الحوثيون وشعارات الحرب.. أدوات خادعة لتعزيز التجنيد وجمع الأموال
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
لم تفوّت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، أي فرصة لاستخدام الشعارات الزائفة كوسيلة لتمكين مشروعها العسكري وتحقيق مكاسب على الأرض. فمنذ بداية التصعيد في المنطقة، لم تتوقف الجماعة عن التلويح بشعارات "نصرة فسلطين" و"تحرير القدس" و"مواجهة العدو المشترك".
وتستغل الميليشيات في حملاتها مشاعر الغضب الشعبي في اليمن حيال الأحداث في غزة وفلسطين، لتكثيف الجبايات والإتاوات في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، إلى جانب تصعيد حملات التجنيد الإجباري وإقحام المزيد من المدنيين – وخصوصًا من الفئات الأكثر فقرًا – في أتون صراع لا يخدم سوى أجندتها.
ومنذ اندلاع حرب غزة في اكتوبر 2023، شرعت الميليشيات في استغلال الحرب الغاشمة لصالحها عبر إطلاق موجات منظمة من التعبئة، تحت لافتات مثل "نصرة غزة" و"الطريق إلى القدس". حيث قامت القيادات الحوثية بفتح معسكرات جديدة في عدة محافظات قابعة تحت سيطرتها، واستقبلت آلاف المجندين، غالبيتهم من المراهقين والأطفال وتحت شعارات لم تؤدِ إلى مساعدة الفلسطينيين فعليًا، لكنها زوّدت الحوثيين بطاقة بشرية لتثبيت سيطرتهم وتعزيز حضورهم العسكري.
ولم تكتفِ الجماعة بهذا الحد، بل عمدت لاحقًا إلى رفع سقف شعاراتها إلى مستوى أكثر إثارة، بإعلانها "الحرب على أمريكا وإسرائيل". وتحت هذا العنوان العريض، كثّفت حملات التعبئة والتحشيد، لكن ليس باتجاه حدود فلسطين، وإنما نحو جبهات القتال داخل اليمن. مصادر عسكرية يمنية إكدت أن الميليشيات قامت بإرسال المجندين الجدد ممن تم التغرير بهم تحت شعاراتها الزائفة– وبعضهم غير مدرّب – وإيصالهم إلى خطوط المواجهة في تعز ومأرب والساحل الغربي، وهذا الأمر رافقه تضليل إعلامي يوهمهم بأنهم يواجهون "العدو الصهيوني والأمريكي" مباشرة.
ومع تطورات الحرب الإسرائيلية–الإيرانية، أطلقت جماعة الحوثي موجة تجنيد جديدة تحت شعار "نصرة إيران في معركتها ضد إسرائيل"، مُستبدِلة سردية "التحرير" بسردية "الولاء لمحور المقاومة". وشهدت المحافظات الخاضعة للسيطرة الحوثية توزيع منشورات وخطب تحث الشباب على "الالتحاق بالجهاد" و"الوقوف مع إيران"، كما تم تنظيم فعاليات ميدانية ومهرجانات تعبئة لدفع المزيد من الضحايا إلى خطوط النار، بينما ظلت إيران غائبة عن تقديم أي دعم ملموس للشعب اليمني.
ووفقًا لمدير مكتب وزارة الإعلام في محافظة الحديدة، علي حميد الأهدل، أن لجنة مكلفة من زعيم ميليشيا الحوثي الإرهابية عقدت اجتماعًا سريًا في مبنى سكني بحي الميناء في مدينة الحديدة، مع عدد من مسؤولي التحشيد الطائفي والعسكري في المحافظة بهدف تنفيذ خطة إجبارية لحشد مزيدًا من المقاتلين.
وأضاف الأهدل، أن منتحل صفة محافظ الحديدة عبدالله عطيفي، حضر الاجتماع ومعه: أحمد البشري منتحل صفة وكيل أول المحافظة، ومطهر الهادي منتحل صفة وكيل المديريات الجنوبية، وعلي كباري منتحل صفة وكيل الشؤون الأمنية، وعامر مثنى منتحل صفة وكيل شؤون المديريات الشرقية والمسؤول عن التعبئة العسكرية، وغالب حمزة منتحل صفة وكيل المديريات الشمالية. وناقشت القيادات الحوثية خطة إجبار كافة المشايخ والوجاهات الاجتماعية والمسؤولين المحللين في مديريات الحديدة على تنفيذ عمليات تحشيد إجباري لأبناء المحافظة، بهدف الدفع بهم إلى جبهات القتال.
وأكد الأهدل نقلًا عن مصادر وصفها بـ"الموثوقة"، أن توجيهات الحوثي تقول؛ إن معركة الانتصار لإيران ومواجهة ما وصفوه بالاستكبار الأمريكي والإسرائيلي تبدأ من الحديدة، ويجب أن يكون شباب المحافظة في مقدمة صفوف القتال، من كافة مدن وأرياف تهامة، ومن يتخلف عن تنفيذ هذه الأوامر سيواجه السجن والمساءلة المباشرة.
وفي سياق متصل، سخّرت ميليشيا الحوثي منابر المساجد والمنصات الدينية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها للدفع بخطاب جديد يدعو إلى "الاستعداد للمعركة الكبرى"، بزعم أن إيران تمثل رأس الحربة في الدفاع عن الأمة. وشهدت مناطق عدة – منها صنعاء وذمار – دعوات مفتوحة للتبرع المالي والعيني دعماً للمجهود الحربي، وسط تصاعد حالة السخط الشعبي من استغلال الدين والوعظ الديني لخدمة مشروع عسكري لا يُفضي إلا إلى المزيد من الدماء والفقر.
وتؤكد مصادر محلية أن ميليشيا الحوثي مستمرة في توظيف الأزمات والأحداث الإقليمية، ليس لرفع الظلم عن الآخرين، بل لتكريس ظلمها الداخلي على الشعب اليمني، عبر خلط الشعارات بالمصالح، والدين بالدعاية، والقضية بالمصلحة الذاتية. موضحة أن المواطنين أجبروا على دفع جبايات بالقوة تحت مسمى "تبرعات خيرية" لصالح نصرة إيران وغزة وفلسطين وحزب الله، إلا أن تلك الأموال تحولت إلى حسابات بنكية تابعة لتلك القيادات التي أصبحت تعيش في ثراء فاحش.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: میلیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
العليمي يدعو لتركيز الجهود ضد الحوثي
شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي، على ضرورة تركيز الجهود على المعركة الأساسية ضد المليشيات الحوثية الإرهابية والتنظيمات المتعاونة معها، محذرا من مخاطر أي تصعيد إضافي يفاقم المعاناة الإنسانية ويعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وخلال اتصالين هاتفيين بمحافظي حضرموت والمهرة، سالم الخنبشي ومحمد علي ياسر، نبه العليمي إلى أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء، مؤكدا أن الأولوية يجب أن تبقى لمواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، وتحقيق تطلعات اليمنيين في السلام والتنمية.
وفي سياق متصل، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة، وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤونها الأمنية والخدمية، بما يضمن استعادة الهدوء وتهيئة الظروف لعمل مؤسسات الدولة.
وحث العليمي أبناء المحافظتين، بمختلف مكوناتهم السياسية والقبلية والاجتماعية، على الالتفاف حول جهود الدولة، ودعم السلطات المحلية للقيام بواجباتها تجاه المواطنين، مشيرا إلى أن التصعيد الأمني والعسكري الأخير بدأ ينعكس على الوضع الاقتصادي، حيث ظهرت أولى مؤشراته في تعليق صندوق النقد الدولي لأنشطته الحيوية في اليمن.