فتح: أوروبا بدأت تتحرك فعليًا ضد الاحتلال
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
قال زيد تيم، أمين سر حركة فتح في هولندا، إن البيان الأخير الصادر عن وزراء خارجية بريطانيا، أستراليا، نيوزيلندا، وكندا، يمثل تحولًا حقيقيًا في الموقف الأوروبي من مجرد التصريحات إلى خطوات عملية، وذلك بعد سلسلة من المواقف البرلمانية التي طالبت بمحاسبة مسؤولين إسرائيليين على رأسهم بن جفير وسموتريتش، بسبب تحريضهم العلني على العنف والإبادة.
وأوضح تيم، خلال مداخلة مع الإعلامية داما الكردي، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن البرلمان البريطاني ناقش في جلسات سابقة خطاب الكراهية والتحريض الصريح الذي أطلقه وزراء في حكومة الاحتلال، مشيرًا إلى أن هناك ألفاظًا استخدمها النواب البريطانيون لأول مرة، تتحدث بوضوح عن "الإبادة الجماعية" التي تمارسها إسرائيل في غزة والضفة.
وأضاف: "ما قاله وزراء الاحتلال لم يعد مجرد نوايا، بل تصريحات علنية تدعو لطرد الشعب الفلسطيني إلى الأردن ومصر وبناء إسرائيل الكبرى، هذا النهج الفاشي أصبح مرفوضًا لدى الرأي العام الأوروبي، ما ساهم في تغيير المزاج السياسي".
وأشار تيم إلى أن هناك مؤتمرًا دوليًا مرتقبًا في فرنسا الشهر المقبل، هدفه بحث آلية الاعتراف بدولة فلسطين، في إطار دعم حل الدولتين الذي تؤمن به أوروبا، لكن لم يتم تطبيقه سابقًا بسبب الجرائم المستمرة للاحتلال ورفضه الالتزام بالقانون الدولي.
وتابع قائلًا إن التحول الأوروبي يشمل قرارات فعلية مثل وقف إسبانيا لتصدير السلاح لإسرائيل، واستدعاء السفير الإسرائيلي بعد احتجاج ناشطين على شحنات أسلحة، لافتًا إلى أن فرنسا وبريطانيا تمتلكان تأثيرًا كبيرًا داخل الاتحاد الأوروبي، وإذا اتخذتا قرارات حاسمة فإنها ستحدث أثرًا واضحًا في كبح آلة الاحتلال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
فرنسا تندد باتفاق ترامب وبروكسل وتصفه بـاليوم الأسود لأوروبا.. صفقة الإذعان
أثار الاتفاق التجاري الذي أُبرم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أول أمس الأحد في منتجع ترامب باسكتلندا، عاصفة من الجدل داخل أوروبا، حيث وصفه رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، بأنه "يوم أسود" في تاريخ الاتحاد، متهما بروكسل بالاستسلام لابتزاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال بايرو في منشور عبر منصة X (تويتر سابقًا): "إنه يوم أسود عندما يرضخ تحالف شعوب حرة، توحدها القيم والمصالح المشتركة، ويستسلم للخضوع".
ويفرض الاتفاق إطارًا جديدًا للتجارة بين الطرفين، يتضمن رفع الرسوم الجمركية الأمريكية على معظم الصادرات الأوروبية إلى 15%، أي ما يفوق بثلاثة أضعاف المعدل الحالي البالغ 4.8%. وقد جاء الاتفاق قبل أيام من الموعد النهائي الذي حدده ترامب في الأول من أغسطس لفرض رسوم عقابية بنسبة 30%، مما دفع بعض القادة الأوروبيين إلى اعتباره "الحد الأدنى الممكن لتفادي الأسوأ".
انقسام أوروبي.. ترحيب ألماني ـ إيطالي وغضب فرنسي
في حين عبّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن ترحيبهما الحذر بالاتفاق، معتبرين أنه جنب القارة "حربًا تجارية مدمرة"، التزمت باريس موقفًا أكثر حدّة، وبدت بوادر الانقسام داخل الاتحاد واضحة، لا سيما في ظل صمت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن التعليق.
وقال ميرتس إن الاتفاق "جنّب أوروبا والولايات المتحدة تصعيدًا لا طائل منه"، رغم إقراره بأن الاقتصاد الألماني سيتكبد "أضرارًا كبيرة". أما ميلوني، فتحدثت من أديس أبابا، قائلة إن الاتفاق "تفادى عواقب كارثية محتملة"، لكنها أضافت أن "روما ستدرس التفاصيل بعناية".
أما رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، فعبّر عن دعم مشوب بالتحفظ، قائلًا: "أؤيد الاتفاق، لكن دون حماسة".
تأثيرات اقتصادية فورية.. ورد فرنسي يدعو للرد بالمثل
شهدت الأسواق الأوروبية ارتفاعًا أوليًا بعد إعلان الاتفاق، لكن سرعان ما تراجعت المؤشرات مع صدور الموقف الفرنسي الرافض، وأغلقت بورصات باريس وفرانكفورت على انخفاض. كما تراجع اليورو بنسبة 1% أمام الدولار.
