غزة – حينما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كافة معابر قطاع غزة بداية مارس/آذار الماضي، سارعت السيدة أم جاد كنعان إلى شراء كمية من الطعام ومواد التنظيف من الأسواق، تحسبا لاستمرار الحصار مدة طويلة.

ومع استمرار الإغلاق، بدأ مخزون أم جاد من بعض السلع الأساسية بالنفاد؛ ونظرا لعدم توفرها في الأسواق أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير، لجأت إلى أسلوب المقايضة حيث نشرت إعلانات عبر مجموعات عامة على تطبيق واتساب، تعلن فيها عن رغبتها باستبدال سلع تحتاجها وتقديم أخرى تمتلكها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل باتت استثمارات الملياردير الهندي غوتام أداني بإسرائيل في خطر؟list 2 of 2المواجهة بين إسرائيل وإيران تدفع بورصات الخليج للتراجعend of list

ونظرا لحاجتها الماسة للطحين لصنع الخبز، اضطرت للتفريط في كمية من السكر المفقود من الأسواق. ويصل سعر الكيلوغرام منه إلى أكثر من 200 شيكل (الدولار = 3.6 شواكل).

ونشرت السيدة الفلسطينية إعلانا تطلب فيه مقايضة 4 كيلوغرامات من الطحين بكيلوغرام من السكر، ونجحت في ذلك.

المواصلات تعيق المقايضة

لكنّ غياب المواصلات داخل أرجاء قطاع غزة، بسبب شح الوقود وقلة السيارات، يجعل من المقايضة أمرا صعبا في بعض الأحيان، ويتسبب في فشل الكثير من المحاولات.

وتقول أم جاد للجزيرة نت "حينما أنشر عرضا للتبادل، يكون هناك تجاوب من العائلات الأخرى، لكن أحيانا البعد الجغرافي يُفشل المقايضة مع صعوبة المواصلات".

إعلان

وتُشيد ربة المنزل الفلسطينية بأسلوب المقايضة، وترى فيه عملية إيجابية تسمح بامتلاك الناس المواد التموينية المفقودة وخاصة الطحين.

يواجه أهل غزة تحديات كبيرة للحصول على ما يحتاجونه من سلع غذائية بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية (الجزيرة)

وبحسب أم جاد كنعان، فإن عدم توفر العملات النقدية وصعوبة سحبها من البنوك المغلقة يزيدان من لجوء الناس لأسلوب المقايضة بشكل كبير.

وفي بعض الأحيان، كانت ربة المنزل تضطر لسحب بعض الأموال من البنك بعمولة كبيرة جدا تصل إلى 40% (عبر السوق السوداء) من قيمة المبلغ لشراء الطحين، مما جعلها تُفضل اللجوء لعملية مقايضة السلع.

أصناف محدودة للمقايضة

على خلاف أم جاد، احتاجت ختام حسين، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إلى كيلوغرام من السكر، فنشرت إعلانا تعرض فيه مقايضته بالعدس، ونجحت في ذلك.

ويستخدم السكان العدس حاليا بديلا عن الطحين المفقود، إذ يصنعون منه الخبز بعد طحنه.

لكنّ المقايضة لا تمكّن السيدة ختام حسين من الحصول على كل ما تحتاجه نظرا لعدم توفر كافة السلع لدى العائلات الأخرى، وخاصة مكعبات المرق المجفف الضرورية لصنع الطعام، إذ قدمت الكثير من طلبات المقايضة دون جدوى.

وتقول ختام حسين إن هناك تجاوبا كبيرا مع إعلانات المقايضة لحاجة العائلات الماسة للطعام لسد رمق أبنائها.

وتضيف للجزيرة نت "شح البضائع وغلاء سعرها عاملان دفعاني لعرض البضائع للتبديل، والاستجابة كبيرة لأن الجميع مثلنا، الكل محتاج ولديه نقص في الطعام".

وترتفع الأسعار بشكل كبير في قطاع غزة بسبب شحّ البضائع، ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الطحين في بعض الأحيان إلى نحو 100 شيكل، علما أن سعره لم يكن يتجاوز 3 شواكل قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وتعج وسائل التواصل الاجتماعي في قطاع غزة حاليا بإعلانات تبادل "السلع مقابل السلع" وكذلك "السلع بسعرها الطبيعي مقابل توفير سيولة نقدية من دون عمولة".

إعلان

ومن بعض الإعلانات التي اطلع عليها مراسل الجزيرة نت:

"متوفر سيولة 300 شيكل من دون عمولة مقابل كيلوغرام من التمر بسعره الطبيعي". "متوفر عنب حُصرم مقابل سكر أو زيت قلي، أو تمر مضغوط أو حلاوة طحينية". "كيلوغرام فول مقابل كيلوغرام طحين"، و"علبة أناناس مقابل سكر". "كيلوغرام تمر مضغوط مقابل بامبرز (حفاظات أطفال)". "عدس حب بُني مقابل زيت قلي". يرى خبراء أن الحل بالنسبة لأهل قطاع غزة هو إنهاء الحرب وإدخال المساعدات والبضائع بحرية (رويترز) المقايضة تكامل اقتصادي

ورغم أهمية "المقايضة" للتخفيف من الظروف الإنسانية الصعبة في غزة، فإنها ليست حلا كافيا، وفق خبراء.

