أحمد الأشعل يكتب: مصر في مواجهة الاستهداف المركب.. قافلة السموم اسم خادع ومشروع خبيث
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
في اللحظة التي تتأهب فيها مصر لعبور مرحلة فارقة في مسيرتها الوطنية، وتتقدم بخطى ثابتة نحو بناء الدولة الحديثة، وتثبيت أركان الاستقرار في محيط إقليمي مضطرب، تخرج علينا بين الحين والآخر محاولات يائسة للنيل من وحدة المصريين وزعزعة الثقة بين الشعب ومؤسساته، ومحاولة ضرب معنويات الدولة من الداخل باستخدام أدوات جديدة تتخفى خلف شعارات براقة وأسماء عاطفية، لكنها تحمل في جوهرها سُمًّا مدسوسًا يُراد به هدم ما تبنيه الدولة، وزعزعة ما استقرت عليه البلاد بعد سنوات طويلة من الفوضى والدم.
ولم تكن ما تُسمى بـ”قافلة الصمود” سوى واحدة من هذه الأدوات الجديدة، التي خرجت تحت لافتة إنسانية، بينما كانت في حقيقتها جزءًا من هندسة إعلامية خبيثة تستهدف تشويه صورة الدولة المصرية، والتشكيك في موقفها من القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، تلك التي لم تتخلَّ عنها مصر يومًا، وظلت دومًا حاضرة في وجدان سياستها الخارجية، وعقيدتها الوطنية، ومواقفها التاريخية التي لا تحتاج إلى شهادة من أحد.
لقد تابعنا، كما تابع كل مصري غيور، كيف تم الترويج لهذه القافلة، وكيف سعت أطراف بعينها، داخل وخارج مصر، إلى تضخيم وجودها، ومنحها طابعًا نضاليًا مصطنعًا، بينما كان الهدف واضحًا منذ اللحظة الأولى: استفزاز الدولة المصرية، والإساءة إلى مؤسساتها، ودفع الرأي العام المصري إلى حالة من الشك والبلبلة تجاه قرارات قيادته. إن ما حدث لم يكن تعبيرًا عن تضامن مع الشعب الفلسطيني كما ادعى منظمو هذه القافلة، بل كان محاولة مكشوفة لتصدير صورة زائفة بأن مصر لا تقوم بدورها، أو أنها تتعمد إغلاق الباب أمام مساعدة الأشقاء، وهي ادعاءات لا تصمد أمام حقيقة أن مصر وحدها – دون غيرها – فتحت معبر رفح رغم المخاطر، وقدّمت المساعدات الإنسانية والطبية، وتحملت وحدها عبء استقبال عشرات الآلاف من النازحين، بينما الآخرون يتاجرون بالقضية على المنصات.
الواقع أن ما جرى هو جزء من سيناريو أوسع، يعيد تدوير أدوات الفوضى القديمة في ثوب جديد. لم تعد المؤامرة تُخاطب العواصم، بل تُخاطب الشعوب عبر بوابات العاطفة، مستخدمة في ذلك اللغة الإنسانية، والوجدان الجمعي، والرموز الدينية والثقافية، لكنها تسعى في جوهرها إلى تفكيك الثقة بين المواطن ودولته. نحن أمام محاولة ممنهجة لاختراق وعي المصريين، وشحنهم ضد وطنهم، وتقديم الدولة على أنها خصم لا حامٍ، وهي حيلة مكشوفة جُرّبت من قبل وسقطت، وستسقط الآن أيضًا لأن مصر تغيّرت… وشعبها تغيّر.
فالشعب المصري اليوم لم يعد كما كان قبل عشر سنوات. لقد خاض مع دولته تجارب بالغة القسوة، وواجه لحظات مصيرية فارقة، وخرج منها أكثر وعيًا وصلابة، وأكثر إدراكًا لطبيعة المعركة التي تخاض ضده. لم تعد العواطف وحدها قادرة على تحريكه، بل صار يمتلك رادارًا وطنيًا يميّز به بين الحق والادعاء، بين التضامن الحقيقي والتخريب المقنّع، بين من يدعم فلسطين بصدق، ومن يستغل دماء الفلسطينيين للطعن في خاصرة الدولة المصرية.
