#في_العمق
د. #هاشم_غرايبه
السؤال الذي أتلقاه دائما، وهو السؤال الكبير الذي يحار في الإجابة عليه عقلاء الأمة، فتراهم فيه مختلفون ولا يلتقون، هو: لماذا باتت أمتنا في أسوأ حال، ولماذا نهضت سائر الأمم وتقدمت بعد أن اختط كل منها لنفسه سبيلا سلكه، رغم ما أصابها من هزائم وعثرات، فيما أمتنا لا زالت تتخبط بين برامج متناقضة حاولت فيها تقليد الأمم التي نجحت بتجاوز محنتها، لكنها لم تفلح ولم تنجح بل ربما تراجعت الى الخلف أكثر.
هل العيب فينا بنيوي، بمعنى أننا أمة متخلفة لا مكان لها بين الأوائل؟.
أم أنه كتب علينا التبعية والذيلية لأن إمكاناتنا المالية ومواردنا الطبيعية قليلة لا تسمح لنا ببناء قاعدة اقتصادية مستقلة تنافس الأقوياء؟.
أم أن الأمة تتبع منهجا ماضويا متخلفا لا يناسب هذا الزمان؟
أم أن كيانات الأمة السياسية ليست مستقلة فعليا، بل أن هنالك اتفاقيات مع القوى المهيمنة (الامبريالية) غير معلنة تحد من قدرات الدول العربية على التحرر من التبعية، لكي لا تبني قوة سياسية عسكرية قوية متقدمة، تشكل خطرا وجوديا على الكيان اللقيط الذي أقامته هذه القوى في قلب الأمة لإدامة ضعفها وشرذمتها لتسهيل السيطرة عليها؟.
توخيا للموضوعية، ولضمان الوصول الى الإجابة المنطقية، سنطرح الاحتمالات الأربعة بتجرد وحيادية:
الاحتمال الأول: غير صحيح، لأن كل علماء الاجتماع يؤكدون أن المجتمعات البشرية في المحصلة العامة متقاربة في القدرات العقلية والمواهب، وليس هنالك أمة تتصف بالذكاء وأخرى بالغباء، ولا صحة لنظرية تفوق العرق الأبيض.
الثاني: غير صحيح أيضا، بدليل إن منطقتنا زراعيا هي الأعلى خصوبة والأكثر تنوعا انتاجيا بسبب المناخ المعتدل، وتجاريا هي الأفضل بسبب مركزها المتوسط في العالم، وحضاريا فهي الأكثر تقدما لموقعها في قلب العالم القديم مهد الحضارات البشرية الأعرق.
كما أنها الأغنى بالموارد الطبيعية، وخاصة بمصادر الطاقة من نفط وغاز وطاقة شمسية.
الثالث: ربما كان أكثر ما يثور عليه الجدل والخلاف، فغالبية الأمة مؤمنة بالله وبمنهجه، وقلة هم معادوه، لكن هذه القلة هي الأكثر تأثيرا، لأن منها الطبقة السياسية الحاكمة صاحبة القرار، التي مكنتها القوة العالمية المهيمنة من الإمساك بتلابيب السلطة، لكي لا يصل الاسلاميون الى الحكم، لأن ذلك قد يؤدي الى عودة الدولة الاسلامية الموحدة القوية التي ناضل الغرب ثلاثة عشر قرنا لأجل القضاء عليها، ولما كانت مصلحة الفئة الحاكمة في ممانعة الديموقراطية، لأنها ستأتي بمعارضيها (سواء كانوا إسلاميين أو يساريين) الى السلطة بديلا لهم، فقد تطابقت مع مصلحة الإمبريالية، لذلك سمحت لها بقمعهم، وتغاضت عن فسادهم واستطابت فشلهم.
هنا تبدأ ملامح أساس المشكلة في التبلور، حيث رأينا أن مصلحة الغرب في إدامة الفشل تقتضي منهم تشجيع الفساد، وتشجيع الفئة الحاكمة على الاستبداد والقمع، لمنع التغيير الذي تتوخاه الأمة.
وإن كانت الفئة الحاكمة متطابقة مصلحتها مع مصالح الغرب المهيمن، فهنالك فئة أخرى قوامها المثقفون من أدباء وفنانين، عظيمة التأثير رغم قلة عددهم، لأنها تساهم بفعالية في نشر ثقافة ممانعة عودة الدولة الإسلامية من جديد، ليس عن تنسيق مع الغرب والأنظمة، بل بسبب اختراقهم من الغرب ثقافيا، ولجهلهم بالفكر الإسلامي، يعتقدون أنهم يحسنون صنعا باتباعهم منهج الغرب العلماني.
الى هنا لم يعد الاحتمال الرابع بحاجة للبحث، فقد أثبته الثالث بشكل قاطع، ولأن الأنظمة ليست بوضع يتيح لها فرض شروط، لذلك فهي مضطرة للرضوخ لشروط الراعي الغربي، لأنه يملك بقاءها أو استبدالها.
أغتقد أنه بعد هذا العرض أصبح الحل محصورا في اللجوء الى مبعث عزتنا وهو اتباع منهج الله، أو نستمر في تنكبه ونبقى على حالنا الذي لا يتمنى عدونا لناعنه تحويلا.
