يمانيون|تقرير

تتجدد في اليمن ملامح الارتباط العميق ببلاغ الغدير، اللحظة التي أعلن فيها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أمام عشرات الآلاف: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، مرسّخًا بذلك اكتمال الرسالة وتثبيت خط القيادة، وباعثا في الأمة مشروعا للهداية قائما على الوعي والتكليف.

شكلت هذه اللحظة انعطافة محورية في التاريخ الإسلامي، فلم تكن إعلانا شخصيا، بل تأسيسا لنهج يمتد عبر الزمن، تتكامل فيه الرسالة بالقيادة، والإيمان بالموقف، والنبوة بالولاية.

الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي أعاد لهذا البلاغ روحه الفاعلة، ورأى فيه أساس كل انحراف لاحق في تاريخ الأمة، مؤكداً أن تجاوز نص الغدير كان أصل الانهيار السياسي والروحي، وبداية الافتراق عن مسار الهداية.

ومن هذا الفهم نشأ مشروع المسيرة القرآنية، واضعا الولاية في صلب أدبياته، بوصفها بوصلة للموقف، ونظاما للقيادة، ومفتاحا لتشخيص التحديات وصياغة الرد، على أساس الاقتداء بالإمام علي علما وعدلاً وبصيرة وشجاعة.

قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مضى على ذات النهج، مجسدا الولاية كمسؤولية واصطفاء، ومؤكداً أن الأمة حين تتولى علياً، فإنها تتولى قيم الكرامة، وتبني مشروعا سياسيا مستقلاً لا تديره السفارات، ولا تموله الصناديق السوداء.

في اليمن، تحولت الولاية من مفهوم إلى ممارسة، ومن شعار إلى قرار، فحين قررت القيادة تجسيد الولاية كموقف، تشكلت معادلة جديدة: القرار ينبع من الميدان، والسيادة تبنى على أساس العقيدة، والمواجهة تنطلق من وعي قرآني لا من مساومات سياسية.

على مدى عشر سنوات من العدوان، صاغت صنعاء معادلة الردع من منبر الولاية، ووقفت حكومة صنعاء بثقل الدولة، لا بردود الأفعال، بل بإدارة ممسكة بالأرض، تعيد ترتيب القرار من تحت الركام، وتستند في صلابتها إلى روح الغدير.

ومن مشروع ثقافي انطلق من مكان محدود، إلى ثورة شعبية، إلى جبهات مشتعلة، إلى مواقف سيادية في السياسة الدولية، اتخذت المسيرة خطا تصاعديا لم يكن طموح سلطة، بل استحقاق مسؤولية.

في هذا السياق، أعاد الفكر اليمني الحديث تعريف الأعداء والحلفاء، فرسمت أمريكا كأصل الهيمنة، وإسرائيل كعدو دائم، وسقطت من الخطاب كل معايير التبعية والتطبيع.

تحيي الجماهير اليمنية ذكرى الغدير سنويا لا لمجرد إحياء مناسبة، بل لإعادة بناء الذاكرة الجماعية على أساس مشروع الهداية، حيث تتحول الشعارات إلى موقف، والفعاليات إلى تجديد للوعي.

أحداث العقدين الأخيرين في اليمن عكست هذا التحول، فحين تبنت القيادة نهج الولاية، اتسعت الخريطة من المنابر إلى الجبهات، ومن الخطب إلى الطائرات المسيرة، ومن الغدير إلى معادلات الردع في وجه العدوان.

انبنى هذا المسار على فهم قرآني لا يفصل الإيمان عن القوة، ولا يعزل القيادة عن الميدان، فبرزت اليمن كقوة فاعلة تدير قرارها من منبر الوعد الإلهي، وتصوغ حضورها من عمق المواجهة.

كل مرحلة من مراحل المسيرة جسدت حضور الولاية: من إسقاط الوصاية، إلى بناء مؤسسات الدولة، إلى التصنيع العسكري، إلى رسم السياسة الخارجية، في سلسلة متكاملة لا تقودها الشعارات بل المواقف.

تحولت الولاية إلى مدرسة قيادية متكاملة، قدمت نماذج متقدمة في الحزم، والصرامة، والموقف السيادي، وأثبتت أن القيادة لا تُستورد، بل تُصنع من وضوح الهدف وصدق الانتماء.

وتجلى هذا الحضور في الموقف من القضية الفلسطينية، حيث تقدمت صنعاء بالدعم الميداني، والخطاب السياسي، والمشاركة العسكرية في خط الدفاع عن فلسطين، مؤكدة أن الولاية لا تعرف الحياد في معركة الحق.

وبهذا التموضع، أُعيد تعريف التحالفات، وأُسقطت معايير التفاوض العبثي، فتقدم من تولّى الله ورسوله وأعلام الهدى، وتأخر من سلك درب المساومة والخضوع.

وامتد أثر الولاية إلى الجانب الاقتصادي، عبر مشاريع زراعية وصناعية ذات طابع سيادي، تقوم على الاكتفاء والتحرر من الارتهان، وبناء منظومة إنتاج متصلة بالناس وحاجاتهم.

الساحل والبحر والدفاع الجوي كانت ساحات تجلت فيها الولاية كقرار سيادي، يتجاوز حدود المنابر إلى خرائط النار والتوازنات العسكرية.