وها هي الدولة – برجالها الشرفاء ومؤسساتها التي لا تعرف التراخي – تقطع الطريق على تلك المحاولة المسمومة، وتُفشل المؤامرة الجديدة بهدوءٍ وكفاءة، وبتعاونٍ تام بين الأجهزة المختصة والإرادة الشعبية الواعية التي التقطت الرسالة وفهمت اللعبة، ورفضت الانجرار إلى أي مخطط يصب في مصلحة خصوم الوطن. لقد كانت مصر – وستظل – عصيّة على الانكسار، لا لأنها تملك جيشًا قويًا فحسب، بل لأنها تملك شعبًا أكثر وعيًا مما يتخيل خصومها، ومؤسسات أمنية ويقظة لا تُخترق بسهولة، وقيادة سياسية تقرأ الواقع جيدًا، وتُحسن إدارة اللحظة بتوازن القوياء وصبر الكبار.
وفي قلب هذا المشهد، لا بد أن نقف بإجلال أمام ما يتحمله الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضغوط وتحديات يومية، وهو يقود سفينة الوطن وسط أمواج متلاطمة من المؤامرات، والأزمات، والتشويش. إنه لا يواجه خصمًا واضحًا بحدود جغرافية، بل يواجه كيانات إعلامية، ومنصات مدفوعة، ومجموعات ضغط، وأجهزة خارجية، وتحالفات مصالح لا تُريد لمصر أن تنهض أو تستقل أو تقرر مصيرها دون وصاية. ومع ذلك، ظل الرجل ثابتًا، لا يتعامل بمنطق الاستجابة للابتزاز، بل بمنطق الدولة التي ترى أبعد من اللحظة، وتحسب خطواتها بدقة الجراح لا بانفعال السياسي. هذا القائد الذي تحمّل عبء إعادة بناء دولة كادت أن تضيع، وصمد أمام تهديدات الإرهاب، وواجه هجمات التشكيك، وبنى مؤسسات جديدة، واستعاد ثقة العالم في بلاده، يستحق منا أن نكون في ظهره، سندًا له لا عبئًا عليه، داعمين له لا متشككين فيه، لأن بقاءه صلبًا هو جزء من بقاء الوطن مستقيمًا.
نحن أمام لحظة وطنية تستدعي أن نكون على قلب رجل واحد. أن نفهم أن المعركة ليست حول قافلة أو مبادرة أو معبر… بل حول هوية دولة، وسيادة وطن، واستقرار أمة. لا وقت للمزايدات، ولا مجال للحياد. إما أن تكون مع بلدك، أو تكون في صف من يريد هدمه. ومصر اليوم، كما كانت دومًا، لا تقبل أنصاف الولاءات، ولا تصدّق الشعارات الزائفة. مصر تقرأ النوايا قبل الكلمات، وتحاسب بالمواقف لا بالتغريدات.
وختامًا، فإن التاريخ لن يرحم من باع وطنه على عتبة قضية، ولا من تآمر على بلاده باسم النضال.
وإن مصر – رغم كل هذا الحصار الإعلامي والنفسي والميداني – ستبقى… لأنها لا تُقاس بقافلة أو حملة، بل تُقاس بتاريخها، وصبرها، ووعي شعبها، وعدالة قادتها.
ومن يراهن على سقوطها، فليقرأ التاريخ من جديد… لأن مصر لا تُحاصر، بل تُحترم… لا تُخدع، بل تُفشل… لا تنهار، بل تنهض من كل أزمة أصلب مما كانت.
ستبقى مصر، لأنها فكرة أكبر من أن تُلغى، وحضارة أقدم من أن تُشوَّه، ودولة أقوى من أن تنكسر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قافلة الصمود مصر الشعب المصري أحمد الأشعل أن مصر
إقرأ أيضاً:
5 عادات يومية بسيطة للوقاية من مرض باركنسون.. نصائح تدعم صحة الدماغ
يُعد مرض باركنسون أحد الاضطرابات العصبية المزمنة التي تؤثر على الحركة بشكل تدريجي، نتيجة تضرر الخلايا العصبية المسؤولة عن إنتاج مادة الدوبامين في الدماغ، وهو ما يؤدي إلى أعراض تظهر ببطء مثل تيبّس العضلات، وبطء الحركة، ومشكلات التوازن، إضافة إلى مجموعة أخرى من الاضطرابات المصاحبة.
ومع توقعات بزيادة عدد المصابين حول العالم، يتجه العلماء اليوم نحو التركيز على العوامل البيئية وأسلوب الحياة باعتبارها عناصر مهمة يمكن أن تساهم في تقليل مخاطر الإصابة.
