هل يتضاعف أجر العامل في اليوم شديد الحر؟.. الأزهر يجيب
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
هل يتضاعف أجر العامل في اليوم شديد الحر؟ سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، من خلال الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
هل يتضاعف أجر العامل في اليوم شديد الحر؟وقال الأزهر إن الاجتهاد في السعي على طلب الرزق الحلال في اليوم شديد الحر عمل جليل، له ثواب عظيم، حيث مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَرَأى أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يِسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوُيْنِ شَيْخَينِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانِ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعفَّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رَيِاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ».
ما يقال عند اشتداد الحر؟
أما ما يقوله الإنسان عندما يشتد عليه الحرُّ فقد ورد أنه يقول: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه" وأنه يدعو الله تعالى بقوله: "اللهم أجرني من حَرِّ جهنم"، وذلك لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْكِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ» رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"، وذكره أيضًا مختصرًا في "الاعتقاد"، وابن السنّي وأبو نعيم في "عمل اليوم والليلة".
وقالت دار الإفتاء إن هذا الحديث وإن كان ضعيفًا فإنَّه ممَّا يعمل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك؛ كما قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل وفضائل الأعمال بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا] اهـ.
وحتى لو لم يرد في الباب إلا هذا الحديث الضعيف فإنَّ النصوص الصحيحة الأخرى العامَّة التي تُرَغِّب في الدعاء وكثرة الذكر مطلقًا، وفي الاستجارة وطلب الوقاية من النار على الخصوص تكفي في إثبات المشروعيَّة؛ إذ إن القاعدة عندهم أن العامَّ يبقى على عمومه، والمطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي مُخصِّص أو مُقيِّد. ينظر: "البحر المحيط" للعلامة الزركشي (5/ 8، ط. دار الكتبي)، و"التلويح على التوضيح" للعلامة التفتازاني (1/ 117، ط. مكتبة صبيح).
وقد رغَّب الشرع الشريف في الاستجارة من النار وطلب الوقاية منها بالعفو والمغفرة؛ حيث قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 16].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ.. الحديث" أخرجه الإمامان أبو يعلى وإسحاق بن راهويه في "المسند"، والإمام البيهقي في "الدعوات الكبير".
كما يجوز للإنسان أن يدعو بغير هذا الدعاء من الأدعية التي يباح الدعاء بها عندما يحصل للإنسان ما يقلقه أو يزعجه؛ رغبةً في أن يدفع الله تعالى عنه هذا الأمر ومشقته؛ ففي السُّنَّة النبوية المطهرة كثيرٌ من الأدعية والأذكار التي يلتجئ بها العبد إلى الله تعالى عند وقوع ما يُفْزِعُه أو يقلقه متضرعًا راجيًا من ربه تعالى أن يكتب له السلامة والنجاة؛ فمنها: ما جاء عن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق، قال: «اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ» رواه الترمذي في "سننه"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، والإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك".
ومنها ما يقال عند الكرب والهم: "هو الله، الله ربي لا شريك له"؛ لما جاء عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا راعَه شيء قال: «هُوَ اللهُ، اللهُ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ» رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وأخرجه أبو داود وابن ماجه في "سننهما" والطبراني في "المعجم الكبير" عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحر الأزهر دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه الله تعالى ل الله
إقرأ أيضاً:
ملتقى التفسير بالجامع الأزهر يستعرض الإعجاز في حديث القرآن عن اللبن
عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد، ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي تحت عنوان “مظاهر الإعجاز في حديث القرآن الكريم عن اللبن وفوائده، بحضور الدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين، والدكتور أحمد محمد حسانين، أستاذ مساعد علوم وتكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة الأزهر، وأدار الحوار الإعلامي، أبو بكر عبد المعطي.
في افتتاح الملتقى، أكد الدكتور مجدي عبد الغفار على ضرورة التعامل مع القرآن الكريم بتدبر عقلي، وتأثر قلبي، وتغيير سلوكي، مستشهدًا بقول الفضيل بن عياض بأن "القرآن الكريم نزل للعمل به"، داعيًا إلى جعل قراءته ممارسة عملية لتطبيق حلاله وحرامه، والامتثال لأوامره، والتأمل في عجائبه.
