لجريدة عمان:
2025-12-13@19:44:37 GMT

ما بعد المذهبية.. والبحث عن الهدي القرآني

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

24 مايو 2025م.. حضرت والصديق زكريا بن خليفة المحرمي «ملتقى وعي الأول.. نحو استعادة مركزية القرآن في بناء المعرفة»، في إسطنبول بتركيا. وقد أقيم فيها؛ لمكانتها التاريخية في الضمير الإسلامي، مع طبيعتها الخلابة، وتنظيمها الجميل ما جعلها مهوى أفئدة السائحين. وسبب آخر لإقامة الملتقى في إسطنبول هو أنها محل إقامة كثير من المفكرين العرب، وهذا ما جعل الحوارات الفكرية تمتد خارج أبواب الملتقى.

11 سبتمبر2001م.. اليوم الذي شنت فيه «القاعدة» هجماتها على نيويورك وواشنطن بأمريكا، أعقبه تحولات جذرية عند العرب على المستويين السياسي والثقافي:

- المستوى السياسي.. فإن أخطر عمل قامت به أمريكا هو ما أسمته «الحرب على الإرهاب». وهي لم تكتفِ بالضربات المحدودة كالتي قامت بها في التسعينات الميلادية، وإنما دشنت حربًا مفتوحة لا نهاية لها إلا بالقضاء على كل ما تراه يهددها من العالم العربي والإسلامي، بلغ ذروتها باحتلال أفغانستان والعراق وتدميرهما.

أمريكا.. لم تكتفِ بالعمل العسكري، وإنما عملت على «دمقرطة المنطقة». وهي عملية لم يُرد منها تحول ديمقراطي حر للشعوب بقدر كونها أداة للقضاء على الجماعات الإسلامية التي توجه حرابها نحو أمريكا. هذه المحاولة أدت إلى انفجار الربيع العربي أواخر عام 2010م، ودخول المنطقة في حروب أهلية مدمرة. هذه الحالة أقلقت المسلمين على أنفسهم ودينهم وهُويتهم، فصحبها تحول فكري وسياسي أعمق. وهو محاولة الخروج من مرحلة الإسلام السياسي والانتقال لمرحلة جديدة أسميتها «السياسة الإسلامية المدنية».

لقد ابتدأ هذه السياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وعمل على ترسيخها بتسريب الفكرة لحزب النهضة في تونس الذي اعتمدها في دستور ما بعد ثورة الربيع العربي. بيد أنه لم يفلح مع الإخوان المسلمين بمصر في ذلك، وآثروا الأخذ بمعطيات الإسلام السياسي، مما أدخلهم في مواجهة مباشرة مع العسكر أدت إلى إزاحتهم عن سدة الحكم. والآن، المحاولة قائمة في سوريا ما بعد حزب البعث، وبنظري، هذا مما يجعل تركيا تفتح أبوابها للإسلاميين؛ ليكونوا جسرًا للتحول إلى المرحلة القادمة.

- المستوى الفكري.. والمنطقة تشهد التحول لما بعد المذهبية؛ كان من الرؤى المطروحة الاتجاه نحو القرآن. لقد بدأنا نرقب هذا التوجه منذ أوائل هذا القرن الميلادي؛ حيث ظهرت في العالم الإسلامي طرق كثيرة بعضها منهجي، وبعضها غير منهجي. منها ما يؤكد على صحة الموجود من التفسير، ويدافع عنه -لاسيما «التفسير السلفي»-، وآخر رافض كليًا له، وبينهما طرائق شتى. وقد ظهر ذلك بوسائل مختلفة؛ مثل: تأليف الكتب، وكتابة المقالات، وتخصيص مواقع إلكترونية، وإنشاء معاهد ومؤسسات بحثية، والاختلاء أيامًا للتدبر الفردي والجماعي، وعقد حلقات للتفسير، وهكذا تشكّل تيارٌ واسع في العالم الإسلامي - خاصةً عالمنا العربي- يدعو للعودة إلى القرآن، بغض النظر عن تقييمنا لهذا التيار، ومدى نقدنا لتوجهاته التي لا يكاد يجمعها جامع إلا المناداة بالتوجه نحو القرآن.

