تهديد لاستقرار كوكب الأرض.. درجات الحرارة ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة في آيسلندا وغرينلاند
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
في ظل ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل يفوق ضعف المعدل العالمي، بدأت المجتمعات المحلية، وخصوصًا السكان الأصليين من الإنويت، في مواجهة تحديات غير مسبوقة. اعلان
تشهد المناطق القطبية الشمالية تحولات مناخية حادة لم تعد تقتصر على الدول المعروفة بمناخها الحار. فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "إسناد الطقس العالمي" (WWA) أن الموجة الحارة غير المسبوقة التي ضربت آيسلندا وغرينلاند الشهر الماضي أصبحت أكثر حدة بنحو 3 درجات مئوية بسبب التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري.
في 15 مايو/أيار، سجلت محطة مطار إغيلستادور في آيسلندا 26.6 درجة مئوية، في رقم قياسي وطني جديد لهذا الشهر. وبعد أيام قليلة، في 19 مايو، بلغت الحرارة في محطة إيتوكورتورميت بشرق غرينلاند 14.3 درجة مئوية، مقارنة بمتوسط درجات الحرارة القصوى اليومية البالغ 0.8 درجة فقط.
الدكتورة سارة كيو، الباحثة في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية، تقول: "غالبًا ما نفكر في دول مثل الهند أو إيطاليا عند الحديث عن موجات الحر، لكن حتى الدول الباردة مثل آيسلندا باتت تشهد ظواهر مناخية متطرفة".
وتشير الدراسة إلى أن موجة الحر الأخيرة تسببت في ذوبان الجليد في غرينلاند بمعدل يعادل 17 ضعف المعدل المعتاد، خلال الفترة بين 15 و21 مايو، وفقًا للمركز الوطني الأمريكي لبيانات الثلوج والجليد.
مجتمعات مهددةفي ظل ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل يفوق ضعف المعدل العالمي، بدأت المجتمعات المحلية، وخصوصًا السكان الأصليين من الإنويت، في مواجهة تحديات غير مسبوقة. تقول مايا فاهلبيرغ، المستشارة الفنية في مركز الصليب الأحمر والهلال الأحمر للمناخ: "المجتمعات المحلية في القطب الشمالي لطالما اعتمدت على استقرار المناخ، لكننا اليوم نرى مؤشرات خطر متزايدة".
ذوبان الجليد أدى إلى تقليص المساحات الآمنة للتنقل والصيد، مما يهدد نمط الحياة التقليدي للإنويت، كما تسبب في تراجع عدد كلاب الزلاجات التي استخدمت منذ آلاف السنين. وفي آيسلندا، بات كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة أكثر عرضة لتأثيرات الحرارة، رغم انخفاض معدلات الوفاة المرتبطة بها مقارنة بدول جنوب أوروبا.
التحذيرات الرسمية من حروق الشمس، وتلطيف الطرقات بالإسفلت البارد في آيسلندا، تكشف عن واقع جديد لم يكن مألوفًا في البلدان الباردة.
Relatedدراسة تحذر: الاحتباس الحراري يضاعف قوة الأعاصير الأطلسيةكيف يمكن الاعتماد على "تشات جي بي تي" أن يزيد من الاحتباس الحراري في العالم؟الدكتور هالدور بيورنسون، رئيس قسم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية الآيسلندي، يؤكد أن الأحداث الأخيرة تخرج عن نطاق البيانات التاريخية المعتادة. ويقول: "ما شهدناه في مايو من موجة حر كاسحة حطم أرقامًا تعود لأكثر من قرن. 94% من محطات الطقس في البلاد سجلت درجات حرارة قياسية".
ويحذر بيورنسون من أن هذه ليست حوادث منعزلة، بل مؤشرات على تغيرات منهجية في أنماط الطقس، وقد تشهد آيسلندا موجات حر أشد بنحو درجتين مئويتين في العقود المقبلة، إذا استمر الاحترار المناخي على مساره الحالي وتجاوزت حرارة الكوكب 2.6 درجة بحلول عام 2100.
