سواليف:
2025-10-08@00:26:39 GMT

في العمق

تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT

#في_العمق

د. #هاشم_غرايبه

السؤال الذي أتلقاه دائما، وهو السؤال الكبير الذي يحار في الإجابة عليه عقلاء الأمة، فتراهم فيه مختلفون ولا يلتقون، هو: لماذا باتت أمتنا في أسوأ حال، ولماذا نهضت سائر الأمم وتقدمت بعد أن اختط كل منها لنفسه سبيلا سلكه، رغم ما أصابها من هزائم وعثرات، فيما أمتنا لا زالت تتخبط بين برامج متناقضة حاولت فيها تقليد الأمم التي نجحت بتجاوز محنتها، لكنها لم تفلح ولم تنجح بل ربما تراجعت الى الخلف أكثر.

. فما هو الحل!؟.
هل العيب فينا بنيوي، بمعنى أننا أمة متخلفة لا مكان لها بين الأوائل؟.
أم أنه كتب علينا التبعية والذيلية لأن إمكاناتنا المالية ومواردنا الطبيعية قليلة لا تسمح لنا ببناء قاعدة اقتصادية مستقلة تنافس الأقوياء؟.
أم أن الأمة تتبع منهجا ماضويا متخلفا لا يناسب هذا الزمان؟
أم أن كيانات الأمة السياسية ليست مستقلة فعليا، بل أن هنالك اتفاقيات مع القوى المهيمنة (الامبريالية) غير معلنة تحد من قدرات الدول العربية على التحرر من التبعية، لكي لا تبني قوة سياسية عسكرية قوية متقدمة، تشكل خطرا وجوديا على الكيان اللقيط الذي أقامته هذه القوى في قلب الأمة لإدامة ضعفها وشرذمتها لتسهيل السيطرة عليها؟.
توخيا للموضوعية، ولضمان الوصول الى الإجابة المنطقية، سنطرح الاحتمالات الأربعة بتجرد وحيادية:
الاحتمال الأول: غير صحيح، لأن كل علماء الاجتماع يؤكدون أن المجتمعات البشرية في المحصلة العامة متقاربة في القدرات العقلية والمواهب، وليس هنالك أمة تتصف بالذكاء وأخرى بالغباء، ولا صحة لنظرية تفوق العرق الأبيض.
الثاني: غير صحيح أيضا، بدليل إن منطقتنا زراعيا هي الأعلى خصوبة والأكثر تنوعا انتاجيا بسبب المناخ المعتدل، وتجاريا هي الأفضل بسبب مركزها المتوسط في العالم، وحضاريا فهي الأكثر تقدما لموقعها في قلب العالم القديم مهد الحضارات البشرية الأعرق.
كما أنها الأغنى بالموارد الطبيعية، وخاصة بمصادر الطاقة من نفط وغاز وطاقة شمسية.
الثالث: ربما كان أكثر ما يثور عليه الجدل والخلاف، فغالبية الأمة مؤمنة بالله وبمنهجه، وقلة هم معادوه، لكن هذه القلة هي الأكثر تأثيرا، لأن منها الطبقة السياسية الحاكمة صاحبة القرار، التي مكنتها القوة العالمية المهيمنة من الإمساك بتلابيب السلطة، لكي لا يصل الاسلاميون الى الحكم، لأن ذلك قد يؤدي الى عودة الدولة الاسلامية الموحدة القوية التي ناضل الغرب ثلاثة عشر قرنا لأجل القضاء عليها، ولما كانت مصلحة الفئة الحاكمة في ممانعة الديموقراطية، لأنها ستأتي بمعارضيها (سواء كانوا إسلاميين أو يساريين) الى السلطة بديلا لهم، فقد تطابقت مع مصلحة الإمبريالية، لذلك سمحت لها بقمعهم، وتغاضت عن فسادهم واستطابت فشلهم.
هنا تبدأ ملامح أساس المشكلة في التبلور، حيث رأينا أن مصلحة الغرب في إدامة الفشل تقتضي منهم تشجيع الفساد، وتشجيع الفئة الحاكمة على الاستبداد والقمع، لمنع التغيير الذي تتوخاه الأمة.
وإن كانت الفئة الحاكمة متطابقة مصلحتها مع مصالح الغرب المهيمن، فهنالك فئة أخرى قوامها المثقفون من أدباء وفنانين، عظيمة التأثير رغم قلة عددهم، لأنها تساهم بفعالية في نشر ثقافة ممانعة عودة الدولة الإسلامية من جديد، ليس عن تنسيق مع الغرب والأنظمة، بل بسبب اختراقهم من الغرب ثقافيا، ولجهلهم بالفكر الإسلامي، يعتقدون أنهم يحسنون صنعا باتباعهم منهج الغرب العلماني.
الى هنا لم يعد الاحتمال الرابع بحاجة للبحث، فقد أثبته الثالث بشكل قاطع، ولأن الأنظمة ليست بوضع يتيح لها فرض شروط، لذلك فهي مضطرة للرضوخ لشروط الراعي الغربي، لأنه يملك بقاءها أو استبدالها.
أغتقد أنه بعد هذا العرض أصبح الحل محصورا في اللجوء الى مبعث عزتنا وهو اتباع منهج الله، أو نستمر في تنكبه ونبقى على حالنا الذي لا يتمنى عدونا لناعنه تحويلا.
اتباع منهج الله ليس قطعا باتباع السلفية الوهابية في الاستغراق في العبادات والمجاهدة في السنن، وترك السياسة والحكم للفاسدين، بل نقيضه بإقامة دولة اسلامية تتولى:
1 – تنصيب حاكم مسلم يقيم العدل ويطبق منهج الله وليس منهج معاديه.
2 – بناء قوة اقتصادية مستقلة عن مصائد البنك الدولي.
3 – ثم إعداد القوة العسكرية التي ترهب العدو، وترغمه على وقف عدوانه وظلمه.
سيقول لك المشككون: هذا لا يتحقق الا بدولة راشدة.. ولم لا؟، وهل عقمت أمتنا أن تنجب عمراً آخر!؟.