اتباع منهج الله ليس قطعا باتباع السلفية الوهابية في الاستغراق في العبادات والمجاهدة في السنن، وترك السياسة والحكم للفاسدين، بل نقيضه بإقامة دولة اسلامية تتولى:
1 – تنصيب حاكم مسلم يقيم العدل ويطبق منهج الله وليس منهج معاديه.
2 – بناء قوة اقتصادية مستقلة عن مصائد البنك الدولي.
3 – ثم إعداد القوة العسكرية التي ترهب العدو، وترغمه على وقف عدوانه وظلمه.
سيقول لك المشككون: هذا لا يتحقق الا بدولة راشدة.. ولم لا؟، وهل عقمت أمتنا أن تنجب عمراً آخر!؟. مقالات ذات صلة هل تحُد صلابة الأيدلوجيا والتنظيم الأممي من مرونة السياسة والتحديث..؟ الاتحاد السوفيتي السابق وحلفاؤه أنموذجا 2025/08/01
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
رئيس مجلس الأمة يستقبل السفير الإيفواري
استقبل رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري، صباح اليوم الأحد، بمقر المجلس، سفير جمهورية كوت ديفوار بالجزائر، ألفونس فوه ساهي، والذي أدى له زيارة مجاملة.
وحسب بيان لمجلس الأمة، شكل اللقاء، مناسبة لتباحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. في إطار الصداقة التي تجمعهما منذ سنة 1964.
وأكد عزو ناصري، الاحترام المتبادل الذي يميز العلاقات الجزائرية الإيفوارية. ودعا إلى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي، وتنويع مجالات التكامل في إطار الفضاء الإفريقي لخدمة مصلحة الشعبين.
كما نوه بالتضامن البرلماني القائم بين البلدين في إطار تعاون متعدد الأطراف. من خلال عضويتهما في الاتحادات البرلمانية الدولية والإفريقية والإسلامية.
كما أكد عزوز ناصري، اعتزاز الجزائر بعمقها الإفريقي، ومساعيها لاستعادة القارة كل حقوقها وتمكينها من فرص الازدهار. وذلك وفق مبدأ أولوية الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية. والذي ما فتئ رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون يؤكد عليه في كافة المنابر الدولية.
كما أشار رئيس مجلس الأمة، إلى أن التنمية لا يمكن أن تتحقق دون استتباب السلم والأمن في القارة. ودعا إلى تعزيز العمل الإفريقي المشترك من أجل إصلاح الأمم المتحدة. وتمكين إفريقيا من تمثيل دائم في مجلس الأمن الدولي.
مؤكدا ضرورة تفعيل مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد) باعتبارها تجربة ناجحة. والعمل على إنهاء النزاعات في إطار إفريقي يركز على الحلول السلمية واحترام سيادة الدول وإرادة الشعوب. ويرفض التدخلات الخارجية ونهب الثروات وإملاء الحلول.
كما جدد تأكيده على أهمية تظافر جهود جميع الأفارقة الذين عانوا طويلا من مآسي الاحتلال. من أجل تطهير القارة من آخر مستعمرة فيها. وذلك عبر تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
كما تطرق عزوز ناصري، إلى الوضع الإنساني الخطير في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتواصل الجرائم الصهيونية في المنطقة دون ردع أو عقاب. ودعا إلى تكثيف الجهود لفرض حل الدولتين وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
السفير الإيفواري يُبدي إعجابه بدولة المؤسسات التي تكرست في الجزائر الجديدةالسفير الإيفواري بالجزائر، عبر عن تقديره الخاص للجزائر، وأكد الاحترام الذي تكنه بلاده للجزائر وتاريخها المجيد. كما أبدى إعجابه بدولة المؤسسات التي تكرست في الجزائر الجديدة. وبالتغييرات الإيجابية التي رافقتها.
ونوه السفير، بجودة التشاور والتعاون السياسي بين البلدين الصديقين. معبرًا عن رغبة بلاده في تعزيزه اقتصاديا واستعدادها لتوسيع مجالات التعاون مع الجزائر. ودعا في هذا السياق إلى تفعيل اللجنة العليا المشتركة للتعاون.
كما أكد السفير، تقدير بلاده للدور المحوري الذي تقوم به الجزائر من أجل مصالح الشعوب الإفريقية. ومرافعتها الدائمة من أجل رفع الظلم عنها. وحرصها على رفع مستوى التنمية واستتباب الأمن والاستقرار في القارة والعالم.
مجلس الأمة: إنشاء مجموعة صداقة برلمانية مع مجلس الشيوخ الإيفواريفيما أكد الطرفان، على دور التعاون البرلماني في ترقية العلاقات الثنائية بين البلدين، واتفقا على تعزيزها من خلال آليات الدبلوماسية البرلمانية. وتجسيد مستوى أعلى من التقارب بين ممثلي الشعبين الصديقين.
وفي هذا السياق، أكد عزوز ناصري، عزم مجلس الأمة إنشاء مجموعة صداقة برلمانية مع مجلس الشيوخ الإيفواري، في الدورة التشريعية المقبلة.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور