عملية الظل والنار... تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على إيران ودور الجواسيس والطائرات المسيّرة
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
في هجوم وصفته مصادر عسكرية واستخباراتية بأنه "الأكثر تعقيدًا"، شنت إسرائيل فجر الجمعة ضربة جوية وأمنية مركبة داخل العمق الإيراني، استهدفت منشآت نووية ومقارّ عسكرية حساسة، وأسفرت عن مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية، بينهم الجنرال محمد باقري، رئيس هيئة الأركان، واللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، إلى جانب عدد من العلماء النوويين.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين وإيرانيين، تفاصيل العدوان الإسرائيلي على إيران، فجر الجمعة، ودور التجسس وأجهزة المخابرات الإسرائيلية فيه.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن الضربات الإسرائيلية واسعة النطاق على إيران كانت ثمرة سنوات من التجسس المكثف، الذي مكّن إسرائيل من إضعاف الدفاعات الإيرانية، مع قصف أهداف نووية حساسة، وقتل قادة إيرانيين كبار.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن أحد المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولين إيرانيين مطلعين على الأمر، أن الهجوم على إيران كان عملية متعددة الجوانب، شملت نشر طائرات مسيرة وأسلحة أخرى هُرّبت إلى إيران على يد عملاء إسرائيليين، كما حددت إسرائيل وتتبعت تحركات كبار العلماء والمسؤولين العسكريين الذين اغتيلوا، بمن فيهم أربعة قادة كبار على الأقل.
وقال أحد المسؤولين إن العملية خُطط لها ونُفذت بالشراكة بين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الموساد.
وقال مسؤولان إيرانيان للصحيفة الأميركية إنهما لا يعرفان كيف أو متى هُرّبت الأسلحة إلى البلاد، إذ لا يزال الهجوم قيد التحقيق. وصرح أحد المسؤولين الإسرائيليين بأن الاستعدادات شملت عمليات كوماندوز داخل العاصمة الإيرانية طهران، وإنشاء مواقع داخل إيران مزودة بأسلحة تستهدف الدفاعات الجوية الإيرانية وطائرات مسيرة متفجرة تصيب صواريخ بعيدة المدى يمكن إطلاقها على إسرائيل.
وقال مسؤولون إيرانيون إن فرقاً من عملاء إسرائيليين سريين أطلقت صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف من داخل إيران.
وأكد ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي أن أكثر من 100 طائرة شاركت في الهجمات، وإن التتبع الدقيق مكّن من استهداف كبار المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين ومراكز القيادة في إيران.
وكانت وسائل إعلام عبرية، قد نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله، الجمعة، إن جهاز الموساد أقام منذ وقت قاعدة لانطلاق طائرات مسيّرة متفجّرة داخل الأراضي الإيرانية، استُخدمت في الهجوم، بمساعدة عملاء الموساد. وسمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بكشف بعض التفاصيل حول عمل الموساد منذ سنوات في إيران.
وبحسب المصدر الأمني المطّلع على تفاصيل هجوم اليوم، بمشاركة جيش الاحتلال الإسرائيلي والموساد والصناعات الأمنية الإسرائيلية، فإن العملية استندت إلى سنوات من التخطيط الدقيق، وجمع المعلومات الاستخبارية، ونشر قدرات سرية في عمق إيران.
كما كشف المصدر عن أنه قبل وقت طويل من الهجوم، أنشأ عملاء الموساد قاعدة لطائرات مسيّرة مفخخة بالقرب من العاصمة طهران. وأضاف: "جرى تشغيل الطائرات المسيّرة في الهجوم، إذ أُطلقت باتجاه منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض الإيرانية في قاعدة إسبغاباد/أسفاق آباد، وهي من بين المواقع الرئيسية التي تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل".
في السياق قال موقع إكسيوس الأمريكي إن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا تستعدان لرد سريع وعنيف من إيران خلال الليل، لكن بفضل مناورات دقيقة التخطيط نفذها جواسيس وطيارون إسرائيليون — والارتباك والصمت في الجانب الإيراني — ساد الهدوء.
وأضاف أنه عندما بات واضحاً أن إسرائيل على وشك شن هجوم، اجتمع قادة سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني في ملجأ تحت الأرض لتنسيق الرد، لكن إسرائيل كانت تعرف بروتوكول الطوارئ هذا، وموقع الملجأ، فدمرته، وقتلت القائد العام ورؤساء قوات الطائرات المسيّرة والدفاع الجوي.
ونقل الموقع مسؤول إسرائيلي: "عدم وجود أي شخص لإعطاء الأوامر حيّد الرد الإيراني الفوري". كان هؤلاء من بين أكثر من عشرين قائداً إيرانياً استهدفتهم الضربات الواسعة على منظومة القيادة والسيطرة العسكرية الإيرانية، وقد تم القضاء على قادة الحرس الثوري، والجيش الإيراني، والمقر العسكري للطوارئ في إيران في الضربة الأولى.
هدف آخر رئيسي كان أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الإيرانية، إذ قامت الاستخبارات الإسرائيلية برسم خريطة لمواقعها، وتم استهداف معظمها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في الضربة الأولى، مما منح قوات الدفاع الإسرائيلية حرية شبه مطلقة للعمل في الأجواء الإيرانية.
في الوقت نفسه على الأرض، كانت وكالة الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" تنفذ سلسلة عمليات تخريب سرية داخل إيران لتدمير الدفاعات الجوية وقاذفات الصواريخ الباليستية.