وأشار إلى سبق القرآن للحقائق العلمية في إثبات الظواهر والإشارة إليها، مما يستوجب إعمال العقل في فهمه وتدبر معانيه، والاستعانة بالمتخصصين في علوم القرآن، الذين يمتلكون الأدوات المنهجية في فهم دلالاته وإشاراته، وحول الإعجاز القرآني في حديث القرآن الكريم عن اللبن بين أن قول الحق تعالى "وإنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ" هو توجيه رباني للبشر بالاعتبار بنعم الله سبحانه وتعالى.
وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار، أن قوله تعالى " نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ" أي أن الله تعالى يسقينا مما في بطون الأنعام، وهذا لا يعني أن جميع أنواع الأنعام ينتج لبنًا صالحًا للاستهلاك البشري، وهنا يسبق القرآن الكريم العلم الحديث في إشارته إلى وجود أنواع محددة من الألبان التي تلائم طبيعة الإنسان وتغذيته، كما أن قوله تعالى " لَّبَنًا خَالِصًا" إشارة إلى نقاء وصفاء هذا الغذاء الطبيعي، وأنه خال من أي شوائب أو مواد دخيلة، ويمكن فهم هذه الصفة "خالصًا" على نطاق أوسع ليشمل ضرورة الحفاظ على سلامة ونقاء غذاء الإنسان بشكل عام، وتجنب غشه أو إدخال أي مواد ضارة عليه كالمواد المهرمنة والمسرطنة، فمثل هذا التلاعب والغش في الأغذية يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي التي تحث على الأمانة والصدق والحرص على صحة الإنسان، وبالمثل، فإن الغش في المعلومات ونشر الأباطيل وإفساد العقول هو نوع آخر من الخداع والتضليل الذي يتعارض مع قيم النزاهة والحق التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف.
من جانبه قال الدكتور أحمد محمد حسانين، أستاذ مساعد علوم وتكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة الأزهر، إن اللبن أول غذاء الكائنات الحية عند خروجها للحياة، ولا يحتاج معه إلى غذاء أخر لإكمال نموه، ويؤكد علماء التغذية أن اللبن هو غذاء متكامل لا يحتاج معه المولود إلى أي مصدر تغذية آخر لنموه، وقد أثبتت التجارب المعملية تأثيرات مختلفة على مذاق اللبن وأنواعه، وقد سبق ذلك إشارة القرآن الكريم إلى صفة عدم تغير طعمه في قوله تعالى " وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ" إلى أن هناك أشياء تدخل على اللبن فتغير طعمه.
وأضاف أستاذ علوم وتكنولوجيا الألبان، أن لبن الأم يعد غذاءً فريدًا للطفل في أول عامين من عمره، كما أنه مفيد لصحة الطفل، من خلال ما خص الله به سبحانه وتعالى لبن الأم دون غيره من أنواع الألبان، وهو ما سبقت الإشارة إليه في القرآن بقوله تعالى " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"، لذلك ففي حال منع الطفل من الرضاعة الطبيعية لأسباب مختلفة، يلجأ الأطباء إلى وصف ألبان صناعية مدعمة بمكملات غذائية لتعويض العناصر التي لم يحصل عليها الطفل بسبب عدم حصوله على لبن الأم.
وذكر أستاذ علوم وتكنولوجيا الألبان أن اللبن يعد مصدرًا هامًا للعديد من العناصر الغذائية، ليس فقط الكالسيوم الضروري للعظام، بل إنه أيضا يعد مصدرا للطاقة، كما يحتوي على عناصر مثل البروتينات والفيتامينات والمعادن الأخرى التي تدعم صحة الجسم، بالإضافة إلى ذلك، يتم تحويل اللبن إلى مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية والمغذية مثل الأجبان المختلفة، والزبادي بأنواعه، والقشدة، والزبدة الطبيعية، كما يدخل في صناعات أخرى متنوعة، لهذا نجد أن الاتجاهات الحديثة تضع الألبان في صدارة قائمة المصادر التي تعتمد عليها الصناعات الغذائية الحديثة بشكل كبير.
يذكر أن ملتقى "التفسير ووجوه الإعجاز القرآني "يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.