هذا التيار رغم مناداته بالأوبة للقرآن إلا أن الفقهاء التقليديين لم يستقبلوه بالتوجيه والترشيد، وإنما واجهوه بالتضليل والتكفير، وبتهمة إنكار السنة والردة عن الدين، لقد جرى تأليب عامة الناس على رموزه في كل البلدان الإسلامية، ومن كل المذاهب، ولا تزال الحرب قائمة على أشدها حتى الآن، إلا أن التيار في تزايد؛ سواء من حيث عدد أتباعه أم الأطروحات التي يقدمها مفكروه.

إن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بالآتي:

أولًا: عدم قدرة المنظومة الفقهية على مواكبة التطلعات التي يصبو إليها المسلمون من نهضة الأمة عبر أدوات الاجتهاد التقليدية. فعلى الرغم من أن مدرسة الإصلاح مر عليها حوالي قرن ونصف؛ إلا أنها لم تستطع إخراج الأمة من الضعف الذي تعاني منه.

ثانيًا: بدلًا من نهضة الأمة عبر المنظومة الفقهية حصل العكس؛ حيث ارتكس المسلمون في مستنقع المذهبية التي استجلبت صراعاتها من بطن التاريخ، فعصفت بالأمة موجة من التكفير تصاعدت إلى قتل المخالف في الرأي والاحتراب بين أصحاب الدين الواحد.

ثالثًا: تصاعد الحداثة الغربية التي طغت على مختلف أوجه الحياة؛ بحيث إنها جرفت حياة المسلمين التقليدية، وغدا أكبر هم للمنظومة الفقهية هو «أسلمة» معطيات الحداثة في المجتمعات الإسلامية؛ فأصبح لدينا مثلًا «اقتصاد إسلامي» شكلي، دون أن يتحرر من ربقة الاقتصاد الرأسمالي.

رابعًا: دخول العالم الإسلامي حلبة الصراع الدولي، وقيام أنظمة هشة اعتمدت في مشروعيتها وبقائها على الاستبداد الذي أتى الربيع العربي بالدمار على بعض دوله، أو التبعية للمنظومة الغربية.

خامسًا: ظهور أنظمة شمولية خلال القرن العشرين الميلادي أبرزها الاشتراكية الشيوعية والقومية العربية، ولم يتمكن الساسة المسلمون من مواجهتها إلا بالاعتماد على الأنظمة الغربية. وفشلت محاولات إيجاد منظومة معرفية سياسية لمواجهة عقائد الأنظمة الشمولية إلا بالإسلام السياسي الذي أفسحت له الأنظمة الحاكمة المجال، ودعمته لمواجهتها.

سادسًا: الإسلام السياسي هو الآخر فشل في إيجاد نظرية معرفية تخرج المسلمين من مأزقهم الحضاري، بل أدخلهم في طاحونة التاريخ التي دارت رحاها حول مركز الجمود بإقصاء الآخر، ورفض التعددية الفكرية والسياسية والفقهية. كما أنه فشل في إدارة الحكم؛ بحيث تورطت أنظمته في صراعات مع بعضها البعض، ومع الغرب، ومع الشعوب؛ فلم تختلف ممارساتها السياسية في الاستبداد عن أنظمة المنطقة.

سابعًا: دخول العالم العصرَ الرقمي الذي أدى إلى تشظٍ معرفي واسع لم يشهده العالم من قبل. ومن أخطر آثاره على المسلمين تصدع نمط تفكيرهم؛ فأصبح يهدد القرآنَ أصلَ دينهم بتعرضه إلى نقد واسع، سواءً أكان معرفيًا - أي: يستعمل الأدوات المعرفية التي تشكك في مصدريته الإلهية، وسلامة حفظه وتواتره، وصحة قصصه وما يرويه عن الأمم السابقة- أم أسلوبيًا بالسخرية منه، والبذاءة في وصف آياته، والطعن في شخصية النبي محمد. ولم تعدم هذه الموجة من مواجهة بمحاولات الدفاع عن القرآن ونبيه الكريم، لكن كثيرًا منها ضعيف، وأغلبه بأدوات تقليدية غير قادرة على الصمود أمام هذه الموجة العاتية، وقليل منها محكم وحكيم.

