نفسه نُعوِّل على دور الشُعوب الحرة النزيهة التي لا تخشى في قول وفعل الحق لومةَ لائم، وهو ما بدأ يحدث اليوم ونشاهده عيانًا بيانًا وعلى الهواء منقولًا.

لم تتردد اسرائيل في مَنع سفينة مادلين السلمية من الوصول الى هدفها حتى لا تزيد من فضحهم؛ بعد أن أوقفتها في عرض البحر واقتادتها إلى مرفأ أسدود المُحتل، ولا نستبعد خلال الساعات المقبلة إفراغ محتوى السفينة من المُساعدات البسيطة وإلقائها في البحر واعتقال من على متنها.

لكن ستبقى رمزية هذه المُحاولة وسابقاتها شاهدةٌ على كُل متخاذلٍ وعلى رأسهم كل القيادات العالمية من جبناء السَّاسة الذين ألجمت أفواههم عن قول الحق، وعكسوا لنا صورة تفيد بأن ما يحدث لا يُحرك فيهم شيئًا؛ بل يُعجبهم وينال رضاهم واستحسانهم وأنهم يتلذذون بمشاهدة دماء واشلاء اطفال غزة الأبرياء، وإن لم تكن تُعجبهم تلك المشاهد لاطلعوا بدورهم وما سكتوا ولا استكانوا.

"مادلين" تُعيد التذكير بضمان أخلاقيات الأمان في مرحلة الحروب والكوارث من خلال دلالته المادية بتقديم المساعدات الأساسية والضرورية التي تحملها، ودلالته المعنوية في كسر إقصاء وحصار اهل غزة بأننا معكم ولسنا من السكاتين عن الصواب أو الشامتين في المُصاب، ولو أن روح مادلين وَجدَت من يقوم بمثل دورها من المحيطين بفلسطين، لما غامرت بركوب محيط الماء ومحيط الطغيان.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أنوشكا: ياسمين عبد العزيز قلبها جميل وشخصية بسيطة يبحث عن الأمان

تحدثت الفنانة أنوشكا عن تجربتها الأخيرة مع الفنانة ياسمين عبد العزيز، بعد تعاونهما معًا في مسلسل "وتقابل حبيب"، الذي عُرض خلال موسم دراما رمضان 2025، وحقق نسب مشاهدة مرتفعة وردود فعل واسعة.

وخلال لقائها في برنامج "أسرار النجوم" مع الإعلامية إنجي علي، عبرت أنوشكا عن إعجابها الشديد بياسمين عبد العزيز، على المستويين الإنساني والفني، قائلة: "ياسمين شخص بسيط للغاية، وقلبها جميل. بتحب الخير لكل الناس، وحسيتها إنسانة بتدور على الأمان وبتحب تعيش في هدوء وسلام".


وأضافت أنوشكا: "هي حقيقية جدًا، حبها ظاهر وواضح، مش بتتصنع مشاعرها، ودي حاجة نادرة دلوقتي.. بني آدمة قبل ما تكون نجمة".


يُذكر أن مسلسل "وتقابل حبيب" جمع بين ياسمين عبدالعزيز وأنوشكا لأول مرة، وشارك في بطولته عدد من النجوم، وقد تناول قصة رومانسية اجتماعية بأسلوب مختلف، نال استحسان النقاد والجمهور.

طباعة شارك انوشكا ياسمين عبّد العزيز وتقابل حبيب

مقالات مشابهة

  • “حنظلة” تتجاوز موقع الاستيلاء على السفينة “مادلين” وأقل من 180 كم تفصلها عن غزة / فيديو
  • بنك قطر الوطني " QNB " يعتبر أن مشروع القانون الأمريكي "الكبير والجميل" يمهد لإجراءات هيكلية واسعة
  • شحنات طبية لغزة وسط تحذيرات أممية من غياب الأمان للسكان والإغاثيين
  • من دوامة الإدمان إلى بر الأمان.. محمد يتغلب على 18 عامًا من تعاطي المخدرات (خاص)
  • إسرائيل تسعى لمصادرة السفينة مادلين بشكل دائم
  • هل تنجح لجنة البرهان في نزع السلاح وإعادة الأمان للعاصمة؟
  • أنوشكا: ياسمين عبد العزيز قلبها جميل وشخصية بسيطة يبحث عن الأمان
  • ميتا تعزز إجراءات الأمان لحماية المراهقين على إنستجرام وفيسبوك
  • إصابة 4 أشخاص في انفجار أسطوانة بوتاجاز بـ القاهرة
  • إصابة 4 أشخاص إثر انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل محل فى باب الشعرية