علماء يكتشفون كيف يتشكل الرعب النفسي في الدماغ
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
تمكّن باحثون من معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا من تحديد دائرة عصبية مسؤولة عن تكوين ذاكرة الخوف الناتجة عن التهديدات النفسية، وليس الألم الجسدي.
نُشرت النتائج في دراسة حديثة في دورية "ساينس أدفانسيز"، ويعلق جين هي هان، قائد الفريق البحثي في قسم العلوم البيولوجية في معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، في تصريحات حصرية للجزيرة نت عن نتائج دراسته أن "الدماغ يحتوي على نظامين منفصلين لمعالجة البُعدين المختلفين للألم، النفسي والجسدي، نظرا لتنوع التهديدات، فبعضها مؤلم والبعض الآخر غير مؤلم.
يعتمد البحث على نموذج لقياس الخوف في الفئران، حيث استخدم الباحثون محفزا بصريا لمحاكاة اقتراب مفترس. ومكنت هذه المنهجية الفريق من دراسة استجابة الدماغ لتهديدات غير مؤلمة جسديا، ودون اللجوء إلى الصدمات الكهربائية المستخدمة تقليديا، مما مكنهم من انتقاء الخوف غير المؤلم جسديا كتهديد.
ويقول هان: "باستخدام طرق تتبع الدوائر العصبية، وجدنا أن الخلايا العصبية في القشرة الجزرية الخلفية (في المخ) تتصل مباشرة بنوع محدد من الخلايا العصبية في منطقة أخرى تسمى نواة الجسر الجانبية".
وتكمن أهمية هذا الاتصال العصبي، بين مناطق مختلفة في المخ، في استجابة خلايا القشرة للحالات المرتبطة بالخوف والقلق، بينما تعمل خلايا الاتصال في نواة الجسر كمنبه عام في مواجهة المواقف الخطرة.
يضيف هان: "بالنظر إلى وظائف هاتين المنطقتين، فإن هذا المسار ملائم تماما لنقل إشارات التهديد العاطفية إلى مناطق الدماغ السفلية مثل اللوزة الدماغية، التي تعالج مشاعر الخوف والقلق".
إعلانوباستخدام تقنية متطورة، نجح الباحثون في تعطيل الاتصال العصبي مما منع تكوين ذاكرة الخوف عند التعرض لمؤثر بصري مهدد، وفي المقابل، عندما أعادوا تنشيط هذا المسار، تشكلت ذاكرة خوف قوية حتى دون وجود تهديد حقيقي، مما يؤكد أن هذا المسار وحده كافٍ لتحفيز ذاكرة الخوف.
باستخدام نموذج التهديد البصري، الذي سبق تطويره في أبحاث سابقة في 2013 بحسب هان، تتعرض الفئران لمحفز بصري متمثل في قرص مظلم يتمدد بسرعة محاكيا لعملية افتراس محتملة.
وقد أظهرت الفئران سلوكيات دفاعية قوية كالتجمد في المكان أو محاولة الهرب. يعلق هان على النموذج المستخدم: "رغم أن هناك عوامل تحتاج إلى ضبط مثل سرعة التمدد وحجم القرص، فإن هذا النوع من التحفيز يؤدي إلى استجابات سلوكية قوية".
ونجحت الدراسة في التمييز بشكل واضح بين الاستجابات الغريزية الفورية، كالهرب أو التجمد، والذاكرة المكتسبة للخوف والتي اعتمدت على دائرة الاتصال العصبية المكُتشفة. وهذا التمييز له أهمية حاسمة في فهم الاضطرابات النفسية التي ترتبط بالذاكرة طويلة المدى للتهديدات كالتي تترسب داخلنا بسبب حادث بشع أو تجربة نفسية مؤلمة.
ورغم إجراء الدراسة على الفئران، فإن تطبيق نتائجها على البشر يطرح تحديات كبيرة. ويشرح هان: "إن الاستهداف والتلاعب بدائرة عصبية محددة يمثل تحديا كبيرا في ترجمة النتائج إلى البشر. ومع ذلك، هناك تقدم ملحوظ في تطبيق تقنيات على الرئيسيات غير البشرية وحتى على البشر".
ولكن في ظل التطور المتسارع في علوم الدماغ، تُطرح تساؤلات عن إمكانية إساءة استخدام المعرفة الجديدة في التلاعب بمشاعر الخوف لدى البشر، سواء لأغراض أمنية أو سياسية أو غيرها.
ويقول هان: "هذه قضية مهمة. لأن هذه دائرة عصبية تتعلق بالألم النفسي ويمكنها أن تُحدث حالات خوف مفرط وحالات قلق داخلية، مما قد يعزز تكوين ذاكرة خوف غير تكيفية وغير محددة، وقد يؤدي إساءة استخدامها إلى مشاكل واضطرابات نفسية حادة." ويختتم: "هذه ليست قضية خاصة بنتائج دراستنا فحسب، بل تنطبق على جميع الدوائر العصبية المرتبطة بمعالجة الألم النفسي".