ثامنًا: جاء طوفان الأقصى محفزًا للتحول عن المذهبية؛ فقد هزمها هزيمة عميقة، فمَن وقف مع المقاومة الفلسطينية بمعظمه محور شيعي، وتعاطف مع الفلسطينيين أحرار العالم من كل المذاهب والأديان.

كل هذه الأسباب جعلت المفكرين المسلمين يواصلون البحث عن حل قرآني، وهذا أمرٌ مطلوب؛ فالقرآن هو المخرج من مأزقنا الحضاري. بيد أن الإبحار المفرد في محيط التدبر القرآني لا يفيد المجتمعات كثيرًا؛ لأن كثرة طرائق التعامل مع القرآن غير المنهجية تولّد انسياحًا معرفيًا، وفلسفيًا، وعمليًا. فمثلًا؛ لو أخذنا موضوع الصلاة لوجدنا بعض الأقوال عجبًا لا يقبلها العقل، ويأباها التنزيل، ويضطرب فيها المسلم. فهناك من جعل الصلاة بمعنى الصلة بالله؛ أي حُسن علاقة الإنسان بربه، وهذا صحيح، لكنه أنكر الهيئة الحركية للصلاة، ومنهم من قال: ثلاث صلوات في اليوم، ومنهم من أنكر التوجه إلى الكعبة، بل عدّه شركًا. هذا بالنسبة للصلاة، وهي ركن التوحيد العملي بعد الإقرار بوحدانية الله، فما بالكم بغيرها من الأحكام؟!

أمام هذه «الفوضى» من التدبر القرآني لابد من وضع منهج يبني عليه المسلمون أحكامهم الدينية، ولا يكون ذلك إلا بنظرية معرفية؛ فكما أنتج المتقدمون نظرياتهم المعرفية التي كانت ضوابط لفهم القرآن، وأصولًا لاستنباط الأحكام الفقهية، وقواعد لتشريع القوانين، فعلى مفكري الإسلام اليوم التداعي لبناء نظرية معرفية تنطلق من القرآن وآياته المحكمات، وقيمه الأخلاقية العظيمة؛ بحيث تعالج تحولات العصر، وذلك بأن يؤسسوا مؤتمرًا سنويًا لتقديم البحوث المنهجية، ومناقشتها، ثم الخروج بمنهج علمي للنظرية، وأدوات لتدبر القرآن سليمة، وطرق لاستنباط الأحكام معتبرة.

خميس العدوي كاتب عُماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإسلام السیاسی ما بعد

إقرأ أيضاً:

تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟

أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإدراج الإخوان المسلمين “الحركة الإسلامية” في السودان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية موجة من الجدل والتساؤلات حول تأثيره على الوضع السياسي والاجتماعي في السودان. فهل سيكون هذا القرار بداية لنهاية الحركة الإسلامية في السودان، أم سيزيد من تعقيد الأوضاع في البلاد؟

تقرير: التغيير

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت بدء بحث تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين، في خطوة من شأنها التمهيد لفرض عقوبات على الفروع المستهدفة.

وذكر البيت الأبيض في نص بيان الأمر التنفيذي، أن ترامب أمر ببدء “عملية يتم بموجبها اعتبار بعض أقسام الجماعة منظمات إرهابية أجنبية”، مع الإشارة خصوصا إلى فروعها في لبنان ومصر وتونس والأردن. ووجّه روبيو وبيسنت بتقديم تقرير عمّا إذا كان سيتم تصنيف أي من فروع الجماعة، كما طلب منهما المضي قدما في تطبيق أي تصنيفات في غضون 45 يوما من صدور التقرير.

حاكم تكساس

وقبل إجازة القرار بشكل رسمي سارع حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) رسميًا كمنظمة إرهابية أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية.

ويمنع هذا التصنيفُ الجماعةَ من شراء أو امتلاك الأراضي في تكساس، ويمنح المدعي العام في تكساس سلطة اتخاذ إجراءات قانونية لإغلاقهما.