وشارك مئات من عملاء الموساد داخل إيران وفي مقرات القيادة، من ضمنهم وحدة خاصة من عملاء إيرانيين يعملون لصالح الموساد. وتمركزت وحدات كوماندوز تابعة للموساد بأسلحة موجهة في مناطق مفتوحة قرب منصات إطلاق صواريخ أرض-جو.
وبحسب الموقع نشر الموساد في منطقة أخرى داخل إيران أسلحة وتقنيات متطورة مخفية داخل مركبات. وعند بدء الهجوم الإسرائيلي، أُطلقت هذه الأسلحة ودمرت أهداف الدفاع الجوي الإيراني.
كما أسس الموساد قاعدة للطائرات المسيّرة الهجومية داخل إيران، باستخدام طائرات تم تهريبها قبل العملية بوقت طويل، بحسب ما قاله مسؤول في الاستخبارات الإسرائيلية.
وذكر الموقع الأميركي، أنه تم تفعيل هذه الطائرات المسيّرة خلال الضربة الإسرائيلية، وأُطلقت نحو قاذفات صواريخ أرض-أرض في قاعدة "اسفجآباد" قرب طهران، ودمرت صواريخ باليستية قبل أن يتم إطلاقها باتجاه إسرائيل
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
إيران تنفذ أكبر عملية ترحيل جماعي للأفغان لـحماية الأمن القومي
تواصل إيران حملة الترحيل الجماعي الضخمة ضد المهاجرين الأفغان , على خلفية اتهامات بأن "مهاجرين غير موثقين من أفغانستان تجسسوا لصالح إسرائيل"، وساعدوها في إطلاق الصواريخ خلال حرب الـ12 يوماً في حزيران/ يونيو الماضي.
وقالت الأمم المتحدة، قالت إن أكثر من مليون أفغاني غادر إيران منذ مطلع حزيران/ يونيو الماضي, من بينهم 627 ألفاً تم ترحيلهم من قبل السلطات, واصفة اللاجئين الأفغان العائدين لبلادهم بأنهم في حالة صدمة شديدة, حيث تعرضوا في كل خطوة داخل إيران للإهانات، قبل ترحيلهم.
ورغم تأكيد الحكومة الإيرانية أن الترحيل يقتصر على الأفغان المُصنفين كـ"غير شرعيين"، فإن شبكة محللي أفغانستان، وهي مؤسسة بحثية مستقلة ، تلقت العديد من التقارير عن استهداف أشخاص يحملون جوازات سفر ووثائق هوية قانونية.
صحيفة " فورين بولسي " كشفت عن قيام السلطات الأمنية في إيران بانتزاع اعترافات من مئات الأفغان تم اعتقالهم خلال حرب الـ12 يومًا مع "إسرائيل" وتم عرضهم على شاشات التلفاز , وهو ما خلق أرضية خصبة لتسريع ما بات يوصف بأكبر حملات الترحيل الجماعي في تاريخ إيران الحديث, حيث بلغت عمليات الإعادة اليومية ذروتها في أوائل تموز/ يوليو تموز بحوالي 50 ألف شخص يومياً.
بتهمة التجسس.. إيران تعيد 1.5 مليون أفغاني إلى بلادهم
شبكة "بي بي سي" البريطانية كشفت في تحقيق لها عن أفغان مرحلين عند معبر إسلام قلعة على الحدود بين البلدين , عن تعرض العديد منهم للضرب بخراطيم المياه وأنابيب الحديد وألواح الخشب خلال احتجازهم على يد ضباط إيرانيين, مشيرين إلى أن السلطات الأمنية الإيرانية عاملتهم كـ"حيوانات" حسب وصفهم.
وأكد آخرون للـ"بي بي سي" خشيتهم من الذهاب إلى أي مكان داخل إيران خوفًا من أن يتم تُصنيفهم كجواسيس, وفق تهم باتت شائعة ومنها أن الأفغان يصنعون الطائرات المسيّرة في منازلهم.
في 13 حزيران/ يونيو ، وهو اليوم الذي هاجمت "إسرائيل" منشآت نووية وعسكرية إيرانية، أصدرت الحكومة بيانات تحث المواطنين على الإبلاغ عن أنشطة مريبة مثل تحركات غير اعتيادية لشاحنات صغيرة قد تنقل أسلحة لعناصر إسرائيلية, محذرة السكان من "المواطنين الأجانب" – وهو تعبير غالباً ما يُستخدم للإشارة إلى الأفغان في إيران – الذين يقودون شاحنات في المدن الكبرى.
مستقبل مجهول ينتظر الأفغان المرحلين من إيران في بلد فقير
وحذرت الأمم المتحدة من أن حملة الترحيل ستخلف "عواقب مدمرة" على أفغانستان وكذلك على المجتمعات والأسر التي يجري تهجيرها ، حيث يواجه المُرحلون تحد لبناء حياة جديدة في أفغانستان فقيرة ومثقلة بالعقوبات، وتعاني أزمات متعددة تشمل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي وشحاً في المياه وبنية تحتية مدمرة بفعل الحروب المتعاقبة.
ومنذ سبعينيات القرن الماضي، فرّ ملايين الأفغان إلى إيران وباكستان، مع موجات كبيرة خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979، وموجة أحدث في عام 2021 عندما عادت حركة طالبان إلى السلطة.
في البداية، كان يُرحَّب بالأفغان في إيران، كما تقول الدكتورة خديجة عباسي، المتخصصة في قضايا النزوح القسريّ في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن, إلا أن المشاعر المناهضة للأفغان ازدادت تدريجياً، مع تصوير وسائل الإعلام الحكومية للاجئين الأفغان على أنهم "عبء اقتصادي" على المجتمع الذي يعاني أساسًا أزمات معيشية صعبة بسبب العقوبات.