في غرينلاند، أظهرت التحليلات أن اليوم الأكثر حرارة في مايو كان أكثر دفئًا بـ3.9 درجات مئوية مقارنة بما كان سيكون عليه الحال في مناخ ما قبل الثورة الصناعية. ويُرجّح الباحثون أن هذه الفروقات ناجمة بالكامل تقريبًا عن التغير المناخي.
تأثير على كوكب الأرضتحذيرات العلماء لا تتوقف عند حدود القطب الشمالي. يقول الدكتور فريدريك أوتو، أستاذ علوم المناخ في إمبريال كوليدج لندن: "ما يحدث في القطب الشمالي له تأثيرات عالمية. ذوبان الجليد يسرّع من ارتفاع مستوى سطح البحر، ما يهدد بقاء المجتمعات الساحلية والجزرية حول العالم، من فانواتو إلى كيريباتي".
تشير البيانات إلى أن غرينلاند تخسر حوالي 43 مليار طن من الجليد سنويًا، مع تزايد القلق من اقتراب نقطة التحول التي قد تجعل ذوبان الغطاء الجليدي أمرًا لا رجعة فيه.
كما أن ذوبان الجليد يهدد تيارات المحيط الأطلسي الدافئة، التي تلعب دورًا رئيسيًا في استقرار المناخ في أوروبا. انهيار هذه التيارات قد يؤدي إلى تغيرات مناخية حادة قد تُغرق أوروبا في موجات برد قاسية غير معتادة.
تختم الدراسة بالتأكيد على أن مصدر هذه التحولات واضح: حرق الوقود الأحفوري. وتضيف الدكتورة كيو: "لدينا المعرفة والتكنولوجيا، ولكن ما نحتاجه هو الإرادة السياسية لحماية حقوق الإنسان في مواجهة أزمة تطال الجميع، وليس فقط الأقوياء والأغنياء".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس سوريا بنيامين نتنياهو واشنطن إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس سوريا بنيامين نتنياهو واشنطن القطب الشمالي أيسلندا موجة حر غرينلاند الاحتباس الحراري والتغير المناخي إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس سوريا بنيامين نتنياهو واشنطن ضحايا روسيا غزة قصف سياسة الهجرة حكم السجن القطب الشمالی فی آیسلندا
إقرأ أيضاً:
ارتفاع درجة حرارة المحيطات.. هل وصلنا إلى نقطة تحول مناخي؟
في عام 2023 لم يكن وضع المحيطات طبيعيا، فقد ارتفعت حرارتها بشكل مفرط وظلت كذلك حتى الآن، وساهمت في احترار الكوكب بأكمله تقريبا، وبحسب العلماء لم يكن الأمر مجرد ارتفاع في درجة الحرارة، بل قد يكون ذلك بداية لشيء أكبر يشمل تغييرا في آلية عمل مناخ الأرض.
وكشفت دراسة جديدة أن موجات الحر البحرية لعام 2023 حطمت كل الأرقام القياسية المعروفة، إذ كانت أقوى وأطول، وغطت مساحات أكبر من أي وقت مضى، كما لم تكن موجة واحدة، بل كانت موجات عديدة متداخلة وممتدة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4البلاستيك يغزو المحيطات.. فمن أكبر الملوثين في العالم؟list 2 of 4موجة الحر في المحيط الهادي زعزعت النظم البيئيةlist 3 of 4علماء يضعون خريطة للبلاستيك بالمحيطات والنتائج صادمةlist 4 of 4حموضة المحيطات تتجاوز الحدود الآمنة والخبراء يحذرونend of listولا تعد موجات الحر البحرية مجرد بقع دافئة في البحر، بل هي ارتفاعات حادة وممتدة في درجة حرارة البحر قد تستمر لأشهر وتأثيرها مدمر، إذ تقتل الشعاب المرجانية وتطرد الأسماك وتعطل مصائد الأسماك بأكملها.
وبسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان أصبحت هذه الأحداث أكثر تواترا وأكثر شدة.
ووفقا للدراسة، شهد 96% من سطح المحيطات العالمية موجات حر، وتحملت مناطق مثل شمال الأطلسي وشمال المحيط الهادي والمناطق الاستوائية فيه وجنوبه الغربي أسوأ آثارها، وشكلت هذه المناطق مجتمعة 90% من ارتفاع حرارة المحيطات غير الاعتيادية.