كما تستمر الجهود الأوروبية للحد من نفوذ جماعة الإخوان في القارة، مع ارتفاع الوعي بخطر انتشار التطرف داخل المجتمعات، وفي خطوة غير مسبوقة، شهدت مدن مثل فيينا وبراج ولندن وباريس وبرلين وبروكسل وسويسرا، وصولًا إلى هولندا وأيرلندا، تجمعات احتجاجية طالبت بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات دولية على شبكاتها المالية ووقف مصادر تمويل الإرهاب المرتبطة بها.
اخوان السودان

في السودان، طالبت كيانات سياسية بتصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي، من بينها تحالف صمود برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، وتحالف تأسيس برئاسة قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ويأتي هذا المطلب بهدف تقليص دور الإخوان المسلمين في السودان، خاصة الحركة الإسلامية بزعامة علي كرتي، التي يتم اتهامها بإشعال حرب منتصف أبريل 2023.

ويرى مراقبون أن تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية قد يعقد الأزمة في السودان ويطيل أمد الحرب، خاصة وأن الحركة لديها مقاتلون إلى جانب الجيش في حربه ضد الدعم السريع، التي تقترب من دخولها عامها الرابع، والتي خلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم وفقًا للأمم المتحدة.

تأخر القرار

ويرى السياسي والمفكر السوداني دكتور النور حمد، أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تأخر كثيرًا جدًا. وقال النور حمد لـ(التغيير) إن كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأخيرا المملكة الأردنية، صنفت هذه الجماعة جماعة إرهابية، منذ سنوات.

وأضاف أن كل العنف والاضطراب والزعازع التي تحدث في العالمين العربي والإسلامي، وحتى في الدول الغربية، تقف وراءها هذه الجماعة.

وتابع: لقد نشأت هذه الجماعة في عشرينات القرن الماضي وتقارب الآن أن تكمل قرنا كاملا. ولا بد من ملاحظة أن هذه الجماعة أخطبوطية متعددة الرؤوس. وهذا التعدد في الرؤوس جزء من خطتها لإرباك الحكومات العربية والإسلامية والقوى الدولية بصورة تجعل محاصرتها أمرًا صعبا.

وأشار إلى أن كل عمل إرهابي حدث في العقود الأخيرة وقفت وراءه هذه الجماعة المتطرفة المعسكرة. ولذلك، لا أرى أي فرق بين جماعة الإخوان المسلمين في السودان، أو في مصر، أو في تونس، أو في الأردن، أو في اليمن، أو في باكستان، وبين جماعة بوكو حرام، أو القاعدة، أو الشباب الصومالي، أو داعش، وغيرها.

وأوضح أن كل هذه المسميات التي تتكاثر كما يتكاثر الفطر في البرية تضمها مظلة واحدة ماكرة. فهي جميعها جماعات عنفية تؤمن بالوصول إلى السلطة عن طريق العنف وتؤمن بأن من حقها إخراس أي صوت غيرها صوتها.

وقال حمد لقد سبق أن استخدمت المخابرات الأمريكية هذا التيار في مقاومة المد اليساري الشيوعي في العالم العربي في خمسينات وستينات القرن الماضي. كما استخدمتها في محاربة الغزو السوفيتي لأفغانستان في السبعينات. وأضاف وقد جرى ذلك من قبل المخابرات الأمريكية بمساعدة المملكة العربية السعودية والمؤسسة الدينية الوهابية حين كانت مهيمنة على الخطاب الديني في المملكة العربية السعودية.

وتابع لكن، لقد اكتوت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بنار ذلك الدعم الذي قدمتاه للمتطرفين. فقد جرى نسف مباني الأمريكيين في الخبر في المملكة العربية السعودية، وجرى نسف السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا، كما جرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وغير ذلك. وكما جاء في الشعر العربي: (ومن يجعل الضرعام بازًا لصيده تصيَّده الضرغام فيما تصيدا).