من جهته، دعا وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، بنجامين حداد، إلى تفعيل "أداة مكافحة الإكراه" الأوروبية، التي تتيح الرد بوسائل غير جمركية على الضغوط الأمريكية. بينما شنّ وزير التجارة الفرنسي، لوران سان ـ مارتان، هجومًا لاذعًا على المفوضية الأوروبية، قائلاً إن ترامب "لا يفهم إلا لغة القوة"، وأضاف: "لو أبدينا استعدادنا للرد منذ البداية، لكان الاتفاق مختلفًا تمامًا".
من الخاسر ومن الرابح؟
تُعفى بعض القطاعات الأوروبية من الرسوم الجديدة، من بينها مكونات الطائرات وبعض الكيماويات والمعدات الخاصة بأشباه الموصلات، بالإضافة إلى منتجات زراعية محددة مثل الفلين المستخدم في زجاجات النبيذ. كما ستبقى صادرات الأدوية الأوروبية خاضعة لإعفاء مؤقت، في انتظار نتائج تحقيق أمريكي بشأن الأمن القومي في قطاع الأدوية.
لكن وفقًا لمسؤولين أوروبيين، فإن 70% من الصادرات الأوروبية إلى السوق الأمريكية ستخضع للرسوم البالغة 15%، ما يُنذر بأثر سلبي على قطاعات حيوية، خاصة في فرنسا وألمانيا.
صفقة على أرض ترامب.. ورسالة لبروكسل
اللافت أن الاتفاق تم توقيعه في صالة احتفالات داخل منتجع ترامب في اسكتلندا، في مشهدٍ ينظر إليه كما لو أنه رسالة رمزية عن توازنات القوة الجديدة بين واشنطن وبروكسل. فقد بدا أن الرئيس الأمريكي قد نجح في فرض إيقاعه على أوروبا، مجبرًا إياها على توقيع اتفاق يشبه "التراجع تحت الضغط".
في ظل هذا السياق، قد يكون ما وصفه رئيس الوزراء الفرنسي بـ"يوم أسود"، ليس مجرد موقف دبلوماسي، بل إنذار مبكر بانقسام أوروبي أعمق، وسط عالمٍ يتغير بسرعات لا ترحم
مستقبل العلاقات عبر الأطلسي في ظل عودة ترامب.. تحالف أم تبعية؟
الاتفاق التجاري الجديد بين واشنطن وبروكسل، الذي وُقّع تحت ضغط تهديدات ترامب، لا يُعد فقط فصلًا جديدًا في مسلسل التوترات الاقتصادية بين الطرفين، بل يشير إلى تحوّل عميق في طبيعة العلاقة عبر الأطلسي، من شراكة قائمة على القيم والمصالح المشتركة، إلى علاقة اختلال ميزان قوى تفرض فيها واشنطن إملاءاتها تحت تهديد العقوبات.
في عام 2020، تنفّست أوروبا الصعداء بخروج ترامب من البيت الأبيض، لكن عودته قد بدأت تُظهر أثرًا مباشرًا على أداء المؤسسات الأوروبية، حيث اندفعت بروكسل لعقد اتفاقية تجارية دفاعية، في مشهد أشبه بـ"شراء وقت" أكثر من كونه اتفاقًا استراتيجيًا طويل الأمد.
من التعددية إلى التفرد
في عهد ترامب، يُعاد تشكيل المنظومة الدولية على قاعدة "أمريكا أولاً" بأدوات جديدة أكثر صرامة. فبدلاً من فرض الإرادة عبر الحروب أو الهيمنة العسكرية، باتت الرسوم الجمركية سلاحًا اقتصاديًا فعالًا يُستخدم للضغط على الحلفاء قبل الخصوم.
وهنا تبرز أزمة التعددية الأوروبية: هل تستطيع بروكسل تشكيل جبهة موحدة في مواجهة إدارة أمريكية عدوانية اقتصاديًا؟ أم أن الانقسامات الداخلية ـ كما ظهر في المواقف المتباينة من الاتفاق ـ ستُضعف قدرتها على التفاوض، وتُحوّلها إلى تابع اقتصادي لواشنطن؟
الموقف الفرنسي الرافض لا يعكس فقط حساسية باريس تجاه السيادة الاقتصادية، بل يُلمح أيضًا إلى تحذير مبكر من تبعات المضي في طريق "إرضاء ترامب". ففرنسا تدرك أن التنازلات اليوم قد تعني مطالب أكبر غدًا، سواء في ملفات الطاقة أو الدفاع أو حتى السياسة الخارجية.
يبدو أن القارة العجوز مقبلة على حقبة جديدة من الضغوط الأمريكية في ظل عودة النزعة القومية إلى واشنطن. وفي هذا السياق، سيكون أمام أوروبا خياران:
1 ـ تعزيز الاستقلالية الإستراتيجية عبر أدوات مثل “أداة مكافحة الإكراه” وتطوير سياسات حمائية ذاتية أكثر جرأة؛
2 ـ أو الاستسلام للتوازنات الجديدة، مع ما يحمله ذلك من فقدان للهيبة والمكانة على المسرح الدولي.
اتفاق الأحد لم يكن مجرد تسوية جمركية، بل اختبارًا حقيقيًا لمدى نضج أوروبا كوحدة سياسية واقتصادية مستقلة. وفي ظل بوادر التراجع أمام ضغوط ترامب، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أمام امتحان صعب: هل سيكون شريكًا متكافئًا لواشنطن، أم تابعًا اقتصاديًا يسير على وقع الإملاءات الأمريكية؟