مقالات ذات صلة هل تحُد صلابة الأيدلوجيا والتنظيم الأممي من مرونة السياسة والتحديث..؟ الاتحاد السوفيتي السابق وحلفاؤه أنموذجا 2025/08/01

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

صاحب مبادرة لسنا أرقاما: الغرب يرى الفلسطيني إرهابيا ومشروعنا يكسر هذه الصورة

واستعرض الناعوق مسيرته في حلقة جديدة من برنامج المقابلة، مبينا أن الفقد الشخصي الذي تعرض له كان حافزا لتحويل الألم إلى مشروع يواجه الرواية الإسرائيلية.

وأوضح أن استشهاد شقيقه أيمن عام 2014 خلال عدوان الاحتلال على غزة جعله يدرك قسوة أن يُختزل الموت في أرقام لا تحكي قصة أصحابها.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تحول الإسرائيليون إلى منبوذين في أوروبا؟list 2 of 4حرب الروايات.. هل خسرت إسرائيل رهانها ضد الصحفي الفلسطيني؟list 3 of 4فلسطين ذاكرة المقاومات.. محمد بنيس يقدم شهادة ثقافية إبداعيةlist 4 of 4كيف يُعيد ناشطو العالم تعريف التضامن مع غزة؟end of list

ولد الناعوق في مدينة دير البلح عام 1994، وهو العام الذي شهد دخول السلطة الفلسطينية إلى القطاع بعد اتفاق أوسلو، حيث ساد الأمل بإنهاء المأساة الفلسطينية.

غير أن طفولته المبكرة تزامنت مع الانتفاضة الثانية عام 2000، فارتبط وعيه منذ السادسة بأصوات القصف والدبابات والشهداء.

ويقول إنه لم يدرك معنى الطفولة الطبيعية إلا عندما غادر غزة إلى بريطانيا ولاحظ الفرق الكبير بين حياة الأطفال هناك وبين أطفال فلسطين الذين تُصادر طفولتهم مبكرا بفعل الاحتلال والحصار.

ويضيف أن السياسة في قطاع غزة ليست ترفا فكريا، بل واقعا يفرض نفسه على تفاصيل الحياة اليومية منذ سنوات الطفولة الأولى.

انتقل الناعوق إلى بريطانيا عام 2019 بعد حصوله على منحة لدراسة الماجستير في الإعلام الدولي بجامعة ليدز.

فَقْدٌ أثمر مشروعا

ويعتبر أن مغادرته أنقذت حياته، إذ لم يتمكن من العودة مجددا إلى قطاع غزة، بينما استشهد خلال الحرب الأخيرة أكثر من 20 فردا من أسرته دفعة واحدة في قصف استهدف منزل العائلة.

غير أن التحول الأبرز في حياته حدث خلال عدوان 2014، عندما فقد شقيقه أيمن الذي كان صديقه الأقرب، فقد دفعه هذا الفقد العميق إلى كتابة مقال عنه باللغة الإنجليزية بطلب من الصحفية الأميركية بام بيلي، وكانت تلك المرة الأولى التي يخاطب فيها الجمهور الغربي مباشرة بقصة إنسانية من غزة.