وأردف: فمن يستخدم المتطرفين لخدمة أجندة تكتيكية سيجيء يوم ينقلب فيه عليه أولئك المتطرفون. وفق تعبيره.
وزاد ولذلك، أرجو أن يكون التصنيف الذي جرى من قبل الإداراة الأمريكية، حتى الآن، لبعض الجماعات، في بعض الأقطار، مقدمة لكي يصبح هذا التصنيف شاملاً لكل الجماعات التي تنشط في العالمين العربي والإسلامي، بل وفي في أوروبا.

وقد اتضح للأوربيين أن هذه الجماعة تعمل على بث روح التطرف وسط أبناء المسلمين في الدول الغربية بل كانت وراء إرسالهم إلى دول الشرق الأوسط ليحاربوا مع المتطرفين. وقال إن في السودان بلغوا حد إرسال طالبات الجماعات إلى مناطق حروب المتطرفين ليسهموا بما أسموه (جهاد النكاح) فهذه الجماعة متعددة الرؤوس تتخفَّى خلف مختلف المسمَّيات ومختلف الأنشطة الخيرية الخبيثة.

باختصار، هذه أكبر من أعاق العالمين العربي والإفريقي من الإمساك مبادئ الحداثة المتمثلة في الحرية والديمقراطية. فهي جماعة تعمل، بطبيعتها، ضد السلام، وضد الاستقرار، وضد الديمقراطية، وضد التقدم، وتستخدم العنف لتحقق رؤيتها القروسطية الفاشية هذه.

تمرير القانون

بدوره، يرى الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أن تأثير القرار الأمريكي الذي أجازته لجنة العلاقات الخارجية في انتظار اجازته من الكونغرس “مجلس النواب” ومجلس الشيوخ ليصبح قانونًا بعد توقيع الرئيس ترامب عليه فعليًا.

وقال أبو الجوخ لـ(التغيير) إن هذا الإجراء تجاوز المرحلة الأولى ولا يتوقع أن يجد معارضة باعتباره تشريع مقترح من ترامب المسنود بالاغلبية الجمهورية في كل من مجلسي النواب والشيوخ ولذلك فلا يتوقع أن يجابه القانون أي عقبات لتمرير القانون شكلاً.

وأشار إلى أن تأثير هذا القرار سيكون مرتكز بشكل أساسي على الرباعية بداية لكون الدول المشكلة لها بعد هذا القانون كلها قد أصدرت قوانين صنفت جماعة الاخوان المسلمين “تنظيمًا إرهابيًا” حيث سبق لكل من مصر والامارات والسعودية هذا التصنيف وهو ما يعزز بيان 12 سبتمبر الصادر عن الرباعية الذي ينص على ابعاد الاخوان المسلمين والحزب المحلول والمجموعات الارهابية عن تدابير المستقبل للسودان وهذا يغلق كوة الضوء التي يحاول الحزب المحلول التسلل من خلالها بطرح نفسه في المشهد السياسي مجددًا.

تصعيد الصراع

وفي المقابل، يرى المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد ميرغني، أن تصنيف الإخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية في السودان كجماعة إرهابية قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. حيث قد ترى الحركة الإسلامية أنها مستهدفة من المجتمع الدولي وتزيد من مقاومتها. كما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي، مما قد يعيق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.

وقال ميرغني لـ(التغيير) إن قيادات الحركة لن ترضخ لهذا القرار وستحاول مقاومته بجميع الوسائل، خاصة بعد أن فقدت خيرة شبابها في الحرب الحالية. وأضاف أن الحركة الإسلامية لن تتخلى عن خيار الحرب وتحقيق السلام في السودان إلا إذا وجدت ضمانات من المجتمع الدولي بعدم تعرض مصالحها وقياداتها لمحاكمات مستقبلية.

ورأى أن المخرج من الأزمة الحالية هو جلوس جميع السودانيين في حوار جامع لا يستثني أحدًا، يتم فيه تناسي مرارات الماضي إذا أردنا سودانًا واحدًا موحدًا.

التضييق في تركيا

وراجت أنباء في الأيام الماضية عن بدء تركيا التضيق على الإسلاميين السودانيين بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام الماضية بتصنيف الاخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
ويقول النور حمد إن ما يتردد حول أن تركيا بدأت إجراءات صد المقينين لديها من الإخوان المسلمين فلا توجد معلومات مركدة حوا هذا الامر.