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الدكتور نصر عبد الكريم "هذه حلول إبداعية ومهمة، لكنها تبقى جزئية وليست مستدامة، الحل يتمثل في وقف الحرب وإدخال المساعدات والبضائع بحرية كاملة".

ويرى عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة في قطاع غزة هي "واحدة من الحلول التي يبتكرها المجتمع للتخفيف من آثار المجاعة والحصار الإسرائيلي".

ويضيف للجزيرة نت "المقايضة في حالة قطاع غزة هي تكامل اقتصادي داخل المجتمع وهي ظاهرة محمودة".

أزمة اقتصادية وإنسانية

ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة تؤكد عمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها قطاع غزة بسبب غياب السلع والفقر الشديد وعدم امتلاك المال الكافي للشراء والعجز عن سحب المال من البنوك للإنفاق.

ويقول "بسبب حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل والتجويع والتضييق الاقتصادي واحتكار السلع واختفائها، والظواهر السلبية الأخرى، بات الناس بحاجة إلى التكامل عبر المقايضة، وهي ظاهرة تعكس الأزمة والحالة الاقتصادية المحزنة لمعظم الأسر"، مشيرا إلى أن "مقايضة السلع" ظاهرة قديمة وتاريخية كان يستخدمها البشر قبل ظهور النقود.

ويضيف عبد الكريم أن الفلسطينيين كانوا حتى وقت قريب يتعاملون بالمقايضة، فمن "لديه عنب يبادله باليقطين أو التين، ومن لديه قمح يبادله بالزيتون أو الزيت وهكذا"، مضيفا "أذكر أنه في الانتفاضة الأولى (1987-1994) في الضفة الغربية كانت الكثير من الأسر تلجأ للمقايضة".

إعلان

وحذر عبد الكريم من أن استمرار المجاعة ونقص البضائع سيقللان من جدوى المقايضة نظرا لنفاد السلع في قطاع غزة جراء استهلاكها أو تبديلها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات کیلوغرام من فی قطاع غزة عبد الکریم

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من قطاع غزة

ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي ، اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 ، أن الجيش الإسرائيلي سحب الفرقة 98 من قطاع غزة ، لتبقى 4 فرق أخرى عاملة في القطاع بعد العدوان الإسرائيلي على إيران والمتواصل منذ الجمعة الماضي، فيما غادر "لواء ناحال لتعزيز الجيش" في الضفة الغربية.

وقالت الإذاعة إن الجيش "سحب الفرقة 98 من قطاع غزة، بعد بدء الحرب مع إيران، وترك هناك 4 فرق" دون أن تحدد أسماء الفرق الباقية.

والفرقة 98 هي فرقة النخبة من المظليين والكوماندوز وكانت تنشط في خان يونس في جنوبي قطاع غزة، بحسب بيانات للجيش الإسرائيلي.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن عودة تلك الفرقة إلى قطاع غزة في شهر 22 مايو/ أيار الماضي بعد أن كانت لعدة أشهر في لبنان.

وحسب معطيات سابقة للجيش الإسرائيلي، كانت تشارك في الحرب على غزة، 5 فرق هي: 98 و252، و143، و36، و162، بجانب لواءي ناحال وغولاني، قبل أن يعلن الجيش اليوم سحب الفرقة 98.

وأضافت إذاعة الجيش الاثنين أن لواء ناحال "غادر غزة وانتقل لتعزيز الجيش في الضفة الغربية بدلاً من قوات قيادة الجبهة الداخلية (بالجيش)" التي تم نشرها في إسرائيل لمهام الإنقاذ والإغاثة من مواقع الدمار في ظل الهجمات الإيرانية.

وبذلك تبقى من الجيش الإسرائيلي 4 فرق هي 252، و143، و36، و162، بجانب لواء غولاني، في قطاع غزة.

وعلى الرغم من الحرب على إيران إلا أن الجيش الإسرائيلي يواصل هجماته في قطاع غزة.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت عن الجيش إعلانه السبت أن إيران "أصبحت ساحة القتال الرئيسية لإسرائيل، بينما أصبحت جبهة غزة ثانوية".

ويأتي ذلك بينما يفرض الجيش لليوم الرابع حصارا على الضفة الغربية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، كما يواصل عدوانه في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس منذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية تل أبيب تعلن اعتراض طائرتين مسيرتين في الشمال 150 ألف إسرائيلي ما زالوا عالقين في الخارج كاتس يهدد سكان طهران الأكثر قراءة جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 في الأردن - توجيهي الأردن غزة: دعوات للتجار بعدم التعامل مع التنسيقات التجارية باهظة الثمن 13 شهيدا في قصف إسرائيلي على خان يونس بالفيديو: اندلاع حريق في غابة جنوب غرب القدس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • النفقة ليست خيارا .. قانون الأحوال الشخصية يجبر الزوج على السداد دون تأخير
  • الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من قطاع غزة
  • ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 55,362 شهيدًا
  • كمائن “الطحين” الأمريكية!
  • نساء غزة.. فقد وألم وحياة مأساوية لا تنتهي
  • 4 شهداء ومصابون في قصف العدو الإسرائيلي خان يونس
  • “تنسيقية العمل من أجل فلسطين”: “قافلة الصمود” تتعرض إلى حصار ممنهج وصل إلى درجة التجويع
  • البحرية الإيرانية يجبر مدمرة تجسسية بريطانية على تغيير مسارها
  • القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا