طهران- في ظل تزايد الاحتمالات بشأن تمرير مشروع قرار يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها في مجال الضمانات النووية بمجلس محافظي الوكالة الذرية، يمر ملف طهران النووي هذه الأيام بمنعطف خطير مع تجميد المفاوضات النووية منذ 3 أسابيع واقتراب يوم النهاية في الاتفاق النووي (18 أكتوبر/تشرين الأول 2025) كحد أقصى لانتهاء صلاحية آلية الإعادة السريعة للعقوبات عليها.

وبينما تبقى الجولة السادسة من المفاوضات النووية، المتعثرة عند مسألة تخصيب اليورانيوم، أملا أخيرا لتجنب انزلاق الملف نحو مزيد من التعقيد، تشخص أنظار المراقبين إلى فيينا حيث اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذرية، وسط تهديدات إيرانية واضحة بالرد المتناسب على أي قرار يدينها.

من ناحيته، شدد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، على أن "رد إيران على أي قرار ضدها في مجلس محافظي الوكالة الدولية سيتضمن إجراءات تقنية وإعادة تقييم كيفية التعاون مع الوكالة"، مضيفا أن "لدينا هذه المرة قائمة من الإجراءات المضادة، والتي أبلغنا بها بالفعل".

قرارات مُعدَّة

في المقابل، أعرب المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، خلال مؤتمر صحفي في فيينا، عن تزايد المخاوف المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، ذلك لأن تراكم اليورانيوم عالي التخصيب لدى طهران "يمثل قضية خطيرة"، مؤكدا أن الوكالة حددت 3 مواقع غير معلنة كان بها تخصيب لليورانيوم في إيران.

إعلان

ووسط توقعات بإصدار مجلس المحافظين قرار إدانة ضد طهران بناء على تقرير غروسي -الذي يؤكد بأن تراكم 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب (60%) في إيران كافٍ نظريا لصنع 10 قنابل نووية، ينفي الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي، وجود علاقة بين قرارات مجلس المحافظين وتفعيل آلية الزناد.

ونقلت صحيفة "قدس" الناطقة بالفارسية عن عباسي قوله إن اجتماعات الوكالة الذرية "روتينية" وإن القرارات المعادية التي يمررها مجلس المحافظين "مُعدة مسبقا"، متهما المجلس بالانحياز للأجندة الغربية وعلى رأسها الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، مضيفا أن "واشنطن وتل أبيب تقفان خلف هذه القرارات لخلق ذرائع ضد طهران".

وعن تأثير قرارات مجلس محافظي الوكالة الذرية على المفاوضات النووية المتواصلة بين واشطن وطهران، خلص عباسي إلى أن "التجربة أثبتت أن أميركا تنتهك الاتفاقيات دوما لخدمة مصالحها وأن هذه القرارات لا تؤثر مباشرة على المفاوضات، ولا داعي للقلق منها".

انتزاع تنازلات

في المقابل، يعتقد مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري، أن تقرير غروسي الأخير يحمل نبرة متشددة وانتقادات لاذعة لطهران مقارنة مع تقاريره السابقة، ما يمهد لاعتماد قرار أكثر صرامة ضدها، مستدركا أنه من غير الواضح إذا كان قرار مجلس المحافظين سيطالب بإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن أم لا، لكنه يرمي إلى حث طهران على التوصل إلى اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي.

ويوضح زواري للجزيرة نت أن الضغوط الأوروبية والأميركية في مجلس المحافظين تريد انتزاع تنازلات أكبر من طهران في سياق المفاوضات النووية الجارية، مضيفا أنه إذا تم إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، فقد يُفعِّل ذلك آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية السابقة على طهران.

وبرأيه، فإن طبيعة الرد الإيراني ستكون معبرة عن مدی رغبتها في تجاوز المرحلة الخطيرة الراهنة، وما إذا كانت ستحرص على حلحلة الملف عبر السبل السياسية أو التصعيد، مؤكدا أنه يلمس رغبة إيرانية بحلحلة الملف دبلوماسيا على غرار انخراطها بالمفاوضات النووية منذ أكثر من شهر، لكن الخطوات الغربية قد ترغمها على تبني نهج مختلف.

إعلان

لكن الرغبة الإيرانية بحل ملفها النووي عبر المسار الدبلوماسي قد لا تكون كافية في ظل تمسكها بحق التخصيب على أراضيها بما يتعارض والمطالب الأميركية لأي اتفاق محتمل، وفق المتحدث نفسه الذي يشدد على أن التمهيد الغربي لتفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات السابقة ستكون لها عواقب وخيمة على إيران.

وخلص زواري إلى أن بلاده قد ترد على أي قرار يُمهِّد لتفعيل آلية الزناد وإحالة ملفها إلى مجلس الأمن بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وتقليص تعاونها مع الوكالة الذرية بما فيه تقييد عمل مفتشي الوكالة، وقد يتضمن ردها رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من 60% بما يثير حفيظة الجانب المقابل.

سيناريوهات

من ناحيته، يرى الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلسي، أن تطورات الملف الإيراني ترجح إصدار مجلس المحافظين قرارا يدين طهران ويحثها على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة قبل إغلاق باب المسار الدبلوماسي.