ووفقًا لتقرير نشره موقع CNN، تشير توقعات الصحة العامة إلى أن عدد المصابين بمرض باركنسون قد يتجاوز 25 مليون شخص بحلول عام 2050، وهو رقم يسلط الضوء على أهمية تبني عادات يومية تساهم في حماية الدماغ والوقاية من تأثير السموم البيئية.
أسباب الإصابة بمرض باركنسونتُظهر الأبحاث أن العوامل الوراثية تمثل بين 10% و15% فقط من إجمالي الحالات، بينما يرتبط الجزء الأكبر من الإصابة بعوامل بيئية قد يتعرض لها الإنسان يوميًا دون أن يشعر بها، مثل تلوث الهواء والمياه، والمواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة والتنظيف والصناعة.
هذه السموم يمكن أن تصل إلى الدماغ وتؤثر تدريجيًا على الخلايا المسؤولة عن الحركة، مما يجعل الوقاية وتقليل التعرض لها خطوة أساسية في حماية الجهاز العصبي.
5 عادات يومية تقلل خطر الإصابة بباركنسون1. شرب مياه نظيفة ونقيةتُعد المياه الملوثة أحد أهم المصادر التي قد تحمل مواد كيميائية ضارة تصل مباشرة إلى الجسم. ويساعد استخدام فلتر كربوني بسيط في المنزل على تقليل نسبة السموم الدقيقة التي قد لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تُجهد الجهاز العصبي على المدى الطويل.
المياه النظيفة تخفف العبء الكيميائي الذي تتعامل معه الأمعاء والدماغ يوميًا، وتساهم في تحسين وظائف الجسم الحيوية وتقليل تأثير العوامل البيئية الضارة.
2. التنفس في بيئة خالية من الملوثاتتلوث الهواء يُعد أحد أكبر المخاطر البيئية المرتبطة بمرض باركنسون، إذ يمكن للجسيمات الدقيقة أن تدخل عبر الأنف وتصل إلى الدماغ مباشرة. ولهذا يُنصح باستخدام أجهزة تنقية الهواء في المنزل ومكان العمل.
تنقية الهواء الداخلي تساهم في حماية المسار العصبي الممتد من الأنف حتى الدماغ، مما يقلل تراكم المحفزات والمواد السامة التي قد تسبب تلفًا عصبيًا بمرور الوقت.
3. غسل الطعام جيدًا قبل تناولهحتى الأطعمة العضوية قد تحمل بقايا من المبيدات والمواد الكيميائية. لذا يُنصح بغسل الفواكه والخضروات جيدًا قبل تناولها، مع فرك القشرة الخارجية لإزالة أي بقايا ضارة.
تعمل هذه الخطوة البسيطة على تقليل تراكم السموم داخل الجسم، ما يخفف الضغط على الخلايا العصبية والميتوكوندريا المسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الجسم.
4. ممارسة الحركة والنشاط البدني يوميًاتُظهر الأبحاث أن النشاط البدني يساعد بشكل مباشر على الوقاية من مرض باركنسون، ويقلل من سرعة تقدّم الأعراض لدى المصابين بالفعل.
الرياضة تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتحسين مرونة العضلات وتحفيز الدماغ على إنتاج الدوبامين.
حتى 30 دقيقة من المشي السريع يوميًا قد تُحدث فرقًا كبيرًا في حماية صحة الدماغ على المدى الطويل.
5. الحصول على قدر كافٍ من النومالنوم العميق ليس مجرد راحة للجسد، بل هو وقت إصلاح وتجديد للدماغ. خلال ساعات النوم الجيد، يعمل الجسم على تنشيط نظام “التنظيف الداخلي” الذي يطرد السموم المتراكمة في الخلايا العصبية.
يساعد النوم المنتظم وعالي الجودة على حماية الدماغ من التلف، ويقلل من مخاطر الإصابة بمرض باركنسون، كما ثبت أن تحسين النوم يسهم في تخفيف الأعراض لدى المصابين بالمرض.
القهوة والشاي.. حماية إضافية للدماغتشير الدراسات الحديثة إلى أن تناول القهوة أو الشاي المحتوي على الكافيين قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض باركنسون؛ ويرجع ذلك إلى قدرة الكافيين على حماية الخلايا العصبية المسؤولة عن إنتاج الدوبامين من التأثيرات السامة البيئية، مما يساهم في تعزيز صحة الدماغ على المدى البعيد.