بين الولاء والبراءة.. يتحدد طريق المؤمنين
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
يوم الولاية ليس مجرد ذكرى محفوظة في سجلات التاريخ، بل هو عهدٌ متجدد وموقفٌ عقائدي خالد، يميز بين درب النور ومسارات الظلام، بين من تمسك بالعروة الوثقى، ومن ضلّ عن السبيل، إنه اليوم الذي صدح فيه صوت النبوة في غدير خم، ليعلن للعالم أن الرسالة لا تكتمل إلا بالولاية، وأن الخلافة بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليست شأنًا سياسيًا يُتنازع عليه، بل امتداد إلهي لمسيرة الهداية، عنوانه: “من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه”.
لم يكن ذلك الإعلان الشريف إلا تتويجًا لوصايا السماء، التي أوجبت على الأمة أن تسير على نهج محمد وآل محمد، لا تضل ولا تنحرف، ما دامت متمسكة بالثقلين: كتاب الله وعترة نبيه، فأهل البيت ليسوا مجرد بيت نسب، بل هم مركز الهداية، وأئمة الحق، ومصابيح الدجى، الذين اصطفاهم الله ورفعهم بمقام الطهارة، فقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، وفيهم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق”.
إن إحياء يوم الولاية هو في حقيقته إعلان انتماء وولاء، وتصريح براءة وموقف، لا يعرف المواربة، فالإيمان ليس عاطفة خاملة، ولا مجرد طقوس تُمارَس في العلن، بل هو اختيار حاسم بين نهج الحق ونهج الباطل، بين الولاء لله ورسوله وأهل بيته، والبراءة من الطواغيت الذين يعيثون في الأرض فسادًا، ولذا فإن الآية الكريمة جاءت واضحة في رسم الطريق: “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى”.
الطاغوت ليس مجرد صنم يُعبد، بل كل ما يُنازع الله في سلطانه، ويُحارب أولياءه، ويُطفئ نور الرسالة، هو الحاكم الظالم، والفكر المنحرف، والنظام الذي يُقصي صوت الحق ويستبدل أحكام الله بأهواء البشر، وفي زمننا، يتجدد الطاغوت بأشكال مختلفة، لكنه يبقى عنوانًا واحدًا للانحراف عن خط الله. ولهذا، فإن البراءة منه ليست خيارًا جانبيًا، بل جزءٌ لا يتجزأ من الإيمان الحقيقي.
وفي المقابل، فإن الولاء لعلي بن أبي طالب -عليه السلام-، ليس حبًا عاطفيًا فحسب، بل هو التزام عملي بالعدل، بالحكمة، بالشجاعة، بالزهد، بالحق الذي لا يخاف في الله لومة لائم، هو ولاء لخط يمثل امتداد الرسالة، لا بديلاً عنها، ولا خروجًا عليها، هو ولاء يترجم إلى موقف واضح في مواجهة الفتنة، ونصرة للمظلوم، ورفض لمشاريع الاستكبار والطغيان، تحت أي لافتة كانت.
ما أحوج الأمة اليوم، في خضم هذا التيه والخذلان، أن تُعيد قراءة يوم الولاية بوعي، لا بسطحية، أن تدرك أنه ليس مناسبة طائفية، بل موقف رباني، يُحدد به موقع الإنسان بين جبهة الحق وجبهة الباطل، إنه لحظة صدق مع الذات: هل أنا مع نهج محمد وآله؟ هل أقف مع الحق مهما كان ثمنه؟ هل أتبرأ من الباطل مهما لبس أثواب الدين والشرعية؟
بين الولاء والبراءة، يتحدد طريق المؤمنين، فمن اختار ولاية الله ورسوله وأهل بيت نبيه، فقد نجا، ومن هادن الطغيان، وركن إلى الظالمين، فقد خسر خسرانًا مبينًا، الغدير ليس حدثًا يُروى، بل خط يُتبع، والولاية ليست شعارًا يُرفع، بل منهج يُعاش. فطوبى لمن تمسك بها، وخاب وخسر من أعرض عنها.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فعالية احتفالية مركزية في تعز بذكرى يوم الولاية
الثورة نت /..
نُظمت بمحافظة تعز اليوم فعالية احتفالية مركزية بذكرى يوم الولاية 1446هـ تحت شعار “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”.
ففي ساحة الرسول الأعظم بمفرق ماوية – المدينة الطبية – احتفى أبناء مديريتي التعزية وصالة بهذه الذكرى، بحضور جماهيري يتقدمهم نائب رئيس الوزراء – وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية الدكتور محمد المداني ووزير الكهرباء والطاقة والمياه الدكتور علي سيف والقائم بأعمال محافظ تعز أحمد المساوى.
تخللت الاحتفالية بحضور عدد من أعضاء مجلس الشورى وقيادات عسكرية وأمنية وتنفيذية ومحلية ومشايخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية، قصائد شعبية ورقصات شعبية وأهازيج وزوامل وفقرات من التراث الشعبي.
وفي الفعالية الاحتفالية أكد القائم بأعمال المحافظ، أن اليمن يعيش اليوم ذكرى عظيمة تتجسّد فيها معاني الإيمان والولاء لله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام.
واستذكر حديث الرسول عليه الصلاة والسلام للإمام علي في 18 من شهر ذي الحجة في حدث عظيم “من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ونصر من نصره واخذل من خذله”.
وقال “لقد جسّد الامام الذي لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق قمة الإيمان، حيث كان رمزًا للشجاعة والإقدام ومدرسة إيمانية عادلة، وما نشهده اليوم من صراع مع كيان العدو الاسرائيلي نُدرك أنها سنة كونية”.
ولفت المساوى، إلى تخبط العدو الصهيوني المدعوم أمريكيًا وأوروبيًا في المنطقة سواء في فلسطين أو لبنان واليمن، واليوم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لافتًا إلى أن تخبطه يؤكد صمود المقاومة الفلسطينية في غزة والتنكيل بالعصابة الصهيونية.
وأفاد بأن الإمام علي عليه السلام كان شخصية جامعة بعد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يعتز ويفتخر بها كل مؤمن، كما إنه باب مدينة العلم للنبي الخاتم، مشيرًا إلى أهمية إحياء هذه الذكرى لاستلهام الدروس والعبر من شخصية الإمام علي عليه السلام وسيرته العطرة.
وفي الفعالية التي حضرها مساعد المنطقة العسكرية الرابعة العميد صالح حاجب، أوضح مسؤول التعبئة بمديرية التعزية الدكتور محمد الذيباني، أن هذه يوم الولاية ذكرى عظيمة يستذكر الجميع فيها قوله تعالى “يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك”، وهي إعلان الولاية والتبليغ بها واكتمال الدين وإتمام النعمة في يوم الغدير.
وأشار إلى أن القرآن الكريم يربط مصير الأمة بتمسكها بولاية الله .. مشددًا على ضرورة دراسة شخصية الإمام علي كمنهج حياة وتربية الأجيال بأن هذه الشخصية تمثل الأنموذج الإسلامي للعدالة والايمان والقيادة وتطبيق مبدأ الولاية.
تخللت الفعالية التي حضرها مديرا مديريتي التعزية عبدالخالق الجنيد وصالة محمد الهشمة، قصيدة للشاعر سامي عبيد وفقرات انشادية لفرقة الانشاد.