وأضاف لكن كلفت الإدارة الأمربكية وكالتها للاستخبارات CIA بمراقبة تدفق السلاح على السودان وتدفق الأموال إضافة إلى صادرات الذهب وذلك لتجفيف المعينات التي تساعد على استمرار الحرب. وهذه خطوة جيدة نحو أنهاء الحرب.
من جهته، يقول ماهر أبو الجوخ معلوم أن التصنيف الأمريكي للجماعة وواجهاته يعد قانونًا وطنيًا وبالتالي فإن نطاق سريانه ينطبق على الدولة الصادر عنها ولا ينتقل أثره بشكل إلزامي على غيرها من الدول ما لم يتضمن تنفيذه وسريانه اتفاق مشترك ومثل هذا الاجراء ملزم في حال صدوره من مجلس الأمن الدولي.

وأشار إلى أن هذا التباين لا يخلق تناقضًا في العلاقات ما بين الدول إذا ما اختلفت تقديراتها والدليل على ذلك علاقات انقرة مع الدول الثلاثة الأخرى بالرباعية التي تصنف الجماعة “كياناً إرهابياً” ولكن النقطة ذات التأثير هي المرتبطة بعدم السماح باطلاق انشطة يمكن أن تفسر بأنها عدائية تجاه اي من الدول الصديقة وهذه الانشطة نفسها يرتبط تفسير وتعريف “عدوانيتها” من طرف وقبل الدولة الأخرى.

وعليه فإن أمر وقف الانشطة سواء كانت إقتصادية أو إعلامية محكوم بأمرين مقدار الضرر والاعتراضات على تلك الانشطة وثانيها علاقة الطرف المتضرر بأنقرة نفسها واقناعها بضرورة وقف تلك الأنشطة.
واوضح أن هذا يجعل مسألة الالتزام في ظل التباين من الموقف من “إرهابية” جماعة الاخوان أو عدمه قائم على اساس مستوي العلاقات والتفاهمات بين الحكومات وفي هذه الحالة سيكون مقدار التفاهم مع أنقرة.

وتابع: من المؤكد أن التوجه التركي الحالي لن يتخلي عن الاخوان عمومًا وتنظيم الحزب المحلول على وجه الخصوص المتواجد في أراضيهم لكن إذا وجدوا أنفسهم أمام طلبات أمريكية أو إقليمية أو من الرباعية قد يحجموا أنشطتهم السياسية والاعلامية والاقتصادية إذا طُلب منهم ذلك.

واستدرك قائلًا: لكن حتى اللحظة على المستوي المنظور لا توجد مؤشرات على اللجوء لهذا التوجه والخيار لا على مستوي الرباعية أو الادارة الامريكية نفسها في ما يتصل بوضعية تنظيم اخوان السودان والحزب المحلول.

اختلاف الآراء

في الختام، يظل تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية محل جدل وتساؤل حول تأثيره على الحرب في السودان. بينما يرى بعض الخبراء أن هذا التصنيف قد يضعف قدرة الحركة على مواصلة الحرب، يعتقد آخرون أنه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. وفي كل الأحوال، يبقى الأهم هو أن يكون هذا التصنيف جزءًا من خطة شاملة لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، وليس وسيلة لزيادة تأجيج الأزمة.

الوسومالإخوان المسلمين الإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات مشابهة

  • 520 طالبا وطالبة في انطلاق مسابقة «يوم السرد القرآني الأول» بصلالة
  • مقارئ الجمهور بمساجد كفر الشيخ تتواصل لتعزيز التلاوة الصحيحة والارتقاء بالمستوى القرآني
  • الخواطر … بوابة إلى الوعي القرآني وسمو الروح
  • خطيب المسجد الحرام: ستظل فلسطين والقدس في قلوب المسلمين والعرب
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • نائبة السفير الإيطالي بالقاهرة: مصر شريك استراتيجي وسياسي وعلمي لدول أوروبا
  • فلوريدا وتكساس تصنفان الإخوان المسلمين وكير منظمتين إرهابيتين.. لماذا؟