ورغم التحديات، لا يعمّق هذا البحث فهمنا لوظائف الدماغ فحسب، بل يفتح آفاقا علاجية جديدة لملايين الأشخاص حول العالم يعانون من اضطرابات ناتجة عن ذكريات الخوف النفسي غير المؤلمة جسديا، ولكنها لا تقل ضراوة عن أي ألم محسوس.
قد يُحدث هذا الاكتشاف تحولا جوهريا في فهمنا لكيفية معالجة الدماغ للتهديدات غير المؤلمة جسديا، ويعزز فرص تطوير علاجات جديدة لحالات مثل اضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات القلق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الألم النفسی
إقرأ أيضاً:
تمساح الشرقية يثير الرعب .. أسبوع من الذعر والغموض
فى أعماق محافظة الشرقية، حيث تمتد الأراضى الزراعية الخصبة وتتدفق المياه فى المصارف كشريان حياة للفلاحين، تحولت قرية الزوامل التابعة لمركز بلبيس إلى مسرح لقصة غريبة أشبه بفيلم رعب، بعد ظهور تمساح فى مصرف يمر بين المنازل والطرق اليومية.
استمر الذعر أسبوعًا كاملًا بين الأهالى وعزبة السدرة المجاورة، حتى تمكنت الجهات المعنية من اصطياد الزاحف الغامض، لتعود الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها.
بدأت القصة قبل أيام، عندما انتشر مقطع فيديو قصير عبر مجموعات "واتساب" يظهر ظلًا يتحرك تحت سطح المياه الراكدة فى المصرف الرئيسى، الذى يبلغ عرضه نحو 12 مترًا ويخدم صرف مياه زراعية لنحو 99 ألف فدان، بالإضافة إلى قرى مجاورة.
ظهر رأس التمساح بوضوح لثوانٍ معدودة قبل أن يغوص مرة أخرى، ما أثار موجة من القلق والشائعات بين السكان، الذين لم يصدقوا في البداية أنهم يشهدون واقعة حقيقية.
روايات الأهالي والذعر اليوميروى الأهالى تفاصيل مثيرة عن كيف سيطر الخوف على حياتهم اليومية. أحمد الغمرى، أحد السكان، قال إنه أثناء ري أرضه ليلًا شاهد عيون التمساح تلمع مثل المصابيح، مما دفعه للهرب.
وشارك حسن عبدالله بأنه شاهد التمساح يصعد على الجسر ثم يعود إلى المياه. الأطفال أيضًا شعروا بالخطر؛ يوسف، طفل من القرية، اضطر لتغيير طريقه للمدرسة لتجنب الجسر بعد أن رأى التمساح أثناء لعبه. وباتت المنطقة كلها مكانًا يتجنبه الجميع، حيث غيرت الأسر مسارات أبنائها والمزارعون أجلوا أعمالهم الليلية.
تصاعد الشائعات وتحرك السلطاتمع انتشار الفيديو، انتشرت الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعى، وبدأ الأهالى يطالبون بسرعة التحرك للقبض على التمساح، بينما تكهّن البعض بوجود أكثر من تمساح.
تحت توجيهات محافظ الشرقية ومدير الأمن، شكلت الجهات المعنية لجانًا متخصصة تضم ممثلين عن جهاز شؤون البيئة، مديرية الطب البيطرى، والنيابة العامة. كما وصل فريق متخصص من وحدة صيد التماسيح بمحافظة أسوان لقيادة العملية.
خطة الاصطياد والجهود الميدانيةتحول المصرف إلى مسرح عمليات مكثفة استمرت أسبوعًا، اعتمد الفريق على خطة محكمة تشمل تحليل مسارات المياه وطبيعة الطمى ونصب شباك حديدية على ضفتي المصرف، بالإضافة إلى استخدام قوارب وأجهزة كشف حرارى لتتبع حركته. وشارك في العملية شيخ صيادي الشرقية الحاج عبد الفتاح عبد النبى مع مجموعة من الصيادين المتطوعين. قال عبد الفتاح: "رصدناه ليلًا بطول 80-90 سنتيمترًا واستمررنا في الحملات على مدار الساعة حتى نجحنا في اصطياده".
التفسير العلمي للواقعةأكد الدكتور إيهاب هلال، أستاذ الصحة الحيوانية بمعهد بحوث الصحة الحيوانية، أن وجود تمساح في مصرف زراعي ملوث غير طبيعي على الإطلاق. وأوضح أن السيناريو الأرجح هو أن شخصًا كان يربى التمساح في المنزل أو مزرعة، وعندما كبر وأصبح خطرًا ألقاه في المصرف، وأضاف أن البيئة غير المناسبة والمياه الملوثة جعلته أكثر عصبية.
وانتهت القصة اليوم الخميس بعد اصطياد التمساح الوحيد، لتعود الطمأنينة تدريجيًا إلى أهالي القرية وعزبة السدرة، وسط ذكريات ستظل عالقة في أذهان الجميع، تحكي عن أسبوع من الذعر والغموض في قلب الشرقية.