وفي كل عام، تعود ذكرى الولاية كيوم لتثبيت الهوية، وتجديد الوعي، وتأكيد الانتماء، مناسبة استراتيجية تعيد صياغة موقع اليمن في الأمة.

شعب آمن بالولاية بهذا العمق، لا يتراجع، بل يصنع من جراحه مداميك، ومن صبره قوة، ومن موقفه معادلة تُغير وجه المنطقة.

فليست الولاية في الوعي اليمني عبارة عن خطاب، بل هي نظام قيم، ومشروع قرار، ورؤية سيادية بها بنيت التحالفات، وسقطت مشاريع التبعية.

هذا الشعب، يرى في الغدير بوابة نصر، وفي الولاية طريق سيادة، وفي المشروع القرآني خلاص أمة، ومن تحت رايتها، يعاد رسم مستقبل المنطقة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

تدشين فعاليات ذكرى الولاية بمديريات الأمانة


وفي اللقاء تحدث أمين عام رابطة علماء اليمن طه الحاضري وعضو الرابطة العلامة خالد موسى، عن عظمة إحياء يوم الولاية باعتباره إحدى المحطات المهمة في تاريخ الأمة الإسلامية.

وأشارا إلى أن تخلي الأمة عن مبدأ الولاية من أهم الأسباب التي أدت إلى ضعفها، وحالة الانهزام التي تعيشها.

واعتبر الحاضري وموسى، إحياء يوم الولاية، محطة لاستلهام الدروس في التضحية والفداء والشجاعة من سيرة الإمام علي - عليه السلام، وتمثل المسار الصحيح للأمة.

فيما حث أمين عام المجلس المحلي محمد الصادق، على تكثيف الجهود للحشد للفعالية المركزية للاحتفال بهذه المناسبة.

تخللت الفعالية قصائد وفقرات متنوعة، عبَّرت عن عظمة المناسبة وفضائل إحيائها والاحتفاء بها.

إلى ذلك نظمت مديريتا الوحدة والصافية، فعاليتين، احتفاءً بيوم ولاية الإمام علي عليه السلام.

وأشار عضو الهيئة العليا لرابطة علماء اليمن العلامة فؤاد ناجي، إلى أن إحياء ذكرى يوم الولاية، يُعّٙد تأكيداً على تولي الله -عز وجل- والرسول الكريم - صلى الله عليه وآلهِ وسلم- والإمام علي -عليه السلام - ومعاداة أعدائهم.

وأكد أن مبدأ الولاية، يرتقي بالأمة في وعيها ومعنوياتها إلى مستوى التصدي للطاغوت وأدواته من الكافرين والمنافقين والمطبعين مع أمريكا وإسرائيل.. مشيراً إلى أن مبدأ الولاية امتداد للرسالة المحمدية، والتزام بأوامر الله ورسوله الكريم.

فيما دعت كلمات الفعاليتين إلى أهمية تنظيم الفعاليات والأنشطة لإحياء هذه الذكرى، وترسيخ مفهومها في وجدان المجتمع.. مشيرة إلى أهمية إحياء ذكرى يوم الولاية بما يليق بمكانة الإمام علي والتأكيد على أهمية السير على نهجه عليه السلام.

حضر الفعاليتين، وكيل الأمانة المساعد فضل الروني، وقيادات محلية وتنفيذية، ووجهاء وشخصيات اجتماعية.

كما نظمت التعبئة العامة في مديريات شعوب والتحرير وصنعاء القديمة وبني الحارث، فعاليات ثقافية بذكرى يوم الولاية، شارك فيها وكيل أول الأمانة خالد المداني، ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية حمود النقيب.

وألقيت خلال الفعاليات كلمات أكدت على ضرورة الحشد والحضور الواسع في الفعاليات المركزية بمختلف مديريات الأمانة، لإحياء يوم ولاية الإمام علي عليه السلام.. لافتة إلى أهمية إحياء هذه الذكرى كمناسبة دينية تذكر الأمة بأهمية الولاية للاسترشاد بموجهاتها بما يهيئ لها أسباب النصر والعزة والكرامة.

وأشارت إلى أن تخلي الأمة عن مفهوم الولاية، مكن أعداءها من وضع أيديهم على أمور المسلمين ووضع من يتولى الأعداء في المناصب القيادية للأمة.

حضر الفعاليات مدراء المديريات وقيادات محلية وتنفيذية وشخصيات اجتماعية.

مقالات مشابهة

  • ندوة ثقافية في الضالع بذكرى يوم الولاية
  • عيد الغدير في قلب الهوية الإيمانية لليمنيين
  • الولاية في الوعي اليمني.. المفهوم والموقف
  • تدشين فعاليات ذكرى الولاية بمديريات الأمانة
  • الهيئة النسائية في محافظة صنعاء تنظم فعالية خطابية بذكرى يوم الغدير
  • ندوة ثقافية في الحديدة احتفاءً بذكرى ولاية الإمام علي عليه السلام
  • وزير الأوقاف اليمني يحذر من خرافة يوم الغدير وعنصرية الولاية
  • نفحات من ولاية الإمام علي” عليه السلام”
  • أمسيات ثقافية في حجة بذكرى الولاية