شكل المقال بداية وعي جديد لديه، إذ لمس تعاطفا مفاجئا من قراء غربيين مع قصة شقيقه، وهو ما دفعه إلى إدراك أن ثمة جمهورا في الغرب يريد أن يسمع الرواية الفلسطينية إذا قدمت له بلغة إنسانية صادقة.

إعلان

ومن هنا وُلد مشروع "لسنا أرقاما" عام 2015 بالتعاون مع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي بدأ بتدريب مجموعة من الشبان والشابات على كتابة قصصهم بالإنجليزية بمرافقة صحفيين غربيين.

وتحول المشروع لاحقا إلى منصة شارك فيها أكثر من 400 كاتب نشروا مئات القصص والمقالات والقصائد التي وصلت إلى جمهور عالمي واسع، ونجحت في إعادة الاعتبار للضحايا الفلسطينيين كبشر لهم حياة وأحلام.

ويؤكد الناعوق أن المبادرة لا تركز فقط على قصص الشهداء، بل تروي أيضا حكايات الأمل والصمود والتعليم والإبداع في غزة، بما يبرز وجها آخر يتجاوز المأساة ويكسر الرواية الإسرائيلية التي تحصر الفلسطيني في صورة الضحية أو "الإرهابي".

انحياز غير عفوي

وفي حديثه عن تجربته مع الإعلام الغربي، أوضح أنه واجه مواقف مهينة خلال مقابلاته، حيث كان يُسأل مرارا: "هل تؤيد 7 أكتوبر؟"، وهي صيغة تهدف لوضع الفلسطيني دائما في خانة الاتهام، واعتبر أن هذه المقاربة جزء من انحياز مؤسسي يجعل الإعلام الغربي شريكا في الجريمة.

ويرى أن هذا الانحياز ليس عفويا، بل نتيجة خوف المؤسسات الإعلامية من نفوذ اللوبي الصهيوني الذي يضغط لمنع أي تغطية تنتقد إسرائيل، فضلا عن إرث ثقافي غربي يرسخ صورة العربي كمتخلف وإرهابي مقابل الإسرائيلي الذي يُرى امتدادا للغرب.

وأضاف أن محاولات إصلاح الإعلام الغربي من الداخل تبدو مهمة شبه مستحيلة، ولذلك فإن البديل هو تأسيس منصات إعلامية مستقلة قادرة على صياغة الرواية الفلسطينية ونقلها بموضوعية وجرأة، مستشهدا بانتشار الإعلام الرقمي البديل الذي قدم تغطيات أكثر إنصافا خلال السنوات الأخيرة.

كما شدد على أن الحرية هي جوهر ما ينشده الفلسطينيون، سواء تحقق ذلك من خلال حل الدولتين أو الدولة الواحدة أو أي صيغة سياسية أخرى، مشيرا إلى أن المطلوب هو وحدة وطنية فلسطينية تصوغ برنامجا موحدا لمطالبة العالم بحقوق مشروعة لا يمكن اختزالها أو تجاهلها.

ورغم الفقد الشخصي الكبير الذي عايشه بفقد أسرته، يرى الناعوق أن هذه الخسارة جعلته أكثر إصرارا على أن يظل صوتا لأهله ولشعبه، مؤكدا أن رسالته عبر "لسنا أرقاما" هي أن الفلسطينيين بشر لهم وجوه وقصص، لا مجرد أعداد في نشرات الأخبار.

Published On 5/10/20255/10/2025|آخر تحديث: 23:16 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:16 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • مسيّرات تضرب العمق الروسي وبوتين يستخف ويباهي بمكاسبه في أوكرانيا
  • هجوم أوكراني واسع يستهدف العمق الروسي وموسكو تعلن إسقاط 251 طائرة بدون طيار
  • 7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع
  • نحو مفتتح عهد جديد لإحياء عقل ويقظة وقوة وحيوية العرب والمسلمين: وثيقة منهج قيمي هويتي لتعلم التفكير بتدبر وتعلم القرآن الكريم
  • فلاديمير بوتين.. ربع قرن في الحكم بين استعادة المكانة ومواجهة الغرب
  • روسيا تحث الغرب على وقف نهج المواجهة وتحمل مسؤوليتها لإعادة إعمار أفغانستان
  • كيف أصبح الجنوب العالمي مكبا لنفايات الغرب البلاستيكية؟
  • قيادي بـ مستقبل وطن: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى نصر أكتوبر منهج عمل لمواجهة التحديات الراهنة
  • الغرب لا يواجه الإرادات
  • صاحب مبادرة لسنا أرقاما: الغرب يرى الفلسطيني إرهابيا ومشروعنا يكسر هذه الصورة