واستمرت موجة الحر في شمال المحيط الأطلسي 525 يوما، بدءا من منتصف عام 2022 ولم تهدأ، كما شهدت منطقة جنوب غرب المحيط الهادي موجة حر بحرية واسعة النطاق وممتدة حطمت الأرقام القياسية السابقة.
كما جاءت ظاهرة النينيو في شرق المنطقة الاستوائية بالمحيط الهادي، حيث بلغت درجات حرارة المحيط هناك ذروتها عند 1.63 درجة مئوية فوق المتوسط.
وبالنسبة للحياة البحرية وهذا النوع من الحرارة يمكنه أن يغيّر كل شيء، بما في ذلك الحركة والتكاثر والبقاء.
ومن خلال تقنية تتبع انتقال الحرارة عبر الطبقات العليا من المحيط وجد الباحثون أسبابا متعددة لموجات الحر البحرية لعام 2023، ففي بعض المناطق قلّت الغيوم، مما سمح بوصول المزيد من أشعة الشمس إلى المياه.
إعلانوفي مناطق أخرى أدى ضعف الرياح إلى قلة اختلاط المياه، مما تسبب في ركود المياه الدافئة.
كما تحولت تيارات المحيطات أيضا عن أنماطها المعتادة، مما ساهم في زيادة تراكم الحرارة، وبذلك تختلف الأسباب باختلاف الأماكن، لكنها جميعها تؤدي إلى نفس النتيجة: محيطات ظلت ساخنة لفترة طويلة جدا.
تلعب المحيطات دورا مهما في تنظيم المناخ على الكوكب، إذ تمتص 90% من الحرارة الزائدة، و23% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية، كما تعد مصدر 85% من بخار الماء في الغلاف الجوي وتنتج 50% من الأكسجين الذي نحتاجه.
وتشير الدراسة إلى أن الأعاصير المدارية الشديدة في عام 2023 مثلت تحولا جوهريا في ديناميكيات المحيط والغلاف الجوي، وقد تعمل بمثابة تحذير مبكر من نقطة تحول وشيكة في نظام مناخ الأرض.
وتعني نقطة التحول المناخي تجاوز عتبة لا يستطيع فيها النظام التعافي بمفرده، وبالنسبة للمحيطات قد يؤدي ذلك إلى موجات حر أكثر تواترا، وانهيار شبكات الغذاء، وتناقص أعداد الأسماك وتدمير الشعاب المرجانية جراء ذات الأهمية البالغة في النظم البيئية البحرية جراء تحمض المياه.
كما لن يقتصر التأثير على البحار، فالمحيطات الدافئة تحتفظ بكمية أقل من الأكسجين، مما يعيق تبادل الحرارة والرطوبة مع الغلاف الجوي، ويؤدي ذلك إلى تفاقم الأحوال الجوية المتطرفة، مما يؤثر على كل شيء، من العواصف والأمطار إلى الجفاف على اليابسة.
وبحسب الباحثين، فإن أحداث عام 2023 تسلط الضوء على التأثيرات المتزايدة للمناخ الحار والتحديات في فهم الأحداث المتطرفة، ويواجه العلماء مهمة عاجلة تتمثل في مراقبة مدى تكرار حدوث هذه الظواهر وكيف تتطور بمرور الوقت.
ويحتاج ذلك -حسب الدراسة- إلى بيانات عالية الدقة ومعالجة أسرع ونماذج قادرة على التنبؤ بشكل أفضل بهذه التغيرات المعقدة في مختلف المناطق، حيث يمكن للمجتمعات التي تعيش خاصة في المناطق الساحلية أن تستعد لمزيد من الاضطرابات المتكررة في النظم البيئية البحرية.
وتشير الدراسات إلى أن مستقبل المناخ العالمي يعتمد بشكل كبير على سلامة المحيطات وقدرتها على الاستمرار في أداء وظائفها الطبيعيىة، لكن الصراع على الموارد وتصريف النفايات -خصوصا البلاستيكية- وكلها عوامل تسرع من احترار المحيطات وتحمضها وتعجل بنقطة تحول مناخي هي الأخطر على الكوكب.