الدخول إلى علم النفس عبر بوابة الأدب
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
بين يديّ هذا الكتاب الساخن ملمسًا ومجازًا، ملمسًا لأنه صادر منذ بضعة أيام من المطبعة، أتصفح الكتاب في سيارة صديقي، فيتقافز بين يديّ لهبه الساخن، تمامًا مثل الرغيف الشهي الذي يلسع أصابعنا ونحن نحاول انتزاع لقمة منه، ومجازًا لأن موضوعه مفاجئ ونادر في الكتابة الفلسطينية التي تدخل إلى علم النفس بكل متاهاته وانشطاراته عبر بوابة الأدب، فتصير نصوصه تأملات عميقة في أعماق الإنسان الفلسطيني الذي عصف وما زال يعصف بحياته الاحتلال الفظيع، وهو الاحتلال الذي لا يخجل من إشهار أهدافه ضد الشعب الفلسطيني، أولها: تحطيم الإنسان الفلسطيني من الداخل حتى يسهل السيطرة عليه، وعلى أرضه ومستقبله.
الطبيب النفسي الشهير الدكتور الفلسطيني المثقف محمد الخواجا هو مؤلف هذا الكتاب، ويبدو أنه خلاصات عمله الطويل كطبيب نفسي ناجح يعالج أبناء شعبه من أمراض النفس المختلفة، قد يرى الكثيرون أن الاحتلال بكل فظائعه ومؤامراته ودسائسه وسياساته الجهنمية هو المسؤول عن أمراضنا، وهذا ربما يكون صحيحًا في الإطار العام، لكن للدكتور رأيًا آخر في علاقة سياسات الاحتلال الشيطانية بالأزمات النفسية، فالفلسطيني المقاوم من خلال إيمانه بحقه، يكسر هدف الاحتلال في تحطيمه، ويحول هذا التحطم إلى فعل تسامٍ عالٍ، يهدئ النفس ويأخذها إلى اتجاهاتها الخالية من الأمراض، ويمنح الفلسطيني المقاوم لألم مقاومة الوجود تحت الاحتلال معنى نبيلاً، يحصنه من الأزمات ويمنح عذابه نوعًا تطهيريًا من الإحساس. يضرب الدكتور مثلًا: بأن الفلسطينيين لم يشهدوا حادثة انتحار واحدة قبل اتفاقية أوسلو، حيث كان النضال الفلسطيني صافيًا من المصالح وبعيدًا عن الأوهام وعقلية الصفقات، بعد أوسلو حيث تراخى النضال واتخذ مسارب واهية ووهمية، وانغمس الناس في عالم الماديات والحياة الاستهلاكية، ازدادت حالات الانتحار بشكل واضح.
يكتب الدكتور الخواجا على الغلاف الخلفي للكتاب موضحًا ماهيته وسياقه: (هو رحلة هادئة عبر الخوف والفقد والطفولة، السكينة والعلاقات التي لم تغلق أبوابها جيدًا، كتبها طبيب نفسي لا من برج عاجي، بل من مقعد بسيط على الرصيف، يحمل فيه ما بقى في قلبه بعد جلسة وبعد الحياة، إن كنت تبحث عن كلمات تشبهك، عن صديق لا يتجمل، وعن دفء يقال حين ينفع الكلام، فربما تجد بين هذه الصفحات ما يشبه أن تضع رأسك قليلًا ثم تواصل المسير).
ينقسم هذا الكتاب إلى فصول، ولاحظوا الطابع الأدبي للعناوين: (من قلب العاصفة، وحين ينطق القلب، وعن ألم التي سكنت الذاكرة، والطفل الذي لم يشف بعد، وغزة، والامتحان الذي لا يكتب على الورق، وعلى عتبة الأقصى، وعمودا الطمأنينة، نهاية يقينية وكلمة أدبية، وبقايا جلسة، وذلك الشيء الذي لا نعرف اسمه بعد، وحين لا ينفع الكلام، وصفات نفسية غير تقليدية).
يقتبس الكاتب من أقوال كتّاب عالميين وعرب ما يناسب الفصل ويعززه: في الفصل الثامن مثلًا والمعنون بـ(ذلك الشيء الذي لا نعرف اسمه) يقتبس من كافكا: (أحيانًا لا نعرف ما نشعر به حتى يضعه شخص آخر في كلمات).
لغة هذه التأملات بالغة الرهافة والشعرية، الشعرية التي لا تعطل الفكرة ولا تعرقل الرؤيا، يكاد هذا الكتاب أن يصبح قصصًا قصيرة أو رواية متشظية، وأكاد أرى الدكتور وهو يحتار في شكل كتابة هذه التأملات.
لكنه استقر في النهاية على هذه النصوص الفاتنة التي تعطينا كل شيء: حكمة الموقف، وصدق التجربة، وجذور الألم، وقوة الفكرة ووضوحها، وعمق الإحساس، وشعرية اللغة.
