أحمد عاطف آدم يكتب: ولادة الدافع من المربع صفر
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
"الدافع" في أبسط تعريفاته هو: القوة الداخلية المحركة للإنسان نحو العمل المستمر، والتزود بالوقود اللازم لإنتاج إرادة صلبة يتجاوز بها عقباته وإخفاقاته. وينقسم إلى داخلي يُعد الأقوى والأكثر استدامة، حيث يتولد من الشعور بالرضا والمتعة النابعة من الفعل نفسه، ويتجسد في عدة صور منها: الشغف بالتعلم، أو الإشباع الذاتي الناتج عن الإبداع.
قصة حياة "توماس إديسون" مخترع المصباح الكهربائي والملقب بساحر مينلو بارك، تُعد من أكثر القصص الملهمة للأجيال، بل وللآباء والأمهات المعيلين والعائلات لأطفال من ذوي الهمم، أو حتى الأصحاء؛ فالطفل الصغير "توماس" وُلد عام ١٨٤٧ في ولاية "أوهايو" الأمريكية ضعيف السمع، ثم طُرد من المدرسة بعد ثلاثة أشهر من بداية الدراسة، ووصفه معلموه بأنه "بطيء التعلم" وغير ذكي. وعلى الضفة الأخرى من نهر الحياة كانت تنتظره والدته "نانسي إليوت" بيقين راسخ يتعلق بثقتها في قدراته اللامحدودة، وإصرارها على خلق إرادة داخلية خلاقة بعقيدة طفلها المُهمّش، فقررت تعليمه بنفسها في المنزل، وغرس عادات تحفيزية لديه، مثل حب القراءة والتجريب والتعلم الذاتي؛ فكان هذا الاهتمام المبكر بمثابة نقطة تحول وحجر أساس مرتكز على فضول لا حدود له، بدلاً من الاعتماد على اعتراف المجتمع أو النجاح المدرسي خارج رواق ومملكة أمه الملهمة.
وقود الدافع الشخصي للسطوع أشعل لهباً متوقاً للنجاح في كينونة "إديسون"، مما قاده للمرور بطرقات عربات القطارات الضيقة يعرض بضاعة المثقفين أو الجرائد على الركاب؛ وبمقابل هامش ربحه اليومي استطاع تأسيس معمله الخاص بقبو منزله. في هذه الأثناء كانت محاولة أخرى بعد حوالي عشرة آلاف محاولة فاشلة كفيلة بفرش طريق اختراعه للمصباح الكهربائي بالورود، وبمثابة دافع مضاعف لتحقيق المزيد والمزيد من النجاحات، فكلل الله سبحانه وتعالى مجهوداته الحثيثة بإضاءة ثابتة لمصباحه. ثم تلا هذا الإنجاز سجل من براءات الاختراع الأخرى بلغ أكثر من ١٠٠٠ اختراع، كان أهمها المصباح الكهربائي والفونوغراف (آلة تسجيل الصوت) وآلة تصوير الصور المتحركة (السينماتوغراف). كما رافق هذه الإنجازات العملية وهجاً فلسفياً لا يقل عن قوة ضوء مصباحه المُبهر، هذا الوهج تجسد في مقولته الشهيرة: "أنا لم أفشل. لقد وجدت للتو 10,000 طريقة لا تعمل"، رداً على سؤال طُرح عليه: كيف تحملت كل هذا الفشل؟ فجاء الرد المثالي على من يصنفون السعي الدؤوب دون نتائج سريعة ومحققة فشلاً.
ومما لا يدع مجالاً للشك عزيزي القارئ بأن ولادة الدافع من المربع صفر، ليست مسؤولية فردية تخص صاحبها وحسب، بل هي أيضاً لصيقة الصلة بالبيئة الصالحة المحيطة، وعلى رأسها الأهل. كما أن النجاح لا يرتبط على الإطلاق بكمال كل حواس الجسد، والدليل على ذلك أن "بيتهوفن وأديسون" كانا أصمين؛ لكنهما امتلكا حاسة "الدافع الشخصي للنجاح" فتوهجا بريقاً وصنعا إنجازاً فريداً. وهنا يبقى السؤال الأهم لنا جميعاً عزيزي القارئ: "ما هي 'حاسة الدافع الشخصي للنجاح' التي سنوقدها بداخلنا اليوم لصنع إنجازنا الفريد؟" والجواب: علينا السعي والعمل بدافع الثقة في الله وفي النفس، والله المستعان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدافع القوة الداخلية الرضا توماس إديسون
إقرأ أيضاً:
شنكالي:الشارع الكردي يترقب ولادة حكومة الإقليم الجديدة
آخر تحديث: 8 دجنبر 2025 - 11:00 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد معاون مدير شركة سومو، حمدي شنكالي، اليوم الاثنين ( 8 كانون الأول 2025 )، أن نتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت الحجم الحقيقي لتأثير الحزب الديمقراطي الكردستاني داخل الساحة السياسية في الإقليم، مشيرا إلى أن هذا التأثير يستند إلى ما تحقق من خدمات ومشاريع خلال الفترة الماضية.وقال شنكالي في تصريح صحفي، إن “حكومة الإقليم شهدت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تحديداً طفرة واضحة في تنفيذ مشاريع خدمية لاقت اهتماماً محلياً ودولياً، وهو ما انعكس إيجاباً على صورة الحزب الديمقراطي وموقعه في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، مانحاً إياه قدرة أكبر على طرح رؤيته بثقة”.وأضاف أن “الشارع الكردي يترقب ولادة الحكومة الجديدة في أسرع وقت”، مؤكدا أن “استمرار غياب التفاهم بين القوى الأساسية سيزيد المشهد تعقيدا ويضيع فرصا مهمة أمام الإقليم، بينما يساهم عودة الانسجام في إعادة الثقة للمواطنين”.وشدد شنكالي على أن “التجربة السياسية في كردستان أثبتت أن استقرار العملية السياسية مرتبط بتفاهم الحزبين الرئيسيين”، لافتا إلى أن “أي تباعد بينهما ينعكس مباشرة على حياة المواطنين، في حين يشكل التقارب أرضية قوية لحماية حقوق الكرد وتعزيز وحدة القرار داخل الإقليم”.ويشهد إقليم كردستان تصاعدا في حدة المنافسة بين الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على مواقع النفوذ ومقاعد البرلمان المحلي، إضافة إلى التأثير على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. ويُنظر إلى الانتخابات الأخيرة على أنها مؤشر واضح لقوة كل حزب وقدرته على فرض رؤيته السياسية داخليا وخارجيا.