ويشير مجلسي -في حديثه للجزيرة نت- إلى التداعيات المحتملة المترتبة على قرار مجلس المحافظين، موضحا أن طبيعة الرد الإيراني على القرار قد تفضي إلى طيف من السيناريوهات المحتملة كالتالي:

السيناريو الأول: "العودة إلى طاولة المفاوضات" بما يرفع من حظوظ التوصل لاتفاق وينزع التوتر بشأن النووي الإيراني، وسيكون ممكنا من خلال إظهار جانبي المفاوضات مرونة حول خطوطهما الحمراء. السيناريو الثاني: "تصعيد إيراني" وقد يتجلى في تقليص تعاون طهران مع الوكالة أو إغلاق كاميرات المراقبة في سياق تقويض التعاون مع الوكالة خاصة إذا ما اتخذ الجانب الغربي خطوات عملية لتفعيل آلية الزناد. السيناريو الثالث: "التدخل العسكري" وسيكون واردا في حال ردَّت طهران بعنف على قرار مجلس المحافظين بما يُمهد لشن إسرائيل هجمات خاطفة على منشآت إيران النووية، مستغلة الإجماع الدولي ضد طهران. السيناريو الرابع: "الحرب" وذلك من خلال تصاعد الرد العسكري الإيراني على أي هجوم محتمل ضد مفاعلها النووية وانزلاق الهجمات إلى حرب إقليمية. إعلان

وفي حين تترقب الأوساط السياسية في إيران نتائج الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين، يتساءل مراقبون عما إذا كان قرار الإدانة سيدفع طهران نحو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، أم أنه سيفتح نافذة أخيرة لاتفاق مؤقت قبيل طي ملف المفاوضات النووي غير المباشرة الجارية بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج مجلس محافظی الوکالة المفاوضات النوویة المفاوضات النووی مجلس المحافظین الوکالة الذریة آلیة الزناد مع الوکالة على أی

إقرأ أيضاً:

تقرير « الطاقة الذرية» يتهم إيران.. ورد سريع من طهران

أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الخميس، قرارا بـ «عدم امتثال إيران» لالتزاماتها بالضمانات النووية.

ووافق المجلس على القرار بتأييد 19 عضوا ومعارضة 3 أعضاء وامتناع 11 عضوا عن التصويت، مشيرًا إلى أن ذلك يحدث لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاما.

وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفين القرار بـ «السياسي».

وأعلنت الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، في بيان مشترك، تشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم ردًا على التصويت، مؤكدين استبدال أجهزة الطرد من الجيل الأول بموقع فوردو، بأجهزة من الجيل السادس.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في تصريحات، إن تقرير الوكالة الدولية بشأن أنشطة إيرانية النووية، متناقض ولا يتحدث عن انحراف برنامج إيران النووي، مؤكدًا أن التقرير محاولة للترويكا الأوروبية وأمريكا لتبرير نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن.

وأشار بقائي إلى أن إيران أكدت مرارا عدم سعيها لأسلحة نووية ولديها فتوى المرشد التي تحرمها، محذرًا من أنه إذا أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا ضد إيران، فستتخذ ردها المتناسب.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الجولة السادسة من المفاوضات مع إيران ستجرى اليوم الخميس، فيما أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن جولة المفاوضات ستقام يوم الأحد المقبل، في العاصمة العمانية مسقط.

وفي 11 مايو الماضي، انعقدت في العاصمة العمانية مسقط، الجولة الرابعة من المفاوضات وأعربت كل من الولايات المتحدة وإيران عن تفاؤلهما بشأن المحادثات النووية.

وفي 23 مايو 2025، أعلن وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، اختتام الجولة الـ5 من المفاوضات الإيرانية الأمريكية في روما، مشيرًا إلى أنه تم إحراز بعض التقدم لكنه لم يكن حاسما.

وتصرّ الولايات المتحدة الأمريكية على التفاوض مع إيران للتخلي عن برنامجها النووي، بينما تؤكد طهران أنها لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم وامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، نافية أي نية لديها لامتلاك الأسلحة النووية.

اقرأ أيضاًمسؤول إيراني: «هجوم صاروخي باليستي» ضد إسرائيل في هذه الحالة

عاجل| إيران تقرر تغيير اسم شارع خالد الإسلامبولي

ترامب: إيران تلح على السماح لها بتخصيب اليورانيوم

مقالات مشابهة

  • الملف النووي الإيراني.. ما مساراته بعد قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
  • هيئة الأركان الأمريكية: تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران مقلق
  • 5 أسئلة لفهم موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من النووي الإيراني‎
  • تقرير « الطاقة الذرية» يتهم إيران.. ورد سريع من طهران
  • قرار جديد من "وكالة الطاقة الذرية" بشأن النووي الإيراني.. وطهران ترد
  • عاجل. رويترز: مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً بعدم امتثال إيران لالتزاماتها
  • عاجل| مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: الترويكا الأوروبية نقضت بشدة قرار مجلس الأمن ٢٢٣١
  • ما يجب أن نعرفه عن نووي إيران قبل تصويت مجلس محافظي الوكالة الذرية
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية متخوفة إزاء البرنامج النووي الإيراني