د. محمد الخواجا
طبيب نفسي، يعمل في مدينة رام الله، ومؤسس “عيادات جنّتي للطب والرفاه النفسي”، كما أسّس العيادة النفسية في مستشفى المقاصد بالقدس. حاصل على البورد العربي في الطب النفسي، والاختصاص العالي في الطب النفسي من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. له سنوات من الخبرة في معالجة الناجين من التعذيب والصدمات، خاصة في سياق الحرب السورية، وعمل مع اللاجئين في مخيم الزعتري. يكتب في تقاطع الطب النفسي مع التأمل الإنساني، ويؤمن أن الطمأنينة لا تُنال بكثرة المعرفة فقط، بل بالصدق مع الذات، والاتصال بالثوابت الكبرى: الموت والقرآن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا الکتاب الذی لا
إقرأ أيضاً:
الدعم النفسي.. أبرز رسائل «أولياء أمور مصر» قبل امتحانات الثانوية العامة 2025
ناشدت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر والخبيرة الأسرية، في رسالتها الأولى أولياء الأمور بعدم التزاحم أمام اللجان والاكتفاء بتوصيل الأبناء، حفاظًا على أداء الجهات الأمنية لدورها في تأمين اللجان.
وشددت الحزاوي على أهمية الدعم النفسي للطلاب خلال فترة الامتحانات، حيث أوصت أولياء الأمور بتهيئة المنزل للمذاكرة، وتوفير التغذية الصحية، والتحدث بشكل إيجابي عن الامتحانات، وتجنب اللوم والعتاب والمقارنات.
ووجهت الحزاوي رسالتها الثانية للطالب، قائلة: «استعن بالله، واعلم أن لكل مجتهد نصيب. ابتعد عن الأصدقاء السلبيين واقترب من الأصدقاء الإيجابيين. اهتم بمشاهدة الفيديو الذي وفرته الوزارة لتدريبك على كيفية كتابة البيانات والإجابة. وأيضا اهتم بحل النماذج الاسترشادية والاطلاع علي محتويات كتبت المفاهيم و عند المراجعة، تجنب استخدام مصادر جديدة، وبعد الامتحان، لا تراجع إجاباتك، واذهب للراحة استعدادًا للمادة التالية».
وفي رسالتها للمراقبين، أكدت الحزاوي على أهمية دورهم في الحفاظ على نزاهة الامتحانات وتكافؤ الفرص بين الطلاب، و تطبيق اللوائح والقواعد بدقة وصرامة، ولكن هذا لا يتعارض مع أهمية، توفير جو هادئ ومريح للطلاب داخل اللجان لتمكينهم من التركيز.
وأشارت الحزاوي في رسائلها إلى أن الثانوية العامة ليست نهاية المطاف، بل هي بداية لمرحلة جديدة، فكل مجال يمكن أن يكون قمة إذا ما أتقنه الطالب لذلك لا داعي للقلق.
والجدير بالذكر، إنه يؤدى طلاب الثانوية العامة في النظام الجديد الامتحانات بداية من يوم الأحد 15 يونيو في التربية الدينية والتربية الوطنية والثلاثاء 17 يونيو 2025 اللغة الأجنبية الثانية والأحد 22 يونيو امتحان مادة اللغة العربية والخميس 26 يونيو 2025 الفيزياء والتاريخ والأحد 29 يونيو اللغة الأجنبية الأولى والخميس 3 يوليو 2025 الكيمياء والجغرافيا والأحد 6 يوليو 2025 الرياضيات البحتة، والخميس 10 يوليو 2025 امتحان الرياضيات التطبيقية والإحصاء والأحياء.
واتاحت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، خدمة الاستعلام عن أرقام الجلوس لطلاب المرحلة الثانوية العامة عبر منصة «مصر الرقمية»، حيث تعد هذه الخدمة أولى خدمات التعليم ما قبل الجامعي التي يتم تقديمها رقميًا على المنصة.
وتهدف الخدمة إلى تمكين طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور من الاستعلام عن أرقام الجلوس بصورة ميسرة وآمنة وسريعة، بما يسهم في تخفيف العبء على الطلاب وذويهم وتوفير الوقت والجهد، ويعكس حرص الدولة على تقديم حلول رقمية مبتكرة تلبى احتياجات المجتمع.
اقرأ أيضاً«أولياء أمور مصر» يرصد آراء الطلاب في آخر أيام امتحانات الشهادة الإعدادية 2025
أسئلة صعبة وأخطاء في الصياغة.. أبرز شكاوى الطلاب من امتحانات الترم الثاني 2025
«ائتلاف أولياء أمور مصر» تعلن تفعيل مباردة هنساعد بعض لتبادل الكتب بين الطلاب